بدا أن بعض الدول الاقليمية والخليجية بدأت تشعر برياح التحولات الدولية القادمة من واشنطن، فعمدت إلى انتهاج سياسات جديدة تقيها أخطار التداعيات،

خصوصاً أن المعلومات المنقولة من الخارج تؤكد على انطلاق قطار التسوية الأميركية- الروسية بسرعة قد تكون قياسية، ما دفع بهذه الدول إلى انتهاج استراتيجيات جديدة مختلفة، لا سيما بعد أن سلك ملف الكيميائي السوري الطريق المرسومة له من دون عراقيل كان خصوم النظام السوري يتوقعونها ويعولون عليها لقلب الطاولة على رأسه، بل على العكس تماماً فإن القطبة المخفية في التسوية ساعدت هذه المرة على الاسراع في الترتيبات والتحضيرات للسير قدماً بالحل السياسي، الذي لم يعد يحتاج الى الكثير من البلورة، بعد أن رسمت موسكو السقف الزمني للنظام بينما حددت واشنطن سلم الأولويات ولائحة الممنوعات على حلفائها العرب والاقليميين.

ومن أبرز هذه الممنوعات، بحسب تقارير غربية، هو تفجير الوضع في لبنان على نطاق واسع، مع السماح بالاحتفاظ بهامش مناورة محدود لتحسين المواقف التفاوضية اذا ما جاز التعبير، وهذا ما ينطبق على الساحة السورية حيث تغيب معارك الحسم الكبيرة لتحل مكانها سياسات القضم العسكري والحصار على مراحل، وبالتالي تحرير موقع تلو الآخر من دون ضجة اعلامية تؤثر على مسار المفاوضات التي ستبدأ في جنيف وستستمر حتماً متنقلة بين موسكو وواشنطن وعواصم أوروبية بدأت تعمل على اعادة خطوط التواصل الدبلوماسي مع سوريا بعد أن بدأ الرئيس بشار الأسد يتصرف ويفكر من زاوية المنتصر القادر على مواجهة حروب سياسية وعسكرية طويلة الأمد من دون ملامسة حافة الانهيار، بالرغم من ممارسة سياسة اللعب على حافة الهاوية لمدة طويلة.

في هذا السياق، ينقل زوار السعودية عن قادتها استياءاً عارماً من سرعة التحولات التي لم تتمكن المملكة من مواكبتها لعدة أسباب واعتبارات، أبرزها الخلافات الحادة داخل مراكز القرار، وهي تتمحور حول التعاطي مع واشنطن في ظل التجارب السابقة وآخرها ما حصل في قطر والتحول السياسي الذي اعادها الى حجمها السابق لاندلاع الأزمة السورية، فضلاً عن طريقة ملاقاة هذه التحولات بأقل قدر من الخسائر بعد أن تكبدت المملكة أموال طائلة لدعم الفورة السورية وتسليحها وتدريبها من دون نتائج موازية لهذه الكلفة العالية، اضافة إلى حسابات مغايرة في ما يخص النفوذ والعمل على تثبيت الجيل الثاني في موقع المسؤولية في قيادة المملكة، ناهيك عن اختلافات في قراءة حجم الأدوار والأحجام، ليس فقط على مستوى السعودية إنما على مستوى منظومة دول التعاون الخليجي التي تخضع بدورها للتحولات والتداعيات التي خلفها عدم سقوط النظام السوري وتمكنه من مواجهة المد الخليجي- التركي، وهذا ما يفسر نوبة الحراك الدبلوماسي المحموم داخل هذه الدول من جهة وبينها وبين مراكز القرار في الغرب، كما يفسر تنامي شبكات التجسس والمراقبة داخل دول المنظومة الخليجية الخاضعة لبروتوكول تعاون، وبالتالي التعاطي الحذر بعد أن كثر الحديث عن الانفتاح الايراني- الأميركي الذي سيتحقق المزيد منه على حساب بعض دول الخليج العربي التي ذهبت بعيداً في لعبة "النشرة"الأمم من دون حفظ خط الرجعة، فيما سيوكل إلى البعض الآخر لعب دور حارس العلاقات الخليجية الايراني، انطلاقاً من معادلات جديدة لن تكون في مصلحة أصحاب الطموحات.

  • فريق ماسة
  • 2013-11-01
  • 10397
  • من الأرشيف

رياح التحولات بدأت تصل إلى الدول الإقليمية والخليجية

بدا أن بعض الدول الاقليمية والخليجية بدأت تشعر برياح التحولات الدولية القادمة من واشنطن، فعمدت إلى انتهاج سياسات جديدة تقيها أخطار التداعيات، خصوصاً أن المعلومات المنقولة من الخارج تؤكد على انطلاق قطار التسوية الأميركية- الروسية بسرعة قد تكون قياسية، ما دفع بهذه الدول إلى انتهاج استراتيجيات جديدة مختلفة، لا سيما بعد أن سلك ملف الكيميائي السوري الطريق المرسومة له من دون عراقيل كان خصوم النظام السوري يتوقعونها ويعولون عليها لقلب الطاولة على رأسه، بل على العكس تماماً فإن القطبة المخفية في التسوية ساعدت هذه المرة على الاسراع في الترتيبات والتحضيرات للسير قدماً بالحل السياسي، الذي لم يعد يحتاج الى الكثير من البلورة، بعد أن رسمت موسكو السقف الزمني للنظام بينما حددت واشنطن سلم الأولويات ولائحة الممنوعات على حلفائها العرب والاقليميين. ومن أبرز هذه الممنوعات، بحسب تقارير غربية، هو تفجير الوضع في لبنان على نطاق واسع، مع السماح بالاحتفاظ بهامش مناورة محدود لتحسين المواقف التفاوضية اذا ما جاز التعبير، وهذا ما ينطبق على الساحة السورية حيث تغيب معارك الحسم الكبيرة لتحل مكانها سياسات القضم العسكري والحصار على مراحل، وبالتالي تحرير موقع تلو الآخر من دون ضجة اعلامية تؤثر على مسار المفاوضات التي ستبدأ في جنيف وستستمر حتماً متنقلة بين موسكو وواشنطن وعواصم أوروبية بدأت تعمل على اعادة خطوط التواصل الدبلوماسي مع سوريا بعد أن بدأ الرئيس بشار الأسد يتصرف ويفكر من زاوية المنتصر القادر على مواجهة حروب سياسية وعسكرية طويلة الأمد من دون ملامسة حافة الانهيار، بالرغم من ممارسة سياسة اللعب على حافة الهاوية لمدة طويلة. في هذا السياق، ينقل زوار السعودية عن قادتها استياءاً عارماً من سرعة التحولات التي لم تتمكن المملكة من مواكبتها لعدة أسباب واعتبارات، أبرزها الخلافات الحادة داخل مراكز القرار، وهي تتمحور حول التعاطي مع واشنطن في ظل التجارب السابقة وآخرها ما حصل في قطر والتحول السياسي الذي اعادها الى حجمها السابق لاندلاع الأزمة السورية، فضلاً عن طريقة ملاقاة هذه التحولات بأقل قدر من الخسائر بعد أن تكبدت المملكة أموال طائلة لدعم الفورة السورية وتسليحها وتدريبها من دون نتائج موازية لهذه الكلفة العالية، اضافة إلى حسابات مغايرة في ما يخص النفوذ والعمل على تثبيت الجيل الثاني في موقع المسؤولية في قيادة المملكة، ناهيك عن اختلافات في قراءة حجم الأدوار والأحجام، ليس فقط على مستوى السعودية إنما على مستوى منظومة دول التعاون الخليجي التي تخضع بدورها للتحولات والتداعيات التي خلفها عدم سقوط النظام السوري وتمكنه من مواجهة المد الخليجي- التركي، وهذا ما يفسر نوبة الحراك الدبلوماسي المحموم داخل هذه الدول من جهة وبينها وبين مراكز القرار في الغرب، كما يفسر تنامي شبكات التجسس والمراقبة داخل دول المنظومة الخليجية الخاضعة لبروتوكول تعاون، وبالتالي التعاطي الحذر بعد أن كثر الحديث عن الانفتاح الايراني- الأميركي الذي سيتحقق المزيد منه على حساب بعض دول الخليج العربي التي ذهبت بعيداً في لعبة "النشرة"الأمم من دون حفظ خط الرجعة، فيما سيوكل إلى البعض الآخر لعب دور حارس العلاقات الخليجية الايراني، انطلاقاً من معادلات جديدة لن تكون في مصلحة أصحاب الطموحات.

المصدر : أنطوان الحايك


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة