دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
لا أحد يُنكر أن لبنان في ثلاجة بسبب المخاض السوري. في السياسة طبعاً. إذ ربما يكون لبنان أمنياً، في فرن، بسبب المخاض السوري نفسه. ومع تعثّر الرئيس المكلف تمام سلام في كل خطوة يخطوها تقريباً في سبيل تشكيل حكومة مهما كان شكلها، وجمود مجمل الملفات الداخلية بشكلٍ شبه تام، يبدو التيار الوطني الحر في حركة سياسية لافتة، بعضها في السّر طبعاً، وبعضها في العلن، ولا سيما زيارة السفير السعودي علي عواض العسيري للرابية أول من أمس. إنّ من يراهن على منطق سعودي جديد في البلد هو كمن يراهن على «المي في الغربال». هذا أمر محسوم بالنسبة إلى الكثيرين من أصحاب الشأن على ضفتي 8 و14 آذار؛ لأنّ في بال السعودية اليوم شيئاً واحداً وحيداً، هو العدوان الأميركي المرتجى، سعودياً، على سوريا. لكن هذا لا يعني أن العسيري لا يزور النائب ميشال عون. فما المانع من أن يحاول الإيحاء بأن الدور السعودي في لبنان دور توافقي، يتواصل مع حلفاء حزب الله، يصرّح عن ضرورة الاستقرار وتشكيل الحكومة، فيظهر حزب الله كالشرير الوحيد؟ لا مانع طبعاً. الأمور ليست كذلك. على الرغم مما يقوله العونيون أنفسهم، بأنّ التواصل مع السعودية مفيد، يقول غيرهم في التيار إنّ التواصل مع السعودية لا يفيد! لا بل مضيعة للوقت. ليس لأن عون لا يريد الانفتاح على السعودية، بل لأن السعودية مصرّة على معاداة حزب الله، وتمنع تشكيل حكومة يتمثّل فيها الحزب، وتصرّ على نقل المخاض السوري إلى لبنان، كما في السياسة، كذلك في الأمن. وممّا كان لافتاً في الأسبوع الماضي، ما عبّر عنه نائب رئيس مجلس النواب النائب فريد مكاري، عن أن لا مانع لدى قوى 14 آذار بتشكيل حكومة يتمثّل فيها حزب الله، كما حماسة الرئيس المكلّف لتشكيل حكومة سياسية، يتمثّل فيها الحزب حتماً. تصريح مكاري، الذي يُعدّ صوتاً وازناً في فريق 14 آذار، وربّما يعكس جزءاً من الرأي السعودي في الملفّ اللبناني، لا يتوافق مع ما أسرّ به العسيري لدى عون أول من أمس؛ إذ تشير مصادر التيار الوطني الحر إلى أن «العسيري أكد أن السعودية لا تزال تصرّ على عدم تشكيل حكومة يتمثّل فيها حزب الله»، الأمر الذي يدفع مصادر في قوى 8 آذار للقول إن في السعودية صوتاً آخر غير صوت مدير الاستخبارات السعودية الأمير بندر بن سلطان، مع هشاشة هذه النظرية. حسناً. إذا كان التواصل مع السعودية لا يفيد، فإن تواصل التيار الوطني الحر مع تيار المستقبل والنائب وليد جنبلاط أمر ضروري الآن. هكذا يقول العونيون. في نظر التيار الوطني الحر، «كسر حالة الخصومة والقطيعة الكاملة ليس مع تيار المستقبل فحسب، هو أمر ضروري ومطلوب الآن في هذا الوقت بالذات، لأن البلد في مرحلة خطيرة تستلزم أن يتواصل الناس في ما بينهم». وتضيف المصادر: «نحن بدأنا بالتواصل مع الجميع، إذ إننا نحاول تهدئة الأمور المتوترة في البلد على طريقتنا الخاصة، وقد ننجح في نسبة ضئيلة، لكننا على الأقل نساهم». يقول العونيون إن السبب في هكذا خيارات، مردّه إلى أمرين: الأول، «أن البلد بحاجة إلى إعادة جمع، وتخفيف الاحتقان، وصولاً إلى حوار من جديد». أمّا الثاني، فهو شعور التيار الوطني الحرّ بأن «الأمور على المستوى الداخلي من دون حدود، وكل شيء وارد». كيف؟ هنا بيت القصيد. لقد ثبت بالوقائع، ودائماً بحسب المصدر، أن حزب الله وحركة أمل وتيار المستقبل تحالفوا على التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي، «فما المانع أن يتحالف التيار الوطني الحر مع المستقبل في ملفات داخلية أخرى؟». أما في الملفات الكبيرة، «فموقف التيار واضح، نحن في تحالف استراتيجي مع حزب الله». هذا لا يعني أن الأمور وصلت إلى حدّ تشكيل لجان مشتركة، أو إلى حدّ التفاهم، «ما زالت الأمور في بداياتها، وهي ليست حالة فريدة حتى الآن، إذ لا تواصل منضبط، والعلاقة تقع ضمن إطار التواصل مع الجميع»، يقول المصدر. وتقول مصادر أخرى في التيار الوطني الحرّ، إن «التيار كان يعوّل في الأيام الماضية على تطوّر العلاقة مع المستقبل خطوة؛ إذ كان من المنتظر أن يزور مدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري عون أو الوزير جبران باسيل، المعني بهذا الملفّ». قد يؤدي التيار الوطني الحرّ دوراً إيجابياً في تخفيف حدة الاحتقان السياسي، ويؤمّن الحد الأدنى من التواصل بين مختلف الأطراف، كحزب الله والمستقبل مثلاً، وقد لا ينجح. لكن «فليطمئن المنتظرون. ليس الجنرال عون من يفضّ تحالفاته، وخاصة في الوقت الذي يكون فيه حليفه تحت النار المحلية والإقليمية والدولية».
المصدر :
الأخبار/ فراس الشوفي
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة