حققت إسرائيل أول إنجاز لها في المفاوضات مع السلطة الفلسطينية في الجانب الإجرائي من الاتفاق، على أن تجري معظم المفاوضات بعيداً عن الحضور الأميركي المباشر.

وكشف النقاب عن فحوى رسائل الضمانات الجانبية التي قدمتها الإدارة الأميركية للجانبين لتسهيل استئناف المفاوضات، في الوقت الذي تفجرت فيه فضيحة الاتفاق السري بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وشركاه في «الائتلاف الحكومي» لمواصلة البناء الاستيطاني، في مقابل الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مسؤول أميركي كبير في البيت الأبيض، قوله إن أحد الأسباب الأساسية وراء الإلحاح على استئناف المفاوضات، كان الخشية من مواجهة خطيرة بين إسرائيل والفلسطينيين في الجمعية العمومية للأمم المتحدة في شهر أيلول المقبل.

وقال المسؤول: «لقد أوضح الفلسطينيون خلال العام انه إذا لم يطرأ أي تقدم في العملية السلمية، فإنهم سيحاولون ثانية ترفيع مكانتهم في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى». وشدد على أن «بوسع ذلك أن يخلق توتراً شديداً ويعرقل التقدم الذي نريد رؤيته في المنطقة. وليس سراً أن أحد الدوافع، في نظر الجميع، كان تجنب «صدام قطارات» كان يمكن أن يقع لو لم نستأنف المفاوضات». وأضاف: «الآن عندما تحركت العملية إلى الأمام، تقلص، وربما اختفى، خطر المواجهة في الأمم المتحدة أو في أي مكان آخر».

بدورها، أشارت صحيفة «يديعوت» الإسرائيلية إلى أن استقبال الرئيس الأميركي باراك أوباما لطاقمي التفاوض، الفلسطيني والإسرائيلي، جاء بعد تجاوب الطرفين مع الجهود الأميركية لتحقيق اتفاق.

وأوضحت مراسلة الصحيفة في واشنطن، أورلي أزولاي انه تم التلميح للطرفين أن أوباما مستعد لرعاية المفاوضات ولكن «ليس في واشنطن وجبات مجانية»، وانهم إذا أرادوا «ملاطفة رئاسية» فينبغي لهم التوصل إلى تفاهمات.

وقالت إن المبادرة الرئاسية جاءت بعد توصل الطرفين إلى اتفاق حول نقطتين مبدئيتين، وهما الإعلان عن أن المفاوضات ستناقش كل القضايا الجوهرية بما في ذلك حدود العام 1967، وإعلان إسرائيل عن سلسلة مبادرات حسن نية تجاه الفلسطينيين لتسهيل ظروف حياتهم في الضفة والقطاع.

من جهة ثانية، كشفت «معاريف» النقاب عن أن المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية لن تجري طوال الوقت تحت رعاية أميركية، بل في الغالب على انفراد بين الجانبين. وأشارت إلى أن الجلسة أجريت بين الطاقمين الإسرائيلي والفلسطيني من دون حضور الطاقم الأميركي المشرف.

وإذا ما صح هذا النبأ، فإن ذلك يشهد على نجاح إسرائيلي آخر، حيث ظل الفلسطينيون يصرون على وجود الوسيط الأميركي، في حين طالبت إسرائيل بتركها تتصرف على طريقتها مع الفلسطينيين. ومعروف أن الفلسطينيين كثيراً ما اعتبروا الوسيط الأميركي عنصراً ضاغطاً على إسرائيل أكثر من أي جهة أخرى.

ولكن «هآرتس» قالت إن المبعوث الخاص للعملية السلمية، مارتن إينديك سيصل في الأيام القريبة إلى المنطقة وسيبقى فيها أسابيع عدة. ولفتت إلى أن إينديك سيشارك في بعض اللقاءات، لا في جميعها.

وأوضح موقع «والا» الإخباري الإسرائيلي أن استئناف المفاوضات ولقاء واشنطن، وفرا لإسرائيل وقتاً تحتاج إليه. إذ إن الإعلان عن أن المفاوضات ستستمر تسعة شهور وستناقش كل القضايا الجوهرية بهدف التوصل إلى حل دائم، يعني توقف الفلسطينيين والعرب والاتحاد الأوروبي، عن ملاحقة إسرائيل في الحلبة الدولية.

وتعتقد إسرائيل أن في وسعها في هذا الجو السعي إلى تلطيف القرار الأوروبي بشأن المستوطنات الذي أعلن قبل أسبوعين. وقد نظرت حكومة بنيامين نتنياهو بارتياح إلى الطريقة التي أدار بها وزير الخارجية الأميركي جون كيري المداولات حتى الآن، وإلى ما حققته حتى من الناحية الإجرائية بإبقاء المفاوضات في المنطقة بين تل أبيب ورام الله.

وزاد في ارتياح إسرائيل تكرار كيري أن الهدف هو «وضع حد للنزاع وإنهاء المطالب» في الربيع المقبل، لأنه تضمن المطلب الإسرائيلي الدائم بإنهاء النزاع «والمطالب» وتدشين المفاوضات من دون الإشارة إلى خطوط العام 1967.

وكشفت الصحف الإسرائيلية النقاب عن الثمن الذي دفعه نتنياهو لشريكه الائتلافي، «البيت اليهودي»، في مقابل السكوت عن الإفراج عن 104 معتقلين فلسطينيين.

وقالت الصحف إن نتنياهو تعهد لوزير البناء والإسكان، أوري أرييل، بالسماح ببناء آلاف الوحدات السكنية في مستوطنات الضفة الغربية، في مقابل بقاء الحزب في «الائتلاف».

ونقلت «معاريف» عن مسؤولين في «البيت اليهودي» قولهم إنه تحقق تفاهم يسمح فيه ببناء آلاف الوحدات السكنية في مستوطنات الضفة والقدس الشرقية، في مقابل تمرير قرار الإفراج عن المعتقلين.

وبموجب هذا الاتفاق، سيسمح في الشهور القريبة ببناء ألف وحدة سكنية يضاف إليها ما بين 3500 و4500 وحدة أخرى. وقد أشاد أرييل بالتفاهم ضمناً، من خلال تأكيده أنه مقابل كل «مخرب أطلق سراحه» سنبني عشرات البيوت» في المستوطنات.

ويؤكد أرييل وزعيم حزبه، نفتالي بينت، للمقربين منهما، أن بقاء الحزب في «الائتلاف» نابع من القناعة بأن استئناف المفاوضات لن يفضي إلى أي اتفاق، ولذلك لا جدوى من التهديد بالانسحاب من الحكومة.

وطلبت عضو الكنيست ميراف ميخائيلي من «حزب العمل»، المستشار القانوني للحكومة، أن يكشف للملأ الاتفاقات بين نتنياهو وقادة «البيت اليهودي» بعد ما نشر عن الاتفاق.

وأشارت صحف إسرائيلية عدة إلى رسائل الضمانات الأميركية التي سيقدمها كيري إلى كل من السلطة الفلسطينية وإسرائيل. وأوضحت «معاريف» أن هذه الرسائل لم تسلم بعد إلى الجانبين وأنها تتعلق بحدود العام 1967 للفلسطينيين وبالدولة اليهودية لإسرائيل.

وكانت وزيرة العدل الإسرائيلية تسيبي ليفني رفضت تأكيد أو نفي تسلم رسائل الضمانات المتفق عليها مع الأميركيين.

وتشير الضمانات أولاً إلى وجوب استمرار المفاوضات شهوراً، وأن لا يقدم الطرفان على أية خطوات من طرف واحد قد تفشلها. والمقصود منع الفلسطينيين من ملاحقة إسرائيل في المحافل الدولية، ومنع إسرائيل من تكثيف الاستيطان وخلق وقائع جديدة على الأرض.

  • فريق ماسة
  • 2013-07-31
  • 6260
  • من الأرشيف

مكاسب إسرائيل: مستوطنات واستفراد بالمفاوض الفلسطيني

حققت إسرائيل أول إنجاز لها في المفاوضات مع السلطة الفلسطينية في الجانب الإجرائي من الاتفاق، على أن تجري معظم المفاوضات بعيداً عن الحضور الأميركي المباشر. وكشف النقاب عن فحوى رسائل الضمانات الجانبية التي قدمتها الإدارة الأميركية للجانبين لتسهيل استئناف المفاوضات، في الوقت الذي تفجرت فيه فضيحة الاتفاق السري بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وشركاه في «الائتلاف الحكومي» لمواصلة البناء الاستيطاني، في مقابل الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين. ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مسؤول أميركي كبير في البيت الأبيض، قوله إن أحد الأسباب الأساسية وراء الإلحاح على استئناف المفاوضات، كان الخشية من مواجهة خطيرة بين إسرائيل والفلسطينيين في الجمعية العمومية للأمم المتحدة في شهر أيلول المقبل. وقال المسؤول: «لقد أوضح الفلسطينيون خلال العام انه إذا لم يطرأ أي تقدم في العملية السلمية، فإنهم سيحاولون ثانية ترفيع مكانتهم في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى». وشدد على أن «بوسع ذلك أن يخلق توتراً شديداً ويعرقل التقدم الذي نريد رؤيته في المنطقة. وليس سراً أن أحد الدوافع، في نظر الجميع، كان تجنب «صدام قطارات» كان يمكن أن يقع لو لم نستأنف المفاوضات». وأضاف: «الآن عندما تحركت العملية إلى الأمام، تقلص، وربما اختفى، خطر المواجهة في الأمم المتحدة أو في أي مكان آخر». بدورها، أشارت صحيفة «يديعوت» الإسرائيلية إلى أن استقبال الرئيس الأميركي باراك أوباما لطاقمي التفاوض، الفلسطيني والإسرائيلي، جاء بعد تجاوب الطرفين مع الجهود الأميركية لتحقيق اتفاق. وأوضحت مراسلة الصحيفة في واشنطن، أورلي أزولاي انه تم التلميح للطرفين أن أوباما مستعد لرعاية المفاوضات ولكن «ليس في واشنطن وجبات مجانية»، وانهم إذا أرادوا «ملاطفة رئاسية» فينبغي لهم التوصل إلى تفاهمات. وقالت إن المبادرة الرئاسية جاءت بعد توصل الطرفين إلى اتفاق حول نقطتين مبدئيتين، وهما الإعلان عن أن المفاوضات ستناقش كل القضايا الجوهرية بما في ذلك حدود العام 1967، وإعلان إسرائيل عن سلسلة مبادرات حسن نية تجاه الفلسطينيين لتسهيل ظروف حياتهم في الضفة والقطاع. من جهة ثانية، كشفت «معاريف» النقاب عن أن المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية لن تجري طوال الوقت تحت رعاية أميركية، بل في الغالب على انفراد بين الجانبين. وأشارت إلى أن الجلسة أجريت بين الطاقمين الإسرائيلي والفلسطيني من دون حضور الطاقم الأميركي المشرف. وإذا ما صح هذا النبأ، فإن ذلك يشهد على نجاح إسرائيلي آخر، حيث ظل الفلسطينيون يصرون على وجود الوسيط الأميركي، في حين طالبت إسرائيل بتركها تتصرف على طريقتها مع الفلسطينيين. ومعروف أن الفلسطينيين كثيراً ما اعتبروا الوسيط الأميركي عنصراً ضاغطاً على إسرائيل أكثر من أي جهة أخرى. ولكن «هآرتس» قالت إن المبعوث الخاص للعملية السلمية، مارتن إينديك سيصل في الأيام القريبة إلى المنطقة وسيبقى فيها أسابيع عدة. ولفتت إلى أن إينديك سيشارك في بعض اللقاءات، لا في جميعها. وأوضح موقع «والا» الإخباري الإسرائيلي أن استئناف المفاوضات ولقاء واشنطن، وفرا لإسرائيل وقتاً تحتاج إليه. إذ إن الإعلان عن أن المفاوضات ستستمر تسعة شهور وستناقش كل القضايا الجوهرية بهدف التوصل إلى حل دائم، يعني توقف الفلسطينيين والعرب والاتحاد الأوروبي، عن ملاحقة إسرائيل في الحلبة الدولية. وتعتقد إسرائيل أن في وسعها في هذا الجو السعي إلى تلطيف القرار الأوروبي بشأن المستوطنات الذي أعلن قبل أسبوعين. وقد نظرت حكومة بنيامين نتنياهو بارتياح إلى الطريقة التي أدار بها وزير الخارجية الأميركي جون كيري المداولات حتى الآن، وإلى ما حققته حتى من الناحية الإجرائية بإبقاء المفاوضات في المنطقة بين تل أبيب ورام الله. وزاد في ارتياح إسرائيل تكرار كيري أن الهدف هو «وضع حد للنزاع وإنهاء المطالب» في الربيع المقبل، لأنه تضمن المطلب الإسرائيلي الدائم بإنهاء النزاع «والمطالب» وتدشين المفاوضات من دون الإشارة إلى خطوط العام 1967. وكشفت الصحف الإسرائيلية النقاب عن الثمن الذي دفعه نتنياهو لشريكه الائتلافي، «البيت اليهودي»، في مقابل السكوت عن الإفراج عن 104 معتقلين فلسطينيين. وقالت الصحف إن نتنياهو تعهد لوزير البناء والإسكان، أوري أرييل، بالسماح ببناء آلاف الوحدات السكنية في مستوطنات الضفة الغربية، في مقابل بقاء الحزب في «الائتلاف». ونقلت «معاريف» عن مسؤولين في «البيت اليهودي» قولهم إنه تحقق تفاهم يسمح فيه ببناء آلاف الوحدات السكنية في مستوطنات الضفة والقدس الشرقية، في مقابل تمرير قرار الإفراج عن المعتقلين. وبموجب هذا الاتفاق، سيسمح في الشهور القريبة ببناء ألف وحدة سكنية يضاف إليها ما بين 3500 و4500 وحدة أخرى. وقد أشاد أرييل بالتفاهم ضمناً، من خلال تأكيده أنه مقابل كل «مخرب أطلق سراحه» سنبني عشرات البيوت» في المستوطنات. ويؤكد أرييل وزعيم حزبه، نفتالي بينت، للمقربين منهما، أن بقاء الحزب في «الائتلاف» نابع من القناعة بأن استئناف المفاوضات لن يفضي إلى أي اتفاق، ولذلك لا جدوى من التهديد بالانسحاب من الحكومة. وطلبت عضو الكنيست ميراف ميخائيلي من «حزب العمل»، المستشار القانوني للحكومة، أن يكشف للملأ الاتفاقات بين نتنياهو وقادة «البيت اليهودي» بعد ما نشر عن الاتفاق. وأشارت صحف إسرائيلية عدة إلى رسائل الضمانات الأميركية التي سيقدمها كيري إلى كل من السلطة الفلسطينية وإسرائيل. وأوضحت «معاريف» أن هذه الرسائل لم تسلم بعد إلى الجانبين وأنها تتعلق بحدود العام 1967 للفلسطينيين وبالدولة اليهودية لإسرائيل. وكانت وزيرة العدل الإسرائيلية تسيبي ليفني رفضت تأكيد أو نفي تسلم رسائل الضمانات المتفق عليها مع الأميركيين. وتشير الضمانات أولاً إلى وجوب استمرار المفاوضات شهوراً، وأن لا يقدم الطرفان على أية خطوات من طرف واحد قد تفشلها. والمقصود منع الفلسطينيين من ملاحقة إسرائيل في المحافل الدولية، ومنع إسرائيل من تكثيف الاستيطان وخلق وقائع جديدة على الأرض.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة