وجهت دمشق وموسكو، أمس، سهام التشكيك إلى تقرير المفتشين الدوليين بشأن الهجوم الكيميائي على غوطة دمشق في 21 آب الحالي، ما يبدو أنه استباق لإمكانية استخدام واشنطن وباريس ولندن له لممارسة ضغط إضافي على دمشق، مع مواصلة الإدارة الأميركية التهويل بإبقاء الخيار العسكري إذا لم تطبق السلطات السورية الاتفاق الروسي – الأميركي بشأن إزالة ترسانتها الكيميائية.

وأعلن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أن بلاده ستسلم الأمم المتحدة «أدلة تقنية» على ارتكاب المعارضة السورية الهجوم الكيميائي، وأن المحققين تجاهلوا الأدلة التي قدّمتها لهم دمشق، وذلك بعد ساعات على لقائه الرئيس السوري بشار الأسد الذي رحب بالدور الروسي المتنامي بما «يبعث الأمل بإمكانية رسم خريطة جديدة للتوازن العالمي»، وهو ما رد عليه المسؤول الروسي بالقول أن «سورية باتت أولوية روسية».

ميدانياً، انفجر الوضع قرب الحدود التركية بشكل كبير، مع اقتحام مسلحين تابعين لتنظيم «القاعدة» بلدة إعزاز وسيطرتهم عليها، بعد اندلاع قتال مع مسلحين من «لواء عاصفة الشمال» التابع لـ«الجيش الحر»، فيما تمكّن المسلحون الأكراد من السيطرة على بلدة قريبة من مدينة رأس العين قرب الحدود التركية أيضاً خلال اشتباك مع مجموعات من المسلحين «الجهاديين».

أوباما وهايغل

ودافعت الإدارة الأميركية عن اتهامها للسلطات السورية بشن الهجوم الكيميائي. وقال الرئيس الأميركي باراك أوباما «حين ننظر إلى تفاصيل الأدلة التي قدّموها ــ من غير المعقول أن يكون أي طرف آخر غير النظام قد استخدم الأسلحة الكيميائية»، معتبراً أن تقرير المفتشين ساهم في «تغيير الرأي العام الدولي» حول المسألة.

وأعلن وزير الدفاع الأميركي تشاك هايغل أن الاستعدادات العسكرية الأميركية وانتشار السفن الحربية في شرق البحر المتوسط «ستبقى على ما هي عليه» للقيام بضربات عسكرية محتملة في حال فشل الاتصالات الديبلوماسية بشأن سوريا.

وفي دمشق، قال ريابكوف، المختص بنزع الأسلحة في وزارة الخارجية، إن موسكو ستسلم الأمم المتحدة «أدلة جديدة» على ارتكاب المعارضة السورية الهجوم الكيميائي في آب الماضي، مشيراً إلى أن هذه الأدلة تنطوي على معلومات مهمة تستند «إلى حقائق تقنية لا سياسية»، مشدداً على أن «سوريا باتت أولوية روسية».

ريابكوف، الذي رفع من شأن الدلائل السورية، بعد اجتماعين الأول مع وزير الخارجية وليد المعلم والثاني مع الأسد، نوّه بأن خبراء روساً سيقومون بفحص «الأدلة» التي سلمتها دمشق له، ومقارنتها بأدلة أخرى تمتلكها موسكو، وذلك قبل ساعات فقط من إعلان وزير الخارجية سيرغي لافروف نية موسكو تسليمها للأمم المتحدة.

وفي مؤتمر صحافي في السفارة الروسية في دمشق، قال ريابكوف أن الأدلة التي تسلمها وفده من المعلم «هي وثائق تقنية ذات أهمية عالية، وليست سياسية»، مضيفاً أنها «تتضمن جداول وأرقاماً ومعادلات كيميائية وأموراً مشابهة، يجب على الخبراء الروس فحصها، كي تتم مقارنتها بدلائل أخرى». وانتقد تجاهل لجنة المحققين الدولية في تقريرها الأخير دلائل تم تقديمها في السابق من الجانب السوري.

وجدّد ريابكوف القول أن القرار الأول لمجلس الأمن الدولي الذي يدعم اتفاق التخلص من الأسلحة الكيميائية السورية يجب أن يقتصر على هذا الغرض، مؤكداً أن موسكو ستعارض أي تهديد بالقوة في المرحلة الحالية.

ووفقاً لمعلومات «السفير» سيشرف المسؤول الروسي على العملية الطويلة لنزع السلاح الكيميائي، بدءاً بعملية حصره، والمطابقة التي ستجري بإشراف مجلس الأمن، والسلطات السورية، إلى مراقبته تمهيداً لتحميله وتدميره.

ولم يكشف الجانبان كما العادة عن تفاصيل الأدلة التي قدمتها دمشق، وإن شاعت معلومات تفيد بأن صوراً تجسسية قدمت إلى الجانب الروسي مصدرها من خارج سورية، إضافة إلى تحليلات مخبرية تثبت طبيعة السلاح «البدائية»، مرفقة بمعلومات عن السلاح الذي تمّ استخدامه، والذي سرب بأنه مهرّب من ترسانة السلاح الليبية وليس السورية.

وشكر الأسد ريابكوف على مساندة روسيا لسورية في «مواجهة ما تتعرّض له من هجمة شرسة وإرهاب تكفيري تدعمه دول غربية وإقليمية وعربية»، معتبراً «أن تلك المواقف تبعث على الأمل في رسم خريطة جديدة للتوازن العالمي».

ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن ريابكوف تأكيده «ثبات الموقف الروسي من الأزمة في سوريا والقائم على ضرورة إيجاد حل سياسي والتمسك بالقوانين الدولية المتمثلة برفض استخدام القوة واحترام حق الشعوب في رسم مستقبلها»، مشيراً إلى أن «القضية السورية باتت تشكل أولوية لروسيا ومحوراً للسياسات العالمية».

وكان ريابكوف قال، لوكالة «نوفوستي»، «شعرنا بخيبة أمل. هذا اقل ما يمكن أن نقوله، من مقاربة الأمين العام ومفتشي الأمم المتحدة الذين زاروا سوريا واعدوا تقريراً غير كامل وفيه انتقاء من دون أن يأخذوا في الاعتبار ما اشرنا إليه مراراً». وأضاف «إذا لم تكن لدينا صورة كاملة عما يجري هنا، فلا يمكن إلا اعتبار النتائج التي وصل إليها مفتشو الأمم المتحدة نتائج مسيّسة ومنحازة وأحادية».

وفي لقاء آخر، يثير ذكريات حربي الولايات المتحدة على كل من العراق وأفغانستان، استقبل الأسد المحامي الجدلي والمدعي العام الأميركي الأسبق رامزي كلارك، برفقة وفد أميركي ضم أعضاء سابقين في الكونغرس وناشطين في مجال مناهضة الحروب وإعلاميين.

  • فريق ماسة
  • 2013-09-18
  • 11512
  • من الأرشيف

روسيا تلوّح بـ«أدلة تقنية»: سورية أولويتنا/ بقلم زياد حيدر

وجهت دمشق وموسكو، أمس، سهام التشكيك إلى تقرير المفتشين الدوليين بشأن الهجوم الكيميائي على غوطة دمشق في 21 آب الحالي، ما يبدو أنه استباق لإمكانية استخدام واشنطن وباريس ولندن له لممارسة ضغط إضافي على دمشق، مع مواصلة الإدارة الأميركية التهويل بإبقاء الخيار العسكري إذا لم تطبق السلطات السورية الاتفاق الروسي – الأميركي بشأن إزالة ترسانتها الكيميائية. وأعلن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أن بلاده ستسلم الأمم المتحدة «أدلة تقنية» على ارتكاب المعارضة السورية الهجوم الكيميائي، وأن المحققين تجاهلوا الأدلة التي قدّمتها لهم دمشق، وذلك بعد ساعات على لقائه الرئيس السوري بشار الأسد الذي رحب بالدور الروسي المتنامي بما «يبعث الأمل بإمكانية رسم خريطة جديدة للتوازن العالمي»، وهو ما رد عليه المسؤول الروسي بالقول أن «سورية باتت أولوية روسية». ميدانياً، انفجر الوضع قرب الحدود التركية بشكل كبير، مع اقتحام مسلحين تابعين لتنظيم «القاعدة» بلدة إعزاز وسيطرتهم عليها، بعد اندلاع قتال مع مسلحين من «لواء عاصفة الشمال» التابع لـ«الجيش الحر»، فيما تمكّن المسلحون الأكراد من السيطرة على بلدة قريبة من مدينة رأس العين قرب الحدود التركية أيضاً خلال اشتباك مع مجموعات من المسلحين «الجهاديين». أوباما وهايغل ودافعت الإدارة الأميركية عن اتهامها للسلطات السورية بشن الهجوم الكيميائي. وقال الرئيس الأميركي باراك أوباما «حين ننظر إلى تفاصيل الأدلة التي قدّموها ــ من غير المعقول أن يكون أي طرف آخر غير النظام قد استخدم الأسلحة الكيميائية»، معتبراً أن تقرير المفتشين ساهم في «تغيير الرأي العام الدولي» حول المسألة. وأعلن وزير الدفاع الأميركي تشاك هايغل أن الاستعدادات العسكرية الأميركية وانتشار السفن الحربية في شرق البحر المتوسط «ستبقى على ما هي عليه» للقيام بضربات عسكرية محتملة في حال فشل الاتصالات الديبلوماسية بشأن سوريا. وفي دمشق، قال ريابكوف، المختص بنزع الأسلحة في وزارة الخارجية، إن موسكو ستسلم الأمم المتحدة «أدلة جديدة» على ارتكاب المعارضة السورية الهجوم الكيميائي في آب الماضي، مشيراً إلى أن هذه الأدلة تنطوي على معلومات مهمة تستند «إلى حقائق تقنية لا سياسية»، مشدداً على أن «سوريا باتت أولوية روسية». ريابكوف، الذي رفع من شأن الدلائل السورية، بعد اجتماعين الأول مع وزير الخارجية وليد المعلم والثاني مع الأسد، نوّه بأن خبراء روساً سيقومون بفحص «الأدلة» التي سلمتها دمشق له، ومقارنتها بأدلة أخرى تمتلكها موسكو، وذلك قبل ساعات فقط من إعلان وزير الخارجية سيرغي لافروف نية موسكو تسليمها للأمم المتحدة. وفي مؤتمر صحافي في السفارة الروسية في دمشق، قال ريابكوف أن الأدلة التي تسلمها وفده من المعلم «هي وثائق تقنية ذات أهمية عالية، وليست سياسية»، مضيفاً أنها «تتضمن جداول وأرقاماً ومعادلات كيميائية وأموراً مشابهة، يجب على الخبراء الروس فحصها، كي تتم مقارنتها بدلائل أخرى». وانتقد تجاهل لجنة المحققين الدولية في تقريرها الأخير دلائل تم تقديمها في السابق من الجانب السوري. وجدّد ريابكوف القول أن القرار الأول لمجلس الأمن الدولي الذي يدعم اتفاق التخلص من الأسلحة الكيميائية السورية يجب أن يقتصر على هذا الغرض، مؤكداً أن موسكو ستعارض أي تهديد بالقوة في المرحلة الحالية. ووفقاً لمعلومات «السفير» سيشرف المسؤول الروسي على العملية الطويلة لنزع السلاح الكيميائي، بدءاً بعملية حصره، والمطابقة التي ستجري بإشراف مجلس الأمن، والسلطات السورية، إلى مراقبته تمهيداً لتحميله وتدميره. ولم يكشف الجانبان كما العادة عن تفاصيل الأدلة التي قدمتها دمشق، وإن شاعت معلومات تفيد بأن صوراً تجسسية قدمت إلى الجانب الروسي مصدرها من خارج سورية، إضافة إلى تحليلات مخبرية تثبت طبيعة السلاح «البدائية»، مرفقة بمعلومات عن السلاح الذي تمّ استخدامه، والذي سرب بأنه مهرّب من ترسانة السلاح الليبية وليس السورية. وشكر الأسد ريابكوف على مساندة روسيا لسورية في «مواجهة ما تتعرّض له من هجمة شرسة وإرهاب تكفيري تدعمه دول غربية وإقليمية وعربية»، معتبراً «أن تلك المواقف تبعث على الأمل في رسم خريطة جديدة للتوازن العالمي». ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن ريابكوف تأكيده «ثبات الموقف الروسي من الأزمة في سوريا والقائم على ضرورة إيجاد حل سياسي والتمسك بالقوانين الدولية المتمثلة برفض استخدام القوة واحترام حق الشعوب في رسم مستقبلها»، مشيراً إلى أن «القضية السورية باتت تشكل أولوية لروسيا ومحوراً للسياسات العالمية». وكان ريابكوف قال، لوكالة «نوفوستي»، «شعرنا بخيبة أمل. هذا اقل ما يمكن أن نقوله، من مقاربة الأمين العام ومفتشي الأمم المتحدة الذين زاروا سوريا واعدوا تقريراً غير كامل وفيه انتقاء من دون أن يأخذوا في الاعتبار ما اشرنا إليه مراراً». وأضاف «إذا لم تكن لدينا صورة كاملة عما يجري هنا، فلا يمكن إلا اعتبار النتائج التي وصل إليها مفتشو الأمم المتحدة نتائج مسيّسة ومنحازة وأحادية». وفي لقاء آخر، يثير ذكريات حربي الولايات المتحدة على كل من العراق وأفغانستان، استقبل الأسد المحامي الجدلي والمدعي العام الأميركي الأسبق رامزي كلارك، برفقة وفد أميركي ضم أعضاء سابقين في الكونغرس وناشطين في مجال مناهضة الحروب وإعلاميين.

المصدر : السفير/ زياد حيدر


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة