كشفت صحيفة "الاندبندنت" البريطانية عن مبادرة سلّمها الجيش السوري الحرّ للقيادة السورية حول إمكانية عقد محادثات بين الطرفين في مقالة للكاتب المتخصص في شؤون الشرق الأوسط روبرت فيسك قال فيها "وصل سراً إلى العاصمة السورية دمشق قبل ستة أسابيع وفد ضم مدنيين من حلب يمثلون مكونات الجيش السوري الحر" مضيفاً "أن هؤلاء وصلوا إلى دمشق بعد حصولهم على ضمانات والتقوا مسؤولاً رفيعاً في فريق الرئيس بشار الأسد".

ويتابع فيسك "خلال اللقاء عرض وفد الجيش السوري الحر مبادرة استثنائية حول إمكانية حصول محادثات بين الحكومة السورية وضباط من الجيش الحر من "المؤمنين بحلّ سوري" للحرب.

وتضمنت المبادرة أربع نقاط على الشكل التالي "ضرورة أن يكون هناك حوار سوري داخلي، ضرورة المحافظة على الممتلكات العامة والخاصة، ضرورة وضع حد وإدانة النزاع المدني، والطائفي، والعرقي، وضرورة عمل كل الأطراف باتجاه سورية ديمقراطية حيث تكون الكلمة العليا للقانون" فيما لم تسجل أي مطالبة، أقله في هذه المرحلة، برحيل الأسد.

ووفق معلومات الكاتب البريطاني فإن "الرد جاء سريعاً بأنه لا بد من حصول حوار داخل الأراضي السورية من دون أي شرط مع ضمانة رئاسية لسلامة شخصيات الجيش الحر التي ستشارك في الحوار".

ويرى فيسك أن هذا إنما يشير إلى "أن العمل جارٍ على إحراز تطور ملحوظ" لافتاً إلى أنه "في سبع مناطق حلبية يسيطر على معظمها الجيش الحر، أصبح بإمكان الموظفين المدنيين العودة إلى مكاتبهم، كذلك فإن المدارس والمؤسسات الحكومية بات بإمكانها إعادة فتح أبوابها. والطلاب الذي أصبحوا مسلحين في السنتين الماضيتين سينزع سلاحهم ويعودون إلى صفوفهم".

ويقول إن "بعض أعضاء الجيش الحر شكّلوا ما يسمّونه "الإتحاد الوطني لإنقاذ سورية، إلا أن أعضاء المعارضة السياسية في مناطق خارج سيطرة الحكومة قد عطّلوا إجتماعاته من خلال توجيه الإدانات إلى الجيش النظامي، وأيضاً من خلال إطلاق شعارات طائفية وتوجيه كلمات إدانة إلى الشيعة وإلى إيران" على حدّ ما نقل فيسك عن أعضاء منضوين في هذا الإتحاد.

ويتوقف الكاتب عند ما سجله الأسبوع الماضي من "حالات فرار من وحدات الجيش الحر للانضمام إلى جبهة النصرة المرتبطة بالقاعدة، مما تسبب بمزيد من التعقيد" متسائلاً "إذا كان الجيش الحر جاهزاً للحوار مع النظام، فكم هم المتبقون الذين سيشاركون في وضع الاتفاقيات بين الطرفين؟".

ويضيف "يستكشف المسؤولون الموالون للنظام منذ أشهر سبل كسب المنشقين إلى جانبهم من جديد، ولا شك بأن نمو جبهة النصرة وجماعات إسلامية أخرى قد خيّب آمال الآلاف من رجال الجيش الحر الذين باتوا يشعرون بأن ثورتهم ضد الحكومة قد سرقت منهم" مشيراً إلى "توقف المعارك بين الجيش الحر والجيش النظامي في مناطق من محافظة حمص، وفي بعض القرى والمدن التي تسيطر عليها الحكومة السورية، حيث ثمة تواجداً فيها لعناصر الجيش الحر ولكن من دون أن يزعجهم أحد".

ويتابع فيسك أن "مصالح الأسد باتت واضحة. فإذا تم إقناع عناصر الجيش الحر بالعودة إلى صفوف الجيش النظامي بأمان تام، ستعود عندها مناطق شاسعة يسيطر عليها الجيش الحر إلى كنف الحكومة السورية من دون الحاجة إلى إطلاق رصاصة واحدة. عندئذ سيتمكن جيش معزز بالعناصر المنشقة عنه سابقاً من توجيه بندقيه إلى جبهة النصرة وشركائها في تنظيم القاعدة باسم الوحدة الوطنية".

أما المقاتلون الإسلاميون في المعارضة السورية يضيف الكاتب فـ"هم بلا شك مصدر قلق بالنسبة لكل المنخرطين في الحرب، بالطبع ليس أقلّهم الأميركيين الذين ما زالوا مترددين بشأن تسليح المعارضة" مضيفاً "لو اتبعت الإدارة الأميركية نصيحة جون ماكين، لكان بعض الأسلحة التي كان بالإمكان تسليمها للجيش الحر، في يد جبهة النصرة اليوم بعد انضمام ثلاث وحدات من الحر إلى الإسلاميين".

يخلص الكاتب إلى أنه "في هذه الأثناء يتحول المقاتلون الإسلاميون في سورية إلى تهديد حقيقي لوجود المسيحيين هناك" لافتاً إلى الاجتماع الذي عقده أساقفة وبطاركة من كل أرجاء المنطقة في بيروت يوم الجمعة الماضي للتعبير عن أسفهم على هجرة المسيحيين الجماعية من الشرق الأوسط، حيث وصف الكاردينال اللبناني الماروني بشارة الراعي كيف أن "الربيع العربي أصبح بالنسبة للمسيحيين شتاءً، وفولاذاً، وناراً".

يتحدث فيسك كيف أن "الأساقفة كانوا منزعجين خصوصاً من الدمار الكبير الذي لحق بكنائس مدينة الرقة الرازحة اليوم تحت سيطرة جبهة النصرة، ومن هجوم هذه الجماعة على بلدة معلولا" قائلاً "لقد شاهدت بنفسي كم كان الهجوم على هذه البلدة ذات الأغلبية المسيحية شمال دمشق منحرفاً.. حطمت الصلبان في البيوت المسيحية، بيد أنه كانت للغزاة من جبهة النصرة متعة منحرفة في تدمير تلك البيوت. في أحد البيوت السفلية قاموا بتفريغ الثلاجة من الطعام وملأوها بالأحذية.."

"لا شك بأن هذا شيء يصعب على العقل استيعابه" بهذه العبارة ختم روبرت فيسك مقاله في صحيفة "الاندبندنت".

  • فريق ماسة
  • 2013-09-29
  • 3736
  • من الأرشيف

روبرت فيسك يكشف عن محادثات سرية يجريها ضباط " الجيش الحر" في دمشق لطلب المساعدة في قتال جبهة النصرة

كشفت صحيفة "الاندبندنت" البريطانية عن مبادرة سلّمها الجيش السوري الحرّ للقيادة السورية حول إمكانية عقد محادثات بين الطرفين في مقالة للكاتب المتخصص في شؤون الشرق الأوسط روبرت فيسك قال فيها "وصل سراً إلى العاصمة السورية دمشق قبل ستة أسابيع وفد ضم مدنيين من حلب يمثلون مكونات الجيش السوري الحر" مضيفاً "أن هؤلاء وصلوا إلى دمشق بعد حصولهم على ضمانات والتقوا مسؤولاً رفيعاً في فريق الرئيس بشار الأسد". ويتابع فيسك "خلال اللقاء عرض وفد الجيش السوري الحر مبادرة استثنائية حول إمكانية حصول محادثات بين الحكومة السورية وضباط من الجيش الحر من "المؤمنين بحلّ سوري" للحرب. وتضمنت المبادرة أربع نقاط على الشكل التالي "ضرورة أن يكون هناك حوار سوري داخلي، ضرورة المحافظة على الممتلكات العامة والخاصة، ضرورة وضع حد وإدانة النزاع المدني، والطائفي، والعرقي، وضرورة عمل كل الأطراف باتجاه سورية ديمقراطية حيث تكون الكلمة العليا للقانون" فيما لم تسجل أي مطالبة، أقله في هذه المرحلة، برحيل الأسد. ووفق معلومات الكاتب البريطاني فإن "الرد جاء سريعاً بأنه لا بد من حصول حوار داخل الأراضي السورية من دون أي شرط مع ضمانة رئاسية لسلامة شخصيات الجيش الحر التي ستشارك في الحوار". ويرى فيسك أن هذا إنما يشير إلى "أن العمل جارٍ على إحراز تطور ملحوظ" لافتاً إلى أنه "في سبع مناطق حلبية يسيطر على معظمها الجيش الحر، أصبح بإمكان الموظفين المدنيين العودة إلى مكاتبهم، كذلك فإن المدارس والمؤسسات الحكومية بات بإمكانها إعادة فتح أبوابها. والطلاب الذي أصبحوا مسلحين في السنتين الماضيتين سينزع سلاحهم ويعودون إلى صفوفهم". ويقول إن "بعض أعضاء الجيش الحر شكّلوا ما يسمّونه "الإتحاد الوطني لإنقاذ سورية، إلا أن أعضاء المعارضة السياسية في مناطق خارج سيطرة الحكومة قد عطّلوا إجتماعاته من خلال توجيه الإدانات إلى الجيش النظامي، وأيضاً من خلال إطلاق شعارات طائفية وتوجيه كلمات إدانة إلى الشيعة وإلى إيران" على حدّ ما نقل فيسك عن أعضاء منضوين في هذا الإتحاد. ويتوقف الكاتب عند ما سجله الأسبوع الماضي من "حالات فرار من وحدات الجيش الحر للانضمام إلى جبهة النصرة المرتبطة بالقاعدة، مما تسبب بمزيد من التعقيد" متسائلاً "إذا كان الجيش الحر جاهزاً للحوار مع النظام، فكم هم المتبقون الذين سيشاركون في وضع الاتفاقيات بين الطرفين؟". ويضيف "يستكشف المسؤولون الموالون للنظام منذ أشهر سبل كسب المنشقين إلى جانبهم من جديد، ولا شك بأن نمو جبهة النصرة وجماعات إسلامية أخرى قد خيّب آمال الآلاف من رجال الجيش الحر الذين باتوا يشعرون بأن ثورتهم ضد الحكومة قد سرقت منهم" مشيراً إلى "توقف المعارك بين الجيش الحر والجيش النظامي في مناطق من محافظة حمص، وفي بعض القرى والمدن التي تسيطر عليها الحكومة السورية، حيث ثمة تواجداً فيها لعناصر الجيش الحر ولكن من دون أن يزعجهم أحد". ويتابع فيسك أن "مصالح الأسد باتت واضحة. فإذا تم إقناع عناصر الجيش الحر بالعودة إلى صفوف الجيش النظامي بأمان تام، ستعود عندها مناطق شاسعة يسيطر عليها الجيش الحر إلى كنف الحكومة السورية من دون الحاجة إلى إطلاق رصاصة واحدة. عندئذ سيتمكن جيش معزز بالعناصر المنشقة عنه سابقاً من توجيه بندقيه إلى جبهة النصرة وشركائها في تنظيم القاعدة باسم الوحدة الوطنية". أما المقاتلون الإسلاميون في المعارضة السورية يضيف الكاتب فـ"هم بلا شك مصدر قلق بالنسبة لكل المنخرطين في الحرب، بالطبع ليس أقلّهم الأميركيين الذين ما زالوا مترددين بشأن تسليح المعارضة" مضيفاً "لو اتبعت الإدارة الأميركية نصيحة جون ماكين، لكان بعض الأسلحة التي كان بالإمكان تسليمها للجيش الحر، في يد جبهة النصرة اليوم بعد انضمام ثلاث وحدات من الحر إلى الإسلاميين". يخلص الكاتب إلى أنه "في هذه الأثناء يتحول المقاتلون الإسلاميون في سورية إلى تهديد حقيقي لوجود المسيحيين هناك" لافتاً إلى الاجتماع الذي عقده أساقفة وبطاركة من كل أرجاء المنطقة في بيروت يوم الجمعة الماضي للتعبير عن أسفهم على هجرة المسيحيين الجماعية من الشرق الأوسط، حيث وصف الكاردينال اللبناني الماروني بشارة الراعي كيف أن "الربيع العربي أصبح بالنسبة للمسيحيين شتاءً، وفولاذاً، وناراً". يتحدث فيسك كيف أن "الأساقفة كانوا منزعجين خصوصاً من الدمار الكبير الذي لحق بكنائس مدينة الرقة الرازحة اليوم تحت سيطرة جبهة النصرة، ومن هجوم هذه الجماعة على بلدة معلولا" قائلاً "لقد شاهدت بنفسي كم كان الهجوم على هذه البلدة ذات الأغلبية المسيحية شمال دمشق منحرفاً.. حطمت الصلبان في البيوت المسيحية، بيد أنه كانت للغزاة من جبهة النصرة متعة منحرفة في تدمير تلك البيوت. في أحد البيوت السفلية قاموا بتفريغ الثلاجة من الطعام وملأوها بالأحذية.." "لا شك بأن هذا شيء يصعب على العقل استيعابه" بهذه العبارة ختم روبرت فيسك مقاله في صحيفة "الاندبندنت".

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة