دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
أن يمضي الرئيس باراك أوباما في عقد صفقة تاريخية مع إيران حول برنامجها النووي، فسيكون قد دخل التاريخ أصلاً- وإن لم يكن وفق الطريقة التي أرادها. فللمرة الأولى منذ بروز الولايات المتحدة كقوة عظمى في الشرق الأوسط، يكون كل حلفائها الأساسيين- أي مصر وإسرائيل والمملكة العربية السعودية- في ثورة مفتوحة على سياساتها.
فمع استعداد الولايات المتحدة والإيرانيين لجولة أخرى من المفاوضات، قد يثبت أنّ علاقة واشنطن بالرياض ستكون العلاقة الأعصى على حلّ تأزّمها. ففي حين أشار مسؤولون إسرائيليون الى أنّ النسخة السابقة من الصفقة حول النووي هي أمر "لا يحبّذونه ولكن يمكنهم التعايش معه"، ترتبط مخاوف السعودية حيال إيران بعدد كبير من الأعمال التي تراها المملكة كتهديد لنفوذها في العالم العربي -وحتى لسيطرتها على السلطة في عقر دارها- وكنتيجة لذلك، يقول محلّلون ومسؤولون أميركيون سابقون إنّ المملكة العربية السعودية ترى أي صفقة عملية كقبول أميركي لطموحات طهران بالهيمنة في الشرق الأوسط.
لا يعتقد المسؤولون السعوديون بأنّ هذا سيقود الى صفقة لإرساء السلام، بل يعتقدون بأنه سيؤدي إلى "سيطرة إيرانية على الخليج" قال جون ألترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية. "حسب اعتقادهم فإنّ ذلك لا يساهم في الحد من الطموحات الإيرانية، بل يُخرج فقط الولايات المتحدة من المعادلة كقوة تساعد على تحجيم دور إيران".
هذا وتُعدّ هذه المسألة بعيدة كلياً عن المسألة الأولى التي كانت موضع خلاف بين المملكة السعودية وإدارة أوباما. حيث كان كبار المسؤولين السعوديين غاضبين من قرار سابق للولايات المتحدة يقضي بإلغاء الضربة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد التي كان مخطّط لها، وكذلك من ما اعتبروه كموقف عدائي من قبل واشنطن تجاه الحكومتين في مصر، والبحرين. وفي ردّة فعل على هذه الخلافات، شرعت المملكة العربية السعودية في بذل جهد مستقل لتدريب ثوار سوريين -وحتى أنها طوّعت مدربين باكستانيين لمساعدتها- في حين أعلن رئيس المخابرات الأمير بندر بن سلطان أنّ المملكة سوف تقوم بـ"تحوّل كبير" بعيداً من واشنطن.قد يكون الأمر مقتصراً على كون الاختلاف في الأولويات بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة يزداد يوماً بعد يوم فيما يتعلّق بالشرق الأوسط. ففي حين أنّ تركيز إدارة أوباماً هو كما يبدو واضحاً على برنامج إيران النووي، يرى مسؤولو المملكة أنّ ثمة مخاطر محتملة في نشاطات إيران الأخرى أيضاّ، مثل دعمها لنظام الأسد، ورعايتها للمنظمة العسكرية اللبنانية حزب الله، وما يعتبرونه كنيّتها استخدام أبناء الطائفة الشيعية لافتعال حالة من الاضطراب في الخليج العربي.
"إنهم يريدون وقف إيران، ووقف قدرتها على بسط نفوذها في المنطقة. وأعتقد بأنهم عبّروا عن ذلك في سوريا" قال برنارد هايكل، أستاذ دراسات الشرق الأدنى في جامعة برنستون. "أحياناً يقولون، إن لم نقم بذلك في سوريا، سيكون علينا في المرة القادمة أن نقوم بذل على أرضنا نحن".
قد يكون خطر قيام إيران بزعزعة استقرار حكومات الخليج العربي ليس من أولى هواجس أي كان في واشنطن، ولكن المحللين يقولون إنّ المسؤولين في الرياض يأخذون هذه المسألة بجدية [ويعتبرنها أولوية]. فقبل سنتين فقط، قادوا تدخلاً في البحرين لإحباط ما رأوه كثورة موالية للإيرانيين ضد الحكم السنّي.
"هناك هذه الفكرة التي تعتبر أنّ الإيرانيين يدعمون طوابير خامسة في دول المنطقة، سوف يستخدمونها لمواجهة أي هجمة عليهم خارجة عن المعتاد "، قال ألترمان. "وأنّ لديهم عملاء داخل الطوائف الشيعية يعتقد المسؤولون السعوديون على نحو واسع بأنهم سوف يشنون حرباً غير تقليدية على دول الخليج".
يعتقد تشاس فريمان، السفير الأميركي السابق في السعودية -الذي اختير لشغل منصب استخباراتي رفيع في إدارة أوباما قبل أن يُثير الجدل حول آرائه تجاه إسرائيل ويتسبّب ذلك بسحب اسمه- أنّ هواجس السعوديين تتعدّى الخوف من أن لا تساعد بعد واشنطن على احتواء إيران، لتصل الى احتمال أن تصبح حليفة فعلية لإيران مجدداً. "ثمة على الأرجح تلك الذكريات القديمة، التي تعود لأكثر من 30 عاماً، عندما كانت إيران شرطة الولايات المتحدة في المنطقة"، قال. "فمن شأن ذلك أن يعني حصول تآكل استراتيجي على المدى الطويل لموقعهم [ودورهم] في المنطقة".
قد تبدو فكرة إمكانية عودة العلاقات الأميركية - الإيرانية إلى ما كانت عليه في زمن الشاه بالنسبة للمسؤولين في واشنطن فكرة غريبة ومُستبعدة. ولكن قد تكون لمسؤولي المملكة في الرياض ذاكرة تأسيسية أعمق من ذاكرة نظرائهم الأميركيين. فقد استلم وزير الخارجية السعودية سعود الفيصل منصبه قبل أربع سنوات من قيام الثورة الإيرانية، في حين أنّ الملك الحالي عبد الله كان أصلاً قد أصبح رئيساً للحرس الوطني السعودي والثاني في الترتيب للوصول الى العرش الملكي.
هكذا وفي حين أنّ الولايات المتحدة وإيران عملتا حتى الآن على إبقاء المفاوضات مركّزة حول المسألة النووية، قد يكون من الصعب الإبقاء على الهواجس الأوسع المتعلقة بدور طهران في الشرق الأوسط بمنأى عن النقاش. ويعتقد ألترمان بأنّ الاتفاق النهائي سوف يكون عليه أن يعالج قضايا مثل دعم إيران لنظام الأسد و لحزب الله، وبدون ذلك سوف يكون من المستحيل رفع العقوبات عن إيران بشكل كامل. "قد تستغرق وقتاً حتى أيار، ويكون هناك نقاشات سياسية بغاية الصعوبة في كل من الولايات المتحدة وإيران"، كما قال فريمان.
مثل هذا التوسيع للقضايا المطروحة على الطاولة قد يمنح السعوديين فرصة لإسماع صوتهم—ولكن قلّة تتوقّع منهم ان يغيروا موقفهم. "عندما ذهب كيري الى السعودية [في وقتٍ سابق من هذا الشهر]، قالوا له بصرامة إنهم ضد قيام أي صفقة، وضد أي رفع للعقوبات"، قال هايكل. "إنهم يريدون معاقبة إيران".
أن يمضي الرئيس باراك أوباما في عقد صفقة تاريخية مع إيران حول برنامجها النووي، فسيكون قد دخل التاريخ أصلاً- وإن لم يكن وفق الطريقة التي أرادها. فللمرة الأولى منذ بروز الولايات المتحدة كقوة عظمى في الشرق الأوسط، يكون كل حلفائها الأساسيين- أي مصر وإسرائيل والمملكة العربية السعودية- في ثورة مفتوحة على سياساتها.
فمع استعداد الولايات المتحدة والإيرانيين لجولة أخرى من المفاوضات، قد يثبت أنّ علاقة واشنطن بالرياض ستكون العلاقة الأعصى على حلّ تأزّمها. ففي حين أشار مسؤولون إسرائيليون الى أنّ النسخة السابقة من الصفقة حول النووي هي أمر "لا يحبّذونه ولكن يمكنهم التعايش معه"، ترتبط مخاوف السعودية حيال إيران بعدد كبير من الأعمال التي تراها المملكة كتهديد لنفوذها في العالم العربي -وحتى لسيطرتها على السلطة في عقر دارها- وكنتيجة لذلك، يقول محلّلون ومسؤولون أميركيون سابقون إنّ المملكة العربية السعودية ترى أي صفقة عملية كقبول أميركي لطموحات طهران بالهيمنة في الشرق الأوسط.
لا يعتقد المسؤولون السعوديون بأنّ هذا سيقود الى صفقة لإرساء السلام، بل يعتقدون بأنه سيؤدي إلى "سيطرة إيرانية على الخليج" قال جون ألترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية. "حسب اعتقادهم فإنّ ذلك لا يساهم في الحد من الطموحات الإيرانية، بل يُخرج فقط الولايات المتحدة من المعادلة كقوة تساعد على تحجيم دور إيران".
هذا وتُعدّ هذه المسألة بعيدة كلياً عن المسألة الأولى التي كانت موضع خلاف بين المملكة السعودية وإدارة أوباما. حيث كان كبار المسؤولين السعوديين غاضبين من قرار سابق للولايات المتحدة يقضي بإلغاء الضربة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد التي كان مخطّط لها، وكذلك من ما اعتبروه كموقف عدائي من قبل واشنطن تجاه الحكومتين في مصر، والبحرين. وفي ردّة فعل على هذه الخلافات، شرعت المملكة العربية السعودية في بذل جهد مستقل لتدريب ثوار سوريين -وحتى أنها طوّعت مدربين باكستانيين لمساعدتها- في حين أعلن رئيس المخابرات الأمير بندر بن سلطان أنّ المملكة سوف تقوم بـ"تحوّل كبير" بعيداً من واشنطن.قد يكون الأمر مقتصراً على كون الاختلاف في الأولويات بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة يزداد يوماً بعد يوم فيما يتعلّق بالشرق الأوسط. ففي حين أنّ تركيز إدارة أوباماً هو كما يبدو واضحاً على برنامج إيران النووي، يرى مسؤولو المملكة أنّ ثمة مخاطر محتملة في نشاطات إيران الأخرى أيضاّ، مثل دعمها لنظام الأسد، ورعايتها للمنظمة العسكرية اللبنانية حزب الله، وما يعتبرونه كنيّتها استخدام أبناء الطائفة الشيعية لافتعال حالة من الاضطراب في الخليج العربي.
"إنهم يريدون وقف إيران، ووقف قدرتها على بسط نفوذها في المنطقة. وأعتقد بأنهم عبّروا عن ذلك في سوريا" قال برنارد هايكل، أستاذ دراسات الشرق الأدنى في جامعة برنستون. "أحياناً يقولون، إن لم نقم بذلك في سوريا، سيكون علينا في المرة القادمة أن نقوم بذل على أرضنا نحن".
قد يكون خطر قيام إيران بزعزعة استقرار حكومات الخليج العربي ليس من أولى هواجس أي كان في واشنطن، ولكن المحللين يقولون إنّ المسؤولين في الرياض يأخذون هذه المسألة بجدية [ويعتبرنها أولوية]. فقبل سنتين فقط، قادوا تدخلاً في البحرين لإحباط ما رأوه كثورة موالية للإيرانيين ضد الحكم السنّي.
"هناك هذه الفكرة التي تعتبر أنّ الإيرانيين يدعمون طوابير خامسة في دول المنطقة، سوف يستخدمونها لمواجهة أي هجمة عليهم خارجة عن المعتاد "، قال ألترمان. "وأنّ لديهم عملاء داخل الطوائف الشيعية يعتقد المسؤولون السعوديون على نحو واسع بأنهم سوف يشنون حرباً غير تقليدية على دول الخليج".
يعتقد تشاس فريمان، السفير الأميركي السابق في السعودية -الذي اختير لشغل منصب استخباراتي رفيع في إدارة أوباما قبل أن يُثير الجدل حول آرائه تجاه إسرائيل ويتسبّب ذلك بسحب اسمه- أنّ هواجس السعوديين تتعدّى الخوف من أن لا تساعد بعد واشنطن على احتواء إيران، لتصل الى احتمال أن تصبح حليفة فعلية لإيران مجدداً. "ثمة على الأرجح تلك الذكريات القديمة، التي تعود لأكثر من 30 عاماً، عندما كانت إيران شرطة الولايات المتحدة في المنطقة"، قال. "فمن شأن ذلك أن يعني حصول تآكل استراتيجي على المدى الطويل لموقعهم [ودورهم] في المنطقة".
قد تبدو فكرة إمكانية عودة العلاقات الأميركية - الإيرانية إلى ما كانت عليه في زمن الشاه بالنسبة للمسؤولين في واشنطن فكرة غريبة ومُستبعدة. ولكن قد تكون لمسؤولي المملكة في الرياض ذاكرة تأسيسية أعمق من ذاكرة نظرائهم الأميركيين. فقد استلم وزير الخارجية السعودية سعود الفيصل منصبه قبل أربع سنوات من قيام الثورة الإيرانية، في حين أنّ الملك الحالي عبد الله كان أصلاً قد أصبح رئيساً للحرس الوطني السعودي والثاني في الترتيب للوصول الى العرش الملكي.
هكذا وفي حين أنّ الولايات المتحدة وإيران عملتا حتى الآن على إبقاء المفاوضات مركّزة حول المسألة النووية، قد يكون من الصعب الإبقاء على الهواجس الأوسع المتعلقة بدور طهران في الشرق الأوسط بمنأى عن النقاش. ويعتقد ألترمان بأنّ الاتفاق النهائي سوف يكون عليه أن يعالج قضايا مثل دعم إيران لنظام الأسد و لحزب الله، وبدون ذلك سوف يكون من المستحيل رفع العقوبات عن إيران بشكل كامل. "قد تستغرق وقتاً حتى أيار، ويكون هناك نقاشات سياسية بغاية الصعوبة في كل من الولايات المتحدة وإيران"، كما قال فريمان.
مثل هذا التوسيع للقضايا المطروحة على الطاولة قد يمنح السعوديين فرصة لإسماع صوتهم—ولكن قلّة تتوقّع منهم ان يغيروا موقفهم. "عندما ذهب كيري الى السعودية [في وقتٍ سابق من هذا الشهر]، قالوا له بصرامة إنهم ضد قيام أي صفقة، وضد أي رفع للعقوبات"، قال هايكل. "إنهم يريدون معاقبة إيران".
المصدر :
دايفيد كينير
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة