قبل أن تعرض قيادة الجيش الإسرائيلي على القيادة السياسية خطة تغيير بنية الجيش والعودة لفكرة «جيش صغير وذكي»، بدأت فعلياً في تنفيذ الخطة قبل المصادقة عليها. وبحسب الصحف الإسرائيلية، فإن الجيش أبلغ أفراد أحد الأسراب الجوية المقرر تقليصها، بانتهاء خدمتهم، وهو ما يشهد بدرجة ما على استقلالية الجيش في الإطار العام.

وتؤكد مصادر عسكرية إسرائيلية أن الجيش في الأصل يمارس استقلاليته في مسائل التسلح من خلال ما بات يعرف بالخطط متعددة السنوات، وآخرها خطة «عوز» التي بدأ بتنفيذها قبل إقرارها أيضاً في الحكومة.

وفي كل حال، فإن خطة تغيير بنية الجيش الإسرائيلي، عبر إجراء تقليصات حادة في إطار التخلي في الأعوام الخمسة المقبلة عن حوالي 26 مليار شيكل، تعتبر الأكبر والأهم في تاريخ هذا الجيش. وكما نشر سابقاً، فإن الخطة تقضي بالتخلي عن حوالي ثلاثة أسراب طائرات وعدة سفن حربية وفرقة احتياط والعديد من الوحدات المدرعة. وتعترف الأوساط العسكرية بأن التغيير نابع في الأساس من تكيف مع بعدين مهمين، أولهما تقليصات الموازنة، وثانيهما تغير خريطة المخاطر التي تواجهها الدولة العبرية.

وتقضي خطة التغيير، التي أقرتها القيادة العليا للجيش والتي ستعرض الأسبوع المقبل على المجلس الوزاري للمصادقة عليها، بتغيير بنية الجيش خلال السنوات الثلاث المقبلة عبر تقليص حجمه، خصوصاً في قواته المدرعة وفي عديد أسرابه الجوية وسفنه الحربية. ولكن تبين مما نشر حتى الآن أن الجيش سيتخلى عن ثلاثة إلى خمسة آلاف من أفراد قواته النظامية ويفكك فرقة احتياط ووحدات مدفعية وإمداد.

وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي الجنرال موشي يعلون أمس أن «ضواغط الميزانية للعامين 2013-2014 تجبر الجيش على اتخاذ خطوات مثل المساس بالتدريبات والنشاط العملاني للقوات الاحتياطية»، مضيفاً «ولكن نقصد عدم المساس بتعاظم القوة على المدى الأبعد عبر مجازفات على المدى القصير».

وقال إن «هذه الخطوات تتم بمسؤولية واتزان، وهي تتضمن الاستثمار في وسائل قتالية ومنظومات ستساعد الجيش على مواصلة الحفاظ على فجوة تكنولوجية كبيرة إزاء الدول والمنظمات المحيطة»، مشدداً على أن ميدان الحرب المستقبلي سيحسم فقط عبر التفوق التكنولوجي. وأضاف «سنواصل الاستثمار في التسلح الدقيق، والاستخبارات، والتنصت، والدفاع الفعال والسايبر، من منطلق الفهم بأن ميدان الحرب الراهن والمستقبلي يختلف تماماً عن كل ما عرفناه في الماضي. والمستقبل المنظور يمكن أن يقودنا إلى مواجهات ستحسم بواسطة التفوق التكنولوجي للجيش الإسرائيلي، جواً وبحراً وبراً، وبمركبات أقل».

من جهته، اعتبر المعلق العسكري في صحيفة «إسرائيل اليوم» يوآف ليمور، في مقالته بعنوان «جيش جديد ملائم للتهديدات»، أن المسار الذي انتهجته قيادة الجيش في الظروف الراهنة «يمهد الطريق لجيش جديد أشد ملاءمة للمعارك التي يحتاج إلى مواجهتها. فالتفكك السريع للجيوش العربية قلص كثيراً احتمال الحرب التقليدية، ويمكن التخلي عن عدد كبير من الطائرات والدبابات والمدافع القديمة، التي كلفتها باهظة وجدواها ضئيلة».

وأشار ليمور إلى أن المراقب يلاحظ أن من نجا من التقليصات كان منظومتي الاستخبارات وسلاح الجو. فتقليص الأسراب كان مخططاً منذ سنوات لأن طائرة حديثة واحدة يمكنها اليوم أن تؤدي عمل عدة طائرات قديمة. أما الاستخبارات التي غدت سيد الميدان الحديث للحرب، فإن دورها قادر على أن يحسم المعارك في اللحظات المناسبة.

وبدوره، رأى المعلق العسكري لصحيفة «يديعوت» أليكس فيشمان أن الجيش الذي يبنى الآن هو جيش الحرب المقبلة. وكتب أن خطة التحديث أو التقليص هذه عكف على إعدادها رئيس الأركان الجنرال بني غانتس منذ عامين، وهي في جوهرها أقرب إلى العقيدة، التي انتهجها الأميركيون في حرب الخليج الثانية تحت عنوان «الصدمة والترويع».

وتستند هذه العقيدة إلى فكرة الاستخدام الأقصى للنيران من اللحظة الأولى بهدف سحق الأهداف براً وبحراً وجواً بأسلحة دقيقة، ثم المناورة البرية السريعة وبقوة لتحقيق الحسم في أقصر فترة.

ولاحظ فيشمان أن الخطة الجديدة تقتضي تأهيل قوات خاصة لمختلف المهام، حيث سيحل محل الجيش البري ثلاثة أنواع من الفرق هي المناطقية المعنية بحماية الجبهات المختلفة، وفرق احتياطية وأخرى خفيفة قادرة على المناورة داخل أراضي العدو. وكل هذا يعني أن الجيش البري سيغدو أصغر، ويتخلى عن قوات مدرعة ويحسن أداء ما تبقى منها في الخدمة.

  • فريق ماسة
  • 2013-07-11
  • 12261
  • من الأرشيف

إسرائيل وحرب المستقبل: جيش صغير وذكي

قبل أن تعرض قيادة الجيش الإسرائيلي على القيادة السياسية خطة تغيير بنية الجيش والعودة لفكرة «جيش صغير وذكي»، بدأت فعلياً في تنفيذ الخطة قبل المصادقة عليها. وبحسب الصحف الإسرائيلية، فإن الجيش أبلغ أفراد أحد الأسراب الجوية المقرر تقليصها، بانتهاء خدمتهم، وهو ما يشهد بدرجة ما على استقلالية الجيش في الإطار العام. وتؤكد مصادر عسكرية إسرائيلية أن الجيش في الأصل يمارس استقلاليته في مسائل التسلح من خلال ما بات يعرف بالخطط متعددة السنوات، وآخرها خطة «عوز» التي بدأ بتنفيذها قبل إقرارها أيضاً في الحكومة. وفي كل حال، فإن خطة تغيير بنية الجيش الإسرائيلي، عبر إجراء تقليصات حادة في إطار التخلي في الأعوام الخمسة المقبلة عن حوالي 26 مليار شيكل، تعتبر الأكبر والأهم في تاريخ هذا الجيش. وكما نشر سابقاً، فإن الخطة تقضي بالتخلي عن حوالي ثلاثة أسراب طائرات وعدة سفن حربية وفرقة احتياط والعديد من الوحدات المدرعة. وتعترف الأوساط العسكرية بأن التغيير نابع في الأساس من تكيف مع بعدين مهمين، أولهما تقليصات الموازنة، وثانيهما تغير خريطة المخاطر التي تواجهها الدولة العبرية. وتقضي خطة التغيير، التي أقرتها القيادة العليا للجيش والتي ستعرض الأسبوع المقبل على المجلس الوزاري للمصادقة عليها، بتغيير بنية الجيش خلال السنوات الثلاث المقبلة عبر تقليص حجمه، خصوصاً في قواته المدرعة وفي عديد أسرابه الجوية وسفنه الحربية. ولكن تبين مما نشر حتى الآن أن الجيش سيتخلى عن ثلاثة إلى خمسة آلاف من أفراد قواته النظامية ويفكك فرقة احتياط ووحدات مدفعية وإمداد. وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي الجنرال موشي يعلون أمس أن «ضواغط الميزانية للعامين 2013-2014 تجبر الجيش على اتخاذ خطوات مثل المساس بالتدريبات والنشاط العملاني للقوات الاحتياطية»، مضيفاً «ولكن نقصد عدم المساس بتعاظم القوة على المدى الأبعد عبر مجازفات على المدى القصير». وقال إن «هذه الخطوات تتم بمسؤولية واتزان، وهي تتضمن الاستثمار في وسائل قتالية ومنظومات ستساعد الجيش على مواصلة الحفاظ على فجوة تكنولوجية كبيرة إزاء الدول والمنظمات المحيطة»، مشدداً على أن ميدان الحرب المستقبلي سيحسم فقط عبر التفوق التكنولوجي. وأضاف «سنواصل الاستثمار في التسلح الدقيق، والاستخبارات، والتنصت، والدفاع الفعال والسايبر، من منطلق الفهم بأن ميدان الحرب الراهن والمستقبلي يختلف تماماً عن كل ما عرفناه في الماضي. والمستقبل المنظور يمكن أن يقودنا إلى مواجهات ستحسم بواسطة التفوق التكنولوجي للجيش الإسرائيلي، جواً وبحراً وبراً، وبمركبات أقل». من جهته، اعتبر المعلق العسكري في صحيفة «إسرائيل اليوم» يوآف ليمور، في مقالته بعنوان «جيش جديد ملائم للتهديدات»، أن المسار الذي انتهجته قيادة الجيش في الظروف الراهنة «يمهد الطريق لجيش جديد أشد ملاءمة للمعارك التي يحتاج إلى مواجهتها. فالتفكك السريع للجيوش العربية قلص كثيراً احتمال الحرب التقليدية، ويمكن التخلي عن عدد كبير من الطائرات والدبابات والمدافع القديمة، التي كلفتها باهظة وجدواها ضئيلة». وأشار ليمور إلى أن المراقب يلاحظ أن من نجا من التقليصات كان منظومتي الاستخبارات وسلاح الجو. فتقليص الأسراب كان مخططاً منذ سنوات لأن طائرة حديثة واحدة يمكنها اليوم أن تؤدي عمل عدة طائرات قديمة. أما الاستخبارات التي غدت سيد الميدان الحديث للحرب، فإن دورها قادر على أن يحسم المعارك في اللحظات المناسبة. وبدوره، رأى المعلق العسكري لصحيفة «يديعوت» أليكس فيشمان أن الجيش الذي يبنى الآن هو جيش الحرب المقبلة. وكتب أن خطة التحديث أو التقليص هذه عكف على إعدادها رئيس الأركان الجنرال بني غانتس منذ عامين، وهي في جوهرها أقرب إلى العقيدة، التي انتهجها الأميركيون في حرب الخليج الثانية تحت عنوان «الصدمة والترويع». وتستند هذه العقيدة إلى فكرة الاستخدام الأقصى للنيران من اللحظة الأولى بهدف سحق الأهداف براً وبحراً وجواً بأسلحة دقيقة، ثم المناورة البرية السريعة وبقوة لتحقيق الحسم في أقصر فترة. ولاحظ فيشمان أن الخطة الجديدة تقتضي تأهيل قوات خاصة لمختلف المهام، حيث سيحل محل الجيش البري ثلاثة أنواع من الفرق هي المناطقية المعنية بحماية الجبهات المختلفة، وفرق احتياطية وأخرى خفيفة قادرة على المناورة داخل أراضي العدو. وكل هذا يعني أن الجيش البري سيغدو أصغر، ويتخلى عن قوات مدرعة ويحسن أداء ما تبقى منها في الخدمة.

المصدر : السفير/ حلمي موسى


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة