دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
ان لاعبي الشطرنج الذين يستشرفون ويفكرون في حركة مقبلة واحدة فقط عادة ما يخسرون، وكذلك الحال بالنسبة للرؤساء الذين يعتقدون أنهم يستطيعون إطلاق يوم أو يومين من الضربات ثم يقررون الانسحاب منتصرين، وليس ثمة عذر لتجاهل هذه الحقيقة" .
" أغفل الرئيسُ حقيقة استراتيجية أساسية: أن الحرب لعبة يشارك فيها طرفان (على الأقل). فالطرف الآخر هو الذي يقرر متى تنتهي، وليس نحن. وفي هذه الحالة، فإنه لا الحكومة السورية، ولا رعاتها الإيرانيون، ولا حلفاؤها «حزب الله» أو روسيا أو الصين، سيختارون تجاهل حملة القصف، على الأرجح."
تشكل هاتان العبارتان الخلاصة الأكثر واقعية و دقة من "إليوت إيه. كوهين" ، منذ أقل من أسبوع . فالحركة التالية على" الرقعة" السورية حاسمة لا محال . وعلى ما يبدو أن "الصاروخ - الملك" محاصر. والحركة الأمريكية التالية ستنهي اللعبة لصالح سوريا. فتحريك القوات الأمريكية في البحر الأبيض المتوسط لضرب الأحجار الخطرة عند اللاعب السوري و تعطيل منظومة دفاعه الجوي لم تعد ناجعة. فالمعلَن من القوة العسكرية السورية يجعل من كل "الخيارات" الامريكية انتحارية.
تفاقم المأزق الأمريكي بمقابل سيطرة موسكو و طهران:
الورطة حالياً متخِمة، لاسباب عديدة كثر الحديث عنها في اليومين الماضيين . الا ان ما يفاقم الأزمة الأمريكية ، تزويد المجمع الصناعي العسكري الروسي بكل شبكاته التكنولوجبية، التقنية و الاستطلاعية، بكل ما يلزم سورية من السلاح وصور الأقمار الصناعية والخبرات الاكترونية .فهو"عدوان أمريكي و ليست ضربة عسكرية " . كما حدد بيان وزارة الخارجية الروسية. وروسيا ليست بوارد خسارة سمعة مبيعات السلاح خاصتها. ولاخسارة زبونها الاستراتيجي السوري . فقد كشفت صحيفة الاندبندنت منذ أيام ، عن مصادر روسية، أن "الأسد سدد فواتير بقيمة ميليار دولار لموسكو خلال الفترة المنصرمة تكلفة أربعة أنظمة s-300 مضادة للطائرات و 550 مليون دولار ثمن 36 مقاتلة ياك-130 ."
على أن حجم المشتريات يبقى عصياً على التحديد بالشكل المطروح. المعركة في احد جوانبها معركة هيبة الصناعات العسكرية الروسية .خاصةً بعد ارتفاع الطلب عليها في معارض السلاح الدولية منها مؤخراً في معرض دبي العالمي للسلاح. والانتعاش الجديد في سوق الأسلحة الروسية كان مفتاحه الكورنيت الذي أحرز به حزب الله نقطة تفوق كاسحة في حرب تموز 2006 فكانت الحصيلة "مجزرة الميركافا" الاسرائيلية في وادي الحجير .
لكن الروس لن يكونوا وحدهم من يضخ أحدث صناعاتهم على الرقعة السورية. فقد صرح قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني، أن :" بلاد الشام معراجنا الى السماء و ستكون مقبرة الامريكيين". معطياً للالتزام الايراني تجاه سوريا بُعداً عقائدياً صرفاً. خالٍ من صبغة الاستعراض التسليحي او جلب عقود التسلح . فالصناعة العسكرية الايرانية البالستية أو غيرها، موجودة في سوريا. لكن أي أنواعها انضمت الى ترسانة دمشق ، تساؤل لا جزم في الإجابة عليه. جل ما يمكن استخلاصه هو حفظ قوة الردع من أي احتمال عدوان, شامل كان أم لبنك أهداف محدد على الامتداد الجغرافية السورية و حتى خارجها.
السلاح الروسي والايراني يحاصر كل الخطوات الأمريكية:
في أقصى حدود السيناريوهات، - دون أن نشمل تحركات حلفاء سوريا ، من روسيا و الصين و إيران و "حزب الله" - تظهرالمعادلة كالتالي:
أحدث القاذفات التكتيكية بسلاح الجو السوري ال Su-24 و رفيقتها ال Mig-29 ستهاجمان بالصواريخ الروسية المضادة للسفن Kh- 31، القطع البحرية العدوانية الأمريكية إذا ما اخطأت بالإقتراب .
وال Nodong-1 الكوري الشمالي (وهو ما تصنعه الجمهورية الإيرانية تحت اسم شهاب 3 لن يطال فقط كل القواعد الأمريكية في المنطقة العربية بل يصل مداه الى 1300 -1500 كم اي لحدود أوروبا مروراً على القواعد الامريكية المنتشرة على الأرض العربية "الشقيقة" . دون أن ننسى الكيان الإسرائيلي الواقع تحت مرمى الصواريخ القصيرةو المتوسطة المدى السورية .
والباتريوت لن يقف آمناً أمام الإمطار الصاروخي (إطلاق عدد ضخم من الصواريخ بنفس الوقت) من كم القواذف المتحركة والأرضية. هذا في حال سلمت البطاريات من الصواريخ الروسية الصنع التوشكا أصلاً . أومن صواريخ ميسلون. و صواريخ تشرين الذي يصنع محلياً و هو عالي الدقة و زمن جاهزيته قصير و لا يمكن للباتريوت التصدي له .
(والاسم الايراني للصاروخ هو فاتح -110 . وتشرين هذا هو ضارب الباتريوت كتمهيد للرد الصاروخي اذا حصل ليؤمن طريق عبور الصواريخ الى اهدافها. أضف إليه راجمات 220 و 302 ملم المحلية الصنع . و يعجز الباتريوت عن التصدي لها، لزمن الانذار القصير جداً.
والأهم أن صواريخ الدفاع الجوي (المضادة للطائرات) البوك –ام1 " و ال بوك –ام2 " في انتظار خطوة الطائرات الشبحية الأمريكية. و كذلك ال SA-8 Gecko او الk33 9 الذي يسمى في سوريا ب اوسا. و ال SA-3 Goa او ال S-125 Neva” الذي يعرف ب سوريا ب ال "بيتشورا" .و كلها لديها قدرة على اسقاط صواريخ الجوالة.
ويبقى للاعب الأمريكي ملكه "التوماهوك"، فاختار خطوة تحريكه . لكن زمن التوماهوك قد ولى. ف ال"باتنساير " SA-19 PANTSIR-S1 صاحي و بالمرصاد.
الـ"كروز- توماهوك" في المصيدة:
تربع التوماهوك البعيد المدى على عرش القوة العسكرية المدمرة للولايات المتحدة الأمريكية.و لمدة زمنية لا بأس بها. و هو أشبه بطائرة من دون طيار. هو الرقم 1 بين الصواريخ الموجهة في العالم من دون منازع فعلي. يصل مداه الى 2500 كم. بسرعة 880كم/ ساعة. وقد سمح ل شركة "رايثيون" التي احتكرت انتاجه بعد "جينيرال دايناميكس" أن ترفع أسهمها خاصة بعد الحرب على ليبيا. و قبلها والاهم مع العام 1991 في الحرب على العراق "عاصفة الصحراء" . فالصاروخ الديمقراطي الذكي ، تراوحت كلفته مع الوقت بين 600 الف و 2،1 مليون دولار أمريكي. و هو دائم التطوير. وآخر تحديثاته تسمح له بالدوران حول هدفه قبل إصابته.
وهذا التوماهوك الذي لا يُقهر ذاته ، تبين أنه في خطرين . ذاتي و خارجي. اما الذاتي فبالدرجة الأولى بسبب سرعته 880 كم/ ياعة = 0،8 ماخ أي بتصنيف "تحت صوتية" وهي نقطة حساسة بمقابل المقاتلات مثلاً وسرعاتها ال "فوق صوتية". ثانياً، إن هامش تغيير التكتيك فيه غير متاح ، لانعدام وجود العنصر البشري. وبالتالي قصور البرمجة الالكترونية عن امكانية المناورة بحسب المتغيرات الميدانية. أضف ثالثاً، أنه لا يمكنه الدفاع عن نفسه ففي حال الاشتباك هو "غبي" ومدمَّر لا محال.
أما في الخطر الخارجي المستجد. فهي منظومة الدفاع الجوي السوري التي تتضمن مجموعات مضادة للطائرات و السفن مثل ال بوك –ام1 و البوك-ام 2 التي أسقطت ال "اف-117" او "الشبح" الأمريكية. و أنواع متعددة من صواريخ ال "تور-ام1" و ال "اس-125" و ال "اس-200". أما ال "اس-300" فيتفوق على سابقيه في التصدي فهو يستطيع التحرك من موقعه خلال مدة زمنية أقصاها 5 دقائق ما يفشل عملية استهدافه بالتوماهوك. ولكن الخطرالمعلن الأهم يتجلى في صواريخ ال "بانتساير- اس1 " المضادة للطائرات. فهذا الأخير يرابط أسفل الجبال مموهاً فلا يُكشف من الجو. فيلتقط اشعة الرادارات المعادية دون بث اي اشعاع. ومتى وقع الجسم المعادي اياً كان سواء صاروخ التوماهوك او حتى ال "اف-16" و ال "اف-18" في تأثير ال "بانتساير" يمكن اعتبارها بحكم المختفية. كما أعلن سابقاً الأتراك عن ضياع طائرتهم فوق البحر للسبب عينه.
مجموعة أسباب "علنية" ، روسية الصنع، تبرر تأجيل "الضربة المحدودة" العدوانية .. أو ربما.. إلغاءها ، إذا ما حُسبت بقليل من "الذكاء" غير الموجّه ، أخطارالصناعة العسكرية الإيرانية ال"غير علنية
(*) أستاذ في كلية الدراسات الدولية العليا - جامعة جون هوبكنز الأميركية. وتأتي كلماته هذه ضمن قراءة تحليلية متخصصة نشرت بترتيب (خاص) مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس".
".
المصدر :
العهد / نيكول يونس
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة