حظيت معركة بلدة رأس العين (سركانيه لدى الأكراد) السورية على الحدود مع تركيا، بين قوات «حزب الاتحاد الديموقراطي» الكردي الموالي لـ«حزب العمال الكردستاني» ومسلحي «جبهة النصرة» التي ترعاها أنقرة، باهتمام داخلي تركي واسع، غطّى على الصخب الذي لا يزال رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان يثيره حول إطاحة «جماعة الإخوان المسلمين» في مصر.

وتكاد معركة رأس العين وعزل الرئيس المصري محمد مرسي يكونان وجهين لعملة واحدة، حيث تتلاحق الضربات التي توجه لركائز النفوذ التركي في المنطقة.

وإذا كانت مصر قضية أكبر بكثير مما هي رأس العين، غير أن البلدة جزء من خط حدودي طويل يحاذي تركيا، ويخلق لها حساسيات في ظل النظرة التركية السلبية للوجود الكردي في الشرق الأوسط.

وليس مستبعدا أن تشكل أحداث رأس العين والمواجهات بين المسلحين الأكراد ومسلحي «النصرة» المسمار الأخير في نعش ما يسمى في تركيا بـ«عملية الحل» للمشكلة الكردية، التي طرأ عليها المزيد من التعقيد، بعد التحذيرات التي وجهها «حزب العمال الكردستاني» للحكومة التركية بضرورة الإقدام على خطوات لتعديل الدستور، واتهام أردوغان بأنه لا يريد الحل أصلا.

وذكر «حزب العمال الكردستاني»، في بيان، «نحن كحركة نحذر الحزب الحاكم، حزب العدالة والتنمية للمرة الأخيرة. اذا لم يتم اتخاذ خطوات ملموسة في أقرب وقت بشأن المسائل التي حددها شعبنا والرأي العام فلن تتقدم العملية، وستصبح حكومة حزب العدالة والتنمية مسؤولة عن ذلك». واتهم «الحكومة التركية بدعم جماعات ضالعة في اشتباكات مع أكراد في شمال سوريا».

وفي هذا السياق، وصف القيادي البارز في «الكردستاني» دوران قالقان معركة رأس العين بأنها ملحمة يسطرها الشعب الكردي.

وقد انعكست هزيمة مسلحي «جبهة النصرة» على الحراك الرسمي التركي، حيث استعجل أردوغان عقد لقاء ثلاثي مع الرئيس عبدالله غول ورئيس الأركان الجنرال نجدت أوزيل لبحث الوضع الكردي على الحدود السورية - التركية بعد معركة رأس العين، خصوصا أن ثلاثة من بين القتلى في صفوف «النصرة» في معارك رأس العين تبين أنهم من الأتراك من مناطق أضنة وأرضروم ودوغوجو.

في هذا الوقت، دعا رئيس «الاتحاد الديموقراطي» صالح مسلم محمد أنقرة إلى وقف دعمها لـ«جبهة النصرة»، مستبعداً أي تدخل عسكري تركي على الحدود. لكن إذا حدث ذلك، يقول مسلم، «فسندافع عن أنفسنا سواء هوجمنا من الشمال أو الجنوب».

وأنكر مسلم، الذي كان يتحدث إلى قناة إذاعية، ونشرت مقاطع منه صحيفة «اوزغور غونديم» الكردية، أن يكون لدى الأكراد نية في الانفصال عن سوريا، قائلا «إننا نسعى لحكم ذاتي في روجافا» وهو الاسم الكردي للمناطق الكردية في سوريا.

وقال مسلم، لوكالة «فرانس برس»، «نرى أن الأزمة (في سوريا) لا نهاية لها قريبة في الآفاق، ولهذا نحن محتاجون داخل المجتمع في غرب كردستان لتشكيل إدارة ذاتية ديموقراطية». وأضاف ان الامر هو «مشروعنا منذ العام 2007 لتأمين احتياجات الناس»، مشددا على ان الحكومة ستكون مؤقتة. وقال «هي شكل مؤقت للإدارة، وبمجرد أن يكون هناك اتفاق شامل ضمن سوريا في المستقبل عندها يمكن أن نضع حداً لهذه الادارة».

وتتمحور المخاوف التركية من أن تكون أنقرة أمام جار جديد، ليس سوى «الكردستاني» الذي لا تزال تعتبره أنقرة، رغم الجهود لحل المشكلة الكردية، منظمة إرهابية.

وكانت سيطرة مقاتلي «الاتحاد الديموقراطي» على العديد من المناطق السورية ذات الغالبية الكردية في منتصف الصيف الماضي، وتحديدا بدءا من 19 تموز العام 2012، سببا لتعلن أنقرة أن هذا التطور سيكون دافعاً لتقوم تركيا بغزو عسكري لتلك المناطق.

ورأت صحيفة «ميللييت» أمس الأول أن إقامة منطقة حكم ذاتي في سوريا للأكراد سيكون الهدف الأول من خطة زعيم «الكردستاني» عبدالله أوجلان لإقامة «كردستان الكبرى»، على ان تكون الخطوة التالية هي حكم ذاتي لأكراد تركيا على أساس ان شمال العراق قد نال أكثر من حكمه الذاتي.

وتتساءل الصحيفة عن الموقف الذي ستتخذه أنقرة «فهي من جهة تجري مباحثات مع الكردستاني في تركيا وفي الوقت نفسه يواجهها الحزب بورقة الحكم الذاتي الواعي في شمال سوريا. فهل ستعتبر أنقرة ذلك سببا للحرب أم أنها ستعتبره شأناً داخلياً سورياً لتفادي الإحراج والانجرار إلى المستنقع الكردي؟».

غير أن الخبر اللافت هو أن صحيفة «يني شفق»، الموالية لأردوغان، زعمت أن «النظام في سوريا يستعد لمنح الأكراد في سوريا حكما ذاتيا خلال 15 يوما، بحيث يلعب الرئيس السوري بشار الأسد الورقة الكردية بوجه تركيا بطريقة تقض مضاجع أنقرة، ويوجه لها ضربة جذرية لم تكن لتتوقعها قبل بدء الأحداث في سوريا».

وقالت الصحيفة إن «المناطق التي سيشملها الحكم الذاتي هي رأس العين، الحسكة، عفرين، الدرباسية، عين العرب، القامشلي وتربسبيه». وذكّرت بأن «الأكراد في تلك المناطق سيجرون انتخابات محلية في 6 أيلول المقبل في خطوة إضافية لترسيخ الحكم الذاتي». وتضيف أن «الأسد اجتمع في السابق بممثلين عن الأكراد ووعدهم بحكم ذاتي»، مشيرة إلى أن «الاستخبارات التركية قد تبادر إلى الاجتماع بممثلين عن حزب الاتحاد الديموقراطي السوري الذي يترأسه صالح مسلم محمد من أجل منع القيام بخطوات نحو الحكم الذاتي».

واتهمت الصحيفة «الأكراد بأنهم استغلوا الهدنة التي أعلنها الجيش السوري الحر خلال شهر رمضان في رأس العين، وقاموا بالتنسيق مع النظام في سوريا بالهجوم على البلدة». وأضافت أن «المسلحين الأكراد لن يتوقفوا عند رأس العين بل سيسعون للسيطرة على المناطق الكردية التي فيها مسلحو الجيش الحر وجبهة النصرة».
  • فريق ماسة
  • 2013-07-19
  • 8696
  • من الأرشيف

معركة رأس العين تربك أنقرة أكراد سورية سيؤلفون «حكومة مؤقتة»

حظيت معركة بلدة رأس العين (سركانيه لدى الأكراد) السورية على الحدود مع تركيا، بين قوات «حزب الاتحاد الديموقراطي» الكردي الموالي لـ«حزب العمال الكردستاني» ومسلحي «جبهة النصرة» التي ترعاها أنقرة، باهتمام داخلي تركي واسع، غطّى على الصخب الذي لا يزال رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان يثيره حول إطاحة «جماعة الإخوان المسلمين» في مصر. وتكاد معركة رأس العين وعزل الرئيس المصري محمد مرسي يكونان وجهين لعملة واحدة، حيث تتلاحق الضربات التي توجه لركائز النفوذ التركي في المنطقة. وإذا كانت مصر قضية أكبر بكثير مما هي رأس العين، غير أن البلدة جزء من خط حدودي طويل يحاذي تركيا، ويخلق لها حساسيات في ظل النظرة التركية السلبية للوجود الكردي في الشرق الأوسط. وليس مستبعدا أن تشكل أحداث رأس العين والمواجهات بين المسلحين الأكراد ومسلحي «النصرة» المسمار الأخير في نعش ما يسمى في تركيا بـ«عملية الحل» للمشكلة الكردية، التي طرأ عليها المزيد من التعقيد، بعد التحذيرات التي وجهها «حزب العمال الكردستاني» للحكومة التركية بضرورة الإقدام على خطوات لتعديل الدستور، واتهام أردوغان بأنه لا يريد الحل أصلا. وذكر «حزب العمال الكردستاني»، في بيان، «نحن كحركة نحذر الحزب الحاكم، حزب العدالة والتنمية للمرة الأخيرة. اذا لم يتم اتخاذ خطوات ملموسة في أقرب وقت بشأن المسائل التي حددها شعبنا والرأي العام فلن تتقدم العملية، وستصبح حكومة حزب العدالة والتنمية مسؤولة عن ذلك». واتهم «الحكومة التركية بدعم جماعات ضالعة في اشتباكات مع أكراد في شمال سوريا». وفي هذا السياق، وصف القيادي البارز في «الكردستاني» دوران قالقان معركة رأس العين بأنها ملحمة يسطرها الشعب الكردي. وقد انعكست هزيمة مسلحي «جبهة النصرة» على الحراك الرسمي التركي، حيث استعجل أردوغان عقد لقاء ثلاثي مع الرئيس عبدالله غول ورئيس الأركان الجنرال نجدت أوزيل لبحث الوضع الكردي على الحدود السورية - التركية بعد معركة رأس العين، خصوصا أن ثلاثة من بين القتلى في صفوف «النصرة» في معارك رأس العين تبين أنهم من الأتراك من مناطق أضنة وأرضروم ودوغوجو. في هذا الوقت، دعا رئيس «الاتحاد الديموقراطي» صالح مسلم محمد أنقرة إلى وقف دعمها لـ«جبهة النصرة»، مستبعداً أي تدخل عسكري تركي على الحدود. لكن إذا حدث ذلك، يقول مسلم، «فسندافع عن أنفسنا سواء هوجمنا من الشمال أو الجنوب». وأنكر مسلم، الذي كان يتحدث إلى قناة إذاعية، ونشرت مقاطع منه صحيفة «اوزغور غونديم» الكردية، أن يكون لدى الأكراد نية في الانفصال عن سوريا، قائلا «إننا نسعى لحكم ذاتي في روجافا» وهو الاسم الكردي للمناطق الكردية في سوريا. وقال مسلم، لوكالة «فرانس برس»، «نرى أن الأزمة (في سوريا) لا نهاية لها قريبة في الآفاق، ولهذا نحن محتاجون داخل المجتمع في غرب كردستان لتشكيل إدارة ذاتية ديموقراطية». وأضاف ان الامر هو «مشروعنا منذ العام 2007 لتأمين احتياجات الناس»، مشددا على ان الحكومة ستكون مؤقتة. وقال «هي شكل مؤقت للإدارة، وبمجرد أن يكون هناك اتفاق شامل ضمن سوريا في المستقبل عندها يمكن أن نضع حداً لهذه الادارة». وتتمحور المخاوف التركية من أن تكون أنقرة أمام جار جديد، ليس سوى «الكردستاني» الذي لا تزال تعتبره أنقرة، رغم الجهود لحل المشكلة الكردية، منظمة إرهابية. وكانت سيطرة مقاتلي «الاتحاد الديموقراطي» على العديد من المناطق السورية ذات الغالبية الكردية في منتصف الصيف الماضي، وتحديدا بدءا من 19 تموز العام 2012، سببا لتعلن أنقرة أن هذا التطور سيكون دافعاً لتقوم تركيا بغزو عسكري لتلك المناطق. ورأت صحيفة «ميللييت» أمس الأول أن إقامة منطقة حكم ذاتي في سوريا للأكراد سيكون الهدف الأول من خطة زعيم «الكردستاني» عبدالله أوجلان لإقامة «كردستان الكبرى»، على ان تكون الخطوة التالية هي حكم ذاتي لأكراد تركيا على أساس ان شمال العراق قد نال أكثر من حكمه الذاتي. وتتساءل الصحيفة عن الموقف الذي ستتخذه أنقرة «فهي من جهة تجري مباحثات مع الكردستاني في تركيا وفي الوقت نفسه يواجهها الحزب بورقة الحكم الذاتي الواعي في شمال سوريا. فهل ستعتبر أنقرة ذلك سببا للحرب أم أنها ستعتبره شأناً داخلياً سورياً لتفادي الإحراج والانجرار إلى المستنقع الكردي؟». غير أن الخبر اللافت هو أن صحيفة «يني شفق»، الموالية لأردوغان، زعمت أن «النظام في سوريا يستعد لمنح الأكراد في سوريا حكما ذاتيا خلال 15 يوما، بحيث يلعب الرئيس السوري بشار الأسد الورقة الكردية بوجه تركيا بطريقة تقض مضاجع أنقرة، ويوجه لها ضربة جذرية لم تكن لتتوقعها قبل بدء الأحداث في سوريا». وقالت الصحيفة إن «المناطق التي سيشملها الحكم الذاتي هي رأس العين، الحسكة، عفرين، الدرباسية، عين العرب، القامشلي وتربسبيه». وذكّرت بأن «الأكراد في تلك المناطق سيجرون انتخابات محلية في 6 أيلول المقبل في خطوة إضافية لترسيخ الحكم الذاتي». وتضيف أن «الأسد اجتمع في السابق بممثلين عن الأكراد ووعدهم بحكم ذاتي»، مشيرة إلى أن «الاستخبارات التركية قد تبادر إلى الاجتماع بممثلين عن حزب الاتحاد الديموقراطي السوري الذي يترأسه صالح مسلم محمد من أجل منع القيام بخطوات نحو الحكم الذاتي». واتهمت الصحيفة «الأكراد بأنهم استغلوا الهدنة التي أعلنها الجيش السوري الحر خلال شهر رمضان في رأس العين، وقاموا بالتنسيق مع النظام في سوريا بالهجوم على البلدة». وأضافت أن «المسلحين الأكراد لن يتوقفوا عند رأس العين بل سيسعون للسيطرة على المناطق الكردية التي فيها مسلحو الجيش الحر وجبهة النصرة».

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة