أجمع نقاد وإعلاميون مختصون على أن نسبة المشاهدين المغاربة الذين يهاجرون لمتابعة الأعمال الرمضانية العربية في ارتفاع ملحوظ، بسبب "ابتذال" الكثير من الإنتاجات الكوميدية المغربية التي تبثها القنوات التلفزيونية بالمغرب خلال شهر رمضان.

وفسروا الهجرة المتزايدة للمشاهد المغربي نحو الفضائيات العربية في رمضان الحالي بضعف تنافسية المنتوج المغربي وتكرار نفس الوجوه وسذاجة طريقة الإضحاك، فضلا عن الارتجال في تحضير المسلسلات المغربية الرمضانية.

ويفضل العديد من المغاربة في شهر رمضان الجاري التحول من القنوات المحلية إلى مشاهدة مسلسلات درامية جذابة في قنوات عربية أخرى، مثل المسلسل السوري "القعقاع بن عمرو التميمي"، ومسلسل "زهرة وأزواجها الخمسة" ومسلسل "شيخ العرب همام" وغيرها.

وتعليقا على هجرة المشاهد المغربي نحو قنوات عربية أخرى في رمضان، أفاد توفيق ناديري، الإعلامي المسؤول بأن المشاهدين المغاربة قد يقبلون على الإنتاجات المحلية في فترة محدودة جدا وهي وقت الإفطار فقط، لكن بعده مباشرة يحولون اتجاههم نحو القنوات العربية الأخرى.

ويشرح ناديري بأن نسبة الإقبال على الأعمال العربية تعرف ارتفاعا كبيرا طيلة الفترة الليلية، في حين تفقد الإنتاجات المحلية القدرة على جذب نسبة متابعة مهمة، مبينا أن هناك ثلاثة عوامل تبرر هذه الهجرة، أولها غياب الجودة على مستوى الطرح، واختيار القضايا المجتمعية الجادة في غالب الأحيان بسبب صيغ الإنتاج، وأشار إلى كون النصوص غالبا ما تكون غير مكتوبة قبل انطلاق التصوير.

ويتابع: "هناك أيضا عدم مراقبة المنتجين وكيفية صرفهم للميزانية مع مناقشة آثار تكريس أسماء ممثلين خلقوا علاقة متشنجة مع المتلقي المغربي، كما أن المراهنة على الكوميديا هي رهان ملتبس الأهداف وأثبت عدم جدوائيته".

أما العامل الثاني فيجده الإعلامي المتخصص في ضعف تنافسية المنتوج المغربي بالنظر إلى الميزانية التي لا يمكن أن تقارن مع ميزانية أضعف عمل مصري.

ويرتبط العامل الثالث وفقا لناديري، بالجانب التقني حيث تعاني القنوات الوطنية من مشاكل تقنية على مستوى البث والصورة، وهو ما لا يغري المشاهد المغربي الذي يجد أمامه فضاء وضوح الصورة في الفضائيات العربية الأخرى، مما يفرز هجرة متواصلة للجمهور الذي تتعقب خطاه الوصلات الإشهارية التي بدأت تهاجر بدورها.

وبدوره، استعرض الناقد المغربي عز الدين الوافي أسباب الهجرة المتزايدة إلى قنوات عربية لمشاهدة إنتاجات رمضانية مخالفة لما يشاهده في تلفزيونه، ومن ضمنها تعود هذا المشاهد على نفس "الخزعبلات" بما أنه لم يعد ينتظر تغير أصناف مسلسلات الـ"سيتكوم" المغربية.

ويشرح الوافي أن هذه الإنتاجات الكوميدية المغربية تتعامل مع المشاهد كأنه قاصر، وتختلق المواقف التي يراد منها الهزل، فتسقط في نهاية المطاف في الابتذال والسوقية أحيانا.

ويردف الوافي سببا آخر يتمثل في خلو هذه الإنتاجات الرمضانية من أي تخييل أو مخاطبة للذاكرة وللثقافة العربية الإسلامية، واعتمادها على عوامل لا علاقة لها بما هو فني، بل بما هو "بيزنس" فقط.

وهناك سبب آخر يتجلى، وفق الوافي، في "السرعة في الإنجاز والاعتماد على الارتجال في تحضير المسلسلات المغربية الرمضانية، الشيء الذي يفيد غياب رؤية ثقافية وفنية لدى القائمين على البرمجة"، بحسب تعبير الوافي.

ويرى الوافي أن مشاهدة الإنتاجات الرمضانية سواء في التلفزة المغربية أو في القنوات العربية الأخرى تتحكم فيها عوامل عدة منها الوسط العائلي الذي يروج لمسلسل معين باعتباره يحظى بالقبول والجودة، ومن ثم بالمتابعة المكثفة من طرف الأسرة.

ومن العوامل الأخرى التي قد تتحكم في مسألة مشاهدة الأعمال التلفزيونية الرمضانية عملية نقل المعلومة من خلال القيل والقال من طرف المشاهدين، والتي تلعب دورا هاما في الإقبال على مشاهدة مادة تلفزيونية محددة بعينها دون غيرها.

لكن بغض النظر عن هذه المعطيات، يرى الوافي أن هجرة المشاهد المغربي إلى قنوات عربية أخرى لمشاهدة أعمال مصرية وسورية بالخصوص صارت واقعا قائما بذاته، وأمرا مألوفا بسبب أن التلفزة المغربية لم تستطع إيجاد البديل لما تقدمه من مسلسلات وسيتكومات تدعي أنها تؤدي مهمة الكوميديا والفكاهة.

واستطرد الناقد: بسبب تكرار نفس الوجوه و المضامين المبتذلة بطرق مختلفة في الإنتاجات الرمضانية المحلية، أضحى المشاهد المغربي مُحبطا ويائسا لا ينتظر أي جديد من طرف التلفزة المغربية.

وقال الوافي "إن هناك ما يشبه التطبيع النفسي بين جمهور المشاهدين وبين الإنتاجات الرمضانية المحلية رغم مستواها المتدني فنيا، لكن هذا الجمهور أيضا لا يتوانى في استخدام جهاز التحكم للبحث عن إنتاجات رمضانية أكثر جودة شكلا ومضمونا".

وشدد المتحدث على أنه "لا يمكن أن نُجبر المشاهد المغربي على مشاهدة المسلسلات المحلية في رمضان مهما كان مستواها بدعوى أنه يساهم في تشجيع الإنتاج الوطني، لكون هذا الأمر صار مُتجاوزا، فمن حق المشاهد أن يشاهد إنتاجات رمضانية مغايرة يرى أنها تلبي طموحاته أو تساوي رغباته"، حسب تعبير الوافي.

  • فريق ماسة
  • 2010-08-24
  • 12486
  • من الأرشيف

هجرة رمضانية للمشاهدين المغاربة إلى قنوات المشرق العربي

أجمع نقاد وإعلاميون مختصون على أن نسبة المشاهدين المغاربة الذين يهاجرون لمتابعة الأعمال الرمضانية العربية في ارتفاع ملحوظ، بسبب "ابتذال" الكثير من الإنتاجات الكوميدية المغربية التي تبثها القنوات التلفزيونية بالمغرب خلال شهر رمضان. وفسروا الهجرة المتزايدة للمشاهد المغربي نحو الفضائيات العربية في رمضان الحالي بضعف تنافسية المنتوج المغربي وتكرار نفس الوجوه وسذاجة طريقة الإضحاك، فضلا عن الارتجال في تحضير المسلسلات المغربية الرمضانية. ويفضل العديد من المغاربة في شهر رمضان الجاري التحول من القنوات المحلية إلى مشاهدة مسلسلات درامية جذابة في قنوات عربية أخرى، مثل المسلسل السوري "القعقاع بن عمرو التميمي"، ومسلسل "زهرة وأزواجها الخمسة" ومسلسل "شيخ العرب همام" وغيرها. وتعليقا على هجرة المشاهد المغربي نحو قنوات عربية أخرى في رمضان، أفاد توفيق ناديري، الإعلامي المسؤول بأن المشاهدين المغاربة قد يقبلون على الإنتاجات المحلية في فترة محدودة جدا وهي وقت الإفطار فقط، لكن بعده مباشرة يحولون اتجاههم نحو القنوات العربية الأخرى. ويشرح ناديري بأن نسبة الإقبال على الأعمال العربية تعرف ارتفاعا كبيرا طيلة الفترة الليلية، في حين تفقد الإنتاجات المحلية القدرة على جذب نسبة متابعة مهمة، مبينا أن هناك ثلاثة عوامل تبرر هذه الهجرة، أولها غياب الجودة على مستوى الطرح، واختيار القضايا المجتمعية الجادة في غالب الأحيان بسبب صيغ الإنتاج، وأشار إلى كون النصوص غالبا ما تكون غير مكتوبة قبل انطلاق التصوير. ويتابع: "هناك أيضا عدم مراقبة المنتجين وكيفية صرفهم للميزانية مع مناقشة آثار تكريس أسماء ممثلين خلقوا علاقة متشنجة مع المتلقي المغربي، كما أن المراهنة على الكوميديا هي رهان ملتبس الأهداف وأثبت عدم جدوائيته". أما العامل الثاني فيجده الإعلامي المتخصص في ضعف تنافسية المنتوج المغربي بالنظر إلى الميزانية التي لا يمكن أن تقارن مع ميزانية أضعف عمل مصري. ويرتبط العامل الثالث وفقا لناديري، بالجانب التقني حيث تعاني القنوات الوطنية من مشاكل تقنية على مستوى البث والصورة، وهو ما لا يغري المشاهد المغربي الذي يجد أمامه فضاء وضوح الصورة في الفضائيات العربية الأخرى، مما يفرز هجرة متواصلة للجمهور الذي تتعقب خطاه الوصلات الإشهارية التي بدأت تهاجر بدورها. وبدوره، استعرض الناقد المغربي عز الدين الوافي أسباب الهجرة المتزايدة إلى قنوات عربية لمشاهدة إنتاجات رمضانية مخالفة لما يشاهده في تلفزيونه، ومن ضمنها تعود هذا المشاهد على نفس "الخزعبلات" بما أنه لم يعد ينتظر تغير أصناف مسلسلات الـ"سيتكوم" المغربية. ويشرح الوافي أن هذه الإنتاجات الكوميدية المغربية تتعامل مع المشاهد كأنه قاصر، وتختلق المواقف التي يراد منها الهزل، فتسقط في نهاية المطاف في الابتذال والسوقية أحيانا. ويردف الوافي سببا آخر يتمثل في خلو هذه الإنتاجات الرمضانية من أي تخييل أو مخاطبة للذاكرة وللثقافة العربية الإسلامية، واعتمادها على عوامل لا علاقة لها بما هو فني، بل بما هو "بيزنس" فقط. وهناك سبب آخر يتجلى، وفق الوافي، في "السرعة في الإنجاز والاعتماد على الارتجال في تحضير المسلسلات المغربية الرمضانية، الشيء الذي يفيد غياب رؤية ثقافية وفنية لدى القائمين على البرمجة"، بحسب تعبير الوافي. ويرى الوافي أن مشاهدة الإنتاجات الرمضانية سواء في التلفزة المغربية أو في القنوات العربية الأخرى تتحكم فيها عوامل عدة منها الوسط العائلي الذي يروج لمسلسل معين باعتباره يحظى بالقبول والجودة، ومن ثم بالمتابعة المكثفة من طرف الأسرة. ومن العوامل الأخرى التي قد تتحكم في مسألة مشاهدة الأعمال التلفزيونية الرمضانية عملية نقل المعلومة من خلال القيل والقال من طرف المشاهدين، والتي تلعب دورا هاما في الإقبال على مشاهدة مادة تلفزيونية محددة بعينها دون غيرها. لكن بغض النظر عن هذه المعطيات، يرى الوافي أن هجرة المشاهد المغربي إلى قنوات عربية أخرى لمشاهدة أعمال مصرية وسورية بالخصوص صارت واقعا قائما بذاته، وأمرا مألوفا بسبب أن التلفزة المغربية لم تستطع إيجاد البديل لما تقدمه من مسلسلات وسيتكومات تدعي أنها تؤدي مهمة الكوميديا والفكاهة. واستطرد الناقد: بسبب تكرار نفس الوجوه و المضامين المبتذلة بطرق مختلفة في الإنتاجات الرمضانية المحلية، أضحى المشاهد المغربي مُحبطا ويائسا لا ينتظر أي جديد من طرف التلفزة المغربية. وقال الوافي "إن هناك ما يشبه التطبيع النفسي بين جمهور المشاهدين وبين الإنتاجات الرمضانية المحلية رغم مستواها المتدني فنيا، لكن هذا الجمهور أيضا لا يتوانى في استخدام جهاز التحكم للبحث عن إنتاجات رمضانية أكثر جودة شكلا ومضمونا". وشدد المتحدث على أنه "لا يمكن أن نُجبر المشاهد المغربي على مشاهدة المسلسلات المحلية في رمضان مهما كان مستواها بدعوى أنه يساهم في تشجيع الإنتاج الوطني، لكون هذا الأمر صار مُتجاوزا، فمن حق المشاهد أن يشاهد إنتاجات رمضانية مغايرة يرى أنها تلبي طموحاته أو تساوي رغباته"، حسب تعبير الوافي.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة