معارك عنيفة تشهدها قرى ريف اللاذقية الشمالي في ظلّ عمليات عسكرية واسعة يشنها الجيش السوري على معاقل المسلحين، بعد تضييق الخناق عليهم في بلدة "سلمى" على امتداد ريف ادلب، المتاخم لريف اللاذقية الشمالي.

إن ما يجري في ريف اللاذقية، وبخلاف ما يشيعه البعض، لم يكن عملية هجوم من قبل المجموعات المسلحة الموجودة في "سلمى" وريفها، والمجموعات التي دخلت من ريف ادلب لمساندتها، فقد بدأت المعارك صباح يوم الأحد الفائت، على عدة محاور، في محاولة من المسلحين لكسر الطوق المفروض عليهم، وفتح ممرات لهم من بلدة "سلمى" باتجاه "الحفّة" وريفها، وصولاً إلى الحدود التركية.

وفي ساعات الفجر الأولى آنذاك، انهالت قذائف الهاون على بلدة "أبو مكة"، مصدرها مسلحي بلدة "سلمى" المجاورة، ما أدى لتهجير سكانها وهروبهم باتجاه الأحراش.

سعى المسلحون في ذلك الهجوم لتهجير أهالي تلك القرية بعد قذفها بالقذائف الصاروخية ليدخلها المسلحون لاحقاً دون مقاومة تذكر، ولهذا الغرض كان المحور الأساسي للعملية يتركز على خط " بارودة – البلاطة – الحنبوشية – استربة – محيط النبي نبهان"، وبالتزامن مع عدة محاور اخرى، لتشتيت قوة الجيش السوري ووحدات الدفاع الوطني المتمركزة في تلك المناطق، على أمل توسيع رقعة سيطرة المجموعات المسلحة على مناطق أكبر في الريف، وبالتحديد الوصول لقمة النبي يونس (ع) التي فشلت "جبهة النصرة" مراراً وتكراراً في الوصول إليها، وجعل المنطقة الممتدة من "الحفة" إلى سلمى خالية من السكان ومن الجيش السوري.

وتواصلت الاشتباكات بين الجيش السوري مدعّماً باللجان الشعبية وقوات الدفاع الوطني من جهة، والمسلحين، في أرض قتالية طبيعتها الجغرافية صعبة، تحتاج إلى أنواع خاصة من التكتيكات العسكرية، كونها منطقة أحراش وجبال وغابات واسعة، ولا يمكن أن يستخدم فيها تكتيك غزارة النيران إلا ضمن حدود معيّنة.

وعلى محاور أخرى وحوالي الساعة الخامسة فجراً، قام انتحاري بتفجير نفسه في نقطة تابعة للجيش السوري في ريف اللاذقية قبالة بلدة "سلمى" أيضاً، وهو أول انتحاري يفجر نفسه في ريف اللاذقية. وما هي إلا لحظات حتى اندلعت المعارك وهاجم مسلحون يقدر عددهم بنحو ألف شخص، مجموعة من النقاط العسكرية التابعة الجيش السوري المتمركزة في المنطقة، فيما استهدفت بعض القرى بريف "الحفة" بقذائف الهاون، ما أسفر عن وقوع جرحى، وصل منهم الى مشفى "الحفة" اكثر من 80 جريحاً بينهم نساء وأطفال. كما اقتاد عناصر من المجموعات المسلحة أكثر من مئة رهينة الى جهة مجهولة وذلك بعد دخولهم برفقة عناصر "جبهة النصرة" إليها، فيما ارتكبت تلك المجموعات مجزرة بحق المختطفين وأهالي بعض تلك القرى، وتم قتل البعض بدم بارد وسجّلت حالات اعدام ميدانية، وعندما حاول بعض الاهالي النزوح من القرية قامت المجموعات المسلحة بقنص بعضهم ومن بينهم اطفال.

ولكن سرعان ما تمكن الجيش السوري مجدداً من فرض طوق ناري، على عدد من المواقع لمنع المسلحين من التقدم نحو "صلنفة" و"الحفة"، فيما تابعت وحدات التدخل الخاص والوحدات المدربة على هذا النوع من المعارك، تقدمها باتجاه بعض الاحراش والغابات التي ما زال يتمركز فيها بعض القناصين الذين يستهدفون المدنيين في بعض القرى الآمنة.

وتجدر الاشارة إلى أن هدفاً مهماً كانت تسعى المجموعات المسلحة و"جبهة النصرة" إلى تحقيقه، حين هاجمت تلك القرى، وهو محاولة إيقاع انقسام طائفي ضمن مكونات تلك المنطقة، لكن وعي أهل تلك القرى، ومعرفتهم التامة بالهدف المراد تحقيقه في تلك المرتفعات القريبة من الحدود التركية، شكل عائقاً أمام المسلحين.

  • فريق ماسة
  • 2013-08-07
  • 10514
  • من الأرشيف

معارك ريف اللاذقية.. كيف ولماذا؟

معارك عنيفة تشهدها قرى ريف اللاذقية الشمالي في ظلّ عمليات عسكرية واسعة يشنها الجيش السوري على معاقل المسلحين، بعد تضييق الخناق عليهم في بلدة "سلمى" على امتداد ريف ادلب، المتاخم لريف اللاذقية الشمالي. إن ما يجري في ريف اللاذقية، وبخلاف ما يشيعه البعض، لم يكن عملية هجوم من قبل المجموعات المسلحة الموجودة في "سلمى" وريفها، والمجموعات التي دخلت من ريف ادلب لمساندتها، فقد بدأت المعارك صباح يوم الأحد الفائت، على عدة محاور، في محاولة من المسلحين لكسر الطوق المفروض عليهم، وفتح ممرات لهم من بلدة "سلمى" باتجاه "الحفّة" وريفها، وصولاً إلى الحدود التركية. وفي ساعات الفجر الأولى آنذاك، انهالت قذائف الهاون على بلدة "أبو مكة"، مصدرها مسلحي بلدة "سلمى" المجاورة، ما أدى لتهجير سكانها وهروبهم باتجاه الأحراش. سعى المسلحون في ذلك الهجوم لتهجير أهالي تلك القرية بعد قذفها بالقذائف الصاروخية ليدخلها المسلحون لاحقاً دون مقاومة تذكر، ولهذا الغرض كان المحور الأساسي للعملية يتركز على خط " بارودة – البلاطة – الحنبوشية – استربة – محيط النبي نبهان"، وبالتزامن مع عدة محاور اخرى، لتشتيت قوة الجيش السوري ووحدات الدفاع الوطني المتمركزة في تلك المناطق، على أمل توسيع رقعة سيطرة المجموعات المسلحة على مناطق أكبر في الريف، وبالتحديد الوصول لقمة النبي يونس (ع) التي فشلت "جبهة النصرة" مراراً وتكراراً في الوصول إليها، وجعل المنطقة الممتدة من "الحفة" إلى سلمى خالية من السكان ومن الجيش السوري. وتواصلت الاشتباكات بين الجيش السوري مدعّماً باللجان الشعبية وقوات الدفاع الوطني من جهة، والمسلحين، في أرض قتالية طبيعتها الجغرافية صعبة، تحتاج إلى أنواع خاصة من التكتيكات العسكرية، كونها منطقة أحراش وجبال وغابات واسعة، ولا يمكن أن يستخدم فيها تكتيك غزارة النيران إلا ضمن حدود معيّنة. وعلى محاور أخرى وحوالي الساعة الخامسة فجراً، قام انتحاري بتفجير نفسه في نقطة تابعة للجيش السوري في ريف اللاذقية قبالة بلدة "سلمى" أيضاً، وهو أول انتحاري يفجر نفسه في ريف اللاذقية. وما هي إلا لحظات حتى اندلعت المعارك وهاجم مسلحون يقدر عددهم بنحو ألف شخص، مجموعة من النقاط العسكرية التابعة الجيش السوري المتمركزة في المنطقة، فيما استهدفت بعض القرى بريف "الحفة" بقذائف الهاون، ما أسفر عن وقوع جرحى، وصل منهم الى مشفى "الحفة" اكثر من 80 جريحاً بينهم نساء وأطفال. كما اقتاد عناصر من المجموعات المسلحة أكثر من مئة رهينة الى جهة مجهولة وذلك بعد دخولهم برفقة عناصر "جبهة النصرة" إليها، فيما ارتكبت تلك المجموعات مجزرة بحق المختطفين وأهالي بعض تلك القرى، وتم قتل البعض بدم بارد وسجّلت حالات اعدام ميدانية، وعندما حاول بعض الاهالي النزوح من القرية قامت المجموعات المسلحة بقنص بعضهم ومن بينهم اطفال. ولكن سرعان ما تمكن الجيش السوري مجدداً من فرض طوق ناري، على عدد من المواقع لمنع المسلحين من التقدم نحو "صلنفة" و"الحفة"، فيما تابعت وحدات التدخل الخاص والوحدات المدربة على هذا النوع من المعارك، تقدمها باتجاه بعض الاحراش والغابات التي ما زال يتمركز فيها بعض القناصين الذين يستهدفون المدنيين في بعض القرى الآمنة. وتجدر الاشارة إلى أن هدفاً مهماً كانت تسعى المجموعات المسلحة و"جبهة النصرة" إلى تحقيقه، حين هاجمت تلك القرى، وهو محاولة إيقاع انقسام طائفي ضمن مكونات تلك المنطقة، لكن وعي أهل تلك القرى، ومعرفتهم التامة بالهدف المراد تحقيقه في تلك المرتفعات القريبة من الحدود التركية، شكل عائقاً أمام المسلحين.

المصدر : العهد/ حسين مرتضى


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة