لقد لعب رئيس الوزراء التركي الأسبق عدنان مندريس دوراً أساسياً في مجمل السياسات التركية الخطيرة ضد التيار القومي العربي في سوريا ومصر للفترة ١٩٥٠ ــ ١٩٦٠ حيث كان من مؤسسي حلف بغداد. وهو الذي أدخل تركيا في الحلف الأطلسي وزرع مليون لغم أرضي على الحدود مع سوريا،

بحسب صحيفة الاخبار، بعد زيارة ديفيد بن غوريون لأنقرة سراً ربيع عام ١٩٥٧. وها هو التاريخ يكرّر نفسه، إذ يفعل رجب طيب أردوغان المعجب بمندريس ما فعله الأخير ضد سوريا ومصر. فقد كان أردوغان، رئيس الوزراء الحالي، السبّاق في الهجوم على سوريا، حيث استضاف أول اجتماع للمعارضة السورية في أيار عام ٢٠١١، كما أقام المخيمات للجيش السوري الحر واحتضن المجلس الوطني المعارض في آب ٢٠١١. وذلك بعدما فتح الحدود على مصراعيها ليدخل منها عشرات الآلاف من «المجاهدين» الأجانب. وتذرعت أنقرة بكل مناسبة لإقناع حلفائها في الغرب بضرورة التدخل العسكري في سوريا، وبعدما أقامت علاقات سرية وعلنية مع جميع الجماعات المسلحة في سوريا. وجاءت الادعاءات الأخيرة في ما يتعلق بالسلاح الكيميائي لتعطي أنقرة مبرراً جديداً لاستفزاز العواصم الغربية وجرها إلى مغامرة خطيرة في سوريا، حيث قالت المعلومات الصحافية إنّ وزير الخارجية أحمد داود أوغلو توسل نظراءه الغربيين حتى يفعلوا شيئاً ما ضد سوريا، مقدماً لهم كل الضمانات باستعداد الجيش التركي لدخول سوريا في حال أي قرار «أطلسي» ضد هذا البلد، حتى وإن لم تثبت الادعاءات الخاصة بالسلاح الكيميائي. وتعكس مواقف أنقرة هذه فشل السياسة التركية في سوريا والعراق والمنطقة عموماً، وهو ما يفسر ردة الفعل العنيفة في خطابات أردوغان منذ الانقلاب العسكري في مصر، وبعد ذلك تطورات الأزمة الأخيرة في سوريا. كذلك اعترف داود أوغلو باتصالات بلاده السرية مع الرئيس محمد مرسي قبل عزله من قبل العسكر. ونقلت الصحافة التركية تفاصيل هذه الاتصالات، وقالت إنّ أردوغان كان على اتصال دائم مع مرسي، حيث أرسل إليه رئيس جهاز المخابرات الوطنية هاكان فيدان ٣ مرات، وكان آخرها قبل إطاحته بـ ١٥ يوماً، حيث قال فيدان إنّ لديهم معلومات أكيدة باستعدادات الجيش للقيام بانقلاب عسكري، وطلب منه باسم أردوغان أن يصمد ضد الانقلاب ويقاومه، معبراً له عن استعداد أنقرة للوقوف إلى جانبه بكل الوسائل. وتحدثت المعلومات عن تدريب عدد كبير من عناصر الأمن والمخابرات والجيش المصري في تركيا للدفاع عن الرئيس مرسي بعد تسلّمه السلطة. وتفسّر كل هذه التفاصيل موقف أردوغان الغاضب من الانقلاب في مصر لأنه أفشل مشروعه الإخواني التركي ـــ المصري، كما هو غاضب من الملك السعودي والقيادات الخليجية التي أيدت الانقلاب، علماً بأنّه لا يزال على تعاون وثيق مع هذه القيادات، وخاصة قطر في موضوع سوريا، إذ تحدثت المعلومات المحلية في أنطاكيا عن إرسال مئات الأطنان من الأسلحة الثقيلة إلى سوريا، التي وصلت إلى مطار المدينة من السعودية وقطر. وتتحدث المعلومات الصحافية عن اتصالات سرية بين حزب العدالة والتنمية وجماعة الإخوان في مصر، بعد المؤتمر الدولي لجماعة الإخوان في اسطنبول في ١٢ من الشهر الماضي، حيث قرّر المشاركون، وبتوجيهات من الجانب التركي، النضال بكل الوسائل ضد «الانقلابيين» في مصر. وقرّر، أيضاً، متابعة الدعم الشامل للإخوان في سوريا حتى لو أدى هذا الدعم إلى تبني جميع المجموعات المسلحة، وفي مقدمها «النصرة»، طالما أنّ هذه القوى هي الوحيدة التي تستطيع أن تحارب الرئيس بشار الأسد.

  • فريق ماسة
  • 2013-08-26
  • 6046
  • من الأرشيف

التاريخ يكرّر نفسه: أردوغان ضد «الجمهورية العربية غير المــتحدة»

لقد لعب رئيس الوزراء التركي الأسبق عدنان مندريس دوراً أساسياً في مجمل السياسات التركية الخطيرة ضد التيار القومي العربي في سوريا ومصر للفترة ١٩٥٠ ــ ١٩٦٠ حيث كان من مؤسسي حلف بغداد. وهو الذي أدخل تركيا في الحلف الأطلسي وزرع مليون لغم أرضي على الحدود مع سوريا، بحسب صحيفة الاخبار، بعد زيارة ديفيد بن غوريون لأنقرة سراً ربيع عام ١٩٥٧. وها هو التاريخ يكرّر نفسه، إذ يفعل رجب طيب أردوغان المعجب بمندريس ما فعله الأخير ضد سوريا ومصر. فقد كان أردوغان، رئيس الوزراء الحالي، السبّاق في الهجوم على سوريا، حيث استضاف أول اجتماع للمعارضة السورية في أيار عام ٢٠١١، كما أقام المخيمات للجيش السوري الحر واحتضن المجلس الوطني المعارض في آب ٢٠١١. وذلك بعدما فتح الحدود على مصراعيها ليدخل منها عشرات الآلاف من «المجاهدين» الأجانب. وتذرعت أنقرة بكل مناسبة لإقناع حلفائها في الغرب بضرورة التدخل العسكري في سوريا، وبعدما أقامت علاقات سرية وعلنية مع جميع الجماعات المسلحة في سوريا. وجاءت الادعاءات الأخيرة في ما يتعلق بالسلاح الكيميائي لتعطي أنقرة مبرراً جديداً لاستفزاز العواصم الغربية وجرها إلى مغامرة خطيرة في سوريا، حيث قالت المعلومات الصحافية إنّ وزير الخارجية أحمد داود أوغلو توسل نظراءه الغربيين حتى يفعلوا شيئاً ما ضد سوريا، مقدماً لهم كل الضمانات باستعداد الجيش التركي لدخول سوريا في حال أي قرار «أطلسي» ضد هذا البلد، حتى وإن لم تثبت الادعاءات الخاصة بالسلاح الكيميائي. وتعكس مواقف أنقرة هذه فشل السياسة التركية في سوريا والعراق والمنطقة عموماً، وهو ما يفسر ردة الفعل العنيفة في خطابات أردوغان منذ الانقلاب العسكري في مصر، وبعد ذلك تطورات الأزمة الأخيرة في سوريا. كذلك اعترف داود أوغلو باتصالات بلاده السرية مع الرئيس محمد مرسي قبل عزله من قبل العسكر. ونقلت الصحافة التركية تفاصيل هذه الاتصالات، وقالت إنّ أردوغان كان على اتصال دائم مع مرسي، حيث أرسل إليه رئيس جهاز المخابرات الوطنية هاكان فيدان ٣ مرات، وكان آخرها قبل إطاحته بـ ١٥ يوماً، حيث قال فيدان إنّ لديهم معلومات أكيدة باستعدادات الجيش للقيام بانقلاب عسكري، وطلب منه باسم أردوغان أن يصمد ضد الانقلاب ويقاومه، معبراً له عن استعداد أنقرة للوقوف إلى جانبه بكل الوسائل. وتحدثت المعلومات عن تدريب عدد كبير من عناصر الأمن والمخابرات والجيش المصري في تركيا للدفاع عن الرئيس مرسي بعد تسلّمه السلطة. وتفسّر كل هذه التفاصيل موقف أردوغان الغاضب من الانقلاب في مصر لأنه أفشل مشروعه الإخواني التركي ـــ المصري، كما هو غاضب من الملك السعودي والقيادات الخليجية التي أيدت الانقلاب، علماً بأنّه لا يزال على تعاون وثيق مع هذه القيادات، وخاصة قطر في موضوع سوريا، إذ تحدثت المعلومات المحلية في أنطاكيا عن إرسال مئات الأطنان من الأسلحة الثقيلة إلى سوريا، التي وصلت إلى مطار المدينة من السعودية وقطر. وتتحدث المعلومات الصحافية عن اتصالات سرية بين حزب العدالة والتنمية وجماعة الإخوان في مصر، بعد المؤتمر الدولي لجماعة الإخوان في اسطنبول في ١٢ من الشهر الماضي، حيث قرّر المشاركون، وبتوجيهات من الجانب التركي، النضال بكل الوسائل ضد «الانقلابيين» في مصر. وقرّر، أيضاً، متابعة الدعم الشامل للإخوان في سوريا حتى لو أدى هذا الدعم إلى تبني جميع المجموعات المسلحة، وفي مقدمها «النصرة»، طالما أنّ هذه القوى هي الوحيدة التي تستطيع أن تحارب الرئيس بشار الأسد.

المصدر : الماسة السورية/ حسني محلي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة