وصفت مصادر دبلوماسية عربية البيان الذي صدر عن القمة الخليجية التي التأمت في الكويت الأسبوع الماضي بأنه سعودي بامتياز ومن هنا جاء الرد السوري عليه قاسياً جداً مع العلم أن الهدف الأساس من القمة الخليجية كان تحقيق اتحاد خليجي ولكنه سقط قبل انعقادها بعد الموقف المعارض الذي صدر عن سلطنة عمان إلى درجة أنها هدّدت بالانسحاب من مجلس التعاون إذا تحقق قيام اتحاد بين دول الخليج العربي.

وترى المصادر الدبلوماسية أن ما كانت ترمي إليه المملكة العربية السعودية بخصوص قيام الاتحاد هو أن يصبح ورقة قوية بيدها على الصعيدين الإقليمي والدولي وفي الوقت نفسه إبعاد النفوذ الإيراني عن المنطقة متناسية أن النفوذ في منطقة الخليج يتكون ضمن تقاطع المصالح الاستراتيجية الدولية خصوصاً أن الولايات المتحدة الأميركية باتت على قناعة بأن الجمهورية الإسلامية في إيران ستكون شريكاً أساسياً في المنطقة وفي ضوء هذه الواقعية الأميركية سارعت معظم دول الخليج للتفاوض مع إيران ناهيك عن أن المملكة العربية السعودية لم تنجح في عدم تضمين البيان الصادر عن القمة التأييد العلني للاتفاق الذي حصل بين الدول الغربية وإيران حول الملف النووي الإيراني السلمي.

وأشارت المصادر الدبلوماسية باهتمام إلى الخطاب الذي ألقاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأسبوع الفائت والذي شكّل قاعدة أساسية وراسخة للسياسات الروسية على مستوى المنطقة والعالم وفي الملف السوري على وجه الخصوص حيث ركّز على ضرورة قيام توازن عسكري وأن روسيا لن تتوقف عن تطوير الأسلحة الاستراتيجية.

وتضيف المصادر أن أي محاولة أميركية للإخلال بالتوازن الدولي غير مسموح بها من قبل جماعة اليمين في الولايات المتحدة وأوروبا وهذا ما ترفضه روسيا جملة وتفصيلاً وتمارسه على أرض الواقع وموقفها من الأزمة في سورية خير دليل على التوجه الروسي القائم على تطبيق القوانين الدولية بحذافيرها لأن روسيا بغض النظر عن رأي الآخرين فيها أصبحت دولة عظمى بكل معنى الكلمة.

وانطلاقاً من هذا الموقع المتقدّم لروسيا في المنطقة والعالم تؤكد المصادر الدبلوماسية أن القيادة الروسية نجحت في إيقاف حرب أميركية كانت ستشن على سورية بالتلازم مع وضع الإدارة الأميركية أمام خيارات صعبة للغاية في حال نفذت أي عدوان على سورية ولذلك لم يكن أمام الرئيس الأميركي باراك أوباما وإدارته إلا خيار الحل السياسي للأزمة في سورية وإن كان حتى اللحظة ما زال لم يحسم هذا الخيار بصورة جدية وجازمة من منطلق تركه هامشاً معيناً لبعض أطراف العدوان على سورية للاستمرار في العمل العسكري من جهة ولإبلاغ القيادة الروسية أنه يمارس ضغوطاً على «المعارضات» السورية لكي تذهب إلى «جنيف ـ 2» من دون شروط مسبقة ناهيك عن أن الأسلحة التي كانت مخزنة في مستودعات على الحدود السورية ـ التركية بعد أن وضعت يدها عليها التنظيمات الإرهابية من «داعش» وجبهة النصرة وبعد طرد فصائل ما يسمى «الجيش الحر» من تلك المنطقة تبين بصورة جلية وواضحة مدى الدعم العسكري بأسلحة نوعية ومتطورة والتي شملت صواريخ مضادة للدبابات والطائرات فهذه الواقعة تكفي لأن تكون الإدارة الأميركية ما زالت تناور وتتبع سياسة مزدوجة في الأزمة السورية وهذا الأمر يلقي مسؤولية جديدة على القيادة الروسية تجاه السياسة الأميركية حيال الملف السوري وإن كانت بعض المعلومات تشير إلى أن تركيا لم تقفل حدودها بشكل كامل في وجه المجموعات الإرهابية وإدخال السلاح والمقاتلين إلى سورية بل أقفلت بصورة جزئية وبطريقة تخدم مصالحها الأمنية وليس مصلحة سورية الأمنية.

وتعتبر المصادر الدبلوماسية أنه في ضوء كل هذه المعطيات على الصعيدين الإقليمي والدولي وما تواجهه الولايات المتحدة من تحديات في أكثر من منطقة في العالم بالإضافة إلى أوضاعها الاقتصادية والمالية الصعبة فإن مصادر دبلوماسية غربية تؤكد أن الولايات المتحدة الأميركية هي بصدد ترتيب أوراقها في المنطقة وأن إعادة ترتيب هذه الأوراق قد تسمح لكل من بريطانيا وفرنسا بلعب دور في المنطقة يكون على الأقل مكملاً للدور الأميركي.
  • فريق ماسة
  • 2013-12-16
  • 9488
  • من الأرشيف

واشنطن والخيارات المحدودة

وصفت مصادر دبلوماسية عربية البيان الذي صدر عن القمة الخليجية التي التأمت في الكويت الأسبوع الماضي بأنه سعودي بامتياز ومن هنا جاء الرد السوري عليه قاسياً جداً مع العلم أن الهدف الأساس من القمة الخليجية كان تحقيق اتحاد خليجي ولكنه سقط قبل انعقادها بعد الموقف المعارض الذي صدر عن سلطنة عمان إلى درجة أنها هدّدت بالانسحاب من مجلس التعاون إذا تحقق قيام اتحاد بين دول الخليج العربي. وترى المصادر الدبلوماسية أن ما كانت ترمي إليه المملكة العربية السعودية بخصوص قيام الاتحاد هو أن يصبح ورقة قوية بيدها على الصعيدين الإقليمي والدولي وفي الوقت نفسه إبعاد النفوذ الإيراني عن المنطقة متناسية أن النفوذ في منطقة الخليج يتكون ضمن تقاطع المصالح الاستراتيجية الدولية خصوصاً أن الولايات المتحدة الأميركية باتت على قناعة بأن الجمهورية الإسلامية في إيران ستكون شريكاً أساسياً في المنطقة وفي ضوء هذه الواقعية الأميركية سارعت معظم دول الخليج للتفاوض مع إيران ناهيك عن أن المملكة العربية السعودية لم تنجح في عدم تضمين البيان الصادر عن القمة التأييد العلني للاتفاق الذي حصل بين الدول الغربية وإيران حول الملف النووي الإيراني السلمي. وأشارت المصادر الدبلوماسية باهتمام إلى الخطاب الذي ألقاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأسبوع الفائت والذي شكّل قاعدة أساسية وراسخة للسياسات الروسية على مستوى المنطقة والعالم وفي الملف السوري على وجه الخصوص حيث ركّز على ضرورة قيام توازن عسكري وأن روسيا لن تتوقف عن تطوير الأسلحة الاستراتيجية. وتضيف المصادر أن أي محاولة أميركية للإخلال بالتوازن الدولي غير مسموح بها من قبل جماعة اليمين في الولايات المتحدة وأوروبا وهذا ما ترفضه روسيا جملة وتفصيلاً وتمارسه على أرض الواقع وموقفها من الأزمة في سورية خير دليل على التوجه الروسي القائم على تطبيق القوانين الدولية بحذافيرها لأن روسيا بغض النظر عن رأي الآخرين فيها أصبحت دولة عظمى بكل معنى الكلمة. وانطلاقاً من هذا الموقع المتقدّم لروسيا في المنطقة والعالم تؤكد المصادر الدبلوماسية أن القيادة الروسية نجحت في إيقاف حرب أميركية كانت ستشن على سورية بالتلازم مع وضع الإدارة الأميركية أمام خيارات صعبة للغاية في حال نفذت أي عدوان على سورية ولذلك لم يكن أمام الرئيس الأميركي باراك أوباما وإدارته إلا خيار الحل السياسي للأزمة في سورية وإن كان حتى اللحظة ما زال لم يحسم هذا الخيار بصورة جدية وجازمة من منطلق تركه هامشاً معيناً لبعض أطراف العدوان على سورية للاستمرار في العمل العسكري من جهة ولإبلاغ القيادة الروسية أنه يمارس ضغوطاً على «المعارضات» السورية لكي تذهب إلى «جنيف ـ 2» من دون شروط مسبقة ناهيك عن أن الأسلحة التي كانت مخزنة في مستودعات على الحدود السورية ـ التركية بعد أن وضعت يدها عليها التنظيمات الإرهابية من «داعش» وجبهة النصرة وبعد طرد فصائل ما يسمى «الجيش الحر» من تلك المنطقة تبين بصورة جلية وواضحة مدى الدعم العسكري بأسلحة نوعية ومتطورة والتي شملت صواريخ مضادة للدبابات والطائرات فهذه الواقعة تكفي لأن تكون الإدارة الأميركية ما زالت تناور وتتبع سياسة مزدوجة في الأزمة السورية وهذا الأمر يلقي مسؤولية جديدة على القيادة الروسية تجاه السياسة الأميركية حيال الملف السوري وإن كانت بعض المعلومات تشير إلى أن تركيا لم تقفل حدودها بشكل كامل في وجه المجموعات الإرهابية وإدخال السلاح والمقاتلين إلى سورية بل أقفلت بصورة جزئية وبطريقة تخدم مصالحها الأمنية وليس مصلحة سورية الأمنية. وتعتبر المصادر الدبلوماسية أنه في ضوء كل هذه المعطيات على الصعيدين الإقليمي والدولي وما تواجهه الولايات المتحدة من تحديات في أكثر من منطقة في العالم بالإضافة إلى أوضاعها الاقتصادية والمالية الصعبة فإن مصادر دبلوماسية غربية تؤكد أن الولايات المتحدة الأميركية هي بصدد ترتيب أوراقها في المنطقة وأن إعادة ترتيب هذه الأوراق قد تسمح لكل من بريطانيا وفرنسا بلعب دور في المنطقة يكون على الأقل مكملاً للدور الأميركي.

المصدر : البناؤ/ نور الدين الجمال


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة