لا أقصد هذا الصيف تحديدا ولا سورية الحالية بل سوريا الطبيعية والصيف الذي مر عليها ولا يزال عبر التاريخ ولا سيما المحطات التالية:

1- اجتياح سوريا من قبل تيمورلنك والتتار بعد اجتياحهم لبغداد، وانقسام أهل الشام حول هؤلاء الغزاة بين متعاون معهم وبين مقاوم لهم.

وسبق أن أشرت إلى ذلك في مقال عن مسرحية سعدالله ونوس (منمنمات تاريخية)، فإذا كان ابن العلقمي قد سهل احتلال بغداد، فقد ظهر في دمشق عشرات العلاقمة، وقد عالج ونوس أيضا الظاهرة العلقمية في مسرحية أخرى هي رأس المملوك جابر.

2- اجتياح سوريا من قبل برابرة آخرين هم الأتراك العثمانيون بعد معركة مرج دابق في صيف 1516 ، وقيام السلطان العثماني سليم الأول (نموذج اردوغان) باستباحة دمشق وحلب لرجاله بعد خيانة عدد من أعيان المدينتين.

وقد أعقبت تلك المعركة عدة قرون من الظلام والتخلف والاستبداد العثماني.

3- بعد الغزو المغولي والعثماني، جاء دور الغزو الفرنسي، الذي بدأ عمليا عبر ما عرف بمؤتمر باريس والذي عقد في صيف 1913 بتدبير من المخابرات الفرنسية، وتحت شعار من أجل دولة سورية ديمقراطية.

وقد كرس المؤرخ "وجيه كوثراني" كتابا خاصا لهذا المؤتمر مدعما بوثائق عن علاقة عدد من المثقفين والسياسيين وشيوخ الدين بالمخابرات الفرنسية.

وبعد صيف 1920 وهزيمة أحرار سوريا في معركة ميسلون أمام الجيش الفرنسي، وبدلا من الدولة الديمقراطية الموعودة قام الاستعمار الفرنسي بتمزيق سوريا إلى ثلاثة كيانات طائفية (سنة وعلويون ومسيحيون)، وألغى العلم السوري (علم الأردن الحالي)، واستبدله بعلم يرمز إلى الكيانات الطائفية المذكورة الذي يضم ثلاث نجمات حمر، وهو العلم الذي اعتمدته المعارضة السورية الخارجية.

4- واستكمالا لهذا الصيف الاستعماري الفرنسي قامت فرنسا في صيف 1939 بسلخ لواء الاسكندرون السوري وأعطته لتركيا، كما قامت في صيف آخر هو صيف 1945 بقصف دمشق بالطائرات والمدفعية، ولا يزال أحد أحياء دمشق يعرف حتى الآن بحي الحريقة.

5- وقبل أن تعرف سورية الغزو الوهابي في صيف 2011، فقد تعرضت لهذا الغزو عدة مرات قبل ذلك، الأولى عام 1804 عندما تمكنت الموجات الوهابية من التسلل إلى حمص والقصير، كما في مرات أخرى بين الأعوام 1920-1930، وتضافرت القبائل الأردنية والسورية لرد هذه الموجات وهزيمتها.

6- ومن محطات الصيف السوري الحار العدوان الصهيوني وغاراته على الجيش السوري في حزيران 1967 وحزيران 1982.

 

  • فريق ماسة
  • 2013-07-06
  • 12549
  • من الأرشيف

صيف سوري حار

لا أقصد هذا الصيف تحديدا ولا سورية الحالية بل سوريا الطبيعية والصيف الذي مر عليها ولا يزال عبر التاريخ ولا سيما المحطات التالية: 1- اجتياح سوريا من قبل تيمورلنك والتتار بعد اجتياحهم لبغداد، وانقسام أهل الشام حول هؤلاء الغزاة بين متعاون معهم وبين مقاوم لهم. وسبق أن أشرت إلى ذلك في مقال عن مسرحية سعدالله ونوس (منمنمات تاريخية)، فإذا كان ابن العلقمي قد سهل احتلال بغداد، فقد ظهر في دمشق عشرات العلاقمة، وقد عالج ونوس أيضا الظاهرة العلقمية في مسرحية أخرى هي رأس المملوك جابر. 2- اجتياح سوريا من قبل برابرة آخرين هم الأتراك العثمانيون بعد معركة مرج دابق في صيف 1516 ، وقيام السلطان العثماني سليم الأول (نموذج اردوغان) باستباحة دمشق وحلب لرجاله بعد خيانة عدد من أعيان المدينتين. وقد أعقبت تلك المعركة عدة قرون من الظلام والتخلف والاستبداد العثماني. 3- بعد الغزو المغولي والعثماني، جاء دور الغزو الفرنسي، الذي بدأ عمليا عبر ما عرف بمؤتمر باريس والذي عقد في صيف 1913 بتدبير من المخابرات الفرنسية، وتحت شعار من أجل دولة سورية ديمقراطية. وقد كرس المؤرخ "وجيه كوثراني" كتابا خاصا لهذا المؤتمر مدعما بوثائق عن علاقة عدد من المثقفين والسياسيين وشيوخ الدين بالمخابرات الفرنسية. وبعد صيف 1920 وهزيمة أحرار سوريا في معركة ميسلون أمام الجيش الفرنسي، وبدلا من الدولة الديمقراطية الموعودة قام الاستعمار الفرنسي بتمزيق سوريا إلى ثلاثة كيانات طائفية (سنة وعلويون ومسيحيون)، وألغى العلم السوري (علم الأردن الحالي)، واستبدله بعلم يرمز إلى الكيانات الطائفية المذكورة الذي يضم ثلاث نجمات حمر، وهو العلم الذي اعتمدته المعارضة السورية الخارجية. 4- واستكمالا لهذا الصيف الاستعماري الفرنسي قامت فرنسا في صيف 1939 بسلخ لواء الاسكندرون السوري وأعطته لتركيا، كما قامت في صيف آخر هو صيف 1945 بقصف دمشق بالطائرات والمدفعية، ولا يزال أحد أحياء دمشق يعرف حتى الآن بحي الحريقة. 5- وقبل أن تعرف سورية الغزو الوهابي في صيف 2011، فقد تعرضت لهذا الغزو عدة مرات قبل ذلك، الأولى عام 1804 عندما تمكنت الموجات الوهابية من التسلل إلى حمص والقصير، كما في مرات أخرى بين الأعوام 1920-1930، وتضافرت القبائل الأردنية والسورية لرد هذه الموجات وهزيمتها. 6- ومن محطات الصيف السوري الحار العدوان الصهيوني وغاراته على الجيش السوري في حزيران 1967 وحزيران 1982.  

المصدر : العرب اليوم /موفق محادين


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة