عرضت القناة الأولى الرسميّة في التلفزيون الإسرائيليّ مؤخراً فيلماً وثائقياً بمناسبة مرور 40 عاماً على حرب أكتوبر من العام 1973، وقد كانت كل المعلومات التي وردت في الفيلم بالغة الأهمية، وبعضها يكشف عنه لأول مرة.

وضمن الجديد، ما جاء على لسان أوري نئمان، رئيس قسم الأبحاث في جهاز الموساد أثناء الحرب، حيث قال إنّ أشرف مروان، السكرتير السياسيّ للرئيس السادات وزوج كريمة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر لم يكن عميلا ذا مستوى عال يمد إسرائيل بالمعلومات، بل هناك عملاء لا يقلون نجومية عنه، على حدّ تعبيره.

علاوة على ذلك، دحض نئمان الادعاءات بإنّ مروان كان عميلاً مزدوجاً، مؤكداً على أنّ كل لجان التحقيق التي شكلت دللت على أنّه عميل مخلص أسهم بشكل كبير في تعزيز الأمن القوميّ الإسرائيليّ، على حدّ تعبيره.

وفي كتابه الجديد عن حرب يوم الغفران، أو حرب أكتوبر من العام 1973 يقول نئمان إنّه خلال سنوات طويلة سيطرت نظرية المفاجأة على الرأي العام في الدولة العبريّة وعن الفشل الاستخباراتيّ الذي سبق اندلاع الحرب، وأضاف أنّ هذه النظرية خاطئة جملةً وتفصيلاً.

وتابع قائلاً إنّ عدوان حزيران /يونيو من العام 1967، والتي تُسّمى إسرائيلياً بحرب الأيام الستة، أحدثت انقلاباً في الوضع الإستراتيجيّ للدولة العبريّة، ذلك أنّ احتلال المناطق، الضفة الغربيّة وهضبة الجولان العربيّة السوريّة، أبعد الأعداء عن حدودها، ومنحها هذا الاحتلال عمقاً جغرافياً إستراتيجياً وخصائص دفاع مريحة.

وقال مؤلف الكتاب أيضاً إنّ إسرائيل لم تكّن معنية بالتوصل لاتفاق سلام، ذلك أنّها رفضت دفع الثمن بإعادة الأراضي، وبالتالي فضّلت الوضع القائم، على حدّ تعبيره. وبالمقابل، فإنّ كلاً من مصر وسوريّة، رفضتا التسليم بالواقع الجديد، وباشرتا فوراً بالاستعداد للحرب، والتي كان هدفها الأساسيّ إحداث ضجة عارمة في الحلبة الدوليّة لإجبار إسرائيل على الانسحاب من الأراضي التي احتلتها في عدوان 1967.

وأضاف قائلاً إنّ إسرائيل كانت على علم وعلى دراية بأنّ العرب سيقومون بشنّ الهجوم، ولكنّها امتنعت عن عمل أيّ شيء أو اتخاذ أيّ خطوة لكي لا يعرف العرب أنّها تعلم بنيتها، ذلك أنّ صنّاع القرار في تل أبيب، أضاف نئمان، أرادوا من وراء ذلك جرّ العرب إلى الحرب، بهدف إلحاق الهزيمة بهم مرّة أخرى، وإجبارهم على الموافقة على حلٍّ مقبولٍ على إسرائيل.

ولكن، زاد المؤلف، مع بداية حرب أكتوبر 1973، وبعد أنْ توصل المستويين السياسيّ والأمنيّ إلى نتيجة بأنّ الجيش الإسرائيليّ ليس قادراً على تنفيذ المهمة، قرروا أن يعزو سبب الفشل إلى المجال الاستخباراتيّ حول المفاجأة التي لم تكُن. علاوة على ذلك، قال المؤلف إنّ شعبة الاستخبارات العسكريّة في الجيش (أمان) أخطأت وقامت بالإضافة إلى ذلك بجرّ الآخرين لارتكاب الأخطاء، ذلك أنّ تقديرها في ذلك الحين بأنّ إمكانية نشوب الحرب مع سوريّة ومصر ضئيلة، استند على معلومات خاطئة، مع العلم أنّها كانت تملك معلومات مؤكّدة عن تخطيط الدولتين العربيتين للحرب، فقادة الاستخبارات العسكريّة، بحسب مؤلف الكتاب، لم يفاجأوا من اندلاع الحرب، بل أملوا في أنْ تنشب، وكانوا على استعداد لدفع الثمن، وذلك اعتماداً على فكرتهم بالحصول على إنجازات إستراتيجيّة، على حدّ قوله.

جدير بالذكر أنّ المؤلف خدم في جهاز الموساد (الاستخبارات الخارجيّة) أكثر من ثلاثين عاماً، وعمل في شعبة الأبحاث في الجهاز بين الاعوام 1988 وحتى العام 1995، كما أنّه شارك في محادثات السلام مع الفلسطينيين، وقام بتزويد صنّاع القرار الإسرائيليين بالمشورة الإستراتيجيّة بعد أنْ خرج إلى التقاعد من الموساد.

  • فريق ماسة
  • 2013-12-04
  • 11128
  • من الأرشيف

رئيس قسم الأبحاث في الموساد خلال حرب 73: أشرف مروان كان مخلصا لاسرائيل ولم يكن عميلا مزدوجا

عرضت القناة الأولى الرسميّة في التلفزيون الإسرائيليّ مؤخراً فيلماً وثائقياً بمناسبة مرور 40 عاماً على حرب أكتوبر من العام 1973، وقد كانت كل المعلومات التي وردت في الفيلم بالغة الأهمية، وبعضها يكشف عنه لأول مرة. وضمن الجديد، ما جاء على لسان أوري نئمان، رئيس قسم الأبحاث في جهاز الموساد أثناء الحرب، حيث قال إنّ أشرف مروان، السكرتير السياسيّ للرئيس السادات وزوج كريمة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر لم يكن عميلا ذا مستوى عال يمد إسرائيل بالمعلومات، بل هناك عملاء لا يقلون نجومية عنه، على حدّ تعبيره. علاوة على ذلك، دحض نئمان الادعاءات بإنّ مروان كان عميلاً مزدوجاً، مؤكداً على أنّ كل لجان التحقيق التي شكلت دللت على أنّه عميل مخلص أسهم بشكل كبير في تعزيز الأمن القوميّ الإسرائيليّ، على حدّ تعبيره. وفي كتابه الجديد عن حرب يوم الغفران، أو حرب أكتوبر من العام 1973 يقول نئمان إنّه خلال سنوات طويلة سيطرت نظرية المفاجأة على الرأي العام في الدولة العبريّة وعن الفشل الاستخباراتيّ الذي سبق اندلاع الحرب، وأضاف أنّ هذه النظرية خاطئة جملةً وتفصيلاً. وتابع قائلاً إنّ عدوان حزيران /يونيو من العام 1967، والتي تُسّمى إسرائيلياً بحرب الأيام الستة، أحدثت انقلاباً في الوضع الإستراتيجيّ للدولة العبريّة، ذلك أنّ احتلال المناطق، الضفة الغربيّة وهضبة الجولان العربيّة السوريّة، أبعد الأعداء عن حدودها، ومنحها هذا الاحتلال عمقاً جغرافياً إستراتيجياً وخصائص دفاع مريحة. وقال مؤلف الكتاب أيضاً إنّ إسرائيل لم تكّن معنية بالتوصل لاتفاق سلام، ذلك أنّها رفضت دفع الثمن بإعادة الأراضي، وبالتالي فضّلت الوضع القائم، على حدّ تعبيره. وبالمقابل، فإنّ كلاً من مصر وسوريّة، رفضتا التسليم بالواقع الجديد، وباشرتا فوراً بالاستعداد للحرب، والتي كان هدفها الأساسيّ إحداث ضجة عارمة في الحلبة الدوليّة لإجبار إسرائيل على الانسحاب من الأراضي التي احتلتها في عدوان 1967. وأضاف قائلاً إنّ إسرائيل كانت على علم وعلى دراية بأنّ العرب سيقومون بشنّ الهجوم، ولكنّها امتنعت عن عمل أيّ شيء أو اتخاذ أيّ خطوة لكي لا يعرف العرب أنّها تعلم بنيتها، ذلك أنّ صنّاع القرار في تل أبيب، أضاف نئمان، أرادوا من وراء ذلك جرّ العرب إلى الحرب، بهدف إلحاق الهزيمة بهم مرّة أخرى، وإجبارهم على الموافقة على حلٍّ مقبولٍ على إسرائيل. ولكن، زاد المؤلف، مع بداية حرب أكتوبر 1973، وبعد أنْ توصل المستويين السياسيّ والأمنيّ إلى نتيجة بأنّ الجيش الإسرائيليّ ليس قادراً على تنفيذ المهمة، قرروا أن يعزو سبب الفشل إلى المجال الاستخباراتيّ حول المفاجأة التي لم تكُن. علاوة على ذلك، قال المؤلف إنّ شعبة الاستخبارات العسكريّة في الجيش (أمان) أخطأت وقامت بالإضافة إلى ذلك بجرّ الآخرين لارتكاب الأخطاء، ذلك أنّ تقديرها في ذلك الحين بأنّ إمكانية نشوب الحرب مع سوريّة ومصر ضئيلة، استند على معلومات خاطئة، مع العلم أنّها كانت تملك معلومات مؤكّدة عن تخطيط الدولتين العربيتين للحرب، فقادة الاستخبارات العسكريّة، بحسب مؤلف الكتاب، لم يفاجأوا من اندلاع الحرب، بل أملوا في أنْ تنشب، وكانوا على استعداد لدفع الثمن، وذلك اعتماداً على فكرتهم بالحصول على إنجازات إستراتيجيّة، على حدّ قوله. جدير بالذكر أنّ المؤلف خدم في جهاز الموساد (الاستخبارات الخارجيّة) أكثر من ثلاثين عاماً، وعمل في شعبة الأبحاث في الجهاز بين الاعوام 1988 وحتى العام 1995، كما أنّه شارك في محادثات السلام مع الفلسطينيين، وقام بتزويد صنّاع القرار الإسرائيليين بالمشورة الإستراتيجيّة بعد أنْ خرج إلى التقاعد من الموساد.

المصدر : ‘القدس العربي’ـ/زهير أندراوس


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة