في تصريح بالغ الدلالة والأهمية، وقبل استئناف المفاوضات غداً مع إيران حول مشروعها النووي، أعلن مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق الجنرال يعقوب عاميدرور أنه «بوسع إسرائيل على انفراد، مهاجمة إيران». وأشار عاميدرور إلى احتمال أن يقود هجوم إسرائيلي على إيران إلى تساقط آلاف الصواريخ على إسرائيل من جانب «حزب الله». وقال في وضع كهذا ينبغي لإسرائيل أن تكون على أتم الاستعداد للخروج في عملية برية في لبنان، واقتحام المناطق المأهولة من أجل وقف إطلاق الصواريخ.

ولا ريب في أن هذا التصريح ينطوي على تهديد بضرب إيران من ناحية، وعلى تقرير بأن إسرائيل تمتلك القدرة على فعل ذلك، على الأقل وفق قناعة كبار المسؤولين فيها. وجاءت أقوال عاميدرور في مقابلة مع صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية ونشرت أمس. ويعتقد كثيرون أن كلام عاميدرور يندرج أساساً في نطاق الإدراك الإسرائيلي بوجوب إطلاق التهديدات لتحسين شروط الاتفاق الغربي مع إيران والذي يعتبر محتوماً. ويشير معلقون إلى أن فرحة إسرائيل بموقف الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند لا تخفي القناعة بأن الغرب ذاهب إلى الاتفاق مع إيران إن آجلاً أو عاجلاً، وليس بالشروط الإسرائيلية.

وبحسب عاميدرور، الذي أنهى مهمات منصبه كمستشار للأمن القومي الإسرائيلي قبل حوالي أسبوع، فإن إسرائيل ليست فقط قادرة على مجرد ضرب المشروع النووي الإيراني وتسجيل نقطة معنوية، وإنما هي «قادرة على عرقلة هذا المشروع لفترة طويلة جداً». وأوضح أن سلاح الجو الإسرائيلي ينفذ في الأعوام الأخيرة «طلعات بعيدة المدى في أرجاء العالم، كجزء من الاستعدادات لتنفيذ هجوم جوي محتمل على المنشآت النووية الإيرانية. والمسافة من إسرائيل حتى إيران هي 2000 كيلومتر، وأنت ملزم بمعرفة أهداف كهذه. إن كل من لديه رادارات تغطي أرجاء الشرق الأوسط يعرف ما الذي نقوم به». وأضاف عاميدرور في عبارة لافتة أن «من الواضح أننا وليس الولايات المتحدة، التي تملك قدرات أكبر بكثير مما لدينا، ولكن صدقوني أن لدينا ما يكفي من القدرة لإيقاف الإيرانيين لزمن طويل جداً».

ورداً على سؤال حول ما إذا كانت القدرات العسكرية الإسرائيلية على ضرب المنشآت النووية الإيرانية تشمل أيضاً الأهداف تحت الأرضية – في ضوء واقع أن الأميركيين لم يسلموا إسرائيل صواريخ مخترقة للملاجئ ـ قال عاميدرور إن هذه القدرات «تشمل كل شيء». ومن دون توضيح أضاف «اننا لا نخادع أحداً. إننا جديون جداً ونعد أنفسنا لاحتمال أن تضطر إسرائيل للدفاع عن نفسها بنفسها». وشدد عاميدرور في المقابلة على «أننا لسنا بحاجة إلى إذن من أحد. فنحن دولة مستقلة، لنا سيادتنا الخاصة. وإذا اضطرت إسرائيل لأن تقف دفاعاً عن نفسها، فإنها ستفعل ذلك».

وحول تقديراته لاحتمالات أن يتخذ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو قراراً بشن هجوم عسكري من طرف واحد على إيران قال إن «كنت تسأل بشأنه شخصياً كرئيس للحكومة، فإنه جاهز لاتخاذ قرار من هذا النوع. والجواب بوضوح هو نعم». وقد أشار مقربون من عاميدرور إلى أن الأجوبة عن الأسئلة للصحيفة أعطيت جميعها ضمن فرضية أن العالم لن يدع لإسرائيل خياراً سوى الهجوم العسكري على إيران.

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي الجنرال موشي يعلون قد هدد هو الآخر بالحرب مع إيران في محاضرة ألقاها أمس الأول في جامعة تل أبيب في ذكرى وفاة موشي ديان. وقال يعلون «إننا نقول ان من يريد السلام عليه أن يستعد للحرب. وإذا تطلب الأمر المجابهة فلنتجابه، لكن من أجل ألا يمتلكوا سلاحاً نووياً».

وأشار معلق إسرائيلي إلى أنه برغم كثرة مقابلات القادة الإسرائيليين عموماً، ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو خصوصاً، وتهديداتهم، فإن إسرائيل تدرك أن الأمر يحتاج إلى معجزة لإفشال المفاوضات بين الغرب وإيران. ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أحد كبار المسؤولين الإسرائيليين الضالعين في الشأن الإيراني قوله «نحن نعلم بأن الإيرانيين يقفون على مسافة بضعة شهور من التنازل عن مشروعهم النووي إذا استمرت العقوبات، لكن الأميركيين متحمسون للتوصل إلى اتفاق». وتشعر إسرائيل بالخيبة من إدارة أوباما وتسرعها، ولذلك فإن نتنياهو يراهن على الروس الذين قد «يفاجئون» العالم، لأنهم «ليسوا سعداء بأن يقود الأميركيون كل القصة في هذا الشأن. وهم أيضاً غير سعداء بأن توجد قنبلة نووية في باحتهم الخلفية».

ومعروف أن نتنياهو سيزور موسكو غداً للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليعرض أمامه، كما فعل مع الرئيس الفرنسي هولاند، معلومات استخبارية حساسة حول التقدم الإيراني في المشروع النووي. ومع ذلك ليس هناك تفاؤل في إسرائيل باحتمال نجاح حملة منع الاتفاق مع إيران، لأن العنصر المقرر هو ما سيجري على المسار الثنائي الأميركي - الإيراني.

  • فريق ماسة
  • 2013-11-18
  • 10323
  • من الأرشيف

إسرائيل تهول بالحرب على إيران: قادرون وحدنا

في تصريح بالغ الدلالة والأهمية، وقبل استئناف المفاوضات غداً مع إيران حول مشروعها النووي، أعلن مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق الجنرال يعقوب عاميدرور أنه «بوسع إسرائيل على انفراد، مهاجمة إيران». وأشار عاميدرور إلى احتمال أن يقود هجوم إسرائيلي على إيران إلى تساقط آلاف الصواريخ على إسرائيل من جانب «حزب الله». وقال في وضع كهذا ينبغي لإسرائيل أن تكون على أتم الاستعداد للخروج في عملية برية في لبنان، واقتحام المناطق المأهولة من أجل وقف إطلاق الصواريخ. ولا ريب في أن هذا التصريح ينطوي على تهديد بضرب إيران من ناحية، وعلى تقرير بأن إسرائيل تمتلك القدرة على فعل ذلك، على الأقل وفق قناعة كبار المسؤولين فيها. وجاءت أقوال عاميدرور في مقابلة مع صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية ونشرت أمس. ويعتقد كثيرون أن كلام عاميدرور يندرج أساساً في نطاق الإدراك الإسرائيلي بوجوب إطلاق التهديدات لتحسين شروط الاتفاق الغربي مع إيران والذي يعتبر محتوماً. ويشير معلقون إلى أن فرحة إسرائيل بموقف الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند لا تخفي القناعة بأن الغرب ذاهب إلى الاتفاق مع إيران إن آجلاً أو عاجلاً، وليس بالشروط الإسرائيلية. وبحسب عاميدرور، الذي أنهى مهمات منصبه كمستشار للأمن القومي الإسرائيلي قبل حوالي أسبوع، فإن إسرائيل ليست فقط قادرة على مجرد ضرب المشروع النووي الإيراني وتسجيل نقطة معنوية، وإنما هي «قادرة على عرقلة هذا المشروع لفترة طويلة جداً». وأوضح أن سلاح الجو الإسرائيلي ينفذ في الأعوام الأخيرة «طلعات بعيدة المدى في أرجاء العالم، كجزء من الاستعدادات لتنفيذ هجوم جوي محتمل على المنشآت النووية الإيرانية. والمسافة من إسرائيل حتى إيران هي 2000 كيلومتر، وأنت ملزم بمعرفة أهداف كهذه. إن كل من لديه رادارات تغطي أرجاء الشرق الأوسط يعرف ما الذي نقوم به». وأضاف عاميدرور في عبارة لافتة أن «من الواضح أننا وليس الولايات المتحدة، التي تملك قدرات أكبر بكثير مما لدينا، ولكن صدقوني أن لدينا ما يكفي من القدرة لإيقاف الإيرانيين لزمن طويل جداً». ورداً على سؤال حول ما إذا كانت القدرات العسكرية الإسرائيلية على ضرب المنشآت النووية الإيرانية تشمل أيضاً الأهداف تحت الأرضية – في ضوء واقع أن الأميركيين لم يسلموا إسرائيل صواريخ مخترقة للملاجئ ـ قال عاميدرور إن هذه القدرات «تشمل كل شيء». ومن دون توضيح أضاف «اننا لا نخادع أحداً. إننا جديون جداً ونعد أنفسنا لاحتمال أن تضطر إسرائيل للدفاع عن نفسها بنفسها». وشدد عاميدرور في المقابلة على «أننا لسنا بحاجة إلى إذن من أحد. فنحن دولة مستقلة، لنا سيادتنا الخاصة. وإذا اضطرت إسرائيل لأن تقف دفاعاً عن نفسها، فإنها ستفعل ذلك». وحول تقديراته لاحتمالات أن يتخذ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو قراراً بشن هجوم عسكري من طرف واحد على إيران قال إن «كنت تسأل بشأنه شخصياً كرئيس للحكومة، فإنه جاهز لاتخاذ قرار من هذا النوع. والجواب بوضوح هو نعم». وقد أشار مقربون من عاميدرور إلى أن الأجوبة عن الأسئلة للصحيفة أعطيت جميعها ضمن فرضية أن العالم لن يدع لإسرائيل خياراً سوى الهجوم العسكري على إيران. وكان وزير الدفاع الإسرائيلي الجنرال موشي يعلون قد هدد هو الآخر بالحرب مع إيران في محاضرة ألقاها أمس الأول في جامعة تل أبيب في ذكرى وفاة موشي ديان. وقال يعلون «إننا نقول ان من يريد السلام عليه أن يستعد للحرب. وإذا تطلب الأمر المجابهة فلنتجابه، لكن من أجل ألا يمتلكوا سلاحاً نووياً». وأشار معلق إسرائيلي إلى أنه برغم كثرة مقابلات القادة الإسرائيليين عموماً، ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو خصوصاً، وتهديداتهم، فإن إسرائيل تدرك أن الأمر يحتاج إلى معجزة لإفشال المفاوضات بين الغرب وإيران. ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أحد كبار المسؤولين الإسرائيليين الضالعين في الشأن الإيراني قوله «نحن نعلم بأن الإيرانيين يقفون على مسافة بضعة شهور من التنازل عن مشروعهم النووي إذا استمرت العقوبات، لكن الأميركيين متحمسون للتوصل إلى اتفاق». وتشعر إسرائيل بالخيبة من إدارة أوباما وتسرعها، ولذلك فإن نتنياهو يراهن على الروس الذين قد «يفاجئون» العالم، لأنهم «ليسوا سعداء بأن يقود الأميركيون كل القصة في هذا الشأن. وهم أيضاً غير سعداء بأن توجد قنبلة نووية في باحتهم الخلفية». ومعروف أن نتنياهو سيزور موسكو غداً للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليعرض أمامه، كما فعل مع الرئيس الفرنسي هولاند، معلومات استخبارية حساسة حول التقدم الإيراني في المشروع النووي. ومع ذلك ليس هناك تفاؤل في إسرائيل باحتمال نجاح حملة منع الاتفاق مع إيران، لأن العنصر المقرر هو ما سيجري على المسار الثنائي الأميركي - الإيراني.

المصدر : حلمي موسى


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة