دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
في تطور جديد يشهد على الخطورة التي تتعاطى بها إسرائيل مع ما يجري في سيناء، أنشأ جهاز الأمن الداخلي «الشاباك» دائرة خاصة للتعامل مع المنظمات «الجهادية» في شبه جزيرة سيناء. ويلحظ جهاز «الشاباك» الإسرائيلي وجود حوالي 15 منظمة «جهادية» في سيناء يرى أنها برغم انشغالها الحالي بالقوات المصرية، إلا أنها تتجه أيضاً للعمل ضد إسرائيل.
ويشير هذا التطور ضمناً إلى اعتبار ما يجري في سيناء نوعاً من الخطر الداخلي. فجهاز «الشاباك» هو أحد ثلاثة أجهزة أمن رئيسية في الدولة العبرية تقوم على أساس وظيفي وجغرافي. ويمكن القول إن عمل «الشاباك» أساساً يتركز داخل إسرائيل والمناطق المحتلة، ويختص بمواجهة تنظيمات المقاومة ومحاولات التجسس، فضلاً عن قضايا أخرى تتعلق بالأمن الداخلي ومن بينها الإرهاب اليهودي. ويدل إقدام جهاز «الشاباك» على إنشاء دائرة جديدة خاصة بسيناء على أنه يرى في ما يجري في سيناء، شأناً داخلياً أو شأناً يرتبط مباشرة بالداخل الإسرائيلي.
ومعروف أنه أتيح لـ«الشاباك» العمل بشكل محدود في لبنان أثناء الاحتلال الإسرائيلي للجنوب اللبناني وإلى فتح ملفات تتعلق ببعض دول الجوار، التي يتواجد فيها عدد كبير من أبناء الأرض المحتلة. ومن شبه المؤكد أن إنشاء الدائرة الجديدة يظهر موقفاً جديداً، خصوصاً تجاه دولة أنشأت علاقات سلمية مع إسرائيل. ولذلك يمكن القول إن سيناء باتت موضع تنافس بين أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية الثلاثة: الاستخبارات العسكرية المسؤولة أيضاً عن أمن ما وراء الحدود، والموساد المسؤول عن الأمن الخارجي و«الشاباك».
وفي كل حال، فإنه، وبحسب ما نشرت صحيفة «هآرتس» أمس، يلحظ «الشاباك» وجود حوالي 15 شبكة سلفية مختلفة، متماثلة مع «الجهاد العالمي» في شبه جزيرة سيناء. ويركز قادة «الشاباك» بشكل خاص على أربع منها برزت في عمليات جرت مؤخراً ضد إسرائيل، إما عبر محاولات نصب كمائن أو إطلاق صواريخ.
وأوضحت «هآرتس» وجود اختلاف في التقديرات بين شعبة الاستخبارات العسكرية و«الشاباك» حول حجم وقدرات هذه الجماعات. وفيما يقدر «الشاباك» عدد «الجهاديين» في سيناء بالمئات، تذهب الاستخبارات العسكرية، وهي المسؤولة عن تقييم الوضع الأمني العام لإسرائيل، إلى أن عددهم يقدر بالآلاف. ولكن لا خلاف حول أن «الجهاديين» في سيناء جاءوا من مناطق شتى بينهم سعوديون وفلسطينيون ويمنيون وليبيون، ولكن غالبيتهم من المصريين، وخصوصا من أبناء القبائل البدوية. ويرى «الشاباك» أن البنية التحتية للجماعات «الجهادية» في سيناء تتألف من البدو المحليين، لكن الأجانب يوفرون الدافع والإلهام.
وبحسب «هآرتس»، فإن الجماعات السلفية الأربع البارزة التي تعمل ضد اسرائيل من منطقة سيناء هي:
1. «أنصار بيت المقدس»: منظمة نفذت مرات عدة اطلاق صواريخ نحو ايلات بما في ذلك العملية التي نفذتها قبل بضعة ايام. وكان أربعة من نشطاء المنظمة قد لقوا مصرعهم في قصف في رفح المصرية قبل أسبوع، اتهمت المنظمة إسرائيل بتنفيذه عبر طائرة من دون طيار لإجهاض عملية قصف صاروخي ضد إسرائيل.
2. «مجلس شورى المجاهدين في أكناف بيت المقدس»: وهي منظمة أرسلت في حزيران العام 2012 اثنين من الانتحاريين، أحدهما سعودي والآخر مصري، لتنفيذ عملية تسلل من سيناء الى الأراضي الإسرائيلية.
3. جماعة «التكفير والهجرة»: وهي منظمة سلفية نفذت في آب العام 2012 عملية في معبر كرم أبو سالم بعد قتل 16 شرطياً مصرياً، في محاولة لاقتحام الحدود بواسطة مجنزرة مصرية.
4. جماعة «جيش الاسلام»: وهي منظمة سلفية شكلها أفراد من عشيرة دغمش في قطاع غزة، وشاركت في اختطاف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليت. ومنذئذ وسعت المنظمة نشاطها الى أراضي سيناء أيضاً، وهي تنفذ عمليات بالتعاون مع مجموعات اخرى تتماثل مع «الجهاد العالمي». وفي السنوات الاخيرة، أحبطت محاولات للمنظمة لاختطاف سياح اسرائيليين في سيناء.
وأشارت «هآرتس» إلى أن الارتباط بين سيناء وغزة وحركة «الجهاد العالمي»، من وإلى القطاع، قادت إلى إعادة تنظيم أسرة الاستخبارات الاسرائيلية وبلورة تفاهمات مكتوبة بين الوكالات المختلفة.
وفي هذا الاطار، اعتبر جهاز «الشاباك» الجهاز الرائد في المؤسسة الأمنية في احباط العمليات في كل منطقة الحدود. أما «أمان» فمسؤولة عن جمع المعلومات في سيناء عبر الرقابة بالبالونات، والكاميرات المنصوبة على طول جدار الحدود، وهي تراقب داخل اراضي سيناء وكذلك صور الاقمار الصناعية.
وفي إطار تكثيف الجهد لإحباط العمليات في سيناء، أقام «الشاباك» دائرة جديدة ينحصر عملها في هذه المنطقة. ولا تقل المقدرات والقوى البشرية التي يخصصها «الشاباك» لاحباط العمليات من سيناء اليوم في حجمها، عن تلك المكرسة لاحباط عمليات المنظمات الفلسطينية في المناطق، وثمة من يقول إنها حتى أوسع.
وأوضحت «هآرتس»، أن نمو المنظمات السلفية المتماثلة مع «الجهاد العالمي» في سيناء هو محصلة تطور استغرق بين الثلاث والخمس سنوات الاخيرة. وقد نبع من تغيير اجتماعي في أوساط القبائل البدوية في شبه الجزيرة، حيث أنه على مدى سنوات عديدة كان يعتبر البدو علمانيين نسبياً. بعضهم كان يعمل في الاعمال الجنائية كتهريب المخدرات، المومسات والمهاجرين غير القانونيين، وبعضهم كان يعمل في صناعة السياحة في سيناء.
ومع ذلك، في السنوات الاخيرة بدأت القبائل البدوية في سيناء تجتاز مسيرة أسلمة متسارعة. وبحسب رجال استخبارات إسرائيليين، فقد كانت لذلك أسباب عديدة، من بينها: انكشاف متزايد للسكان البدو على الانترنت لا سيما المواقع الاسلامية، وصول المزيد فالمزيد من الاجانب الى شبه الجزيرة كرجال الدين السعوديين او اليمنيين الذين لم يكونوا في الماضي يتواجدون في هذه المناطق، فضلاً عن اغتراب وصل الى ذروته بين البدو والحكم المركزي في القاهرة.
وتضيف أسرة الاستخبارات الاسرائيلية لكل هذه الاسباب سببا آخر، هو الربط الذي نشأ بين قطاع غزة وسيناء في السنوات الاخيرة.
إن المسيرة، التي بدأت بعد انسحاب الجيش الاسرائيلي من غزة في العام 2005، استمرت مع سيطرة حماس على القطاع في العام 2007، وبلغت ذروتها بعد سقوط حكم حسني مبارك وصعود «الاخوان المسلمين».
ونقلت «هآرتس» عن مسؤول في «الشاباك» تقديره بأن قطاع غزة بات «مصدر الارهاب والقتال الى سيناء وليس العكس». وأضاف: «نحن اعتقدنا أن سيناء هي مصدر الشر بالنسبة لغزة، وتبين أن الامور معاكسة تماماَ. لقد فهم المصريون الوضع بسرعة أكبر منا». وأشار إلى أن حماس في قطاع غزة تعرف بمعسكرات تدريب الجماعات «الجهادية»، وتنقل أفرادها. وادعى وجود تفاهمات بين حماس وآل دغمش تعهد الاخيرون فيها عدم العمل من قطاع غزة مقابل سماح حماس لهم بإجراء التدريبات.
المصدر :
الماسة السورية/ السفير
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة