دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
تبدو تركيا في وضع يدفعها الى مزيد من العزلة، مع تلقيها الضربات المتتالية في كل مكان. وبعد فشلها في اسقاط النظام السوري ومن معه من دول وقوى اقليمية، جاءت ثورة «30 يونيو» في مصر لتوجه الضربة القاصمة الثانية للدور التركي في المنطقة.
ولا تنفصل عن هذا المناخ، الشائعات عن نية تركيا سحب قواتها في اليونيفيل في جنوب لبنان بعد قرار الاتحاد الأوروبي وضع ما يسميه «الجناح العسكري لحزب الله» على قائمته للمنظمات الإرهابية، ومع استمرار اختطاف الزوار اللبنانيين في أعزاز، والاتهامات بأن لتركيا دورا مباشرا في عملية الخطف وإفشال المفاوضات لإطلاق سراحهم.
ولا شك في أن العلاقات التركية مع السعودية ودول الخليج تمر في أسوأ مراحلها، مع اتهام تركي غير مباشر للسعودية بالوقوف وراء عزل «الإخوان المسلمين» عن السلطة في مصر.
وفي ما يتعلق بالموقف التركي من التطورات في مصر والإطاحة بـ«الإخوان»، لم يبلغ مستوى التهجم التركي على ثورة «30 يونيو» وقيادة العسكر للمرحلة الانتقالية ما بلغه خلال الساعات الماضية.وقد تناوب على التهجم، خصوصاً على وزير الدفاع المصري الفريق أول عبد الفتاح السيسي، جميع المسؤولين الأتراك من دون استثناء، من رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان، إلى وزير الخارجية أحمد داود أوغلو، ووزير الدفاع عصمت يلماز وآخرين.
ولقد كان مانشيت صحيفة «يني شفق» أمس، معبّراً عن الهستيريا التركية عندما وصفت السيسي بـ«بينوشيه مصر»، في إشارة إلى زعيم الانقلاب التشيلي الشهير بينوشيه. وقد اعتبرت الصحيفة أن السيسي «قاتل الشعب المصري».
وقال أردوغان في أحد الإفطارات إن «الديموقراطية والإرادة الشعبية تُقتلان في مصر، واليوم تقتل الأمة». ووزع تهجماته في كل اتجاه. فتساءل أولاً عن القيم الأوروبية حيث «يعطون الدروس ليل نهار، لكن أين هم الآن؟ أين ديموقراطيتهم؟»، موجهاً سهامه إلى وسائل الإعلام الغربية، ولا سيما «سي إن إن» الأميركية، و«بي بي سي» البريطانية، اللتين بثتا أحداث «تقسيم» على الهواء، بينما عميتا عما يجري في مصر.
وعرج على العالم الإسلامي متسائلاً أين هو ومتى يسمع ما يجري في مصر، قائلاً إن هذا العالم صمت على مئة ألف قتيل في سوريا وها هو يسكت على المجازر في مصر. وأضاف أردوغان أن أكثر ما يحزنه أن يسقط الشهداء في «رابعة العدوية» بينما يطلق المتواجدون في ميدان التحرير الرصاص ابتهاجاً.
ورأى وزير الدفاع التركي عصمت يلماز أن الفراعنة هم الذين يقتلون الأطفال في مصر اليوم. وقال إنه «في مواجهة كل فرعون سيظهر قبالته موسى جديد».
أما وزير المالية التركي محمد شيمشيك، فرأى أنه تجب مواجهة المتظاهرين بطريقة سلمية، وأن شعوب الشرق الأوسط تستحق الديموقراطية.
ورأى النائب يالتشين آق دوغان المستشار السياسي لأردوغان، أن ما جرى كان جريمة سياسية وتحول إلى جريمة انسانية. واعتبر أن «الساكتين عن إدانة ما يجري هم شركاء في هذه الكارثة.
من جهته، دعا نائب رئيس الحكومة بكر بوزداغ العالم ليقف بوجه المجازر في مصر ويقول للعسكريين «قفوا». كما رأى بيان لوزارة الخارجية أن إطلاق النار على المتظاهرين هو «إطلاق رصاص على الديموقراطية».
بدوره، أشار زعيم «حزب الشعب الجمهوري» المعارض كمال كيليتشدار أوغلو، الى أن إطلاق النار على المدنيين غير مقبول، ويجب الذهاب الى انتخابات ديموقراطية.
واعتبر زعيم «حزب السعادة الاسلامي» مصطفى قامالاق أن الدول الغربية تقف وراء الانقلاب في مصر وهي مسؤولة عن كل ما يجري.وفي مقالة مثيرة للانتباه، رأى الكاتب عبد القادر سلفي، المقرب من «حزب العدالة والتنمية»، في صحيفة «يني شفق»، أنه «لو أطيح بنظام (الرئيس السوري) بشار الأسد لما تجرأ الآخرون على الانقلاب على مرسي». وقال إن «انقلابيي مصر أسقطوا القناع عن وجوههم وكشفوا عن وجههم الدموي»، مضيفاً أن «الربيع العربي قد خنق في سوريا، والآن يسقط في مصر ويحضّرون لإسقاطه في تونس ومن بعدها في ليبيا».
وشن سلفي هجوماً على السعودية قائلاً إن «إسقاط مرسي أراح الملك السعودي»، متوقعاً أن تكون الخطوة التالية هي اعتبار تنظيم «الإخوان المسلمين» منظمة ارهابية، وبالتالي حظرها ومنع مشاركتها في الانتخابات النيابية المقبلة. وانتهى إلى القول انه «إذا تحقق ذلك فسيأخذ السعوديون والخليجيون وإسرائيل، نفساً عميقاً ويرتاحون».
المصدر :
محمد نور الدين/ السفير
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة