في الفترة الماضية، كانت الاهتمامات السعودية الأميركية تجاه الشرق الأوسط متقاربة لدرجة أن «صاحب السيجار» رئيس الاستخبارات السعودي بندر بن سلطان كان أحد أهم الديبلوماسيين لدى واشنطن عندما كان سفيراً لديها.

هذه الأيام انتهت. الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز وحلفاؤه، كالإسرائيليين، أمضوا أسابيع من المشاورات غير المثمرة لمنع التوصل إلى اتفاق مع إيران في جنيف.

الفكرة كانت أن الأميركيين كانوا يرون المحادثات النووية من جهة مخالفة تماماً وجوهرياً عن الرؤية السعودية التي اعتبرت أن أي اتفاق يرفع العقوبات المفروضة عن إيران، سيعزز دورها بشكل أكبر و«أخطر» في الشرق الأوسط.

وبالرغم من أن السعوديين ما زالوا من أقرب الحلفاء لأميركا في المنطقة، إلا أن الاتفاق الأخير كان بمثابة «الشعرة التي قصمت ظهر البعير»، وجاءت تتويجاً لخيبة أمل بطيئة ومتبادلة، بدأت مع نهاية الحرب الباردة.

وعلى مدى عقود، اعتمدت واشنطن على السعودية، صاحبة أكبر احتياط نفطي في الشرق الأوسط، لترسيخ الاستقرار في منطقة تحكمها أنظمة «مستبدة» ومعادية لحيلفها الأكبر إسرائيل. واستخدم السعوديون دورهم كقوة فعالة في منظمة «أوبك» لكبح جموح إيران والعراق، حيث أيدوا إنشاء قواعد عسكرية أميركية في المنطقة، وترسيخ النفوذ الأميركي فيها.

إلا أن «الثورات العربية» غيّرت موازين القوى في المنطقة، خصوصاً بعد إطاحة الرئيس المصري حسني مبارك، وهو الحليف الوثيق لكل من السعودية والولايات المتحدة.

الولايات المتحدة واجهت صعوبة أيضاً في اتخاذ طرف في الصراع القائم بين السنة والشيعة، حيث كانت السعودية، وما زالت، شريكاً أساسياً في قيادة المحور السني.

وفي الوقت نفسه، فإن بروز مصادر نفطية جديدة جعلت من السعودية أقلّ أهمية بالنسبة إلى واشنطن، بالإضافة إلى أن المبادرات الديبلوماسية التي قادتها الولايات المتحدة في سوريا وإيران، تركت السعودية تعيش حالة خوف من «هجر الحبيب».

«ما زلنا نتشارك الأهداف نفسها، ولكن نختلف على الأولويات مع السعوديين»، يقول جورج غوز، الأستاذ المختص في دراسات الشرق الأوسط في جامعة «فيرمونت».

ويضيف «عندما ننظر إلى وجهات النظر المختلفة تجاه دول الربيع العربي، عن كيفية الاتفاق مع إيران، وتغيير أسواق الطاقة بحيث يفقد الخليج مركزية النفط، نعرف كيف غيّرت هذه الأمور أساس العلاقات بين السعودية وأميركا».

ويشير غوز إلى أن الولايات المتحدة كان لديها دائماً خلافات مهمة مع السعوديين، بما في ذلك الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وانتشار الإسلام الأصولي. ولكن إصرار إدارة أوباما على تخفيف القطيعة الطويلة مع قادة إيران، لمس وتراً حساساً، خصوصا: جذور العداء السعودي العميق للمنافس الشيعي على قيادة العالم الإسلامي.

رد الفعل السعودي على اتفاق جنيف أمس الأول، كان محاطاً ببيان لوكالة الأنباء السعودية الرسمية، الذي أعلن أنه «إذا كان هناك نيات حسنة، فإن هذا الاتفاق قد يكون خطوة أولى نحو حلّ شامل» لطموحات إيران النووية.

في الأيام الأخيرة، أعلن مسؤولون سعوديون بوضوح، خشيتهم من أن الاتفاق النووي مع إيران سيكون مكافأة شرعية جديدة، وسيُكسبهم بضعة مليارات من الدولارات من رفع العقوبات في وقت خاطئ تماماً، رابطين الأمر بتكثيف الجهود الإيرانية المكلفة لدعم الرئيس السوري بشار الأسد، من جهة الأسلحة والتدريب، وبعض نخبة أفراد الحرس الثوري.

ويخشى السعوديون من أن مزيداً من كسب المعارك، سوف يترجم بتوسيع الهيمنة الإيرانية في المنطقة. وبالفعل، لقد شاهد السعوديون جرس الإنذار التركي، حليفهم في دعم المسلحين في سوريا، كيف بدأ في خلق قنوات تصالحية تجاه إيران، بما في ذلك دعوة الرئيس التركي عبد الله غول لنظيره الإيراني حسن روحاني، للقيام بزيارة رسمية الى تركيا.

في أعقاب إعلان الاتفاق في جنيف يوم الأحد الماضي، نشر مستخدمو وسيلة التواصل الاجتماعي «تويتر» في السعودية، موجة تغريدات تعبر عن القلق، وتعليقات «انهزامية» عن كيفية تخلي الولايات المتحدة عنهم.

ومن نواحٍ عدة، هذه المخاوف تخالف وقائع استمرار التعاون الأميركي السعودي على جبهات عدة، بما في ذلك مكافحة «الإرهاب».

وفي هذا السياق قال توماس ليبمان، وهو باحث مساعد في «معهد الشرق الأوسط»، وكتب الكثير عن العلاقات الأميركية السعودية، «إننا نقوم بتدريب حرسهم الوطني (السعودي)، ونحن نقوم بالتدريب وبرسم الخطط الأمنية لمحطات النفط وغيرها من المرافق، وننفّذ واحدة من أكبر صفقات الأسلحة في التاريخ».

وبالرغم من كل الحديث عن تقليل الاعتماد على النفط السعودي، لا تزال السعودية منتجاً بالغ الأهمية بالنسبة إلى السوق العالمية. ولكن لا شيء من هذا يمكنه أن يحجب انقسام وجهات النظر الأساسية حول اتفاق جنيف. ينظر السعوديون إلى الملف النووي كجبهة أمامية في الحرب الدائرة في سوريا، والتي ستشكل معالم الشرق الأوسط لعقود مقبلة، وتضعهم في وجه منافسهم القديم.

من جهته، يرى برنارد هيكل، أستاذ دراسات الشرق الأدنى في جامعة «برينستون»، أنه «بالنسبة إلى السعوديين، فإن البرنامج النووي الإيراني والحرب في سوريا، هما جزء من صراع واحد». وأضاف أن «أحد السعوديين المرموقين قال لي، إذا لم نفعل ذلك في سوريا، فسوف نقاتلهم مستقبلاً في داخل المملكة».

الاقتراح السعودي «للفوز» في سوريا ليس واضحاً، فدعمهم للمسلحين والجماعات الإسلامية هناك، وارتباطهم المفترض بالجماعات «الجهادية» على نطاق واسع هناك، زاد من التوترات في المنطقة.

بعد التفجير الانتحاري المزدوج أمام السفارة الإيرانية في بيروت يوم الثلاثاء الماضي، كانت وسائل الإعلام العربية مليئة بالتقارير التي تفيد بأن التفجير كان «رسالة واضحة» من السعودية إلى إيران قبل المحادثات النووية في جنيف. وفي اليوم التالي تماماً، تبنت جماعة في العراق، تطلق على نفسها اسم «جيش المختار»، مسؤولية إطلاق قذائف هاون بالقرب من الحدود العراقية السعودية.

في الأيام الأخيرة، انفجرت وسائل الإعلام المملوكة للسعودية بالنقد اللاذع. الكاتب السعودي طارق الحميد، شبه الرئيس الأميركي باراك أوباما بالأم تيريزا، قائلاً إنه «أدار خديه، الأيمن والأيسر، لخصومه آملاً بالمصالحة».

في وقت كانت الولايات المتحدة تجهد فيه لتهدئة المخاوف السعودية، جاءت زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى الرياض في وقت سابق من هذا الشهر.

أعلن السعوديون سخطهم مسبقاً من الاتفاق مع إيران وسياسة الولايات المتحدة في سوريا، من خلال رفضهم استلام المقعد الذي فازوا فيه في مجلس الأمن الشهر الماضي. وهذا ما أدى إلى سخرية العديد من المحللين الذين اعتبروا الرفض كإلحاق الهزيمة بالنفس.

وراء هذه المبادرات، ليس واضحاً أنه يمكن للسعوديين فعل الكثير. وبدت إدارة أوباما واضحة إلى حد ما، بأنها ليست قلقة بشكل مفرط من الاستياء السعودي، لأنهم لا يملكون ملجأ آخر للملاذ والاحتماء من إيران.

في الشهريين الماضيين، زاد السعوديون من دعمهم للمسلحين في سوريا، بما في ذلك بعض الجماعات الإسلامية المتطرفة والتي ليست جزءاً من التحالف المدعوم من أميركا «العلمانية».

القلق السعودي في شكله المحموم، ليس لمجرد أن الولايات المتحدة سوف تتركهم عرضة لإيران، ولكن خوفاً من الوصول في نهاية المطاف إلى مصالحة، والتعامل مع إيران باعتبارها حليف أميركا الأساسي في المنطقة. كما وضعت صحيفة «الرياض» السعودية في الآونة الأخيرة، في مقال غير موقع «إن مفاوضات جنيف ليست سوى مقدمة لفصل جديد من التقارب بين الولايات المتحدة وإيران».

هذه المعادلة قد تبدو بعيدة المنال، في ظل العداء الشرس والراسخ لأميركا داخل النظام الإيراني. لكن الملك السعودي ووزراءه لم ينسوا أيام الشاه محمد رضا بهلوي، الذين كان يعتز بصداقته الكبيرة مع الولايات المتحدة في المنطقة.

في العراق، في سوريا، في لبنان، وفي البحرين، يشعر السعوديون أنهم محاطون بالنفوذ الإيراني، إنها دولة بعقل يصعب التعامل معه، يحكمه التنافس مع الجذور القديمة، وعداء الدم حتى في القرن الحادي والعشرين.

  • فريق ماسة
  • 2013-11-26
  • 13382
  • من الأرشيف

«نيويورك تايمز» : «هجران الحبيب» بين السعودية وأميركا: مسار الخيبة المتبادلة وصولاً إلى صعود إيران

في الفترة الماضية، كانت الاهتمامات السعودية الأميركية تجاه الشرق الأوسط متقاربة لدرجة أن «صاحب السيجار» رئيس الاستخبارات السعودي بندر بن سلطان كان أحد أهم الديبلوماسيين لدى واشنطن عندما كان سفيراً لديها. هذه الأيام انتهت. الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز وحلفاؤه، كالإسرائيليين، أمضوا أسابيع من المشاورات غير المثمرة لمنع التوصل إلى اتفاق مع إيران في جنيف. الفكرة كانت أن الأميركيين كانوا يرون المحادثات النووية من جهة مخالفة تماماً وجوهرياً عن الرؤية السعودية التي اعتبرت أن أي اتفاق يرفع العقوبات المفروضة عن إيران، سيعزز دورها بشكل أكبر و«أخطر» في الشرق الأوسط. وبالرغم من أن السعوديين ما زالوا من أقرب الحلفاء لأميركا في المنطقة، إلا أن الاتفاق الأخير كان بمثابة «الشعرة التي قصمت ظهر البعير»، وجاءت تتويجاً لخيبة أمل بطيئة ومتبادلة، بدأت مع نهاية الحرب الباردة. وعلى مدى عقود، اعتمدت واشنطن على السعودية، صاحبة أكبر احتياط نفطي في الشرق الأوسط، لترسيخ الاستقرار في منطقة تحكمها أنظمة «مستبدة» ومعادية لحيلفها الأكبر إسرائيل. واستخدم السعوديون دورهم كقوة فعالة في منظمة «أوبك» لكبح جموح إيران والعراق، حيث أيدوا إنشاء قواعد عسكرية أميركية في المنطقة، وترسيخ النفوذ الأميركي فيها. إلا أن «الثورات العربية» غيّرت موازين القوى في المنطقة، خصوصاً بعد إطاحة الرئيس المصري حسني مبارك، وهو الحليف الوثيق لكل من السعودية والولايات المتحدة. الولايات المتحدة واجهت صعوبة أيضاً في اتخاذ طرف في الصراع القائم بين السنة والشيعة، حيث كانت السعودية، وما زالت، شريكاً أساسياً في قيادة المحور السني. وفي الوقت نفسه، فإن بروز مصادر نفطية جديدة جعلت من السعودية أقلّ أهمية بالنسبة إلى واشنطن، بالإضافة إلى أن المبادرات الديبلوماسية التي قادتها الولايات المتحدة في سوريا وإيران، تركت السعودية تعيش حالة خوف من «هجر الحبيب». «ما زلنا نتشارك الأهداف نفسها، ولكن نختلف على الأولويات مع السعوديين»، يقول جورج غوز، الأستاذ المختص في دراسات الشرق الأوسط في جامعة «فيرمونت». ويضيف «عندما ننظر إلى وجهات النظر المختلفة تجاه دول الربيع العربي، عن كيفية الاتفاق مع إيران، وتغيير أسواق الطاقة بحيث يفقد الخليج مركزية النفط، نعرف كيف غيّرت هذه الأمور أساس العلاقات بين السعودية وأميركا». ويشير غوز إلى أن الولايات المتحدة كان لديها دائماً خلافات مهمة مع السعوديين، بما في ذلك الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وانتشار الإسلام الأصولي. ولكن إصرار إدارة أوباما على تخفيف القطيعة الطويلة مع قادة إيران، لمس وتراً حساساً، خصوصا: جذور العداء السعودي العميق للمنافس الشيعي على قيادة العالم الإسلامي. رد الفعل السعودي على اتفاق جنيف أمس الأول، كان محاطاً ببيان لوكالة الأنباء السعودية الرسمية، الذي أعلن أنه «إذا كان هناك نيات حسنة، فإن هذا الاتفاق قد يكون خطوة أولى نحو حلّ شامل» لطموحات إيران النووية. في الأيام الأخيرة، أعلن مسؤولون سعوديون بوضوح، خشيتهم من أن الاتفاق النووي مع إيران سيكون مكافأة شرعية جديدة، وسيُكسبهم بضعة مليارات من الدولارات من رفع العقوبات في وقت خاطئ تماماً، رابطين الأمر بتكثيف الجهود الإيرانية المكلفة لدعم الرئيس السوري بشار الأسد، من جهة الأسلحة والتدريب، وبعض نخبة أفراد الحرس الثوري. ويخشى السعوديون من أن مزيداً من كسب المعارك، سوف يترجم بتوسيع الهيمنة الإيرانية في المنطقة. وبالفعل، لقد شاهد السعوديون جرس الإنذار التركي، حليفهم في دعم المسلحين في سوريا، كيف بدأ في خلق قنوات تصالحية تجاه إيران، بما في ذلك دعوة الرئيس التركي عبد الله غول لنظيره الإيراني حسن روحاني، للقيام بزيارة رسمية الى تركيا. في أعقاب إعلان الاتفاق في جنيف يوم الأحد الماضي، نشر مستخدمو وسيلة التواصل الاجتماعي «تويتر» في السعودية، موجة تغريدات تعبر عن القلق، وتعليقات «انهزامية» عن كيفية تخلي الولايات المتحدة عنهم. ومن نواحٍ عدة، هذه المخاوف تخالف وقائع استمرار التعاون الأميركي السعودي على جبهات عدة، بما في ذلك مكافحة «الإرهاب». وفي هذا السياق قال توماس ليبمان، وهو باحث مساعد في «معهد الشرق الأوسط»، وكتب الكثير عن العلاقات الأميركية السعودية، «إننا نقوم بتدريب حرسهم الوطني (السعودي)، ونحن نقوم بالتدريب وبرسم الخطط الأمنية لمحطات النفط وغيرها من المرافق، وننفّذ واحدة من أكبر صفقات الأسلحة في التاريخ». وبالرغم من كل الحديث عن تقليل الاعتماد على النفط السعودي، لا تزال السعودية منتجاً بالغ الأهمية بالنسبة إلى السوق العالمية. ولكن لا شيء من هذا يمكنه أن يحجب انقسام وجهات النظر الأساسية حول اتفاق جنيف. ينظر السعوديون إلى الملف النووي كجبهة أمامية في الحرب الدائرة في سوريا، والتي ستشكل معالم الشرق الأوسط لعقود مقبلة، وتضعهم في وجه منافسهم القديم. من جهته، يرى برنارد هيكل، أستاذ دراسات الشرق الأدنى في جامعة «برينستون»، أنه «بالنسبة إلى السعوديين، فإن البرنامج النووي الإيراني والحرب في سوريا، هما جزء من صراع واحد». وأضاف أن «أحد السعوديين المرموقين قال لي، إذا لم نفعل ذلك في سوريا، فسوف نقاتلهم مستقبلاً في داخل المملكة». الاقتراح السعودي «للفوز» في سوريا ليس واضحاً، فدعمهم للمسلحين والجماعات الإسلامية هناك، وارتباطهم المفترض بالجماعات «الجهادية» على نطاق واسع هناك، زاد من التوترات في المنطقة. بعد التفجير الانتحاري المزدوج أمام السفارة الإيرانية في بيروت يوم الثلاثاء الماضي، كانت وسائل الإعلام العربية مليئة بالتقارير التي تفيد بأن التفجير كان «رسالة واضحة» من السعودية إلى إيران قبل المحادثات النووية في جنيف. وفي اليوم التالي تماماً، تبنت جماعة في العراق، تطلق على نفسها اسم «جيش المختار»، مسؤولية إطلاق قذائف هاون بالقرب من الحدود العراقية السعودية. في الأيام الأخيرة، انفجرت وسائل الإعلام المملوكة للسعودية بالنقد اللاذع. الكاتب السعودي طارق الحميد، شبه الرئيس الأميركي باراك أوباما بالأم تيريزا، قائلاً إنه «أدار خديه، الأيمن والأيسر، لخصومه آملاً بالمصالحة». في وقت كانت الولايات المتحدة تجهد فيه لتهدئة المخاوف السعودية، جاءت زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى الرياض في وقت سابق من هذا الشهر. أعلن السعوديون سخطهم مسبقاً من الاتفاق مع إيران وسياسة الولايات المتحدة في سوريا، من خلال رفضهم استلام المقعد الذي فازوا فيه في مجلس الأمن الشهر الماضي. وهذا ما أدى إلى سخرية العديد من المحللين الذين اعتبروا الرفض كإلحاق الهزيمة بالنفس. وراء هذه المبادرات، ليس واضحاً أنه يمكن للسعوديين فعل الكثير. وبدت إدارة أوباما واضحة إلى حد ما، بأنها ليست قلقة بشكل مفرط من الاستياء السعودي، لأنهم لا يملكون ملجأ آخر للملاذ والاحتماء من إيران. في الشهريين الماضيين، زاد السعوديون من دعمهم للمسلحين في سوريا، بما في ذلك بعض الجماعات الإسلامية المتطرفة والتي ليست جزءاً من التحالف المدعوم من أميركا «العلمانية». القلق السعودي في شكله المحموم، ليس لمجرد أن الولايات المتحدة سوف تتركهم عرضة لإيران، ولكن خوفاً من الوصول في نهاية المطاف إلى مصالحة، والتعامل مع إيران باعتبارها حليف أميركا الأساسي في المنطقة. كما وضعت صحيفة «الرياض» السعودية في الآونة الأخيرة، في مقال غير موقع «إن مفاوضات جنيف ليست سوى مقدمة لفصل جديد من التقارب بين الولايات المتحدة وإيران». هذه المعادلة قد تبدو بعيدة المنال، في ظل العداء الشرس والراسخ لأميركا داخل النظام الإيراني. لكن الملك السعودي ووزراءه لم ينسوا أيام الشاه محمد رضا بهلوي، الذين كان يعتز بصداقته الكبيرة مع الولايات المتحدة في المنطقة. في العراق، في سوريا، في لبنان، وفي البحرين، يشعر السعوديون أنهم محاطون بالنفوذ الإيراني، إنها دولة بعقل يصعب التعامل معه، يحكمه التنافس مع الجذور القديمة، وعداء الدم حتى في القرن الحادي والعشرين.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة