حين يقول مسؤول خليجي لنظيره في احدى دول مجلس التعاون "لو اردنا لأزلنا جبل قاسيون من مكانه، فمن هو بشار الاسد لكي يبقى على وجه الارض؟". الكلام كانت له ترجمته في الميدان. التجربة الاولى في العامين المنصرمين كانت فاشلة لان من خاضوها لا يدركون فلسفة اللعبة ولا قواعدها( ولا اشباحها). الآن تغيّر المشهد، وتغيّر اللاعبون او بعضهم، وتغيّر التكتيك السياسي والعملاني على السواء، لا بل ان المسؤول إياه قال لاحمد العاصي الجربا، وقد نقل الينا ذلك زملاء خليجيون لا غبار على صدقيتهم، "بعد الآن لن نقبل بالتوازن، ولن نقبل بالتفاوض، لكنني اقول لك انك قريباً ستكون في القرداحة، وعليك ان تعّد نفسك لهذه اللحظة". وقد يعكس هذا الكلام صحة ما تردد داخل اوساط لبنانية معينة من ان قيادة عربية-تركية قد تشكلت لوضع الخطط الخاصة بانهاء النظام عسكريا، وان ثمة مستشارين اميركيين واوروبيين يشاركون في وضع الخطط لا بل ان بعضهم يعمل على الارض… غرفة القيادة في الداخل التركي لا تبعد سوى بضعة كيلومترات عن الحدود مع سوريا، وقد تم تزويدها بأجهزة متطورة للتعامل المباشر والفوري مع الاقمار الصناعية التي تتعدى مهمتها ضخ الصور، لا بل ان المعلومات تشير الى ان قوات عسكرية مدربة تدريباً عالياً، وهي من جنسيات مختلفة، تقاتل على الارض. وبعدما كانت صيحة المقاتلين "في الطريق الى دمشق" باتت صيحتهم الآن "في الطريق الى القرداحة". هكذا يحكى الآن داخل اوساط ديبلوماسية واعلامية عربية، وعلى اساس ان الاشهر المقبلة ستشهد تطورات مثيرة على الصعيد العسكري، حتى ان قطباً لبنانياً راح يباهي بأن الامير بندر بن سلطان تمكن من شراء فلاديمير بوتين، والنتيجة ستشاهدونها على الارض قريباً.. السعوديون لا يقولون ذلك بطبيعة الحال، لكن البعض في لبنان يستخدم خياله، او غرائزه، اكثر من اللزوم دون ان يأخذ بالاعتبار المسار الذي تأخذه التطورات العسكرية في سوريا والتي تنذر بمواجهات مذهبية لا تبقي و لا تذر، ودون ان يكون لبنان، وبالرغم كل الدلالات اللفظية لاعلان بعبدا، بمنأى عن التداعيات الخطيرة للمستجدات السورية. والمثير انه فيما كانت المعارضة السورية تدعو الى هدنة عيد الفطر، كانت قواتها تندفع بسرعة على الارض بعدما حشدت عشرات الآلاف إن في ريف حلب او في ريف اللاذقية للاطباق على مفاصل اساسية لخارطة القوة لدى النظام، وبدعم لوجيستي وعملاني لا حدود له، فيما كان وزير الدفاع السوري فهد الفريج يتحدث عن "معجزة" تحققت في حي الخالدية في حمص، وهذا ما اثار، ثانية، هواجس اصدقاء النظام السوري في لبنان الذين كانوا يتوقعون اندفاعة للمعارضة بعد قرار التسليح وبعد احداث تغييرات في الجهة التي تتولى الوصاية على هذه المعارضة، ولكن ليس الى الحد الذي يحكى عنه الآن… الحرب باتت مكشوفة جداً، وقد وصلت الى حدود حساسة للغاية، والاصدقاء إياهم يتساءلون عن كيفية عدم رصد تلك الاعداد من المقاتلين الذين اندفعوا نحو ريف اللاذقية، وان كان هناك من يتحدث عن خطة محكمة اعدها ضباط اتراك موجودون على الاراضي السورية وبأمر من رجب طيب اردوغان الذي ازاح اخيراً كل الجنرالات الذين ابدوا تحفظات على التورط في الحرب السورية… حتى الشاشات بدأت تتحدث عن "تحولات هائلة" على الارض. من يستطيع ازالة جبل قاسيون يستطيع، بطبيعة الحال، ازالة بشار الاسد وحتى حسن روحاني وصولاً الى فلاديمير بوتين. هذا ما يقال الآن بخيلاء. واصداء هذا القول تتردد بجلاء لدى اوساط لبنانية بدأت ترفع لهجتها او تتحدث عن خيارات اخرى بعدما بلغتها بعض تفاصيل الخطط الموضوعة للاشهر المقبلة، وحيث الحديث يعلو اكثر فأكثر حول اللحظة الفاصلة. الخبراء العسكريون، بدورهم، بدأوا يتحدثون عن تغيرات حساسة على الارض. ثمة من يثأر للقصير ولحمص في القرداحة وفي عين البيضا وفي القدموس وفي غيرها من بلدات ريف اللاذقية، ومع اعتبار الحضور التركي المباشر في بعض المناطق الاستراتيجية المتاخمة والتي تم استثمارها من قبل المخططين العسكريين الى ابعد مدى، فيما لا يمكن الا القول ان النظام يخوض اختباراً في منتهى الدقة و الحساسية بعدما ترك تلك المناطق دون حماية حقيقية، ودون ان يتوقع حدوث مثل تلك الاختراقات التي كانت منتظرة، حتى ان الاهالي انفسهم كانوا يتحدثون عن احتمال حصولها… بالطبع، لا يمكن للجيش السوري الذي لم يختبر حروب الداخل، وكم هي معقدة ومريرة، ان يغطي كل تلك المساحات، وكل تلك الارياف، وكل تلك المدن، لا بل ان بعض اهل النظام يعتبرون ان الهجوم على القرى في ريف اللاذقية ليس دليل القوة الميدانية، بل انه يتوخى احداث ضجيج اعلامي لا اكثر ولا اقل من خلال ذلك الاجتياح المذهبي لقرى آمنة ولم تفكر في اي يوم بحرب مع الاهل… السؤال البديهي: ماذا عن الجهة الاخرى؟ يقال ان الروس والايرانيين لن يقفوا مكتوفي الايدي. لديهم خططهم ايضا وستظهر تباعاً بعدما تحققت خطوات هامة جدا على الارض، لا سيما في داريا التي كانت بوابة العبور الى دمشق، ناهيك عن نقاط حيوية في ارجاء الغوطة التي تكاد تشبه السوار حول عاصمة الامويين. وثمة ديبلوماسي روسي يقول لنا ان المرحلة المقبلة ستشهد مواجهات ضاربة لان الاسلحة المتطورة التي تمر عبر الاراضي التركية او الاردنية قد بدأت تصل، لكن كل هذا لن يفضي الى زعزعة النظام الذي يرتبط بحالة استراتيجية لا مجال البتة لكسرها.. الميدان السوري امام اشهر فاصلة. لا بد ان نحبس انفاسنا لان المفاجآت ستكون مثـيرة ومتلاحقة. لمصلحة من؟ وهل حقاً ان ثمة من يستطيع ازالة جبل قاسيون؟ نشك في ذلك..
  • فريق ماسة
  • 2013-08-11
  • 9652
  • من الأرشيف

الطريق الى … القرداحة

حين يقول مسؤول خليجي لنظيره في احدى دول مجلس التعاون "لو اردنا لأزلنا جبل قاسيون من مكانه، فمن هو بشار الاسد لكي يبقى على وجه الارض؟". الكلام كانت له ترجمته في الميدان. التجربة الاولى في العامين المنصرمين كانت فاشلة لان من خاضوها لا يدركون فلسفة اللعبة ولا قواعدها( ولا اشباحها). الآن تغيّر المشهد، وتغيّر اللاعبون او بعضهم، وتغيّر التكتيك السياسي والعملاني على السواء، لا بل ان المسؤول إياه قال لاحمد العاصي الجربا، وقد نقل الينا ذلك زملاء خليجيون لا غبار على صدقيتهم، "بعد الآن لن نقبل بالتوازن، ولن نقبل بالتفاوض، لكنني اقول لك انك قريباً ستكون في القرداحة، وعليك ان تعّد نفسك لهذه اللحظة". وقد يعكس هذا الكلام صحة ما تردد داخل اوساط لبنانية معينة من ان قيادة عربية-تركية قد تشكلت لوضع الخطط الخاصة بانهاء النظام عسكريا، وان ثمة مستشارين اميركيين واوروبيين يشاركون في وضع الخطط لا بل ان بعضهم يعمل على الارض… غرفة القيادة في الداخل التركي لا تبعد سوى بضعة كيلومترات عن الحدود مع سوريا، وقد تم تزويدها بأجهزة متطورة للتعامل المباشر والفوري مع الاقمار الصناعية التي تتعدى مهمتها ضخ الصور، لا بل ان المعلومات تشير الى ان قوات عسكرية مدربة تدريباً عالياً، وهي من جنسيات مختلفة، تقاتل على الارض. وبعدما كانت صيحة المقاتلين "في الطريق الى دمشق" باتت صيحتهم الآن "في الطريق الى القرداحة". هكذا يحكى الآن داخل اوساط ديبلوماسية واعلامية عربية، وعلى اساس ان الاشهر المقبلة ستشهد تطورات مثيرة على الصعيد العسكري، حتى ان قطباً لبنانياً راح يباهي بأن الامير بندر بن سلطان تمكن من شراء فلاديمير بوتين، والنتيجة ستشاهدونها على الارض قريباً.. السعوديون لا يقولون ذلك بطبيعة الحال، لكن البعض في لبنان يستخدم خياله، او غرائزه، اكثر من اللزوم دون ان يأخذ بالاعتبار المسار الذي تأخذه التطورات العسكرية في سوريا والتي تنذر بمواجهات مذهبية لا تبقي و لا تذر، ودون ان يكون لبنان، وبالرغم كل الدلالات اللفظية لاعلان بعبدا، بمنأى عن التداعيات الخطيرة للمستجدات السورية. والمثير انه فيما كانت المعارضة السورية تدعو الى هدنة عيد الفطر، كانت قواتها تندفع بسرعة على الارض بعدما حشدت عشرات الآلاف إن في ريف حلب او في ريف اللاذقية للاطباق على مفاصل اساسية لخارطة القوة لدى النظام، وبدعم لوجيستي وعملاني لا حدود له، فيما كان وزير الدفاع السوري فهد الفريج يتحدث عن "معجزة" تحققت في حي الخالدية في حمص، وهذا ما اثار، ثانية، هواجس اصدقاء النظام السوري في لبنان الذين كانوا يتوقعون اندفاعة للمعارضة بعد قرار التسليح وبعد احداث تغييرات في الجهة التي تتولى الوصاية على هذه المعارضة، ولكن ليس الى الحد الذي يحكى عنه الآن… الحرب باتت مكشوفة جداً، وقد وصلت الى حدود حساسة للغاية، والاصدقاء إياهم يتساءلون عن كيفية عدم رصد تلك الاعداد من المقاتلين الذين اندفعوا نحو ريف اللاذقية، وان كان هناك من يتحدث عن خطة محكمة اعدها ضباط اتراك موجودون على الاراضي السورية وبأمر من رجب طيب اردوغان الذي ازاح اخيراً كل الجنرالات الذين ابدوا تحفظات على التورط في الحرب السورية… حتى الشاشات بدأت تتحدث عن "تحولات هائلة" على الارض. من يستطيع ازالة جبل قاسيون يستطيع، بطبيعة الحال، ازالة بشار الاسد وحتى حسن روحاني وصولاً الى فلاديمير بوتين. هذا ما يقال الآن بخيلاء. واصداء هذا القول تتردد بجلاء لدى اوساط لبنانية بدأت ترفع لهجتها او تتحدث عن خيارات اخرى بعدما بلغتها بعض تفاصيل الخطط الموضوعة للاشهر المقبلة، وحيث الحديث يعلو اكثر فأكثر حول اللحظة الفاصلة. الخبراء العسكريون، بدورهم، بدأوا يتحدثون عن تغيرات حساسة على الارض. ثمة من يثأر للقصير ولحمص في القرداحة وفي عين البيضا وفي القدموس وفي غيرها من بلدات ريف اللاذقية، ومع اعتبار الحضور التركي المباشر في بعض المناطق الاستراتيجية المتاخمة والتي تم استثمارها من قبل المخططين العسكريين الى ابعد مدى، فيما لا يمكن الا القول ان النظام يخوض اختباراً في منتهى الدقة و الحساسية بعدما ترك تلك المناطق دون حماية حقيقية، ودون ان يتوقع حدوث مثل تلك الاختراقات التي كانت منتظرة، حتى ان الاهالي انفسهم كانوا يتحدثون عن احتمال حصولها… بالطبع، لا يمكن للجيش السوري الذي لم يختبر حروب الداخل، وكم هي معقدة ومريرة، ان يغطي كل تلك المساحات، وكل تلك الارياف، وكل تلك المدن، لا بل ان بعض اهل النظام يعتبرون ان الهجوم على القرى في ريف اللاذقية ليس دليل القوة الميدانية، بل انه يتوخى احداث ضجيج اعلامي لا اكثر ولا اقل من خلال ذلك الاجتياح المذهبي لقرى آمنة ولم تفكر في اي يوم بحرب مع الاهل… السؤال البديهي: ماذا عن الجهة الاخرى؟ يقال ان الروس والايرانيين لن يقفوا مكتوفي الايدي. لديهم خططهم ايضا وستظهر تباعاً بعدما تحققت خطوات هامة جدا على الارض، لا سيما في داريا التي كانت بوابة العبور الى دمشق، ناهيك عن نقاط حيوية في ارجاء الغوطة التي تكاد تشبه السوار حول عاصمة الامويين. وثمة ديبلوماسي روسي يقول لنا ان المرحلة المقبلة ستشهد مواجهات ضاربة لان الاسلحة المتطورة التي تمر عبر الاراضي التركية او الاردنية قد بدأت تصل، لكن كل هذا لن يفضي الى زعزعة النظام الذي يرتبط بحالة استراتيجية لا مجال البتة لكسرها.. الميدان السوري امام اشهر فاصلة. لا بد ان نحبس انفاسنا لان المفاجآت ستكون مثـيرة ومتلاحقة. لمصلحة من؟ وهل حقاً ان ثمة من يستطيع ازالة جبل قاسيون؟ نشك في ذلك..

المصدر : الديار/ نبيه البرجي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة