دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
دخل يوم العطلة الرسمية، أمس، على خط الصراع بين الدولار الأميركي والليرة السورية، فحدّ من نزول مثير للانتباه للعملة الخضراء أمام العملة المحلية.
وخسرت العملة الخضراء بشكل صاعق ما يقارب 30 ليرة سورية من قيمتها خلال اليومين الماضيين، وذلك بعد نزول قارب هذا المعدل خلال الأسبوع الماضي، فانتهى سعر صرف الدولار، مساء أمس الأول، إلى 123 ليرة سورية، وهو سعر صرف يقل ليرات عدة عن سعر الصرف الرسمي، ما أثار تساؤلات بشأن أسباب هذه الظاهرة، خصوصاً أن الاقتصاد السوري ما زال يعاني من مشاكل كبيرة، نتيجة للصراع القائم منذ أكثر من عامين ونصف العام.
ودخل الدولار هذا الخريف بسعر صرف تراوح بين 160 و175 ليرة، ما دفع التجار إلى تسعير سلعهم المتداولة وفق هذا المعدل. إلا أن الأيام الأخيرة صعقت المستهلكين والتجار على حد سواء، بعد هبوط في سعر العملة الخضراء قارب العشرين في المئة، وهو ما تجاوز هدف المصرف المركزي، الذي يقول اقتصاديون إن مصلحته تتمثل بسعر صرف يدور ضمن حدود 150 ليرة.
ولم تتأثر أسعار المواد الغذائية والسلع اليومية بهذه القفزة نزولاً، وإن انعكست إيجابا على الأسعار بالنسبة إلى مستهلكي السلع المرتبطة بالاستيراد، كأسعار المواد الصلبة من حديد وغيرها.
وانتقد دريد درغام، المدير السابق لـ«المصرف التجاري»، وهو من أكبر مصارف سوريا العامة، الهبوط غير المدروس للدولار، معتبرا أنه ربما يخفي شيئاً.
وكتب درغام، في مقال نشر على شبكة الانترنت، «كيف نبرر انخفاض الدولار ليرات عدة يوميا؟ وما الذي يفسر إقبال شمال سورية أكثر من باقي المناطق على شراء الليرة ورفع قيمتها أكثر بكثير؟ أهي صحوة ضمير أم ...؟ وما سر ضعف الإقبال على شراء الدولار من مزادات (المصرف) المركزي؟ وهل تستطيع أي سياسة، مهما كانت حكيمة، أن ترفع سعر الليرة يومياً إلى هذه الدرجة؟ وبما أن الليرة مرآة الاقتصاد فهل تحسنت أوضاعنا الاقتصادية لهذه الدرجة في غفلة عنا؟».
ويعتبر خبراء أن من أهم أسباب النزول المفاجئ للدولار، هو إقدام مضاربين في المناطق التي خرجت عن سيطرة الدولة في شمال سورية على اجتذاب كميات ضخمة من الليرة السورية، وذلك لأسباب مجهولة.
ورغم أن بعض المراقبين الموالين للسلطة، يميلون إلى القناعة المريحة بأن ذلك بمثابة دليل على «ارتفاع الآمال بجنيف 2 وعودة الدولة» إلا أن ارتفاع الطلب على شراء العملة السورية لدى الصرافين في لبنان، يثير ريبة المراقبين.
وترتفع حدة التساؤلات عن أسباب نزول الدولار إلى ما دون سعر الصرف الرسمي، وهو ما دفع صغار المدخرين إلى بيعه للمصارف العامة، الأمر الذي يراه البعض بمثابة «لعبة للدولة لسحب أكبر كمية من القطع الأجنبي» من التداول.
وخسرت الدولة في الحرب الدائرة، كل إمكانيات اجتذاب القطع الأجنبي، الذي يأتي الآن حصرا عبر المساعدات الخارجية، وأساسا من إيران، وذلك في ظل غياب تصدير النفط، مصدر القطع الأجنبي الأساسي، وانعدام السياحة التي تأتي في الموقع الثاني، بالإضافة إلى صعوبات التحويل من الخارج لدى المغتربين، وتضرر كامل العملية الانتاجية في سوريا، ولا سيما التصديرية.
ومنذ شهرين تقريبا صدر تقرير رسمي كشف عن أن سورية، التي كانت تمول ما يقارب 70 في المئة من موازنتها من تصدير النفط الخام، استوردت 13 مليون برميل خلال القسم الأول من العام 2013، بكلفة تقارب 1730 مليون دولار أميركي.
ولكن برغم ذلك، تعلن الحكومة عن موازنات سنوية تفوق في إيراداتها التي سبقتها، من دون مبررات واضحة. وأمس الأول تقدمت الحكومة بمشروع موازنتها البالغ 1390 مليار ليرة لمجلس الشعب عن العام المقبل، بزيادة قدرها سبعة مليارات عن العام الذي سبقه، وإن كانت رفعتها بشكل أثار انتقادات في العام 2012 بما يقارب 58 في المئة عن العام الذي سبقه، رغم تفاقم الأزمة الاقتصادية.
ووفقا لخبير اقتصادي مقيم في دمشق، فإن مجمل عملية الصعود والهبوط تنعكس سلبا على الدولة وعلى المواطن عامة. وذكّر الخبير، الذي طلب عدم ذكر اسمه، بحوادث مشابهة في ثمانينيات القرن الماضي، حين هبطت الليرة السورية 20 ليرة في يوم واحد، استنادا لعوامل نفسية بينها شائعة أن «السعودية ستسعر جزءاً من نفطها بالليرة السورية دعماً للاقتصاد المحلي». وراجت شائعة مشابهة، روّجها إعلاميون موالون في الأسابيع الأخيرة، عن «صفقة» سرية بين قطر وسوريا، تعيد خصم دمشق إلى «دائرة الأصدقاء، عبر ضخ كميات كبيرة من الدولار في السوق، لرفع قيمة العملة المحلية».
لكن الشائعات ليس لها من يتبنى أبوّتها، وسبق أن استخدمت أيضا، وإن بنجاح، منذ أشهر، حين كثر الحديث عن وجود كميات هائلة من الدولار المزور في السوق السورية (قيل إن مصدرها قطر ايضا) ما دفع المواطنين للعزوف عن الشراء، وتلى ذلك حملة أمنية على صرافي العملة الصعبة في البلاد. إلا أنه وفقا للخبير ذاته، تمثل هذه العملية «تخريباً ممنهجاً، إن كان مقصوداً، للعملية الاقتصادية والاقتصاد الوطني، لكونها لا تحقق بأي شكل من الأشكال الاستقرار الضروري للعملة في العملية الاقتصادية، بكل أوجهها من إنتاج واستيراد وتصدير»، كما أنها «لا تترك أي أثر على أسعار السلع الضرورية لحياة المواطنين ومعيشتهم».
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة