نشرت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية تحليلاً كتبه الباحث والمحلل البريطاني المعروف اليستر كروك يقول فيه ان استراتيجية دول الخليج الرامية الى تقويض ايران وسورية باتت ممزقة،بالنظر الى ان الغرب صار مستعداً للتفاهم مع طهران بشأن برنامجها النووي والعقوبات ولكون دمشق قد تجنبت ضربة عسكرية اميركية.

ويقول الكاتب "يا له من تحول غريب في الاحداث: من حافة تدخل عسكري وشيك في سورية كان يمكن ان يتسبب في صراع اقليمي اوسع نطاقاً، انتقلنا الى واحدة من "نقاط الانعطاف" النادرة تلك بخصوص ايران، وهو انعطاف يبدو حافلاً بالامكانات المحتملة، بما في ذلك (التوصل الى) حل في سورية. وبالطبع فان مثل نقاط الانعطاف تلك يمكن ان تميل إما نحو حلول جديدة او نحو مرحلة جديدة من الصراع".

ويضيف " بعد حرب لبنان في 2006، اصيبت المملكة العربية السعودية برعب جديد من الشعبية المتنامية لايران وحزب الله ضمن شوارعها وبدا ان الاسلام الثوري يكسب اليد الطولى"

ويضيف "اخيراً جاءت القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة الى دول الخليج: اندلاع الثَوَران العربي في 2011، مع ازدرائه الواضح للسلطة القائمة. وقررت دول الخليج عمل كل ما يجب عمله لوقف ايران وتيارات التفكير الجديدة (مثل نهوض الاخوان المسلمين). وبدا ان بقاءهم على قيد الحياة معتمد على ذلك. وصارت الاطاحة بالرئيس بشار الاسد علانيةً حجر الزاوية في هذه الاستراتيجية لمواجهة ايران".

ويرأى الكاتب أن " استراتيجية الاحتواء باشعال "انتفاضة" سنية ضد النفوذ الشيعي قد انهارت، بينما يستوعب ملوك الخليج اهمية تحول موقف باراك اوباما التام بشأن سورية والانفتاح على ايران".

ويقول "الامر الذي جعل المسألة مؤلمة الى هذا الحد هو ان اوباما لم يكن وحده الذي حول موقفه، فقد تغير الموقف السابق للنظام الاميركي برمته (الجمهور والكونغرس). وقد مثل هذا ميلاناً استراتيجياً مفاجئاً. اذ سيبقى الرئيس الاسد، وايران لن تتفكك وانما ستخرج اقوى.

 

ويضيف " رأينا الكثير من القرقعة بالسلاح من جانب زعماء الخليج نتيجة لذلك. انهم يهددون بالبقاء صامدين في القضية – على الرغم من "ضعف" الولايات المتحدة" – مصممين على اعادة تشكيل الشرق الاوسط وفقاً لصورتهم السلطوية"

ويشرح " من الواضح ان هذا ضرب من الخيال (على الرغم من انتصارهم المكلف في مصر). والامر الذي يبرز الآن (كما حصل قبل ثلاثة عقود في افغانستان) من استنهاضهم للاسلام السني، هو التطرف وليس الاعتدال – والصراع في ما بين السنة".

ويستطرد الكاتب " ان الاستراتيجية الخليجية في سورية ايضاً صارت ممزقة: فطموحاتها لا تنجح ميدانياً، ويبدو – وهذا من الامور المتناقضة – ان الامكانية الوشيكة لتدخل عسكري اميركي في سورية اوجدت انقساماً ضمن المعارضة السورية".

ويتابع "خشيت الجماعات الجهادية من انها ستكون المستهدفة الاولى بهجمات اميركية - كمقدمة لجعل الغرب الجيش الحر مثل نسخة عن مجالس الصحوة السنية في العراق – لدرجة ان ان اقتتالاً دموياً لبضعة ايام بين فصائل المعارضة اعقب ذلك".

ويستنتج الكاتب أنه " حصل - نتيجة لذلك (القتال) - مزيداً من التطرف لدى الجماعات الجهادية، لدرجة ان 13 من اقوى الفصائل، بقيادة جبهة النصرة، ترفض الآن كلياً قيادة جماعة المعارضة المدعومة من الغرب، واعلنت بدلاً من ذلك التزامها بالشريعة".ويتساءل"من يمكن ان يقال انه يمثل المعارضة الآن؟".

ويقول الكاتب البريطاني " في الخليج، يمكن توقع الغضب والاستياء من مجرى الاحداث هذا"، ويتساءل "لكن الى اي مدى تستطيع هذه الانظمة الملكية واقعياً الخروج من الفلك الغربي، التي هي مرتبطة به من نواح كثيرة؟".

ويتابع " ان نقطة الانعطاف هذه توفر في نهاية الامر الفرصة لالغاء ذلك الميل السابق نحو الصراع. ذلك ان ايران تعطي اشارات الى استعدادها لمساعدة المملكة العربية السعودية في اجراء الانتقال الضروري، وهو ما يشهد عليه بوضوح تعيين الاميرال علي شمخاني – المعروف جيداً عند الملك عبد الله لوساطته السابقة – مستشاراً للأمن القومي".

ويختم الكاتب بمقولة لأحد الدبلوماسسين السابقين: "الفرس والشيوخ"  .. يتشاجرون طوال الوقت. ولكن بوسعهم ان يتصالحوا ايضاً من دون مساعدة احد من الخارج". واذا اثمرت هذه المبادرة، فان من المرجح ان تكون سوريا جزءأ من تلك (المصالحة)".

  • فريق ماسة
  • 2013-09-30
  • 14506
  • من الأرشيف

ذي غارديان: استراتيجية دول الخليج ضد سورية انهارت بعد انفتاح واشنطن على طهران

نشرت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية تحليلاً كتبه الباحث والمحلل البريطاني المعروف اليستر كروك يقول فيه ان استراتيجية دول الخليج الرامية الى تقويض ايران وسورية باتت ممزقة،بالنظر الى ان الغرب صار مستعداً للتفاهم مع طهران بشأن برنامجها النووي والعقوبات ولكون دمشق قد تجنبت ضربة عسكرية اميركية. ويقول الكاتب "يا له من تحول غريب في الاحداث: من حافة تدخل عسكري وشيك في سورية كان يمكن ان يتسبب في صراع اقليمي اوسع نطاقاً، انتقلنا الى واحدة من "نقاط الانعطاف" النادرة تلك بخصوص ايران، وهو انعطاف يبدو حافلاً بالامكانات المحتملة، بما في ذلك (التوصل الى) حل في سورية. وبالطبع فان مثل نقاط الانعطاف تلك يمكن ان تميل إما نحو حلول جديدة او نحو مرحلة جديدة من الصراع". ويضيف " بعد حرب لبنان في 2006، اصيبت المملكة العربية السعودية برعب جديد من الشعبية المتنامية لايران وحزب الله ضمن شوارعها وبدا ان الاسلام الثوري يكسب اليد الطولى" ويضيف "اخيراً جاءت القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة الى دول الخليج: اندلاع الثَوَران العربي في 2011، مع ازدرائه الواضح للسلطة القائمة. وقررت دول الخليج عمل كل ما يجب عمله لوقف ايران وتيارات التفكير الجديدة (مثل نهوض الاخوان المسلمين). وبدا ان بقاءهم على قيد الحياة معتمد على ذلك. وصارت الاطاحة بالرئيس بشار الاسد علانيةً حجر الزاوية في هذه الاستراتيجية لمواجهة ايران". ويرأى الكاتب أن " استراتيجية الاحتواء باشعال "انتفاضة" سنية ضد النفوذ الشيعي قد انهارت، بينما يستوعب ملوك الخليج اهمية تحول موقف باراك اوباما التام بشأن سورية والانفتاح على ايران". ويقول "الامر الذي جعل المسألة مؤلمة الى هذا الحد هو ان اوباما لم يكن وحده الذي حول موقفه، فقد تغير الموقف السابق للنظام الاميركي برمته (الجمهور والكونغرس). وقد مثل هذا ميلاناً استراتيجياً مفاجئاً. اذ سيبقى الرئيس الاسد، وايران لن تتفكك وانما ستخرج اقوى.   ويضيف " رأينا الكثير من القرقعة بالسلاح من جانب زعماء الخليج نتيجة لذلك. انهم يهددون بالبقاء صامدين في القضية – على الرغم من "ضعف" الولايات المتحدة" – مصممين على اعادة تشكيل الشرق الاوسط وفقاً لصورتهم السلطوية" ويشرح " من الواضح ان هذا ضرب من الخيال (على الرغم من انتصارهم المكلف في مصر). والامر الذي يبرز الآن (كما حصل قبل ثلاثة عقود في افغانستان) من استنهاضهم للاسلام السني، هو التطرف وليس الاعتدال – والصراع في ما بين السنة". ويستطرد الكاتب " ان الاستراتيجية الخليجية في سورية ايضاً صارت ممزقة: فطموحاتها لا تنجح ميدانياً، ويبدو – وهذا من الامور المتناقضة – ان الامكانية الوشيكة لتدخل عسكري اميركي في سورية اوجدت انقساماً ضمن المعارضة السورية". ويتابع "خشيت الجماعات الجهادية من انها ستكون المستهدفة الاولى بهجمات اميركية - كمقدمة لجعل الغرب الجيش الحر مثل نسخة عن مجالس الصحوة السنية في العراق – لدرجة ان ان اقتتالاً دموياً لبضعة ايام بين فصائل المعارضة اعقب ذلك". ويستنتج الكاتب أنه " حصل - نتيجة لذلك (القتال) - مزيداً من التطرف لدى الجماعات الجهادية، لدرجة ان 13 من اقوى الفصائل، بقيادة جبهة النصرة، ترفض الآن كلياً قيادة جماعة المعارضة المدعومة من الغرب، واعلنت بدلاً من ذلك التزامها بالشريعة".ويتساءل"من يمكن ان يقال انه يمثل المعارضة الآن؟". ويقول الكاتب البريطاني " في الخليج، يمكن توقع الغضب والاستياء من مجرى الاحداث هذا"، ويتساءل "لكن الى اي مدى تستطيع هذه الانظمة الملكية واقعياً الخروج من الفلك الغربي، التي هي مرتبطة به من نواح كثيرة؟". ويتابع " ان نقطة الانعطاف هذه توفر في نهاية الامر الفرصة لالغاء ذلك الميل السابق نحو الصراع. ذلك ان ايران تعطي اشارات الى استعدادها لمساعدة المملكة العربية السعودية في اجراء الانتقال الضروري، وهو ما يشهد عليه بوضوح تعيين الاميرال علي شمخاني – المعروف جيداً عند الملك عبد الله لوساطته السابقة – مستشاراً للأمن القومي". ويختم الكاتب بمقولة لأحد الدبلوماسسين السابقين: "الفرس والشيوخ"  .. يتشاجرون طوال الوقت. ولكن بوسعهم ان يتصالحوا ايضاً من دون مساعدة احد من الخارج". واذا اثمرت هذه المبادرة، فان من المرجح ان تكون سوريا جزءأ من تلك (المصالحة)".

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة