قبل نهاية الأسبوع الحالي، تصل سفينة الإنزال الحربية الروسية «نيكولاي فيلتشينكوف» إلى ميناء طرطوس، لتحتل مكانها بين 10 بوارج حربية، بتزامن مع الكبح الحاصل لمزاج الحرب،الذي كان وصل قبل أسبوعين إلى ساعة صفر افتراضية، دفعت المسؤولين السوريين إلى مغادرة مكاتبهم ومنازلهم ليلاً، واتباع خطة طوارئ وضعت استعداداً للعدوان.

«فيلتشينكوف» التي ربما ينزل بحارتها للتجوال في المدينة الساحلية الهادئة، ستختتم نهائياً حلقة الرعب التي عاشتها سوريا قبل العدوان، والتي يصفها مسؤول سوري بارز لـ«السفير» بـ«ساعة الذروة القصوى التي تشهدها الأزمة السورية» منذ عامين وما يزيد عن نصف العام.

«من هنا سيبدأ الانحدار»، يتفاءل المسؤول، من دون أن يعني ذلك بنظره نهاية الصراع الداخلي قريباً. القبول السوري، بالاتفاق الذي غيّر الوجهة من الانحراف نحو الهاوية، إلى فتح الآفاق السياسية المسدودة بين قطبي العالم الروسي والأميركي، حول سوريا. «ليس من شك في أن سوريا عادت مجدداً لتشكل قلب الحرب الباردة الناشئة مجدداً بين البلدين».

بين دعائم هذا الاستنتاج، الرعاية الروسية لمبادرة تسليم السلاح الكيميائي، والتي جرت بضمانة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شخصياً. ووفقاً لمصدر روسي مقرب من وزارة الدفاع الروسية، قدم بوتين «الضمانة الشخصية والضمانة الرسمية»، لأرفع مستوى قيادي سوري لتسهيل تمرير المبادرة.

حضور بوتين المؤثر في الأزمة السورية، لم يتوقف على اللحظات الأخيرة، التي أدت إلى إعلان وزير الخارجية السوري وليد المعلم قبول سوريا بالاتفاق، بل تعدت ذلك إلى اتصالات بينه وبين نظيره السوري بشار الأسد، في الأيام التي سبقت الاتفاق المبدئي، وصولاً لصباح الاثنين الماضي حين تلقى الجانب السوري تطمينات نهائية بتراجع احتمال الحرب إلى الصفر.

اتفق الجانبان على تبادل «صدّ الحرب بتسليم الكيميائي» استناداً إلى مبدأ «إبعاد الضرر الأكبر مقابل ضرر أقل». معادلة ساهم في صياغتها الإيرانيون، حين تقدموا خطوة ثقة إضافية لدى دمشق، لإقناعها بأن تسليم الترسانة الكيميائية «لا يؤثر على قدرة الردع التي لديها مع إسرائيل». نوّه الحليف الإيراني بالتجربة الذاتية في ردع العدوان، والتي تجلّت بشكلها العملي في حرب العام 2006 لدى «حزب الله» أيضاً.

من جهتها، ووفقاً لما ينقله المصدر الروسي لـ«السفير»، فإن موسكو حرصت على استعراض متلازمة من الدعم المتحفز للحرب عسكرياً، والتقليل من احتمالها سياسياً، فأرسلت ببوارجها إلى سواحل سوريا، في الوقت الذي كانت تضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق الثنائي مع واشنطن، كتأكيد على الرعاية الأمنية لسوريا، لحظة تسليمها السلاح الاستراتيجي.

ووفقاً للمصدر فإن روسيا سلمت سوريا في الفترة الأخيرة عتاداً يؤكد تمسك موسكو بأمن سوريا، بالحرص ذاته الذي تحرص فيه على الاستقرار في المنطقة. ويشكل الدعم الروسي لدمشق عامل تطمين لتستمر القيادة السورية في تأدية دورها في الصفقة من دون تردد، كما ينبع الدعم الأخير، من استنتاج روسي، ترسخ هذا العام، بأن قوة النظام القائم في دمشق، وقدرته على الصمود هي التي عززت لروسيا دورها الحالي في مواجهة الولايات المتحدة.

عودة روسيا القوية، مع الضمانات التي قدّمت لدمشق، تركت الأخيرة مطمئنة إلى أن قرار مجلس الأمن الدولي، الذي سيصدر في إطار الفصل السادس، لن يكون ذا تأثير في سير الأحداث.

ويرى المسؤول السوري أن «القرار (الذي قد يصدر) هو تتويج لاتفاق روسي - أميركي لحفظ ماء وجه الطرف الآخر»، ولا سيما الفرنسي. ويؤكد أن سوريا «لن تتيح فرصة للآخرين باستخدام هذا القرار ضدها»، مؤكداً أن قرار التخلي عن الكيميائي سيطبق من قبل دمشق «مئة في المئة».

ولا يخلو القرار المزمع من مناورة روسية أيضاً، تنوي موسكو استخدامها لتوجيه اتهامات للمعارضة في سياق مشابه، ولا سيما بعد هجوم خان العسل في ريف حلب في آذار الماضي. ويبرز الاختلاف الوحيد بين الجانبين السوري والروسي في طريقة تسويقهما للاتفاق الذي حصل، إذ ترغب دمشق في القول أن السلاح الكيميائي الذي تمتلكه ليس «سلاحاً كبيراً بالسمعة التي راجت عنه طويلاً» وإنما هو برنامج يعود لثمانينيات القرن الماضي «لم يطوّر منذ وقت طويل» وفقاً للمسؤول، و«تمّ التخلي عنه مقابل تطوير سلاح الصواريخ في التسعينيات». من جهتها، «تضخم» موسكو الترسانة السورية، وترفع من حجمها، بشكل متقارب مع التضخيم الأميركي، للإيحاء بمستوى الاتفاق الذي حصل بين القطبين العالميين.

واعتبر وزير المصالحة الوطنية السوري علي حيدر أن الاتفاق الأميركي - الروسي أتاح «تجنب الحرب» وأنه يشكل «انتصاراً لسوريا».

وحتى أمس، لم تتبين تفاصيل الصفقة السياسية التي ستلي، خصوصاً أن الجانب السوري يبقى متحفظاً على نصوص اتفاق «جنيف 1»، بانتظار نضوج «جنيف 2»، الذي سيخضع للتفاوض، تحت سقف القبول بقيادة النظام الحالي، وفقا" لصحيفة السفير اللبنانية

  • فريق ماسة
  • 2013-09-15
  • 13619
  • من الأرشيف

جملة سحرية تحرّك الحل «الكيميائي»: بوتين يقدّم الضمانة الشخصية والرسمية

قبل نهاية الأسبوع الحالي، تصل سفينة الإنزال الحربية الروسية «نيكولاي فيلتشينكوف» إلى ميناء طرطوس، لتحتل مكانها بين 10 بوارج حربية، بتزامن مع الكبح الحاصل لمزاج الحرب،الذي كان وصل قبل أسبوعين إلى ساعة صفر افتراضية، دفعت المسؤولين السوريين إلى مغادرة مكاتبهم ومنازلهم ليلاً، واتباع خطة طوارئ وضعت استعداداً للعدوان. «فيلتشينكوف» التي ربما ينزل بحارتها للتجوال في المدينة الساحلية الهادئة، ستختتم نهائياً حلقة الرعب التي عاشتها سوريا قبل العدوان، والتي يصفها مسؤول سوري بارز لـ«السفير» بـ«ساعة الذروة القصوى التي تشهدها الأزمة السورية» منذ عامين وما يزيد عن نصف العام. «من هنا سيبدأ الانحدار»، يتفاءل المسؤول، من دون أن يعني ذلك بنظره نهاية الصراع الداخلي قريباً. القبول السوري، بالاتفاق الذي غيّر الوجهة من الانحراف نحو الهاوية، إلى فتح الآفاق السياسية المسدودة بين قطبي العالم الروسي والأميركي، حول سوريا. «ليس من شك في أن سوريا عادت مجدداً لتشكل قلب الحرب الباردة الناشئة مجدداً بين البلدين». بين دعائم هذا الاستنتاج، الرعاية الروسية لمبادرة تسليم السلاح الكيميائي، والتي جرت بضمانة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شخصياً. ووفقاً لمصدر روسي مقرب من وزارة الدفاع الروسية، قدم بوتين «الضمانة الشخصية والضمانة الرسمية»، لأرفع مستوى قيادي سوري لتسهيل تمرير المبادرة. حضور بوتين المؤثر في الأزمة السورية، لم يتوقف على اللحظات الأخيرة، التي أدت إلى إعلان وزير الخارجية السوري وليد المعلم قبول سوريا بالاتفاق، بل تعدت ذلك إلى اتصالات بينه وبين نظيره السوري بشار الأسد، في الأيام التي سبقت الاتفاق المبدئي، وصولاً لصباح الاثنين الماضي حين تلقى الجانب السوري تطمينات نهائية بتراجع احتمال الحرب إلى الصفر. اتفق الجانبان على تبادل «صدّ الحرب بتسليم الكيميائي» استناداً إلى مبدأ «إبعاد الضرر الأكبر مقابل ضرر أقل». معادلة ساهم في صياغتها الإيرانيون، حين تقدموا خطوة ثقة إضافية لدى دمشق، لإقناعها بأن تسليم الترسانة الكيميائية «لا يؤثر على قدرة الردع التي لديها مع إسرائيل». نوّه الحليف الإيراني بالتجربة الذاتية في ردع العدوان، والتي تجلّت بشكلها العملي في حرب العام 2006 لدى «حزب الله» أيضاً. من جهتها، ووفقاً لما ينقله المصدر الروسي لـ«السفير»، فإن موسكو حرصت على استعراض متلازمة من الدعم المتحفز للحرب عسكرياً، والتقليل من احتمالها سياسياً، فأرسلت ببوارجها إلى سواحل سوريا، في الوقت الذي كانت تضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق الثنائي مع واشنطن، كتأكيد على الرعاية الأمنية لسوريا، لحظة تسليمها السلاح الاستراتيجي. ووفقاً للمصدر فإن روسيا سلمت سوريا في الفترة الأخيرة عتاداً يؤكد تمسك موسكو بأمن سوريا، بالحرص ذاته الذي تحرص فيه على الاستقرار في المنطقة. ويشكل الدعم الروسي لدمشق عامل تطمين لتستمر القيادة السورية في تأدية دورها في الصفقة من دون تردد، كما ينبع الدعم الأخير، من استنتاج روسي، ترسخ هذا العام، بأن قوة النظام القائم في دمشق، وقدرته على الصمود هي التي عززت لروسيا دورها الحالي في مواجهة الولايات المتحدة. عودة روسيا القوية، مع الضمانات التي قدّمت لدمشق، تركت الأخيرة مطمئنة إلى أن قرار مجلس الأمن الدولي، الذي سيصدر في إطار الفصل السادس، لن يكون ذا تأثير في سير الأحداث. ويرى المسؤول السوري أن «القرار (الذي قد يصدر) هو تتويج لاتفاق روسي - أميركي لحفظ ماء وجه الطرف الآخر»، ولا سيما الفرنسي. ويؤكد أن سوريا «لن تتيح فرصة للآخرين باستخدام هذا القرار ضدها»، مؤكداً أن قرار التخلي عن الكيميائي سيطبق من قبل دمشق «مئة في المئة». ولا يخلو القرار المزمع من مناورة روسية أيضاً، تنوي موسكو استخدامها لتوجيه اتهامات للمعارضة في سياق مشابه، ولا سيما بعد هجوم خان العسل في ريف حلب في آذار الماضي. ويبرز الاختلاف الوحيد بين الجانبين السوري والروسي في طريقة تسويقهما للاتفاق الذي حصل، إذ ترغب دمشق في القول أن السلاح الكيميائي الذي تمتلكه ليس «سلاحاً كبيراً بالسمعة التي راجت عنه طويلاً» وإنما هو برنامج يعود لثمانينيات القرن الماضي «لم يطوّر منذ وقت طويل» وفقاً للمسؤول، و«تمّ التخلي عنه مقابل تطوير سلاح الصواريخ في التسعينيات». من جهتها، «تضخم» موسكو الترسانة السورية، وترفع من حجمها، بشكل متقارب مع التضخيم الأميركي، للإيحاء بمستوى الاتفاق الذي حصل بين القطبين العالميين. واعتبر وزير المصالحة الوطنية السوري علي حيدر أن الاتفاق الأميركي - الروسي أتاح «تجنب الحرب» وأنه يشكل «انتصاراً لسوريا». وحتى أمس، لم تتبين تفاصيل الصفقة السياسية التي ستلي، خصوصاً أن الجانب السوري يبقى متحفظاً على نصوص اتفاق «جنيف 1»، بانتظار نضوج «جنيف 2»، الذي سيخضع للتفاوض، تحت سقف القبول بقيادة النظام الحالي، وفقا" لصحيفة السفير اللبنانية

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة