منذ ان هجّر من فلسطين في العام 1948، ظل ناجي العلي يحلم بالعودة إلى فلسطين. والآن، تتبلور مبادرة لاستعادة جثمانه من مقبرة «بروك وود» في إحدى ضواحي العاصمة البريطانية لندن، لكي يوارى الثرى في قرية الشجرة، حيث ولد، أو في مدينة رام الله، حيث يرقد الشاعر الراحل محمود درويش، أو في مكان ما قريب في فلسطين.

 

بالأمس، أطلقت نقابة الصحافيين الفلسطينيين، بالتعاون مع مركز «بلدنا» الثقافي في مدينة رام الله، ووزارة الثقافة الفلسطينية، ومجموعة من الشبان الفلسطينيين في أراضي العام 1948، مبادرة لاستعادة جثمان العلي من حيث اغتيل في لندن، حيث تقرر العمل لإعادته إلى منزله في قرية الشجرة المهجرة قرب حيفا، أو على الأقل إلى الضفة الغربية لدفنه بجوار محمود درويش، أو في أسوأ الظروف إلى مكان ما في سوريا أو لبنان أو الأردن.

 

وقال عمر نزال، أحد أعضاء الأمانة العامة لنقابة الصحافيين، لـ«السفير» إنّ «هذه الفكرة أتت عندما قام احد الزملاء ببحث مطول عن ناجي العلي، فسأل نفسه عن سبب وجود جثمانه في العاصمة البريطانية، ولماذا لا يكون في فلسطين، أو على الأقل في الأردن أو لبنان أو سوريا، حيث عاش الشهيد».

 

وأوضح نزال أنه، خلال افتتاح معرض لإرث ناجي العلي في الذكرى الثالثة والعشرين لاستشهاده في رام الله، تقرر إطلاق مبادرة لاستعادة جثمانه. وأضاف «سنسعى إلى إعادة ناجي إلى بيته في قرية الشجرة، أو إلى جوار محمود درويش (في رام الله)، أو إلى سوريا أو الأردن أو لبنان»، مشيرا إلى أن خالد، الابن الأكبر لناجي العلي، سيتصل به خلال يومين لتحديد موقف العائلة من مسألة نقل الرفات، لافتاً إلى أنّ «أهل ناجي مستاؤون من وجود قبره في لندن وهم يريدون نقله إلى مكان آخر».

 

من جهتها، قالت وزيرة الثقافة الفلسطينية سهام البرغوثي إن «أقل المطلوب هو استرداد جثمان العلي إلى أرض وطنه. وهذه مناسبة مهمة لنستذكر مدى غزارة الإنتاج الذي قدمه الشهيد، عبر رسومات وطنية».

 

بدوره، ناشد نقيب الصحافيين الفلسطينيين عبد الناصر النجار القيادة الفلسطينية المساعدة في إعادة جثمان ناجي العلي، بالتنسيق مع أهله، خاصة أن «ناجي يسكن تراباً غير تراب وطنه، في قبر بلا شاهد».

 

وبانتظار ما ستؤول إليه هذه المبادرة، فإن ثمة من أعاد ناجي العلي، ولو مجازاً، إلى المنزل الذي عاش فيه طفولته: مجموعة من الشبان الفلسطينيين في أراضي العام 1948، أعادوا تفريغ رسومات الشهيد على حجارة منزله المهدم في قرية الشجرة، الواقعة بين طبريا والناصرة.

 

وقال المحامي الفلسطيني خالد محاميد محامي لـ«السفير»: «لقد أردنا إعادته إلى حيث يجب أن يكون، كما هو الحال بالنسبة لكل اللاجئين. نحن كلنا هجرنا، وناجي يجب أن يعود ولو كان رفاتا».

 

وأضاف «لقد بادرنا أيضاً إلى نقش أشعار محمود درويش في قرية البروة التي هجر منها، وهناك مبادرة جديدة مشابهة تخص (الكاتب الشهيد) غسان كنفاني. كل هؤلاء كانوا رموزا، وما يزالون، ويجب ان تكون حجارة منازلهم من حيث شردوا شاهدة على ما فعلوه لأجل الثورة».

 

وأضاف» نحن نريد أن نحيي ذكراهم وذكرى اللاجئين، كما نريد أن ننعش الذاكرة من جديد عبر العودة إلى قرانا المهجرة المدمرة من خلاله ترسيخ علاقتنا بحجارة بيوتنا المهدمة».

 

وزينت قاعة «بلدنا» في رام الله برسومات لناجي العلي، وقد تم عرض 50 لوحة جديدة، إحداها تظهر وجه «حنظلة». كما عرضت حجارة من منزل الشهيد طبعت عليها العديد من رسوماته.

 

وقال نزال «لقد كان موقفا مؤثرا جدا أن تلمس حجارة كانت في بيت ناجي، ربما كان قد لمسها». وأضاف» لقد استشهد ناجي قبل انطلاق انتفاضة الحجارة، لكنه كان يعلم بقرب انطلاقها، من خلال رسومات في آخر أيامه تظهر أطفالا فلسطينيين يحملون الحجارة، وها هي الحجارة تحمل ناجي من جديد».

 

وما زال جثمان ناجي العلي في مقبرة «بروك وود» في ضاحية ووكنغ في العاصمة البريطانية. ورقم قبره هو 230190، ولا يوجد عليه سوى الرقم. وترفض إدارة المقبرة أن يتم وضع شاهد فوقه، أو أي شي يشير إلى ذكراه لأسباب غير معلومة.

 

واستشهد ناجي العلي في 29 آب عام 1987 في العاصمة البريطانية إثر اطلاق النار عليه من مسدس كاتم للصوت في 22 تموز في العام 1987. وكانت وصية الشهيد أن يدفن إلى جوار والديه في مخيم عين الحلوة، بالنظر إلى تعذر العودة إلى فلسطين، لكن أسباباً عديدة حالت دون ذلك.

 

 

 

  • فريق ماسة
  • 2010-08-26
  • 9428
  • من الأرشيف

ناجـي العلـي مـا زال يحلـم بالعـودة: مبـادرة فلسطينيـة لدفنـه فـي وطنـه

منذ ان هجّر من فلسطين في العام 1948، ظل ناجي العلي يحلم بالعودة إلى فلسطين. والآن، تتبلور مبادرة لاستعادة جثمانه من مقبرة «بروك وود» في إحدى ضواحي العاصمة البريطانية لندن، لكي يوارى الثرى في قرية الشجرة، حيث ولد، أو في مدينة رام الله، حيث يرقد الشاعر الراحل محمود درويش، أو في مكان ما قريب في فلسطين.   بالأمس، أطلقت نقابة الصحافيين الفلسطينيين، بالتعاون مع مركز «بلدنا» الثقافي في مدينة رام الله، ووزارة الثقافة الفلسطينية، ومجموعة من الشبان الفلسطينيين في أراضي العام 1948، مبادرة لاستعادة جثمان العلي من حيث اغتيل في لندن، حيث تقرر العمل لإعادته إلى منزله في قرية الشجرة المهجرة قرب حيفا، أو على الأقل إلى الضفة الغربية لدفنه بجوار محمود درويش، أو في أسوأ الظروف إلى مكان ما في سوريا أو لبنان أو الأردن.   وقال عمر نزال، أحد أعضاء الأمانة العامة لنقابة الصحافيين، لـ«السفير» إنّ «هذه الفكرة أتت عندما قام احد الزملاء ببحث مطول عن ناجي العلي، فسأل نفسه عن سبب وجود جثمانه في العاصمة البريطانية، ولماذا لا يكون في فلسطين، أو على الأقل في الأردن أو لبنان أو سوريا، حيث عاش الشهيد».   وأوضح نزال أنه، خلال افتتاح معرض لإرث ناجي العلي في الذكرى الثالثة والعشرين لاستشهاده في رام الله، تقرر إطلاق مبادرة لاستعادة جثمانه. وأضاف «سنسعى إلى إعادة ناجي إلى بيته في قرية الشجرة، أو إلى جوار محمود درويش (في رام الله)، أو إلى سوريا أو الأردن أو لبنان»، مشيرا إلى أن خالد، الابن الأكبر لناجي العلي، سيتصل به خلال يومين لتحديد موقف العائلة من مسألة نقل الرفات، لافتاً إلى أنّ «أهل ناجي مستاؤون من وجود قبره في لندن وهم يريدون نقله إلى مكان آخر».   من جهتها، قالت وزيرة الثقافة الفلسطينية سهام البرغوثي إن «أقل المطلوب هو استرداد جثمان العلي إلى أرض وطنه. وهذه مناسبة مهمة لنستذكر مدى غزارة الإنتاج الذي قدمه الشهيد، عبر رسومات وطنية».   بدوره، ناشد نقيب الصحافيين الفلسطينيين عبد الناصر النجار القيادة الفلسطينية المساعدة في إعادة جثمان ناجي العلي، بالتنسيق مع أهله، خاصة أن «ناجي يسكن تراباً غير تراب وطنه، في قبر بلا شاهد».   وبانتظار ما ستؤول إليه هذه المبادرة، فإن ثمة من أعاد ناجي العلي، ولو مجازاً، إلى المنزل الذي عاش فيه طفولته: مجموعة من الشبان الفلسطينيين في أراضي العام 1948، أعادوا تفريغ رسومات الشهيد على حجارة منزله المهدم في قرية الشجرة، الواقعة بين طبريا والناصرة.   وقال المحامي الفلسطيني خالد محاميد محامي لـ«السفير»: «لقد أردنا إعادته إلى حيث يجب أن يكون، كما هو الحال بالنسبة لكل اللاجئين. نحن كلنا هجرنا، وناجي يجب أن يعود ولو كان رفاتا».   وأضاف «لقد بادرنا أيضاً إلى نقش أشعار محمود درويش في قرية البروة التي هجر منها، وهناك مبادرة جديدة مشابهة تخص (الكاتب الشهيد) غسان كنفاني. كل هؤلاء كانوا رموزا، وما يزالون، ويجب ان تكون حجارة منازلهم من حيث شردوا شاهدة على ما فعلوه لأجل الثورة».   وأضاف» نحن نريد أن نحيي ذكراهم وذكرى اللاجئين، كما نريد أن ننعش الذاكرة من جديد عبر العودة إلى قرانا المهجرة المدمرة من خلاله ترسيخ علاقتنا بحجارة بيوتنا المهدمة».   وزينت قاعة «بلدنا» في رام الله برسومات لناجي العلي، وقد تم عرض 50 لوحة جديدة، إحداها تظهر وجه «حنظلة». كما عرضت حجارة من منزل الشهيد طبعت عليها العديد من رسوماته.   وقال نزال «لقد كان موقفا مؤثرا جدا أن تلمس حجارة كانت في بيت ناجي، ربما كان قد لمسها». وأضاف» لقد استشهد ناجي قبل انطلاق انتفاضة الحجارة، لكنه كان يعلم بقرب انطلاقها، من خلال رسومات في آخر أيامه تظهر أطفالا فلسطينيين يحملون الحجارة، وها هي الحجارة تحمل ناجي من جديد».   وما زال جثمان ناجي العلي في مقبرة «بروك وود» في ضاحية ووكنغ في العاصمة البريطانية. ورقم قبره هو 230190، ولا يوجد عليه سوى الرقم. وترفض إدارة المقبرة أن يتم وضع شاهد فوقه، أو أي شي يشير إلى ذكراه لأسباب غير معلومة.   واستشهد ناجي العلي في 29 آب عام 1987 في العاصمة البريطانية إثر اطلاق النار عليه من مسدس كاتم للصوت في 22 تموز في العام 1987. وكانت وصية الشهيد أن يدفن إلى جوار والديه في مخيم عين الحلوة، بالنظر إلى تعذر العودة إلى فلسطين، لكن أسباباً عديدة حالت دون ذلك.      


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة