دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
للمرة الأولى في تاريخ إسرائيل عجزت الرقابة العسكرية، عن منع نشر شهادة تبين أن وزير الدفاع أثناء حرب تشرين، العام 1973 موشي ديان طالب «بإعداد الخيار النووي أيضاً»، وذلك لأن «الوضع بالغ السوء». وكانت الشهادات السابقة تتحدث بشكل إيحائي عن إعداد السلاح غير التقليدي الإسرائيلي من دون استخدام هذا التعبير في إطار الحفاظ على سياسة الغموض النووي التي تقوم على مبدأ عدم الإقرار بامتلاك هذا السلاح.
وستنشر هذه الشهادة اليوم في صحيفة «يديعوت أحرنوت» بعد يوم من نشرها في الولايات المتحدة على لسان أرنون عزرياهو، الذي كان أقرب مساعدي وزير الدولة إسرائيل جليلي، الأقرب وقتها من رئيسة الحكومة غولدا مئير.
وتشير الشهادة، وفق المعلق الأمني في «يديعوت» رونين بيرغمان إلى أنه ظهيرة يوم الأحد السابع من تشرين أول العام 1973، وهو اليوم الثاني للحرب، عقد في مقر وزارة الدفاع في تل أبيب، «هكرياه»، اجتماع حاسم. وقد انتظر وزير الدفاع موشي ديان خروج رئيس الأركان الجنرال دافيد ألعازار من الغرفة، وقبل أن يخرج الباقون، اقترب منهم واضعاً يده على الباب. وألقى ما يشبه القنبلة أمام الحاضرين وعلى رأسهم رئيسة الحكومة قائلاً «فكرت، ولأن الوضع بالغ السوء... ينبغي لنا أن نعد لإظهار الخيار النووي أيضاً».
وبحسب بيرغمان، فإن هذا الاقتراح المثير، الذي قاد إلى مواجهة في القيادة الإسرائيلية يظهر في شهادة تكشف للمرة الأولى، كيف درست إسرائيل احتمال الاستخدام التظاهري للسلاح النووي. وهذه شهادة عزرياهو، الذي كان المساعد الأقرب للوزير الأقوى في حكومة مئير، إسرائيل جليلي. وتنشر الشهادة في معهد «وودرو ويلسون» في واشنطن كجزء من نشر أرشيف المقابلات التي أجراها الباحث الإسرائيلي المقيم في أميركا أفنير كوهين، الذي أرخ المشروع النووي الإسرائيلي، وتعرض لملاحقات من جانب المؤسسة الأمنية في الدولة العبرية.
وتشير «يديعوت» التي ستنشر الشهادة اليوم، أن الصحافة الأجنبية نشرت مراراً شهادات غير مباشرة عن الزاوية النووية للحرب الإسرائيلية الأقسى. وهذه هي المرة الأولى التي تنشر فيها شهادة شاملة، بالاقتباس، من مقابلة مسجلة بالفيديو، لشخصية رفيعة المستوى كانت شاهدة على اتخاذ القرارات في تلك الأيام. وبسبب نشر الشهادة في الولايات المتحدة، فإن الرقابة العسكرية الإسرائيلية لا تستطيع منع نشرها في إسرائيل.
وكانت «يديعوت» نفسها قد كشفت النقاب قبل حوالي ثلاثة أسابيع، وبانتظار الذكرى الأربعين لحرب «يوم الغفران»، يوميات قائد الجبهة الجنوبية في الحرب الجنرال حاييم بارليف، الذي روى أنه سمع من غولدا مئير أن ديان اقترح استخدام سلاح غير تقليدي. وحينها كانت الرقابة تحظر الإشارة إلى أن هذا السلاح كان نووياً. وكان ديان قد عاد قبل هذا اللقاء من جولة في الجبهة الجنوبية في وضع نفسي بائس جداً. يومها عرض رئيس الأركان دافيد العازار تقارير من الجبهات توضح الوضع القاسي الذي تعيشه القوات الإسرائيلية والذي كان الأخطر منذ حرب العام 1948.
وبحسب الشهادة، فإنه بعدما أنهى ألعازار شهادته، انتظر ديان خروجه وإغلاق الباب خلفه، فهب من مكانه وكأنه سيغادر لكنه توقف فجأة. وبحسب شهادة عزرياهو «وصل ديان إلى الباب وأمسك بمقبضه وقال: نعم، الأساس أنني نسيت، إنني أفكر أنه بسبب الوضع، ونحن استمعنا الآن طوال نصف ساعة لألعازار، والوضع بالغ السوء، لذلك يجدر بنا، ولأنه لن يتوفر لنا الكثير من الوقت والكثير من الخيارات، يجدر بنا أن نعد الخيار النووي للتظاهر أيضاً».
ووفق تقدير البروفيسور أفنير كوهين، فإن ديان «أمر بإعداد تفجير نووي يجسد قدرات دولة إسرائيل، من أجل ردع سوريا ومصر عن مواصلة الحرب». ويقول كوهين إن ديان استخدم فعلياً صلاحياته كوزير للدفاع من أجل إصدار الأوامر ببدء التحضيرات لاستخدام السلاح النووي، وطلب من الهيئة الوزارية الإذن لمواصلة هذه الخطوات.
ويقول عزرياهو في شهادته «لذلك فإن ديان قال: من أجل ألا نضيع الوقت، قررت حتى قبل حضوري إلى هنا استدعاء شلهيبت فراير (مدير عام لجنة الطاقة النووية). وهو ينتظر خارج الغرفة. وهو يعرف أنه ينتظر في الخارج. وإذا صادقت على الأمر فإنه سيفعل الاجراءات المطلوبة، بحيث إذا قررنا العمل، نستطيع خلال دقائق العمل، وليس أن نقضي نصف يوم حينها في تجريب كل الاستعدادات المطلوبة للمسألة».
ويقول عزرياهو في المقابلة لكوهين «أنت تفهم، لقد انتظر أن يخرج ألعازار. وكان بوسعه أن يبدأ الكلام منذ بداية الحديث. انتظر حتى النهاية، إلى أن خرج ألعازار. فقد أراد إضفاء قدر من عدم الأهمية على الأمر، لأنه مجرد تحضير، ... وربما ظن أن ألعازار كان سيعارض ذلك. وفضل أن يعرض المسألة، وكأنها شأن ثانوي ولكي لا يبدو الأمر مثيراً وحينها تخلق مشكلة».
ويضيف عزرياهو أن كلام ديان أثار عاصفة في القيادة السياسية. وبحسب كلامه «اشتعل الوزير يجئال ألون وكذلك جليلي. وقفا وعارضا الأمر وقالا إن بوسعنا الصمود وإيقاف الهجوم، وأن قواتنا الاحتياطية في الطريق إلى هضبة الجولان، وأن موازين القوى ستتغير بسرعة كبيرة ولا حاجة لإثارة الذعر، والمهم أننا إذا فعلنا ذلك، فهذه نهاية المسألة».
ويشير عزرياهو إلى أن «غولدا بعدما سمعت الكلام، اتخذت قرارها وقالت لديان: إنس الأمر. استخدمت تعبير انس. كما أن جليلي قال له إنس الأمر، سوف نحارب بالسلاح التقليدي، من دون إشراك جهات أخرى، مباشرة أو بطريقة غير مباشرة. وجليلي قال لي إن ديان كان يقول كل هذا الكلام وهو يمسك مقبض الباب وكأنه حديث عابر».
ويضيف عزرياهو أن «جليلي كان خصماً سياسياً لديان، ولم يكن لديه ثقة بأنه سينفذ تعليمات غولدا وسيلغي حالة التأهب النووي، وأراد أن يسمع غولدا تقول هذا الكلام لمسؤول اللجنة النووية، فراير، بنفسها لذلك حرص على إدخاله إلى الغرفة».
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة