تتغنى الحكومة البحرينية، التي يتم تعيينها من قبل ملك البلاد حمد بن عيسى آل خليفة، بالإنجازات الحضارية على مستوى العمران والخدمات والحياة السياسية والاقتصادية والمستوى المعيشي للمواطنين وحتى الأجانب من عمال وزائرين ومستثمرين، في هذه الجزيرة الخليجية الصغيرة التي تعتمد بنسبة تتجاوز الثمانين في المئة من اقتصادها على النفط.

إلا أن الأضرار الناتجة عن هطول المطر الغزير مؤخراً جاءت لتعري ادعاءات الإنجاز والرقي والنهوض بالبلد وبمواطنيه، وذلك بعد يوم واحد فقط من تصريح مدوٍّ للمتحدث الرسمي باسم الحكومة البحرينية سميرة رجب، والتي أكدت فيه أن الاستعدادات والخطط الحكومية لمواجهة هطول الأمطار تمت مبكرا، مشددة على أن شوارع المملكة مُدّت وفقاً لأفضل المقاييس والمعايير الدولية.

وقالت رجب إن الحكومة «ملتزمة بتطبيق هذه المعايير، ووصلت إلى بداية إنهاء هذه المشكلة، غير انه لازالت هناك بعض المناطق بحاجة إلى أن تكون تحت الرعاية المستمرة خلال مواسم الأمطار، والتي رصدت لها ميزانية محددة».

وبعد يوم من كلمة رجب، انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية والصحف بكافة توجهاتها صورا لغرق الشوارع وتعطل السير وتضرر عشرات المنازل والمباني الحكومية من الأمطار التي هطلت بشكل متواصل خلال أقل من يومين.

إزاء ذلك، راح البحرينيون يتندرون على حالهم وعلى حال حكومتهم، التي يرأسها رئيس الوزراء ذاته منذ أكثر من 40 عاما، وهو الأمير خليفة بن سلمان. فلم يتغير مشهد الأضرار التي يسببها هطول الأمطار الغزير طوال هذه العقود.

بدورها، اكتفت وزارة الأشغال بإصدار بيانات صحافية تعلن خلالها الإجراءات التي قامت بها لمواجهة تجمعات المياه التي تعيق حركة السير والتنقل، واعترفت في أحدها بصعوبات تواجهها في عمليات سحب المياه بسبب استمرار هطول الأمطار وصعوبة الحركة المرورية بالنسبة للصهاريج.

وبرغم أن الأمطار لم تستمر لمدة تزيد عن يومين، إلا أن حال الطوارئ لم تعلن في وزارة الأشغال فقط، وإنما في الكثير من المنازل الآيلة للسقوط وتلك التي عانت من تسرب المياه، ما كشف إلى حد بعيد حالة المواطن البحريني غير القادر على توفير منزل يقاوم هطول الأمطار الغزيرة.

كما أعلنت حالة الطوارئ في عدد من المدارس والمراكز الصحية، حيث تبين الصور التي التقطها الأهالي كيف تفننوا في اختراع الطرق للذهاب إلى الصفوف والعيادات والمكاتب بالسيارات أو باستخدام عربات التسوق أو حتى القوارب الصغيرة.

ولا تقتصر وقاحة السلطة في البحرين على عدم اعترافها بالأخطاء وبالنقص وبالإهمال وبالفساد الذي تعاني منه الحكومة، ولكنها تصل إلى درجة أن يعلن نجل الملك الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة عن تشكيل لجنة وطنية لمساعدة المتضررين من الأمطار، تقوم بجمع التبرعات من الناس لمساعدة المتضررين، ما يعني أنه تنصل من الحديث عن مسؤولية الحكومة عن توفير البنية التحتية اللائقة والحياة الكريمة للمواطنين.

ولم ينس الشيخ ناصر، الابن المولع بسباقات الخيول التي تصرف عليها سنويا ملايين الدنانير من ميزانية الدولة، بأن يتفاخر بتبرع والدته للحملة بمبلغ قدره مئة ألف دينار، حوالي 264 ألف دولار، وتبرعه هو شخصيا بمبلغ مماثل وتبرع والده الملك البحريني بمبلغ نصف مليون دينار، ما يوازي مليونا وثلاثمئة ألف دولار.

وكان للمعارضة تعليق على الأزمة، حيث قال رئيس مجلس بلدي في العاصمة مجيد ميلاد، وهو القيادي في «جمعية الوفاق»، «يتفق البحرينيون بأن التخطيط العام هو بدرجة كبيرة من السوء، ما يعني أن الحكومة فاشلة ولا يمكن أن تستمر».

وأكد ميلاد أن «هناك خللا في توزيع الموازنة، فمنها ما يذهب إلى ما ليس من الأولويات، وستدفع الأجيال المقبلة ضريبة هذا».

وتابع قائلاً «ليس هناك أي استعداد من قبل السلطة للتعاطي مع هذا الطارئ، ولم ترصد أي موازنة حقيقية للتعاطي مع أزمة الأمطار، ولو كانت هناك جدية لدى السلطة لرصدت هذه الموازنة في كل عام».

تجدر الإشارة إلى أن آلاف المنازل تنتظر عوازل الأمطار، ومئات أخرى تنتظر أن يطالها مشروع البيوت الآيلة للسقوط، هي جميعها أصبحت ضحية للأمطار ونحن لا نزال في بداية موسم قد يكون صعبا على مواطني بلد نفطي من الدرجة الأولى.

 

  • فريق ماسة
  • 2013-11-26
  • 10875
  • من الأرشيف

أمطار البحرين تعرّي فساد الحكومة

تتغنى الحكومة البحرينية، التي يتم تعيينها من قبل ملك البلاد حمد بن عيسى آل خليفة، بالإنجازات الحضارية على مستوى العمران والخدمات والحياة السياسية والاقتصادية والمستوى المعيشي للمواطنين وحتى الأجانب من عمال وزائرين ومستثمرين، في هذه الجزيرة الخليجية الصغيرة التي تعتمد بنسبة تتجاوز الثمانين في المئة من اقتصادها على النفط. إلا أن الأضرار الناتجة عن هطول المطر الغزير مؤخراً جاءت لتعري ادعاءات الإنجاز والرقي والنهوض بالبلد وبمواطنيه، وذلك بعد يوم واحد فقط من تصريح مدوٍّ للمتحدث الرسمي باسم الحكومة البحرينية سميرة رجب، والتي أكدت فيه أن الاستعدادات والخطط الحكومية لمواجهة هطول الأمطار تمت مبكرا، مشددة على أن شوارع المملكة مُدّت وفقاً لأفضل المقاييس والمعايير الدولية. وقالت رجب إن الحكومة «ملتزمة بتطبيق هذه المعايير، ووصلت إلى بداية إنهاء هذه المشكلة، غير انه لازالت هناك بعض المناطق بحاجة إلى أن تكون تحت الرعاية المستمرة خلال مواسم الأمطار، والتي رصدت لها ميزانية محددة». وبعد يوم من كلمة رجب، انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية والصحف بكافة توجهاتها صورا لغرق الشوارع وتعطل السير وتضرر عشرات المنازل والمباني الحكومية من الأمطار التي هطلت بشكل متواصل خلال أقل من يومين. إزاء ذلك، راح البحرينيون يتندرون على حالهم وعلى حال حكومتهم، التي يرأسها رئيس الوزراء ذاته منذ أكثر من 40 عاما، وهو الأمير خليفة بن سلمان. فلم يتغير مشهد الأضرار التي يسببها هطول الأمطار الغزير طوال هذه العقود. بدورها، اكتفت وزارة الأشغال بإصدار بيانات صحافية تعلن خلالها الإجراءات التي قامت بها لمواجهة تجمعات المياه التي تعيق حركة السير والتنقل، واعترفت في أحدها بصعوبات تواجهها في عمليات سحب المياه بسبب استمرار هطول الأمطار وصعوبة الحركة المرورية بالنسبة للصهاريج. وبرغم أن الأمطار لم تستمر لمدة تزيد عن يومين، إلا أن حال الطوارئ لم تعلن في وزارة الأشغال فقط، وإنما في الكثير من المنازل الآيلة للسقوط وتلك التي عانت من تسرب المياه، ما كشف إلى حد بعيد حالة المواطن البحريني غير القادر على توفير منزل يقاوم هطول الأمطار الغزيرة. كما أعلنت حالة الطوارئ في عدد من المدارس والمراكز الصحية، حيث تبين الصور التي التقطها الأهالي كيف تفننوا في اختراع الطرق للذهاب إلى الصفوف والعيادات والمكاتب بالسيارات أو باستخدام عربات التسوق أو حتى القوارب الصغيرة. ولا تقتصر وقاحة السلطة في البحرين على عدم اعترافها بالأخطاء وبالنقص وبالإهمال وبالفساد الذي تعاني منه الحكومة، ولكنها تصل إلى درجة أن يعلن نجل الملك الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة عن تشكيل لجنة وطنية لمساعدة المتضررين من الأمطار، تقوم بجمع التبرعات من الناس لمساعدة المتضررين، ما يعني أنه تنصل من الحديث عن مسؤولية الحكومة عن توفير البنية التحتية اللائقة والحياة الكريمة للمواطنين. ولم ينس الشيخ ناصر، الابن المولع بسباقات الخيول التي تصرف عليها سنويا ملايين الدنانير من ميزانية الدولة، بأن يتفاخر بتبرع والدته للحملة بمبلغ قدره مئة ألف دينار، حوالي 264 ألف دولار، وتبرعه هو شخصيا بمبلغ مماثل وتبرع والده الملك البحريني بمبلغ نصف مليون دينار، ما يوازي مليونا وثلاثمئة ألف دولار. وكان للمعارضة تعليق على الأزمة، حيث قال رئيس مجلس بلدي في العاصمة مجيد ميلاد، وهو القيادي في «جمعية الوفاق»، «يتفق البحرينيون بأن التخطيط العام هو بدرجة كبيرة من السوء، ما يعني أن الحكومة فاشلة ولا يمكن أن تستمر». وأكد ميلاد أن «هناك خللا في توزيع الموازنة، فمنها ما يذهب إلى ما ليس من الأولويات، وستدفع الأجيال المقبلة ضريبة هذا». وتابع قائلاً «ليس هناك أي استعداد من قبل السلطة للتعاطي مع هذا الطارئ، ولم ترصد أي موازنة حقيقية للتعاطي مع أزمة الأمطار، ولو كانت هناك جدية لدى السلطة لرصدت هذه الموازنة في كل عام». تجدر الإشارة إلى أن آلاف المنازل تنتظر عوازل الأمطار، ومئات أخرى تنتظر أن يطالها مشروع البيوت الآيلة للسقوط، هي جميعها أصبحت ضحية للأمطار ونحن لا نزال في بداية موسم قد يكون صعبا على مواطني بلد نفطي من الدرجة الأولى.  

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة