دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
يتفق اركان الحكم على ضرورة مشاركة لبنان في مؤتمر «جنيف 2» لتسوية الازمة السورية، ويحمل اليه هواجسه من ان يؤدي ايصاد ابواب الحرب هناك الى تحميله هو وزر انتقال آلاف المسلحين الى اراضيه. فلا يدفع ثمن التسوية السياسية بعدما دفع ثمن الحرب
لم يكن المسؤولون الرسميون قد تبلغوا، حتى مساء امس، اشعارا بزيارة الموفد الدولي ــــ العربي الى سوريا الاخضر الابراهيمي بيروت، للخوض معهم في نتائج جهوده بازاء الازمة السورية وانعقاد مؤتمر «جنيف 2». وبدا ان الزيارة معلقة الى ما بعد اجتماعه بالرئيس السوري بشار الاسد، رغم ان الابراهيمي اعتاد احاطة المسؤولين اللبنانيين علما بزياراته اياماً قبل حصولها.
بيد ان لبنان الرسمي حسم مشاركته في «جنيف 2» ما ان يُدعى اليه، وتبلغ رئيس المجلس نبيه برّي أمس من وزير الخارجية عدنان منصور موافقة رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي على المشاركة في المؤتمر بصفة عضو شريك، بعدما كان شاع في وقت سابق احتمال حضوره بصفة مراقب.
وأعاد رئيس المجلس تأكيد حتمية مشاركة لبنان في المؤتمر، مركزا على المواقف الآتية:
1 ـ تمسّكه بالحل السياسي للازمة السورية كمخرج لانهاء الحرب، بما يتيح جلوس السوريين مع السوريين الى طاولة واحدة من دون تدخل خارجي.
2 ـ وحدهم السوريون يقررون مصير بلدهم ومسار التسوية والاصلاحات التي يطلبونها، وسبل معالجة مشاكلهم واستحقاقاتهم المتتالية.
3 ـ من غير المسموح ان يغيب لبنان عن المؤتمر، وهو معني به وبنتائجه بسبب التداعيات المحتملة للتسوية السياسية على الداخل السوري كما على دول الجوار. لبنان معني كذلك، يقول برّي، بالحصول من المؤتمرين وأخصهم المجتمع الدولي على ضمانات تمنع تحوّل ساحته مرتعاً للمسلحين ما ان تقفل الساحة السورية فلا يتحوّل متنفساً لاولئك الذين يقاتلون هناك.
4 ـ لا يعرف لبنان ولا سواه الوقت الذي يستغرقه انجاز التسوية السياسية، اياما او اشهرا او ربما سنوات. يقتضي ذلك ان يضع المؤتمر المجتمع الدولي امام مسؤولياته لجبه الاعباء التي يتحملها هذا البلد، وقد تجاوز عدد غير اللبنانيين المقيمين على اراضيه، سوريين وفلسطينيين، مليونين بما يتخطى قدراته على الاحتمال.
5 ـ يحمل لبنان الى مؤتمر «جنيف 2»، يقول رئيس المجلس، رسالة مفادها انه «ليس رصيفا تلقى عليه مشكلات المنطقة بعدما شاعت اقاويل عن احتمال طمر السلاح الكيميائي السوري على اراضيه». وإذ اكد رفضه القاطع ــــ وكانت بلغته معلومات من اروقة منظمات وهيئات دولية تبحث في هذا الخيار وتناقش احتمالات تطاول بلدانا كلبنان ــــ قال: «لن اقبل ومستعد لشن حرب من اجل منع طمر السلاح الكيميائي في ارضنا. كأنه لا يكفينا ما عندنا».
وحيال مواقف قوى في 14 آذار ترفض مشاركة لبنان في المؤتمر من خلال وزير الخارجية، قال بري: «المؤتمر اولاً هو مؤتمر وزراء الخارجية. واذا شاء احد من المسؤولين كرئيس الحكومة المشاركة فيه، يحضر الى جانبه الوزير منصور، ولا فان الوزير هو مَن يمثل لبنان في مؤتمر جنيف ـ 2. أما مَن يرفض، فليس له الا ان يبقى هنا».
على ان المعطيات المتوافرة لدى الديبلوماسية اللبنانية تتحدث عن عقبات شتى لا تزال تعترض طريق مؤتمر جنيف ـ 2 وموعد انعقاده والافرقاء المشاركين فيه. بعض تلك العراقيل اساسي ـــــ تبعاً لما يقول وزير الخارجية ــــ مرتبط بالمحاور الآخر الندّ للنظام، والموزّع على 32 مجموعة كبيرة من اطراف المعارضة مدنيين ومسلحين، ناهيك بنحو الف فصيل مسلح بأحجام متفاوتة، معظمهم لا يحدث بعضه البعض الآخر، ما يعرقل سبل اخراج وفد مفاوض من هؤلاء، اضف معارضة الداخل. ويذكّر منصور بقرار الجامعة العربية في 6 آذار 2013 عندما اعتبر المعارضة ممثلاً للشعب السوري وحضها على توحيد صفوفها وتأليف حكومة كي تمنحها الجامعة مقعدا في صفوفها، فلم يتحقق اي من المطالب تلك.
ويتسلح الموقف الرسمي اللبناني من المشاركة في المؤتمر بحجة يوردها وزير الخارجية، مفادها ان حضوره لا ينقض سياسة النأي بالنفس التي تعتمدها حكومة ميقاتي وتتمسك بها، بعدما قاطع لبنان او امتنع عن التصويت في مؤتمرات عربية ودولية رمت الى اتخاذ موقف من احد طرفي النزاع في سوريا وتحديدا النظام، في وقت يصر لبنان الرسمي على عدم التدخل في هذا النزاع. لم يحضر مؤتمر «جنيف 1» لانه قارب الازمة السورية وفق مرحلة انتقالية تقضي باقصاء النظام. ليس الامر نفسه في مؤتمر «جنيف 2» إذ يتوخى ارساء تسوية سياسية بين المتنازعين من خلال مشاركتهم فيه وتوصلهم الى اتفاق وآلية حل بلا شروط مسبقة.
المصدر :
نقولا ناصيف
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة