كرست السعودية أمس انفرادها رسمياً بقرار «الائتلاف  » المعارض. وبعد أسبوعين من إخراجها قطر من قيادة احد ابرز التشكيلات السورية الخارجية المعارضة، وإيصالها كتلة عشائرية علمانية «اخوانية» لقيادته، أفرد ولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز المكان لوفد «ائتلافي» قاده احمد الجربا.

وبغض النظر عن القضايا التي نوقشت خلال لقاء دام أكثر من ساعة بقليل، التي لم تتجاوز العموميات والبروتوكول، كما قال عضو في الوفد لـ«السفير»، لم يتح فيها لجميع أفراده مساءلة ولي العهد المريض والمتعب، إلا أنه لم يغب عن خاطر احد قوة الرسالة التي تبعث بها الرياض، وهي تستقبل على هذا المستوى غير المسبوق «ائتلافاً» سورياً، راكم الإخفاق تلو الآخر، ومضمونها استمرار الرهان على «الائتلاف» مهما كلف الأمر، وان «الائتلاف» لم يعد مجرد ملف امني تديره الاستخبارات السعودية ورئيسها بندر بن سلطان، وإنما حليف سياسي ضروري في الحرب على النظام السوري، وتحت شعار يبدو بعيد التحقق يتطلب إعادة التوازن على الأرض.

في هذا الوقت، يتواصل انفضاض «الأصدقاء» في الساعات الأخيرة عن دعم المعارضة المسلحة، وتتملص بريطانيا وفرنسا من وعود التسليح، وينفي «البنتاغون» نيته تدريب مقاتلي المعارضة، وهو ما سيغير مجرى المعارك في جنوب سوريا ودرعا التي تنتظر وصول مقاتلين من مخيمات أميركية في الأردن، ويعتذر وزير الخارجية الأميركي جون كيري بأن «الأوضاع لا تسمح» بتطبيق حظر جوي، فيما تسرب الحكومة البريطانية أن الرئيس السوري بشار الأسد باق لسنوات، ويغيب ذكره كلياً حتى خلال لقاء ولي العهد السعودي بـ«الائتلافيين» في جدة.

وإلى لقاء ولي العهد سلمان بن عبد العزيز جاء من «الائتلافيين» رئيسهم احمد الجربا ونوابه سالم المسلط الجبوري وسهير الأتاسي وفاروق طيفور والأمين العام بدر جاموس. ورافقهم ميشال كيلو وكمال اللبواني ورئيس «المجلس الوطني» جورج صبرا.

وبدا أن ولاية العهد السعودية لم تقم بأكثر من استقبال «الائتلافيين»، والاستماع إلى مطالبهم، من دون الرد عليها خلال اللقاء، كما قال مصدر في «الائتلاف» لـ«السفير»، لأن القضايا التي طرحت خلال اللقاء ليست من الاختصاص المباشر للأمير سلمان، وتتطلب لقاءات أخرى مع «تقنيين» وأصحاب الشأن في الدوائر السعودية التي تتابع الملف السوري.

وقال عضو في الوفد إن الأمير السعودي، الذي استمع لعرض قدمه الجربا عن معاناة الشعب السوري، لم يأت خلال اللقاء مع قادة «الائتلاف» على اسم الرئيس بشار الأسد، ولم ينتقد النظام السوري، وابلغهم أن كل ما يهمنا «انه ليس للسعودية مصالح خاصة في سوريا، وكل ما يهمنا أن تكون سوريا آمنة مستقرة وحليفة لنا».

ورداً على طلب مضاعفة المساعدات الإغاثية والعسكرية المقدمة، اكتفى بالقول «سنرى». وتجاهل ولي العهد السعودي الخوض في قضية «جنيف» عندما طرح عليه

احد أعضاء الوفد سؤالاً عن موقف الرياض من التسوية المقترحة.

ويرى مصدر «ائتلافي» أن السعودية كغيرها من الدول التي تمد يد العون للمعارضة السورية الخارجية، لا تملك رؤية بعيدة المدى لما يجب أن تكون عليه الاستراتيجيات لمواجهة النظام السوري، واحتواء تقدمه على كل الجبهات. وقال المصدر إن «الائتلافيين» ليسوا مكلفين جميعاً بتقديم الطلبات، وان ملف التسليح والإغاثة المحوريين، سيكونان موضع بحث في الأيام المقبلة بين الجربا وكيلو واللواء سليم إدريس مع بعض المسؤولين السعوديين.

وينتظر «الائتلافيون» أن تدعم السعودية طلباً بمضاعفة تدفق السلاح «عشر مرات مما هو عليه حالياً»، وزيادة غرف العمليات المشتركة التي تدير توزيع الأسلحة من تركيا والأردن باتجاه الداخل السوري، وتكليف «الجيش الحر» حصراً بعمليات التسليح. ويطالب «الائتلافيون» بمزيد من الضغط على الأردنيين لتسهيل مرور الأسلحة إلى الجنوب السوري، والأهم إقناع الأتراك والأردنيين بتعبئة وحشد الآلاف من الضباط والجنود اللاجئين إلى المخيمات، تنفيذاً لخطة تقدم بها ميشال كيلو «لعسكرة الجيش الحر» وتقليص نفوذ المدنيين وتعزيزه.

ومن المنتظر أن يبدأ بعض أعضاء الوفد كالجربا وكيلو وإدريس لقاءات مع بندر بن سلطان لتنسيق عمليات التسلح، وإطلاعهم على الضغوط التي يمارسها مدير الاستخبارات السعودية خلال جولته على فرنسا وألمانيا وبريطانيا، لطمأنة تلك البلدان أن السلاح السعودي لن يصل إلا إلى أيد أمينة في الشمال السوري، وان بعض الصواريخ المضادة للطائرات، التي سلمتها الاستخبارات السعودية في المنطقة لن تقع في أيدي المتطرفين، بحسب مصادر ديبلوماسية في باريس. وحث الأمير بندر تلك البلدان على الوفاء بوعودها تسليح المعارضة، مع اقتراب موعد الأول من آب، الذي يحرر فيه الاتحاد الأوروبي الدول الأعضاء من التزاماتها بالحظر السابق المفروض على تسليح المعارضة.

وباستثناء لقاء جدة مع ولي العهد السعودي لم تلق المعارضة السورية الخارجية انباء مشجعة، ففي الأردن حيث جال وزير الخارجية جون كيري، فوق مخيم الزعتري للاجئين، لم يجد ما يقوله للاجئين التقاهم وطالبوه بفرض منطقة حظر جوي ومناطق آمنة في سوريا سوى «كنت أتمنى لو أن الأمر بهذه البساطة».

وشكا كيري من أن «الكثير من الشبان الأميركيين فقدوا أرواحهم أو أصيبوا بإعاقة وهم يحاربون من أجل الحرية في العراق وأفغانستان. نحن نحارب منذ 12 عاماً». وأضاف «نحاول أن نساعدكم بمختلف الطرق. هناك بحث لفرض مناطق آمنة وخيارات أخرى، لكن الأمر ليس بهذه البساطة».

وكان رئيس اركان القوات الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي أقل كرماً من كيري، عندما قال، امام لجنة برلمانية، ان وزارة الدفاع لا تخطط لتدريب مسلحي المعارضة السورية. واعلن ان «ذلك لن يحدث عبر وزارة الدفاع. ربما بسبل أخرى أو دول أخرى». وأعلن أن الولايات المتحدة تسعى إلى تقوية المعارضة، بالرغم من تأكيده أن «الأوضاع مالت إلى مصلحة الأسد».

وذهب رئيس أركان الجيش البريطاني المنتهية خدمته ديفيد ريتشاردز، أبعد من ديمبسي في نفض اليد من الملف السوري. وقال، في مقابلة مع صحيفة «ديلي تلغراف» نشرت أمس، أن فرض منطقة حظر جوي فوق الأراضي السورية لن يكون كافياً، من دون تدخل عسكري للسيطرة على الأرض.

ونقلت وكالة «رويترز» عن مصادر قولها إن الحكومة البريطانية تخلت عن خطط لتسليح المعارضة السورية، وباتت تعتقد أن الأسد قد يبقى في منصبه لسنوات، وأن عقد مؤتمر «جنيف 2» قد لا يحدث قبل العام المقبل، إذا عقد أصلاً.

وأعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن باريس «لم تغير موقفها» بشأن عدم تسليم مسلحي المعارضة السورية أسلحة فتاكة.
  • فريق ماسة
  • 2013-07-19
  • 11542
  • من الأرشيف

السعودية تجاهر بانخراطها في الحرب السورية

كرست السعودية أمس انفرادها رسمياً بقرار «الائتلاف  » المعارض. وبعد أسبوعين من إخراجها قطر من قيادة احد ابرز التشكيلات السورية الخارجية المعارضة، وإيصالها كتلة عشائرية علمانية «اخوانية» لقيادته، أفرد ولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز المكان لوفد «ائتلافي» قاده احمد الجربا. وبغض النظر عن القضايا التي نوقشت خلال لقاء دام أكثر من ساعة بقليل، التي لم تتجاوز العموميات والبروتوكول، كما قال عضو في الوفد لـ«السفير»، لم يتح فيها لجميع أفراده مساءلة ولي العهد المريض والمتعب، إلا أنه لم يغب عن خاطر احد قوة الرسالة التي تبعث بها الرياض، وهي تستقبل على هذا المستوى غير المسبوق «ائتلافاً» سورياً، راكم الإخفاق تلو الآخر، ومضمونها استمرار الرهان على «الائتلاف» مهما كلف الأمر، وان «الائتلاف» لم يعد مجرد ملف امني تديره الاستخبارات السعودية ورئيسها بندر بن سلطان، وإنما حليف سياسي ضروري في الحرب على النظام السوري، وتحت شعار يبدو بعيد التحقق يتطلب إعادة التوازن على الأرض. في هذا الوقت، يتواصل انفضاض «الأصدقاء» في الساعات الأخيرة عن دعم المعارضة المسلحة، وتتملص بريطانيا وفرنسا من وعود التسليح، وينفي «البنتاغون» نيته تدريب مقاتلي المعارضة، وهو ما سيغير مجرى المعارك في جنوب سوريا ودرعا التي تنتظر وصول مقاتلين من مخيمات أميركية في الأردن، ويعتذر وزير الخارجية الأميركي جون كيري بأن «الأوضاع لا تسمح» بتطبيق حظر جوي، فيما تسرب الحكومة البريطانية أن الرئيس السوري بشار الأسد باق لسنوات، ويغيب ذكره كلياً حتى خلال لقاء ولي العهد السعودي بـ«الائتلافيين» في جدة. وإلى لقاء ولي العهد سلمان بن عبد العزيز جاء من «الائتلافيين» رئيسهم احمد الجربا ونوابه سالم المسلط الجبوري وسهير الأتاسي وفاروق طيفور والأمين العام بدر جاموس. ورافقهم ميشال كيلو وكمال اللبواني ورئيس «المجلس الوطني» جورج صبرا. وبدا أن ولاية العهد السعودية لم تقم بأكثر من استقبال «الائتلافيين»، والاستماع إلى مطالبهم، من دون الرد عليها خلال اللقاء، كما قال مصدر في «الائتلاف» لـ«السفير»، لأن القضايا التي طرحت خلال اللقاء ليست من الاختصاص المباشر للأمير سلمان، وتتطلب لقاءات أخرى مع «تقنيين» وأصحاب الشأن في الدوائر السعودية التي تتابع الملف السوري. وقال عضو في الوفد إن الأمير السعودي، الذي استمع لعرض قدمه الجربا عن معاناة الشعب السوري، لم يأت خلال اللقاء مع قادة «الائتلاف» على اسم الرئيس بشار الأسد، ولم ينتقد النظام السوري، وابلغهم أن كل ما يهمنا «انه ليس للسعودية مصالح خاصة في سوريا، وكل ما يهمنا أن تكون سوريا آمنة مستقرة وحليفة لنا». ورداً على طلب مضاعفة المساعدات الإغاثية والعسكرية المقدمة، اكتفى بالقول «سنرى». وتجاهل ولي العهد السعودي الخوض في قضية «جنيف» عندما طرح عليه احد أعضاء الوفد سؤالاً عن موقف الرياض من التسوية المقترحة. ويرى مصدر «ائتلافي» أن السعودية كغيرها من الدول التي تمد يد العون للمعارضة السورية الخارجية، لا تملك رؤية بعيدة المدى لما يجب أن تكون عليه الاستراتيجيات لمواجهة النظام السوري، واحتواء تقدمه على كل الجبهات. وقال المصدر إن «الائتلافيين» ليسوا مكلفين جميعاً بتقديم الطلبات، وان ملف التسليح والإغاثة المحوريين، سيكونان موضع بحث في الأيام المقبلة بين الجربا وكيلو واللواء سليم إدريس مع بعض المسؤولين السعوديين. وينتظر «الائتلافيون» أن تدعم السعودية طلباً بمضاعفة تدفق السلاح «عشر مرات مما هو عليه حالياً»، وزيادة غرف العمليات المشتركة التي تدير توزيع الأسلحة من تركيا والأردن باتجاه الداخل السوري، وتكليف «الجيش الحر» حصراً بعمليات التسليح. ويطالب «الائتلافيون» بمزيد من الضغط على الأردنيين لتسهيل مرور الأسلحة إلى الجنوب السوري، والأهم إقناع الأتراك والأردنيين بتعبئة وحشد الآلاف من الضباط والجنود اللاجئين إلى المخيمات، تنفيذاً لخطة تقدم بها ميشال كيلو «لعسكرة الجيش الحر» وتقليص نفوذ المدنيين وتعزيزه. ومن المنتظر أن يبدأ بعض أعضاء الوفد كالجربا وكيلو وإدريس لقاءات مع بندر بن سلطان لتنسيق عمليات التسلح، وإطلاعهم على الضغوط التي يمارسها مدير الاستخبارات السعودية خلال جولته على فرنسا وألمانيا وبريطانيا، لطمأنة تلك البلدان أن السلاح السعودي لن يصل إلا إلى أيد أمينة في الشمال السوري، وان بعض الصواريخ المضادة للطائرات، التي سلمتها الاستخبارات السعودية في المنطقة لن تقع في أيدي المتطرفين، بحسب مصادر ديبلوماسية في باريس. وحث الأمير بندر تلك البلدان على الوفاء بوعودها تسليح المعارضة، مع اقتراب موعد الأول من آب، الذي يحرر فيه الاتحاد الأوروبي الدول الأعضاء من التزاماتها بالحظر السابق المفروض على تسليح المعارضة. وباستثناء لقاء جدة مع ولي العهد السعودي لم تلق المعارضة السورية الخارجية انباء مشجعة، ففي الأردن حيث جال وزير الخارجية جون كيري، فوق مخيم الزعتري للاجئين، لم يجد ما يقوله للاجئين التقاهم وطالبوه بفرض منطقة حظر جوي ومناطق آمنة في سوريا سوى «كنت أتمنى لو أن الأمر بهذه البساطة». وشكا كيري من أن «الكثير من الشبان الأميركيين فقدوا أرواحهم أو أصيبوا بإعاقة وهم يحاربون من أجل الحرية في العراق وأفغانستان. نحن نحارب منذ 12 عاماً». وأضاف «نحاول أن نساعدكم بمختلف الطرق. هناك بحث لفرض مناطق آمنة وخيارات أخرى، لكن الأمر ليس بهذه البساطة». وكان رئيس اركان القوات الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي أقل كرماً من كيري، عندما قال، امام لجنة برلمانية، ان وزارة الدفاع لا تخطط لتدريب مسلحي المعارضة السورية. واعلن ان «ذلك لن يحدث عبر وزارة الدفاع. ربما بسبل أخرى أو دول أخرى». وأعلن أن الولايات المتحدة تسعى إلى تقوية المعارضة، بالرغم من تأكيده أن «الأوضاع مالت إلى مصلحة الأسد». وذهب رئيس أركان الجيش البريطاني المنتهية خدمته ديفيد ريتشاردز، أبعد من ديمبسي في نفض اليد من الملف السوري. وقال، في مقابلة مع صحيفة «ديلي تلغراف» نشرت أمس، أن فرض منطقة حظر جوي فوق الأراضي السورية لن يكون كافياً، من دون تدخل عسكري للسيطرة على الأرض. ونقلت وكالة «رويترز» عن مصادر قولها إن الحكومة البريطانية تخلت عن خطط لتسليح المعارضة السورية، وباتت تعتقد أن الأسد قد يبقى في منصبه لسنوات، وأن عقد مؤتمر «جنيف 2» قد لا يحدث قبل العام المقبل، إذا عقد أصلاً. وأعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن باريس «لم تغير موقفها» بشأن عدم تسليم مسلحي المعارضة السورية أسلحة فتاكة.

المصدر : الماسة السورية/ محمد بلوط


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة