تكاد تكون تركيا من أكبر الخاسرين لتأجيل الضربة العسكرية الأميركية، وربما لإلغائها. ذلك أن قيادة «حزب العدالة والتنمية» وجدت في الضربة المحتملة فرصة نادرة جديدة لتغيير بعض موازين القوى بما يخرجها من مأزق استمرار الرئيس السوري بشار الأسد على رأس السلطة في سورية.

لذلك، صب رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان، في احتفال في اسطنبول، جام غضبه على مجلس الأمن الدولي وعلى الذين يريدون ضرب سوريا فقط بسبب الأسلحة الكيميائية، بينما مئة ألف قتيل قد سقطوا حتى الآن.

وقال أردوغان إن «عجز الأمم المتحدة يشجع الأسد على مواصلة مجازره»، معتبراً أن العالم أكبر من خمسة أعضاء دائمين في مجلس الأمن.

وأضاف رئيس الحكومة التركية أن حبس مجلس الأمن بين شفتي عضوين من الأعضاء الخمسة الدائمين هو أمر «ضد الديموقراطية»، لافتاً الى «انهم يتهمونني بكثرة الكلام عن سوريا وعن مصر، لكني أمثل 76 مليوناً أعطوني صلاحية القيام بما يجب أن أقوم به. يجب خلع الأسد من السلطة وإن أي عمليات محدودة وليوم واحد ستقوّي الأسد، وتكون سبباً لإراقة مزيد من الدماء وتعقيد الظروف الموجودة».

وكانت طريقـــة تعامــل تركــيا مع ملف الضربة المحتملة، موضع انتـــقاد من العديد من الكتّاب الأتراك.

ويعكس محمد يلماز في صحيفة «حرييت» التركية، التباين بين الرئيس التركي عبد الله غول وأردوغان ووزير خارجيته أحمد داود أوغلو، حول الموقف من الضربة العسكرية، إذ ان «غول رأى أن عدم وجود استراتيجية سياسية للدول التي تريد توجيه ضربة لن يؤدي إلى أي نتيجة منها. أما أردوغان، فيريد أن تكون ضربة شاملة وغير محدودة وتستمر إلى حين إسقاط النظام، في الوقت الذي يقف فيه داود أوغلو إلى جانب تحالف دولي للتخلص من النظام السوري».

ويتساءل يلماز «لماذا يخفي أردوغان المعلومات التي بحوزته عن البرلمان التركي ولا يدعو إلى اجتماعه ليضع الجميع في صورة ما يجري؟». ويضيف أن «الرئيس الأميركي باراك أوباما نفسه، قد لجأ إلى الكونغرس وكان سبقه في ذلك البرلمان البريطاني».

ويرى الكاتب أن موقف الرئيس غول المتحفظ عن الضربة قد يؤثر في نواب «حزب العدالة والتنمية»، ويسقط اقتراح المشاركة في الضربة في البرلمان، «من هنا خوف أردوغان من دعوة البرلمان إلى الاجتماع».

وفي صحيفة «ميللييت» التركية، كتب قدري غورسيل قائلاً إن «حزب العدالة والتنمية حوّل تركيا إلى وضع لا تستطيع الدفاع عنه في حال شاركت في هجوم على سوريا. فتركيا ساحة مكشوفة للصواريخ السورية والباتريوت لا تقي ذرة من ترابها. لذلك فإن تصريحات مسؤولي الحزب عن ضرورة الهجوم على سوريا، مقلقة إلى أقصى درجة، وغير مسؤولة. لذا فإن الدفاع عن القيم يوجب أيضا الدفاع عن أمن المواطنين والبلاد».

وأضاف غورسيل أن «منظومة القيم التي بنى على أساسها المسؤولون سياستهم السورية لا تنسجم مع التهديدات التي يتعرض لها الأمن القومي التركي. وكما يقول السفير السابق أوزديم سانبيرك، فإن السياسة الخارجية هي فن إدارة التناقضات التي لا يحسن حزب العدالة والتنمية إدارتها».

ورأى مصطفى قره علي أوغلو، رئيس تحرير صحيفة «ستار» التركية المؤيدة لأردوغان، أنه «لا مفر من ضرورة القيام بعملية عسكرية لضرب قلب نظام الأسد».

وأشار أوغلو إلى أن مواقف غول وأردوغان غير متباينة، «فالاثنان يريدان استراتيجية للضربة تنهي نظام الأسد»، معتبراً أن «المشكلة ليست في الدور التركي المركزي في سوريا، بل في بقاء النظام السوري». وقال إن تركيا للمرة الأولى منذ قرن تعود إلى دور رئيسي في سوريا والمنطقة ولا يمكنها التراجع.

  • فريق ماسة
  • 2013-09-02
  • 9274
  • من الأرشيف

العدوان على سورية «فرصة نادرة» لأردوغان

تكاد تكون تركيا من أكبر الخاسرين لتأجيل الضربة العسكرية الأميركية، وربما لإلغائها. ذلك أن قيادة «حزب العدالة والتنمية» وجدت في الضربة المحتملة فرصة نادرة جديدة لتغيير بعض موازين القوى بما يخرجها من مأزق استمرار الرئيس السوري بشار الأسد على رأس السلطة في سورية. لذلك، صب رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان، في احتفال في اسطنبول، جام غضبه على مجلس الأمن الدولي وعلى الذين يريدون ضرب سوريا فقط بسبب الأسلحة الكيميائية، بينما مئة ألف قتيل قد سقطوا حتى الآن. وقال أردوغان إن «عجز الأمم المتحدة يشجع الأسد على مواصلة مجازره»، معتبراً أن العالم أكبر من خمسة أعضاء دائمين في مجلس الأمن. وأضاف رئيس الحكومة التركية أن حبس مجلس الأمن بين شفتي عضوين من الأعضاء الخمسة الدائمين هو أمر «ضد الديموقراطية»، لافتاً الى «انهم يتهمونني بكثرة الكلام عن سوريا وعن مصر، لكني أمثل 76 مليوناً أعطوني صلاحية القيام بما يجب أن أقوم به. يجب خلع الأسد من السلطة وإن أي عمليات محدودة وليوم واحد ستقوّي الأسد، وتكون سبباً لإراقة مزيد من الدماء وتعقيد الظروف الموجودة». وكانت طريقـــة تعامــل تركــيا مع ملف الضربة المحتملة، موضع انتـــقاد من العديد من الكتّاب الأتراك. ويعكس محمد يلماز في صحيفة «حرييت» التركية، التباين بين الرئيس التركي عبد الله غول وأردوغان ووزير خارجيته أحمد داود أوغلو، حول الموقف من الضربة العسكرية، إذ ان «غول رأى أن عدم وجود استراتيجية سياسية للدول التي تريد توجيه ضربة لن يؤدي إلى أي نتيجة منها. أما أردوغان، فيريد أن تكون ضربة شاملة وغير محدودة وتستمر إلى حين إسقاط النظام، في الوقت الذي يقف فيه داود أوغلو إلى جانب تحالف دولي للتخلص من النظام السوري». ويتساءل يلماز «لماذا يخفي أردوغان المعلومات التي بحوزته عن البرلمان التركي ولا يدعو إلى اجتماعه ليضع الجميع في صورة ما يجري؟». ويضيف أن «الرئيس الأميركي باراك أوباما نفسه، قد لجأ إلى الكونغرس وكان سبقه في ذلك البرلمان البريطاني». ويرى الكاتب أن موقف الرئيس غول المتحفظ عن الضربة قد يؤثر في نواب «حزب العدالة والتنمية»، ويسقط اقتراح المشاركة في الضربة في البرلمان، «من هنا خوف أردوغان من دعوة البرلمان إلى الاجتماع». وفي صحيفة «ميللييت» التركية، كتب قدري غورسيل قائلاً إن «حزب العدالة والتنمية حوّل تركيا إلى وضع لا تستطيع الدفاع عنه في حال شاركت في هجوم على سوريا. فتركيا ساحة مكشوفة للصواريخ السورية والباتريوت لا تقي ذرة من ترابها. لذلك فإن تصريحات مسؤولي الحزب عن ضرورة الهجوم على سوريا، مقلقة إلى أقصى درجة، وغير مسؤولة. لذا فإن الدفاع عن القيم يوجب أيضا الدفاع عن أمن المواطنين والبلاد». وأضاف غورسيل أن «منظومة القيم التي بنى على أساسها المسؤولون سياستهم السورية لا تنسجم مع التهديدات التي يتعرض لها الأمن القومي التركي. وكما يقول السفير السابق أوزديم سانبيرك، فإن السياسة الخارجية هي فن إدارة التناقضات التي لا يحسن حزب العدالة والتنمية إدارتها». ورأى مصطفى قره علي أوغلو، رئيس تحرير صحيفة «ستار» التركية المؤيدة لأردوغان، أنه «لا مفر من ضرورة القيام بعملية عسكرية لضرب قلب نظام الأسد». وأشار أوغلو إلى أن مواقف غول وأردوغان غير متباينة، «فالاثنان يريدان استراتيجية للضربة تنهي نظام الأسد»، معتبراً أن «المشكلة ليست في الدور التركي المركزي في سوريا، بل في بقاء النظام السوري». وقال إن تركيا للمرة الأولى منذ قرن تعود إلى دور رئيسي في سوريا والمنطقة ولا يمكنها التراجع.

المصدر : السفير/ محمد نور الدين


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة