غطت أحداث ساحة «تقسيم» ومن ثم خلع سلطة «الإخوان المسلمين» في مصر، على التطورات المتعلقة بعملية حل المشكلة الكردية التي كانت بدأت مطلع العام الحالي.

وارتفعت التساؤلات، بل الشكوك، حول إمكانية الاستمرار بهذه العملية وما إذا كانت أولويات أنقرة قد تبدلت أم لا.

أولاً، كان لافتاً الارتباك الذي وقع فيه «حزب العمال الكردستاني»، كما «حزب السلام والديموقراطية» الكردي تجاه انتفاضة «تقسيم» بين التعاطف والامتناع عن اتخاذ مواقف حاسمة بدعم مطالب المحتجين.

وربما يعود هذا التردد إلى أن الجانب الكردي لا يرغب في استفزاز رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان، وعدم دفعه إلى اتخاذ مواقف سلبية من عملية الحل.

أيضاً، فإن الأكثر دهشة، هو الموقف الحاسم جداً لمراد قره يلان، القيادي في «الكردستاني»، من إطاحة «الإخوان» في مصر، وإدانته لما سمّاه «الانقلاب العسكري ضد الديموقراطية»، بل بدت صحيفة «أوزغور غونديم» المؤيدة لـ«حزب العمال الكردستاني»، كما لو أنها صحيفة «يني شفق» الإسلامية الموالية لأردوغان، في عناوينها الرئيسية وإظهارها لـ«مجازر» الجيش المصري ضد «الإخوان المسلمين».

ومع أن الأكراد كانوا بذلك يؤكدون رفضهم لأي دور للجيش التركي في المستقبل، لما عانوه من ممارسات وحشية ضدهم، غير أن الرغبة أيضاً في عدم الاصطدام مع أردوغان في ملف إقليمي مثل الملف المصري، وحماية مرحلة الحل من أي عامل سلبي مؤثر، تقع أيضاً في خلفيات الموقف الكردي من التغيير في مصر.

في مقابل المواقف الكردية «المرنة جداً»، والتي تسبب حرجاً لهم، فإن الحكومة التركية لم تتقدم حتى الآن بأي خطوة عملية لمبادلة الأكراد خطواتهم، وأهمها انسحاب المقاتلين الأكراد من الداخل التركي إلى شمال العراق.

وإذ يقول الأكراد إنهم أتموا تقريباً عملية الانسحاب، خرجت أصوات من «حزب العدالة والتنمية» تشكك في ذلك، وتقول إن الانسحاب لا يزال في بدايته، بل ان أردوغان نفسه قال إن 15 في المئة فقط من المقاتلين قد انسحبوا.

وفق الأكراد، انتهت المرحلة الأولى من عملية الحل بانسحاب المقاتلين الأكراد من تركيا، وأن المرحلة الثانية قد بدأت وعلى الحكومة أن تتقدم بخطوات ملموسة.

في هذه اللحظة بالذات، حصل تغيير في رأس هرم «الكردستاني»، حيث بقي عبد الله أوجلان زعيماً للحزب، وهذا أمر بديهي. لكن خروج مراد قره يلان وحلول جميل باييك مكانه كرئيس للمجلس التنفيذي، وانتقال قره يلان إلى رئاسة الجناح العسكري للحزب، ينظر إليه على أنه إشارة لمنع تخريب عملية الحل وتسريعها.

بل إن رئيس «حزب السلام والديموقراطية» صلاح الدين ديميرطاش يقول: «إن هذا التغيير طبيعي، وليس هناك من يبقى في منصبه حتى الممات، بل هو أيضاً تغيير يمنح عملية الحل قوة وزخماً إضافيين. علماً أنه ليس هناك داخل حزب العمال الكردستاني من هو مصنف على أنه مع الحل أو ضده. الكل مع الحل، والتغيير ليس انقلاباً بل ينسجم مع روح المرحلة».

ويرى الباحث نهاد اوزجان أن كل الخيوط في «الكردستاني» بيد أوجلان. وليس من فرق بين قره يلان وجميل باييك. لكن الأول ذو نزعة عسكرية، فيما الثاني معروف بديبلوماسيته، وتنقل بين ألمانيا ولبنان وأماكن أخرى. وتقدم باييك إلى الواجهة السياسية هو قرار سليم في هذه المرحلة. وترافق ذلك مع رسالة أرسلتها الحكومة التركية إلى أوجلان قبل أيام، تؤكد فيها العزم على إتمام عملية الحل.

مصادر في «حزب السلام والديموقراطية» قالت لصحيفة «ميللييت» التركية، إنه ليس من أي تطور يمكن أن يهدد عملية الحل، وإن هذه العملية لا تزال مستمرة بالرغم من الصعوبات التي تظهر دائماً.

وينتظر الأكراد اجتماع البرلمان التركي لتمرير حزمة تعديلات دستورية تلبي المطالب الكردية. وبالرغم من الإصرار الكردي على تسهيل عملية الحل، فإن المؤكد أن الحكومة التركية لم تبادر حتى الآن إلى أي خطوة مقابلة، وليس من يضمن أنها ستفعل ذلك في المستقبل
  • فريق ماسة
  • 2013-07-11
  • 8463
  • من الأرشيف

معنى التغييرات في قيادة «حزب العمال الكردستاني»

غطت أحداث ساحة «تقسيم» ومن ثم خلع سلطة «الإخوان المسلمين» في مصر، على التطورات المتعلقة بعملية حل المشكلة الكردية التي كانت بدأت مطلع العام الحالي. وارتفعت التساؤلات، بل الشكوك، حول إمكانية الاستمرار بهذه العملية وما إذا كانت أولويات أنقرة قد تبدلت أم لا. أولاً، كان لافتاً الارتباك الذي وقع فيه «حزب العمال الكردستاني»، كما «حزب السلام والديموقراطية» الكردي تجاه انتفاضة «تقسيم» بين التعاطف والامتناع عن اتخاذ مواقف حاسمة بدعم مطالب المحتجين. وربما يعود هذا التردد إلى أن الجانب الكردي لا يرغب في استفزاز رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان، وعدم دفعه إلى اتخاذ مواقف سلبية من عملية الحل. أيضاً، فإن الأكثر دهشة، هو الموقف الحاسم جداً لمراد قره يلان، القيادي في «الكردستاني»، من إطاحة «الإخوان» في مصر، وإدانته لما سمّاه «الانقلاب العسكري ضد الديموقراطية»، بل بدت صحيفة «أوزغور غونديم» المؤيدة لـ«حزب العمال الكردستاني»، كما لو أنها صحيفة «يني شفق» الإسلامية الموالية لأردوغان، في عناوينها الرئيسية وإظهارها لـ«مجازر» الجيش المصري ضد «الإخوان المسلمين». ومع أن الأكراد كانوا بذلك يؤكدون رفضهم لأي دور للجيش التركي في المستقبل، لما عانوه من ممارسات وحشية ضدهم، غير أن الرغبة أيضاً في عدم الاصطدام مع أردوغان في ملف إقليمي مثل الملف المصري، وحماية مرحلة الحل من أي عامل سلبي مؤثر، تقع أيضاً في خلفيات الموقف الكردي من التغيير في مصر. في مقابل المواقف الكردية «المرنة جداً»، والتي تسبب حرجاً لهم، فإن الحكومة التركية لم تتقدم حتى الآن بأي خطوة عملية لمبادلة الأكراد خطواتهم، وأهمها انسحاب المقاتلين الأكراد من الداخل التركي إلى شمال العراق. وإذ يقول الأكراد إنهم أتموا تقريباً عملية الانسحاب، خرجت أصوات من «حزب العدالة والتنمية» تشكك في ذلك، وتقول إن الانسحاب لا يزال في بدايته، بل ان أردوغان نفسه قال إن 15 في المئة فقط من المقاتلين قد انسحبوا. وفق الأكراد، انتهت المرحلة الأولى من عملية الحل بانسحاب المقاتلين الأكراد من تركيا، وأن المرحلة الثانية قد بدأت وعلى الحكومة أن تتقدم بخطوات ملموسة. في هذه اللحظة بالذات، حصل تغيير في رأس هرم «الكردستاني»، حيث بقي عبد الله أوجلان زعيماً للحزب، وهذا أمر بديهي. لكن خروج مراد قره يلان وحلول جميل باييك مكانه كرئيس للمجلس التنفيذي، وانتقال قره يلان إلى رئاسة الجناح العسكري للحزب، ينظر إليه على أنه إشارة لمنع تخريب عملية الحل وتسريعها. بل إن رئيس «حزب السلام والديموقراطية» صلاح الدين ديميرطاش يقول: «إن هذا التغيير طبيعي، وليس هناك من يبقى في منصبه حتى الممات، بل هو أيضاً تغيير يمنح عملية الحل قوة وزخماً إضافيين. علماً أنه ليس هناك داخل حزب العمال الكردستاني من هو مصنف على أنه مع الحل أو ضده. الكل مع الحل، والتغيير ليس انقلاباً بل ينسجم مع روح المرحلة». ويرى الباحث نهاد اوزجان أن كل الخيوط في «الكردستاني» بيد أوجلان. وليس من فرق بين قره يلان وجميل باييك. لكن الأول ذو نزعة عسكرية، فيما الثاني معروف بديبلوماسيته، وتنقل بين ألمانيا ولبنان وأماكن أخرى. وتقدم باييك إلى الواجهة السياسية هو قرار سليم في هذه المرحلة. وترافق ذلك مع رسالة أرسلتها الحكومة التركية إلى أوجلان قبل أيام، تؤكد فيها العزم على إتمام عملية الحل. مصادر في «حزب السلام والديموقراطية» قالت لصحيفة «ميللييت» التركية، إنه ليس من أي تطور يمكن أن يهدد عملية الحل، وإن هذه العملية لا تزال مستمرة بالرغم من الصعوبات التي تظهر دائماً. وينتظر الأكراد اجتماع البرلمان التركي لتمرير حزمة تعديلات دستورية تلبي المطالب الكردية. وبالرغم من الإصرار الكردي على تسهيل عملية الحل، فإن المؤكد أن الحكومة التركية لم تبادر حتى الآن إلى أي خطوة مقابلة، وليس من يضمن أنها ستفعل ذلك في المستقبل

المصدر : السفير/ محمد نور الدين


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة