لفت وزير خارجية العراق هوشيار زيباري إلى أن "كل فلسفة النظام السوري كانت قائمة على أساس انهم دولة مقاومة وممانعة، وأنه إذا انهار النظام السوري فستنهار الأمة العربية، وكان هذا ينعكس بوضوح على الموقف، وهذا الجدل حصل في القمة العربية في الخرطوم بين الرئيس اللبناني السابق اميل لحود ورئيس الوزراء اللبناني حينها فؤاد السنيورة، وكان الرئيس السوداني عمر البشير يترأس الجلسة والرئيس السوري بشار الأسد يجلس الى جانبي ونائبه فاروق الشرع، وكان هناك بيان مقترح عن المقاومة والإشادة بها، وقال السنيورة أنه يجب ألا نلزم أنفسنا بنصّ كهذا، فغضب اميل لحود وقال له على الملأ: "من أنت ومن أتى بك وماذا تفعل هنا؟ أنا رئيس الدولة وأنا أمثل السيادة اللبنانية ويجب أن تتم الإشادة بالمقاومة اللبنانية"، مشيرا إلى أن "الأسد وفاروق الشرع ووزير الخارجية السوري وليد المعلم أكدوا الموضوع نفسه فتم تمرير القرار، وكان واضحاً ان النظام السوري مهتم بالاحتفاظ بهذه الاوراق".

وفي حديث صحافي، قال: "اتعبنا النظام السوري وقد تسببت عمليات التسلل من سورية بمقتل آلاف العراقيين، وفاروق الشرع استقبل حارث الضاري في سورية، على رغم أنه مطلوب دولياً".

وأشار زيباري إلى أنه "التقى الرئيس السوري بشار الأسد مرات عدة وكانت لديه حساسية تجاه اقليم كردستان العراق، على رغم أنه كان يقول إن الجميع أصدقاؤنا، وهناك دعوة مفتوحة لرئيس الإقليم مسعود بارزاني ونرحب به لزيارتنا متى أراد، فهو ليس غريبا،  وعلق نائب الرئيس السوري فاروق الشرع قائلاً إنه سيتم استقباله كرئيس حزب، فيما سارع بشار الى القول ان الرسميات ليست مهمة بل الجوهر، ونحن نقدّر مسعود"، مضيفا: "قلت له أنا لا أتدخل بهذا الموضوع، لكن باعتباره أحد قياداتنا، فهو عند زيارته تركيا استُقبل كرئيس إقليم، على رغم أنني أتصور أن حساسية تركيا تجاه اقليم كردستان أكبر، وكذلك استُقبل في ايران وفي السعودية وفي مصر وفي الأردن بتلك الصفة"، لافتا إلى أنه "بعد بدء الأحداث في سورية، قال السوريون إنهم يرحبون به كرئيس للإقليم، لكنه ارتأى عدم التوجه الى سورية في الظروف التي تعيشها".

وردا على سؤال حول كيف تعايش الاميركيون مع الدور السوري الذي استهدفهم على أرض العراق، قال زيباري: "جمعتنا علاقة ممتازة ويومية مع الجنرال ديفيد بترايوس، الذي كان قائد القوات الاميركية في العراق، وفي إحدى المرات كان هناك نجاحات للأميركيين ضد "القاعدة" والمتسللين، حيث قبض الاميركيون على متسللين دخلوا الارض العراقية آتين من سورية، فخاف السوريون من هذه النجاحات الاميركية"، لافتا إلى أنه "كان متوجهاً في زيارة الى سورية فطلب الجنرال بترايوس لقاءه وسأله عن رأيه في أن يتوجه هو لزيارة بشار الأسد لإبلاغه أن لدى الاميركيين كل المعلومات عن هذه التسللات، فلا تكون زيارة روتينية من ديبلوماسي من وزارة الخارجية"، موضحا أنه "قال لبترايوس: هذا يعود اليك وإذا كان لديك تصريح بمثل هذه الزيارة فأنا مستعد لنقل هذه الرسالة شخصياً الى بشار الأسد، فأكد حصوله على تصريح وطلب مني نقل الرسالة إلى بشار"، مضيفا: "توجهت للقاء بشار الأسد وقلت له ان لدي رسالة مفادها أن القائد العام للقوات الاميركية يرغب أن يلتقي بك في دمشق في زيارة قصيرة، ففرح بشار جداً وكان ذلك عام 2008، وسأل بشار وزير الخارجية وليد المعلم عن ديفيد بترايوس، فقال له المعلم إنه أهم شخص بعد الرئيس الأميركي السابق جورج بوش وهو مسؤول القوات الاميركية في العراق كله، فرحب بشار بزيارة مثل تلك الشخصية المهمة"، قائلا: "عند عودتي الى العراق، كان التصريح بالزيارة قد أُلغي بأمر من واشنطن، بترايوس كان يريد أن يوجه تحذيراً الى الرئيس الأسد، بينما واشنطن رأت أن مثل تلك الزيارة ستضفي أهمية على الدور السوري في العراق، والاميركيون كانت لديهم أدلة قاطعة موثقة على التدخل السوري".

وعن زيارة المعلم للعراق بعد اندلاع الاحداث في سورية، قال: "زارنا وليد المعلم في الشهر الرابع أو الخامس من عام 2011 وكانت الانتفاضة انطلقت في درعا وبدأت تنتقل الى مدن أخرى ورافقته الى لقاء رئيس الوزراء نوري المالكي"، لافتا إلى أن "المعلم جاءنا بطلبين، الأول أن وضعهم صعب ويريدون منا مساعدتهم، قائلاً إن لدينا طبقة رجال الأعمال والتجّار في دمشق وفي حلب، فطالما دمشق وحلب تحت السيطرة، لا خوف من الأطراف، وهؤلاء لديهم مصانع وبضاعة، وطلب المعلم تسهيل مسألة السيطرة النوعية على الحدود، فهناك إجراءات معينة تقوم بها وزارة التجارة لقياس جودة البضائع الداخلة الى العراق وهذه الإجراءات تتأخر وفيها بعض التعقيدات، فقال المعلم: ربما تتساهلون معنا للدخول الى السوق العراقية. والطلب الثاني كان ان نعطيهم نفطاً، كما نعطي الأردن، بأسعار مخفضة. فالمعلم قال: اننا نتوقع حدوث أزمة محروقات مستقبلاً ونريد أن تعاملونا مثل معاملتكم للاردنيين، ونقل الينا سلام الرئيس بشار الأسد. المالكي قال له يا أستاذ وليد تعرف أنا لا أستطيع أن أقرر بل عليّ أن أعود الى مجلس الوزراء، والمالكي يلمِّح الى أن هذا بعكس الإجراءات المتبعة في سورية حيث القرار يعود لرجل وحيد، وأضاف المالكي: أنا لا أستطيع أن أقرر من دون العودة الى مجلس الوزراء وأطرح الموضوع، فإما أن تكون هناك موافقة عليه أو لا"، لافتا إلى "أننا قمنا بعدها بتسهيل عبور البضائع السورية عبر الحدود، لكننا لم نزودهم بالنفط بأسعار مخفضة وقطعاً لم نزودهم بمقاتلين أو أسلحة، انا اتحدث هنا عن الدولة وما يمر عبر مجلس الوزراء".

وعن السلاح الايراني الى سورية عبر ’جواء العراق، أوضح أنه "كانت طائرات ايرانية تعبر الاجواء العراقية وقام الاميركيون بتنبيهنا الى ذلك"، لافتا إلى أنه "خلال فترة من الفترات رصد الاميركيون مرور طائرات شحن فوق الأجواء العراقية وتابعوها، وسألنا المالكي هل هناك موافقة لعبور هذه الطائرات، فأجاب ان ليست هناك موافقة"، مضيفا: "قلت له إذا لم تكن هناك موافقة علينا أن نمنعها وأن نبلغ الجانب الايراني أن ذلك يشكل خرقاً لقرارات مجلس الأمن التي نلتزم بها ويجب إيقافها، لكنها استمرت".

وفي سياق آخر، أشار إلى أن "العراق وقع، ولا يزال واقعاً تحت تأثير ايراني وتأثير تركي، والاثنان يحاولان تشكيل محور"، لافتا إلى أن "الايرانيين كانوا يطرحون علينا بجدية إقامة تكتل اقتصادي بين ايران والعراق وسورية يرقى الى مستوى التكامل والإعفاء من التأشيرات ومد خطوط سكك حديد تصل الى البحر الأبيض المتوسط، أما الأتراك في المقابل فكانوا يطرحون علينا أمراً مختلفا، وهو إنشاء حوض بلاد ما بين النهرين بمعنى ان يشمل تركيا والعراق وسورية بعد أن مشوا خطوات مع السوريين في هذا الاتجاه في ما يخص التعرفة الجمركية والحدود والتأشيرات ودعونا الى الانضمام ليجذبونا اليهم"، مؤكدا أنه "لا تزال هناك منافسة حقيقية على مستقبل العراق وهذه الرسالة أعلنتها لكل القادة العرب منبهاً الى أن مستقبل العراق حالياً يتنافس عليه ليس أنتم العرب بل الايرانيون والأتراك وأنتم غائبون حتى الآن".
  • فريق ماسة
  • 2013-11-15
  • 8618
  • من الأرشيف

زيباري: السنيورة رفض الإشادة بالمقاومة ببيان القمة العربية بالخرطوم

لفت وزير خارجية العراق هوشيار زيباري إلى أن "كل فلسفة النظام السوري كانت قائمة على أساس انهم دولة مقاومة وممانعة، وأنه إذا انهار النظام السوري فستنهار الأمة العربية، وكان هذا ينعكس بوضوح على الموقف، وهذا الجدل حصل في القمة العربية في الخرطوم بين الرئيس اللبناني السابق اميل لحود ورئيس الوزراء اللبناني حينها فؤاد السنيورة، وكان الرئيس السوداني عمر البشير يترأس الجلسة والرئيس السوري بشار الأسد يجلس الى جانبي ونائبه فاروق الشرع، وكان هناك بيان مقترح عن المقاومة والإشادة بها، وقال السنيورة أنه يجب ألا نلزم أنفسنا بنصّ كهذا، فغضب اميل لحود وقال له على الملأ: "من أنت ومن أتى بك وماذا تفعل هنا؟ أنا رئيس الدولة وأنا أمثل السيادة اللبنانية ويجب أن تتم الإشادة بالمقاومة اللبنانية"، مشيرا إلى أن "الأسد وفاروق الشرع ووزير الخارجية السوري وليد المعلم أكدوا الموضوع نفسه فتم تمرير القرار، وكان واضحاً ان النظام السوري مهتم بالاحتفاظ بهذه الاوراق". وفي حديث صحافي، قال: "اتعبنا النظام السوري وقد تسببت عمليات التسلل من سورية بمقتل آلاف العراقيين، وفاروق الشرع استقبل حارث الضاري في سورية، على رغم أنه مطلوب دولياً". وأشار زيباري إلى أنه "التقى الرئيس السوري بشار الأسد مرات عدة وكانت لديه حساسية تجاه اقليم كردستان العراق، على رغم أنه كان يقول إن الجميع أصدقاؤنا، وهناك دعوة مفتوحة لرئيس الإقليم مسعود بارزاني ونرحب به لزيارتنا متى أراد، فهو ليس غريبا،  وعلق نائب الرئيس السوري فاروق الشرع قائلاً إنه سيتم استقباله كرئيس حزب، فيما سارع بشار الى القول ان الرسميات ليست مهمة بل الجوهر، ونحن نقدّر مسعود"، مضيفا: "قلت له أنا لا أتدخل بهذا الموضوع، لكن باعتباره أحد قياداتنا، فهو عند زيارته تركيا استُقبل كرئيس إقليم، على رغم أنني أتصور أن حساسية تركيا تجاه اقليم كردستان أكبر، وكذلك استُقبل في ايران وفي السعودية وفي مصر وفي الأردن بتلك الصفة"، لافتا إلى أنه "بعد بدء الأحداث في سورية، قال السوريون إنهم يرحبون به كرئيس للإقليم، لكنه ارتأى عدم التوجه الى سورية في الظروف التي تعيشها". وردا على سؤال حول كيف تعايش الاميركيون مع الدور السوري الذي استهدفهم على أرض العراق، قال زيباري: "جمعتنا علاقة ممتازة ويومية مع الجنرال ديفيد بترايوس، الذي كان قائد القوات الاميركية في العراق، وفي إحدى المرات كان هناك نجاحات للأميركيين ضد "القاعدة" والمتسللين، حيث قبض الاميركيون على متسللين دخلوا الارض العراقية آتين من سورية، فخاف السوريون من هذه النجاحات الاميركية"، لافتا إلى أنه "كان متوجهاً في زيارة الى سورية فطلب الجنرال بترايوس لقاءه وسأله عن رأيه في أن يتوجه هو لزيارة بشار الأسد لإبلاغه أن لدى الاميركيين كل المعلومات عن هذه التسللات، فلا تكون زيارة روتينية من ديبلوماسي من وزارة الخارجية"، موضحا أنه "قال لبترايوس: هذا يعود اليك وإذا كان لديك تصريح بمثل هذه الزيارة فأنا مستعد لنقل هذه الرسالة شخصياً الى بشار الأسد، فأكد حصوله على تصريح وطلب مني نقل الرسالة إلى بشار"، مضيفا: "توجهت للقاء بشار الأسد وقلت له ان لدي رسالة مفادها أن القائد العام للقوات الاميركية يرغب أن يلتقي بك في دمشق في زيارة قصيرة، ففرح بشار جداً وكان ذلك عام 2008، وسأل بشار وزير الخارجية وليد المعلم عن ديفيد بترايوس، فقال له المعلم إنه أهم شخص بعد الرئيس الأميركي السابق جورج بوش وهو مسؤول القوات الاميركية في العراق كله، فرحب بشار بزيارة مثل تلك الشخصية المهمة"، قائلا: "عند عودتي الى العراق، كان التصريح بالزيارة قد أُلغي بأمر من واشنطن، بترايوس كان يريد أن يوجه تحذيراً الى الرئيس الأسد، بينما واشنطن رأت أن مثل تلك الزيارة ستضفي أهمية على الدور السوري في العراق، والاميركيون كانت لديهم أدلة قاطعة موثقة على التدخل السوري". وعن زيارة المعلم للعراق بعد اندلاع الاحداث في سورية، قال: "زارنا وليد المعلم في الشهر الرابع أو الخامس من عام 2011 وكانت الانتفاضة انطلقت في درعا وبدأت تنتقل الى مدن أخرى ورافقته الى لقاء رئيس الوزراء نوري المالكي"، لافتا إلى أن "المعلم جاءنا بطلبين، الأول أن وضعهم صعب ويريدون منا مساعدتهم، قائلاً إن لدينا طبقة رجال الأعمال والتجّار في دمشق وفي حلب، فطالما دمشق وحلب تحت السيطرة، لا خوف من الأطراف، وهؤلاء لديهم مصانع وبضاعة، وطلب المعلم تسهيل مسألة السيطرة النوعية على الحدود، فهناك إجراءات معينة تقوم بها وزارة التجارة لقياس جودة البضائع الداخلة الى العراق وهذه الإجراءات تتأخر وفيها بعض التعقيدات، فقال المعلم: ربما تتساهلون معنا للدخول الى السوق العراقية. والطلب الثاني كان ان نعطيهم نفطاً، كما نعطي الأردن، بأسعار مخفضة. فالمعلم قال: اننا نتوقع حدوث أزمة محروقات مستقبلاً ونريد أن تعاملونا مثل معاملتكم للاردنيين، ونقل الينا سلام الرئيس بشار الأسد. المالكي قال له يا أستاذ وليد تعرف أنا لا أستطيع أن أقرر بل عليّ أن أعود الى مجلس الوزراء، والمالكي يلمِّح الى أن هذا بعكس الإجراءات المتبعة في سورية حيث القرار يعود لرجل وحيد، وأضاف المالكي: أنا لا أستطيع أن أقرر من دون العودة الى مجلس الوزراء وأطرح الموضوع، فإما أن تكون هناك موافقة عليه أو لا"، لافتا إلى "أننا قمنا بعدها بتسهيل عبور البضائع السورية عبر الحدود، لكننا لم نزودهم بالنفط بأسعار مخفضة وقطعاً لم نزودهم بمقاتلين أو أسلحة، انا اتحدث هنا عن الدولة وما يمر عبر مجلس الوزراء". وعن السلاح الايراني الى سورية عبر ’جواء العراق، أوضح أنه "كانت طائرات ايرانية تعبر الاجواء العراقية وقام الاميركيون بتنبيهنا الى ذلك"، لافتا إلى أنه "خلال فترة من الفترات رصد الاميركيون مرور طائرات شحن فوق الأجواء العراقية وتابعوها، وسألنا المالكي هل هناك موافقة لعبور هذه الطائرات، فأجاب ان ليست هناك موافقة"، مضيفا: "قلت له إذا لم تكن هناك موافقة علينا أن نمنعها وأن نبلغ الجانب الايراني أن ذلك يشكل خرقاً لقرارات مجلس الأمن التي نلتزم بها ويجب إيقافها، لكنها استمرت". وفي سياق آخر، أشار إلى أن "العراق وقع، ولا يزال واقعاً تحت تأثير ايراني وتأثير تركي، والاثنان يحاولان تشكيل محور"، لافتا إلى أن "الايرانيين كانوا يطرحون علينا بجدية إقامة تكتل اقتصادي بين ايران والعراق وسورية يرقى الى مستوى التكامل والإعفاء من التأشيرات ومد خطوط سكك حديد تصل الى البحر الأبيض المتوسط، أما الأتراك في المقابل فكانوا يطرحون علينا أمراً مختلفا، وهو إنشاء حوض بلاد ما بين النهرين بمعنى ان يشمل تركيا والعراق وسورية بعد أن مشوا خطوات مع السوريين في هذا الاتجاه في ما يخص التعرفة الجمركية والحدود والتأشيرات ودعونا الى الانضمام ليجذبونا اليهم"، مؤكدا أنه "لا تزال هناك منافسة حقيقية على مستقبل العراق وهذه الرسالة أعلنتها لكل القادة العرب منبهاً الى أن مستقبل العراق حالياً يتنافس عليه ليس أنتم العرب بل الايرانيون والأتراك وأنتم غائبون حتى الآن".

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة