دخلت الحرب السورية مرحلتها الأخطر حتى الآن. توسعت المعارك بين «إخوة السلاح»، إلى جانب المعركة «الأم» بين الجيش السوري و«الآخرين». إعلان الحرب الكاملة بين أمراء السلاح على اختلاف تسمياتهم، ليس بعيدا، وفقا لما تروجه قنوات عديدة، كما التطورات الأخيرة.

يمكن أن يكون إعلان حركة «طالبان» عن افتتاح مكتب تمثيل لها في شمال سوريا، والشروع في إقامة «دولة إسلامية في الشمال» بمثابة توطئة لهذه الحرب، التي سترفع راياتها المتناقضة في وديان البلاد وجبالها.

يتزامن ذلك، مع مؤشرات أخرى. منذ يومين، حذر العضو الجديد في «الائتلاف الوطني» المعارض فايز سارة الأكراد من خطوتهم القائمة على إعلان إدارة موقتة «في المناطق الكردية»، وذلك بمعزل عن المجالس المحلية التي يرعاها «الائتلاف»، بحماية ذراعه العسكرية من «الجيش الحر».

سارة، وفقا لما نقل عن لسانه في موقع «رووداو» الكردي، قال إن «فكرة إنشاء إدارة موقتة في المناطق الكردية هي خطوة خطيرة جدا، ستؤدي إلى الانقسام الإداري ومن ثم السياسي، وبالتالي تقسيم سوريا»، مطالبا «الإخوة الأكراد بالتحلي بالحكمة والمسؤولية والرجوع عن هذه الفكرة».

اعتبر سارة، وفقا للموقع ذاته، أنه «إذا تم تطبيق هذه الفكرة، فسيكون للمعارضة السورية قرار بهذا الخصوص»، من دون أن يوضح مقصده، مع العلم أن العلاقات بين المجالس الكردية ومجالس المعارضة الأخرى المرتبطة بـ«الائتلاف» ليست سمنا وعسلا، وسبق للطرفين أن خاضا معارك جانبية بالرصاص، لا على صفحات الانترنت، لانتزاع مناطق وطرق، في شمال حلب والرقة، وذلك في ميدان يعج أصلا «بأصحاب الحقوق المكتسبة بقوة السلاح»، من عشائر عربية وكردية مستقلة، من التكوينات المعروفة، أو المجالس والهيئات الإسلامية التي تكونت حديثا، والتي بدورها لا تعترف بالآخر.

ووفقا لسارة فإن «القضية السورية أكبر من القضية الكردية، ومن القضية العربية. إن الهيئة الكردية العليا هيئة هشة، ولا تمثل الأكراد، وإذا تم تشكيل جهة تمثل الأكراد، فنحن على استعداد للتعامل معها».

الكلام سياسي، في الوقت الحالي على الأقل، يرد عليه المتحدث الإعلامي في «حزب الاتحاد الديموقراطي» الكردي نواف خليل، معتبرا أن «الخطوة هي لإدارة المنطقة موقتا ، ويستنكر خليل تصريحات سارة بحجة تقوم على توصيف التكوين الميداني لساحة المعركة في الشمال الذي تتجاهله شخصيات «الائتلاف». وتساءل: «لماذا لا نسمع صوتهم عندما يعلنون عن إمارات إسلامية متطرفة ويقومون بإعدامات ميدانية»، معتبرا أن تصريحات سارة بمثابة «رسالة للأكراد من أجل أن يتحدوا! هل وحدة الأكراد واردة؟ منذ أيام صرح عضو الحزب الديموقراطي الكردي محمد خليل أن حزبه مستعد لدعم الجيش الحر في القتال ضد النظام إن اعترف الأخير بحقوق الأكراد في شمال البلاد».

الإعلان ليس بجديد، ولكنه يتضمن إنذارات التخوين ذاتها، ليس تجاه «الحر»، وإنما تجاه فصيل كردي آخر، هو «حزب العمال الكردستاني». «جيش  الأسد يسيطر على كل بلداتنا ومدننا، وحزب العمال الكردستاني يتصرف كأنه بمثابة جيشه» وفق توصيف خليل، الذي ينتقد أيضا التحالف القائم بين «الكردستاني» و«الاتحاد الديموقراطي» الذي يخوض معارك في شمال حلب ورأس العين مع «جبهة النصرة».

سجال كردي ليس سوى مقدمات، كما يظهر، على اعتبار أن أطرافا كردية ترفع الطموحات نحو ما يشبه «الحكومة الكردية الموقتة» للمناطق التي تتميز ديموغرافيا بكثافة كردية. «حكومة» مرفدة بقوات مسلحة ومدربة في كردستان العراق، وتحظى برعاية لوجستية كاملة، وأعلام مزينة بشمس صفراء، ولوحات سيارات تتبع إلى كردستان سوريا.

هذا الاستغراق في تحقيق حلم الدولة الكردية، سبقه استغراق آخر. آخر تجلياته كان بإعلان مجموعة من السوريين المعارضين، في عمان، عن مبادرة لتغيير «النشيد الوطني السوري». سبق هذا تغيير في مناهج التعليم التي تدرس في مخيمات اللاجئين في تركيا، وفي تسميات بعض المناطق. وكان قد رفع علم الانتداب الفرنسي كعلم لسوريا «الأخرى».

أما البعد الثالث لانفصام الهوية السورية الحاصل في ميدان المعركة فيتمثل في العلم الأسود، الذي رفرف أمام كاميرات المصورين، للمرة الأولى في ربيع العام 2012، حين التقطته بعناية، كاميرا أحد مراسلي وكالة «فرانس برس» في قرية الزارة القريبة من مدينة تلكلخ السورية. حينها التقط الصحافي إلى جانب الصورة شهادات إسلامية متطرفة، واعترافات صريحة من شبان في القرية بالتعاطف مع «القاعدة».

جنّت الأوساط الديبلوماسية الغربية في سوريا حينها، ولكن لم يتبع ذلك الجنون عقلانية تذكر. توسع ظل الراية السوداء، وامتد فوق مناطق متباعدة، وارتفع فوق علمَي الانتداب والأكراد معا. وفرض المتشددون قوانينهم على العباد، وأخلاقهم المنتمية إلى عصر آخر.

المحاور المتقابلة تتعايش إلى حين، لكن دخول «طالبان» يفتح نافذة صراع جديدة. فإضافة إلى التشكيلات التي لا تحصى لـ«أبناء الرسول» و«أحفاده»، «غرباء الشام» وأنصارها، و«ألوية الإسلام» وأحرارها، ثمة تشكيلان بارزان في المشهد، هما «جبهة النصرة» التي تدين بولائها لزعيم «القاعدة» أيمن الظواهري، و«الدولة الإسلامية في الشام والعراق» التي تتبع لقادتها في العراق.

وسجلت في الأسابيع الأخيرة تعديات دموية على الجبهات المختلفة، تمثلت في مقتل «القائد الأبرز في الجيش الحر» كمال حمامي في اللاذقية، والذي لا يشكل سوى حادثة بارزة وسط مجموعة كبيرة من المواجهات التي تجري بين الطرفين، والتي تتدرج أسبابها من الخلاف العقائدي، إلى الاختلاف في إدارة المناطق التي لا تتواجد الدولة فيها، وصولا إلى نزاعات شرسة على مخزونات الأسلحة، لا سيما الحديث منها.

وسجلت مؤخرا، وسائل الإعلام والرصد لدى السلطة والمعارضة معا، معارك بين مجموعات «الجيش الحر» وكل من مجموعات «جبهة النصرة» و«الدولة الإسلامية» في ريف إدلب، وريف اللاذقية، وريف دمشق بامتداده الجنوبي باتجاه مناطق النبك ويبرود حيث يكثر التهريب عبر الجبال من لبنان، وأيضا في ريف درعا، لا سيما المناطق الحدودية، وفي مناطق واسعة من ريف حلب الشمالي، وداخل المدينة وصولا إلى حي بستان القصر الذي يفصل ضفتَي المدينة بين الجيش السوري وقوات المعارضة.

خبر إضافي، يضاف إلى صورة الحرب التي تكبر، تمثل بإعلان زعيم التيار السلفي في الأردن محمد الشلبي (أبو سياف) «حتمية» الصدام مع «علمانيي» المعارضة، مشيرا، في تصريحات صحافية منذ يومين، إلى أن «الاشتباكات المسلحة التي وقعت مؤخرا بيننا وبين مقاتلين علمانيين يتبعون الجيش السوري الحر، شر لا بد منه، لاختلاف الطريقة والمنهاج»، مؤكدا، من دون مواربة، بقاء الباب مفتوحا أمام اشتباكات مستقبلية. ويقول: «ثمة اختلاف كبير بين المقاتلين الإسلاميين والعلمانيين من حيث الرؤية والهدف. الجيش الحر على سبيل المثال يريد فرض النظام الديموقراطي العلماني، وليست لديه أي مشكلة في أن يرهن مواقفه لإملاءات غربية حال سقوط النظام، فيما جبهة النصرة والتنظيمات السلفية الأخرى المقاتلة تهدف إلى تطبيق شرع الله، الأمر الذي سيؤدي حتما إلى وقوع صدام».

من جهته، يعلن عضو «الائتلاف الوطني» المدعوم سعوديا ميشيل كيلو أن جهودا تبذل «لإعادة تنظيم المجموعات المسلحة لتصبح جيشاً، مع تمويل وتسليح مناسبَين»، والأمر بمثابة مقدمة لمعارك نفوذ وولاءات جديدة، منوهاً، في الوقت ذاته، بضرورة أن يسيل لعاب «الائتلاف» صوب السبعة مليارات دولار التي يبيحها تهريب نفط الدولة السورية إلى تركيا. وهو نفط تخوض الفصائل صراعا يوميا حوله، وتتحضر «القاعدة» لمعركتها الكبرى لتحرير «آبار الرميلان» في سبيل الاستحواذ عليه، باعتباره «أفيون» سوريا، الذي سيمول حربها، لإقامة «دولة الإسلام» في الشمال.

غيض من فيض دموي، تمتلئ به ساحات سوريا، فيما تهيم غالبية السوريين بلا أفق أو مستقبل، بحثا عن لقمة عيش.

  • فريق ماسة
  • 2013-07-18
  • 13520
  • من الأرشيف

سورية: «شجرة» الحرب تتفرع

دخلت الحرب السورية مرحلتها الأخطر حتى الآن. توسعت المعارك بين «إخوة السلاح»، إلى جانب المعركة «الأم» بين الجيش السوري و«الآخرين». إعلان الحرب الكاملة بين أمراء السلاح على اختلاف تسمياتهم، ليس بعيدا، وفقا لما تروجه قنوات عديدة، كما التطورات الأخيرة. يمكن أن يكون إعلان حركة «طالبان» عن افتتاح مكتب تمثيل لها في شمال سوريا، والشروع في إقامة «دولة إسلامية في الشمال» بمثابة توطئة لهذه الحرب، التي سترفع راياتها المتناقضة في وديان البلاد وجبالها. يتزامن ذلك، مع مؤشرات أخرى. منذ يومين، حذر العضو الجديد في «الائتلاف الوطني» المعارض فايز سارة الأكراد من خطوتهم القائمة على إعلان إدارة موقتة «في المناطق الكردية»، وذلك بمعزل عن المجالس المحلية التي يرعاها «الائتلاف»، بحماية ذراعه العسكرية من «الجيش الحر». سارة، وفقا لما نقل عن لسانه في موقع «رووداو» الكردي، قال إن «فكرة إنشاء إدارة موقتة في المناطق الكردية هي خطوة خطيرة جدا، ستؤدي إلى الانقسام الإداري ومن ثم السياسي، وبالتالي تقسيم سوريا»، مطالبا «الإخوة الأكراد بالتحلي بالحكمة والمسؤولية والرجوع عن هذه الفكرة». اعتبر سارة، وفقا للموقع ذاته، أنه «إذا تم تطبيق هذه الفكرة، فسيكون للمعارضة السورية قرار بهذا الخصوص»، من دون أن يوضح مقصده، مع العلم أن العلاقات بين المجالس الكردية ومجالس المعارضة الأخرى المرتبطة بـ«الائتلاف» ليست سمنا وعسلا، وسبق للطرفين أن خاضا معارك جانبية بالرصاص، لا على صفحات الانترنت، لانتزاع مناطق وطرق، في شمال حلب والرقة، وذلك في ميدان يعج أصلا «بأصحاب الحقوق المكتسبة بقوة السلاح»، من عشائر عربية وكردية مستقلة، من التكوينات المعروفة، أو المجالس والهيئات الإسلامية التي تكونت حديثا، والتي بدورها لا تعترف بالآخر. ووفقا لسارة فإن «القضية السورية أكبر من القضية الكردية، ومن القضية العربية. إن الهيئة الكردية العليا هيئة هشة، ولا تمثل الأكراد، وإذا تم تشكيل جهة تمثل الأكراد، فنحن على استعداد للتعامل معها». الكلام سياسي، في الوقت الحالي على الأقل، يرد عليه المتحدث الإعلامي في «حزب الاتحاد الديموقراطي» الكردي نواف خليل، معتبرا أن «الخطوة هي لإدارة المنطقة موقتا ، ويستنكر خليل تصريحات سارة بحجة تقوم على توصيف التكوين الميداني لساحة المعركة في الشمال الذي تتجاهله شخصيات «الائتلاف». وتساءل: «لماذا لا نسمع صوتهم عندما يعلنون عن إمارات إسلامية متطرفة ويقومون بإعدامات ميدانية»، معتبرا أن تصريحات سارة بمثابة «رسالة للأكراد من أجل أن يتحدوا! هل وحدة الأكراد واردة؟ منذ أيام صرح عضو الحزب الديموقراطي الكردي محمد خليل أن حزبه مستعد لدعم الجيش الحر في القتال ضد النظام إن اعترف الأخير بحقوق الأكراد في شمال البلاد». الإعلان ليس بجديد، ولكنه يتضمن إنذارات التخوين ذاتها، ليس تجاه «الحر»، وإنما تجاه فصيل كردي آخر، هو «حزب العمال الكردستاني». «جيش  الأسد يسيطر على كل بلداتنا ومدننا، وحزب العمال الكردستاني يتصرف كأنه بمثابة جيشه» وفق توصيف خليل، الذي ينتقد أيضا التحالف القائم بين «الكردستاني» و«الاتحاد الديموقراطي» الذي يخوض معارك في شمال حلب ورأس العين مع «جبهة النصرة». سجال كردي ليس سوى مقدمات، كما يظهر، على اعتبار أن أطرافا كردية ترفع الطموحات نحو ما يشبه «الحكومة الكردية الموقتة» للمناطق التي تتميز ديموغرافيا بكثافة كردية. «حكومة» مرفدة بقوات مسلحة ومدربة في كردستان العراق، وتحظى برعاية لوجستية كاملة، وأعلام مزينة بشمس صفراء، ولوحات سيارات تتبع إلى كردستان سوريا. هذا الاستغراق في تحقيق حلم الدولة الكردية، سبقه استغراق آخر. آخر تجلياته كان بإعلان مجموعة من السوريين المعارضين، في عمان، عن مبادرة لتغيير «النشيد الوطني السوري». سبق هذا تغيير في مناهج التعليم التي تدرس في مخيمات اللاجئين في تركيا، وفي تسميات بعض المناطق. وكان قد رفع علم الانتداب الفرنسي كعلم لسوريا «الأخرى». أما البعد الثالث لانفصام الهوية السورية الحاصل في ميدان المعركة فيتمثل في العلم الأسود، الذي رفرف أمام كاميرات المصورين، للمرة الأولى في ربيع العام 2012، حين التقطته بعناية، كاميرا أحد مراسلي وكالة «فرانس برس» في قرية الزارة القريبة من مدينة تلكلخ السورية. حينها التقط الصحافي إلى جانب الصورة شهادات إسلامية متطرفة، واعترافات صريحة من شبان في القرية بالتعاطف مع «القاعدة». جنّت الأوساط الديبلوماسية الغربية في سوريا حينها، ولكن لم يتبع ذلك الجنون عقلانية تذكر. توسع ظل الراية السوداء، وامتد فوق مناطق متباعدة، وارتفع فوق علمَي الانتداب والأكراد معا. وفرض المتشددون قوانينهم على العباد، وأخلاقهم المنتمية إلى عصر آخر. المحاور المتقابلة تتعايش إلى حين، لكن دخول «طالبان» يفتح نافذة صراع جديدة. فإضافة إلى التشكيلات التي لا تحصى لـ«أبناء الرسول» و«أحفاده»، «غرباء الشام» وأنصارها، و«ألوية الإسلام» وأحرارها، ثمة تشكيلان بارزان في المشهد، هما «جبهة النصرة» التي تدين بولائها لزعيم «القاعدة» أيمن الظواهري، و«الدولة الإسلامية في الشام والعراق» التي تتبع لقادتها في العراق. وسجلت في الأسابيع الأخيرة تعديات دموية على الجبهات المختلفة، تمثلت في مقتل «القائد الأبرز في الجيش الحر» كمال حمامي في اللاذقية، والذي لا يشكل سوى حادثة بارزة وسط مجموعة كبيرة من المواجهات التي تجري بين الطرفين، والتي تتدرج أسبابها من الخلاف العقائدي، إلى الاختلاف في إدارة المناطق التي لا تتواجد الدولة فيها، وصولا إلى نزاعات شرسة على مخزونات الأسلحة، لا سيما الحديث منها. وسجلت مؤخرا، وسائل الإعلام والرصد لدى السلطة والمعارضة معا، معارك بين مجموعات «الجيش الحر» وكل من مجموعات «جبهة النصرة» و«الدولة الإسلامية» في ريف إدلب، وريف اللاذقية، وريف دمشق بامتداده الجنوبي باتجاه مناطق النبك ويبرود حيث يكثر التهريب عبر الجبال من لبنان، وأيضا في ريف درعا، لا سيما المناطق الحدودية، وفي مناطق واسعة من ريف حلب الشمالي، وداخل المدينة وصولا إلى حي بستان القصر الذي يفصل ضفتَي المدينة بين الجيش السوري وقوات المعارضة. خبر إضافي، يضاف إلى صورة الحرب التي تكبر، تمثل بإعلان زعيم التيار السلفي في الأردن محمد الشلبي (أبو سياف) «حتمية» الصدام مع «علمانيي» المعارضة، مشيرا، في تصريحات صحافية منذ يومين، إلى أن «الاشتباكات المسلحة التي وقعت مؤخرا بيننا وبين مقاتلين علمانيين يتبعون الجيش السوري الحر، شر لا بد منه، لاختلاف الطريقة والمنهاج»، مؤكدا، من دون مواربة، بقاء الباب مفتوحا أمام اشتباكات مستقبلية. ويقول: «ثمة اختلاف كبير بين المقاتلين الإسلاميين والعلمانيين من حيث الرؤية والهدف. الجيش الحر على سبيل المثال يريد فرض النظام الديموقراطي العلماني، وليست لديه أي مشكلة في أن يرهن مواقفه لإملاءات غربية حال سقوط النظام، فيما جبهة النصرة والتنظيمات السلفية الأخرى المقاتلة تهدف إلى تطبيق شرع الله، الأمر الذي سيؤدي حتما إلى وقوع صدام». من جهته، يعلن عضو «الائتلاف الوطني» المدعوم سعوديا ميشيل كيلو أن جهودا تبذل «لإعادة تنظيم المجموعات المسلحة لتصبح جيشاً، مع تمويل وتسليح مناسبَين»، والأمر بمثابة مقدمة لمعارك نفوذ وولاءات جديدة، منوهاً، في الوقت ذاته، بضرورة أن يسيل لعاب «الائتلاف» صوب السبعة مليارات دولار التي يبيحها تهريب نفط الدولة السورية إلى تركيا. وهو نفط تخوض الفصائل صراعا يوميا حوله، وتتحضر «القاعدة» لمعركتها الكبرى لتحرير «آبار الرميلان» في سبيل الاستحواذ عليه، باعتباره «أفيون» سوريا، الذي سيمول حربها، لإقامة «دولة الإسلام» في الشمال. غيض من فيض دموي، تمتلئ به ساحات سوريا، فيما تهيم غالبية السوريين بلا أفق أو مستقبل، بحثا عن لقمة عيش.

المصدر : السفير/زياد حيدر


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة