قبل حوالي العام من استفاقة العالم على صور قتل السوريين بهجوم كيميائي على نطاق واسع، كانت سامنتا باور تدفع الرئيس الأميركي باراك أوباما بصمت نحو تنفيذ ضربة عسكرية لسورية ، لوقف ما تسميه "التكتيكات البشعة" التي يستعملها الرئيس السوري بشار الأسد. وفي لحظة ما خلال أيلول الحالي بدا كأنها انتصرت.

على باور، اليوم وهي أحد المستشارين السابقين في مجلس الأمن، والمراسلة الحربية السابقة التي ولدت في أيرلندا، قيادة مفاوضات السلام في دورها الجديد كمندوبة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة. قرار أوباما المفاجئ بعدم استخدام القوة في سوريا وضع باور وسط مفاوضات للتوصل إلى قرار داخل الأمم المتحدة، عبر مجلس الأمن، يفرض إزالة الترسانة الكيميائية السورية بحلول منتصف العام 2014.

ستكون باور تحت الأضواء، في ظهورها الديبلوماسي الأول مع مشاركة أوباما في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. المرأة المعروفة بقربها من الرئيس الأميركي ستقود فريق التفاوض الذي سيتولى المهمة الصعبة في التفاهم مع الروس، رعاة السوريين، الذين رفضوا الإشارة إلى استعمال القوة في سوريا في حال عدم تجاوب الرئيس بشار الأسد.

وحتى مؤيدو باور يتساءلون عن مدى قدرتها على أداء هذه المهمة، وهي ستعمل جنبا إلى جنب مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري على إيجاد الحل، ولكن دورها سيكون مركزيا لأنه سيساعد في تحديد المسار الأميركي المقبل في سورية.

ويقول عميد كلية دراسات السلام في جامعة سان دييغو المستشار السابق في الأمم المتحدة إدوارد لوك أن "غالبية الديبلوماسيين الذين قضوا 40 عاما في المهنة لم يحصلوا على هذه الفرصة لخلق تغيير معين في مثل هذه اللحظات الدقيقة". ويضيف "المخاطر في أعلى مستوياتها الآن".

وشوهدت باور الأسبوع الماضي تتنقل داخل أروقة الأمم المتحدة مع مساعديها وكأنها استدعيت على عجل، خلال الاستعدادات للجمعية العامة. وبتعليقات بسيطة تهربت باور من أسئلة المراسلين حول كيفية التعامل مع العناد الروسي في مسألة استعمال القوة في حال عدم رضوخ الأسد. وأجابت باور، بلغة أقرب إلى الأسلوب المكتبي الذي كانت تستعمله عندما عملت كاتبة في مجلة "نيويوركر"، قائلة "نحن مصممون على الوصول إلى قرارات ملزمة وقابلة للتنفيذ".

وخلال السنتين والنصف الماضيتين لم تستطع باور، التي لعبت دورا أساسيا في هندسة التدخل الأميركي في ليبيا في العام 2011، حث أوباما على القيام بالمثل في سوريا، حتى بعد الحصول على عدد قليل من الأدلة حول استعمال السلاح الكيميائي في سوريا هذا العام.

ويقول أحد المقربين من أوباما إن باور كانت تناصر عملا عسكريا في سوريا منذ نهاية العام الماضي، لكن الهجوم بالاسلحة الكيميائية على غوطة دمشق في 21 آب الماضي، والذي تقول الاستخبارات الأميركية إنه قتل 1400 شخص ثلثهم من الأطفال، وضع الأمر مجددا على أجندة أوباما.

ويضيف المصدر "لم أعتقد أنها ظنت يوما بأنه سيتم التقرير بالمسائل على طريقتها، ولكنها أرادت العمل إلى جانب رئيس يستطيع أخذ كل الإجراءات لوقف الفظائع الجماعية".

باور كانت في ايرلندا عند وقوع الهجوم، وطالبت باجتماع عاجل لمجلس الأمن الدولي، مدركة أنها لن تستطيع العودة في الوقت المناسب، وفوّتت الاجتماع، ما عرّضها لانتقادات لاذعة. فقطعت رحلتها وعادت بعد يومين. كما أنها واصلت هجومها على الحكومة السورية، عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، قائلة "التقارير تشير إلى مقتل مئات الأشخاص في الطرق، بينهم أطفال بواسطة أسلحة كيميائية"، مضيفة "على الأمم المتحدة التحرك بسرعة، واذا كان ذلك صحيحا فعلى المجرمين مواجهة العدالة".

في الأول من آب الماضي تم قبول باور في وظيفتها الجديدة بغالبية 87 صوتا في مجلس الشيوخ، في ظل تحفظ البعض حول موقف أدلت به من الصراع العربي - الإسرائيلي في العام 2002، حيث عبرت عن رؤيتها للحل بأنه "يتطلب تضافر جهود سياسية وموارد مالية"، ما ترك وقتها لدى السناتور الجمهوري عن فلوريدا ماركو روبيو ما أسماه بملاحظات مثيرة للريبة حول مواقفها من هذه القضية، وما أشعر اليسار المناهض للحرب بالخيانة بسبب موقفها المتشدد.

وتعبر باور عن اعتراضها على الموقف الروسي من الصراع السوري، قائلة أن "روسيا تستمر في أخذ مجلس الأمن كرهينة".

وفي الوقت الذي قرر فيه أوباما مطلع ايلول طلب موافقة الكونغرس على توجيه ضربة عسكرية لسوريا، كانت باور تلقي خطابا في أحد المراكز الأميركية تؤكد فيه أن عدم التحرك تجاه سوريا "سيعطي ضوءا أخضر للاعتداءات المتكررة التي ستهدد أمننا وتطارد ضمائرنا".

هذا الشعور نابع من مشاهدات باور لفظائع انتهاك حقوق الإنسان. فقد جالت باور سابقا في إقليم دارفور السوداني في العام 2004، كما أنها غطت انتهاكات حقوق الإنسان في البوسنة عند عملها كصحافية.

وتقول المسؤولة السابقة في وزارة الخارجية الأميركية آن ماري سلوتر، التي تعرف باور جيدا، أن "سامنتا شخص يؤمن بشدة أن القوة الأميركية نابعة من قيمنا بقدر قوتنا العسكرية، وكلما عملنا وفقا لقيمنا في هذا العالم، نقوم بتعزيز قدرتنا على القيادة".

لكن المراسلة، التي خاطرت بحياتها ذات مرة في البلقان وواجهت المسؤولين في إدارة الرئيس الاسبق بيل كلينتون بسبب احتساء المشروبات حتى وقت متأخر من الليل، أصبح لديها سائق، وتدابير أمنية وموظفين للأعمال المنزلية. وتعيش في مقر إقامة السفراء في فندق "والدورف استوريا" مع زوجها كاس سانشتاين، أستاذ القانون في جامعة هارفرد وكبير الموظفين السابق في إدارة أوباما، وطفلاهما.

(عن "نيويورك تايمز" بتصرف)

  • فريق ماسة
  • 2013-09-24
  • 14562
  • من الأرشيف

سامنتا باور المناصرة للحرب تتفاوض الآن للتسوية السورية

قبل حوالي العام من استفاقة العالم على صور قتل السوريين بهجوم كيميائي على نطاق واسع، كانت سامنتا باور تدفع الرئيس الأميركي باراك أوباما بصمت نحو تنفيذ ضربة عسكرية لسورية ، لوقف ما تسميه "التكتيكات البشعة" التي يستعملها الرئيس السوري بشار الأسد. وفي لحظة ما خلال أيلول الحالي بدا كأنها انتصرت. على باور، اليوم وهي أحد المستشارين السابقين في مجلس الأمن، والمراسلة الحربية السابقة التي ولدت في أيرلندا، قيادة مفاوضات السلام في دورها الجديد كمندوبة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة. قرار أوباما المفاجئ بعدم استخدام القوة في سوريا وضع باور وسط مفاوضات للتوصل إلى قرار داخل الأمم المتحدة، عبر مجلس الأمن، يفرض إزالة الترسانة الكيميائية السورية بحلول منتصف العام 2014. ستكون باور تحت الأضواء، في ظهورها الديبلوماسي الأول مع مشاركة أوباما في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. المرأة المعروفة بقربها من الرئيس الأميركي ستقود فريق التفاوض الذي سيتولى المهمة الصعبة في التفاهم مع الروس، رعاة السوريين، الذين رفضوا الإشارة إلى استعمال القوة في سوريا في حال عدم تجاوب الرئيس بشار الأسد. وحتى مؤيدو باور يتساءلون عن مدى قدرتها على أداء هذه المهمة، وهي ستعمل جنبا إلى جنب مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري على إيجاد الحل، ولكن دورها سيكون مركزيا لأنه سيساعد في تحديد المسار الأميركي المقبل في سورية. ويقول عميد كلية دراسات السلام في جامعة سان دييغو المستشار السابق في الأمم المتحدة إدوارد لوك أن "غالبية الديبلوماسيين الذين قضوا 40 عاما في المهنة لم يحصلوا على هذه الفرصة لخلق تغيير معين في مثل هذه اللحظات الدقيقة". ويضيف "المخاطر في أعلى مستوياتها الآن". وشوهدت باور الأسبوع الماضي تتنقل داخل أروقة الأمم المتحدة مع مساعديها وكأنها استدعيت على عجل، خلال الاستعدادات للجمعية العامة. وبتعليقات بسيطة تهربت باور من أسئلة المراسلين حول كيفية التعامل مع العناد الروسي في مسألة استعمال القوة في حال عدم رضوخ الأسد. وأجابت باور، بلغة أقرب إلى الأسلوب المكتبي الذي كانت تستعمله عندما عملت كاتبة في مجلة "نيويوركر"، قائلة "نحن مصممون على الوصول إلى قرارات ملزمة وقابلة للتنفيذ". وخلال السنتين والنصف الماضيتين لم تستطع باور، التي لعبت دورا أساسيا في هندسة التدخل الأميركي في ليبيا في العام 2011، حث أوباما على القيام بالمثل في سوريا، حتى بعد الحصول على عدد قليل من الأدلة حول استعمال السلاح الكيميائي في سوريا هذا العام. ويقول أحد المقربين من أوباما إن باور كانت تناصر عملا عسكريا في سوريا منذ نهاية العام الماضي، لكن الهجوم بالاسلحة الكيميائية على غوطة دمشق في 21 آب الماضي، والذي تقول الاستخبارات الأميركية إنه قتل 1400 شخص ثلثهم من الأطفال، وضع الأمر مجددا على أجندة أوباما. ويضيف المصدر "لم أعتقد أنها ظنت يوما بأنه سيتم التقرير بالمسائل على طريقتها، ولكنها أرادت العمل إلى جانب رئيس يستطيع أخذ كل الإجراءات لوقف الفظائع الجماعية". باور كانت في ايرلندا عند وقوع الهجوم، وطالبت باجتماع عاجل لمجلس الأمن الدولي، مدركة أنها لن تستطيع العودة في الوقت المناسب، وفوّتت الاجتماع، ما عرّضها لانتقادات لاذعة. فقطعت رحلتها وعادت بعد يومين. كما أنها واصلت هجومها على الحكومة السورية، عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، قائلة "التقارير تشير إلى مقتل مئات الأشخاص في الطرق، بينهم أطفال بواسطة أسلحة كيميائية"، مضيفة "على الأمم المتحدة التحرك بسرعة، واذا كان ذلك صحيحا فعلى المجرمين مواجهة العدالة". في الأول من آب الماضي تم قبول باور في وظيفتها الجديدة بغالبية 87 صوتا في مجلس الشيوخ، في ظل تحفظ البعض حول موقف أدلت به من الصراع العربي - الإسرائيلي في العام 2002، حيث عبرت عن رؤيتها للحل بأنه "يتطلب تضافر جهود سياسية وموارد مالية"، ما ترك وقتها لدى السناتور الجمهوري عن فلوريدا ماركو روبيو ما أسماه بملاحظات مثيرة للريبة حول مواقفها من هذه القضية، وما أشعر اليسار المناهض للحرب بالخيانة بسبب موقفها المتشدد. وتعبر باور عن اعتراضها على الموقف الروسي من الصراع السوري، قائلة أن "روسيا تستمر في أخذ مجلس الأمن كرهينة". وفي الوقت الذي قرر فيه أوباما مطلع ايلول طلب موافقة الكونغرس على توجيه ضربة عسكرية لسوريا، كانت باور تلقي خطابا في أحد المراكز الأميركية تؤكد فيه أن عدم التحرك تجاه سوريا "سيعطي ضوءا أخضر للاعتداءات المتكررة التي ستهدد أمننا وتطارد ضمائرنا". هذا الشعور نابع من مشاهدات باور لفظائع انتهاك حقوق الإنسان. فقد جالت باور سابقا في إقليم دارفور السوداني في العام 2004، كما أنها غطت انتهاكات حقوق الإنسان في البوسنة عند عملها كصحافية. وتقول المسؤولة السابقة في وزارة الخارجية الأميركية آن ماري سلوتر، التي تعرف باور جيدا، أن "سامنتا شخص يؤمن بشدة أن القوة الأميركية نابعة من قيمنا بقدر قوتنا العسكرية، وكلما عملنا وفقا لقيمنا في هذا العالم، نقوم بتعزيز قدرتنا على القيادة". لكن المراسلة، التي خاطرت بحياتها ذات مرة في البلقان وواجهت المسؤولين في إدارة الرئيس الاسبق بيل كلينتون بسبب احتساء المشروبات حتى وقت متأخر من الليل، أصبح لديها سائق، وتدابير أمنية وموظفين للأعمال المنزلية. وتعيش في مقر إقامة السفراء في فندق "والدورف استوريا" مع زوجها كاس سانشتاين، أستاذ القانون في جامعة هارفرد وكبير الموظفين السابق في إدارة أوباما، وطفلاهما. (عن "نيويورك تايمز" بتصرف)

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة