ذكرت "الاخبار" انه "عقد في القاهرة، أخيراً، ما يشبه لقاء تقدير موقف، ضم ثلة من أصدقاء السعودية الموثوقين في لبنان، وأحد مستشاري ولي العهد السعودي سلمان بن عبد العزيز. قوّم المجتمعون الوضع اللبناني ووسائل تطبيق أهداف الرياض فيه. وأبرز ما تسرب عن اللقاء، بحسب مصادر مواكبة له، أنه ليست للرياض، في هذه المرحلة، سياسة محددة في لبنان. فأولويتها لا تزال سوريا، وتتركز على إسقاط الرئيس بشار الاسد. وأن الهدف من الانفتاح السعودي الاخير على لبنان يتمثل في أن الرياض تريد أن يستعيد حلفاؤها اللبنانيون "حقوقهم السياسية" التي انتقصت منذ إقصاء حزب الله حكومة الرئيس سعد الحريري. وهذه الرغبة هي التي وقفت وراء هندسة استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي".

ويقول المصدر عينه إن هناك هدفاً آخر استجد على نقاشات اللقاء، وهو "التحري عن طريقة هادئة وفاعلة لإيقاف بثّ تجريبي لفضائية سعودية معارضة من لبنان، تحظى بدعم إيران وحزب الله".

غير أن الجديد الذي كشفه النقاش هو وجود هدف استراتيجي لدى السعودية يتعلق بمعادلة الحكم في لبنان، وهو الحؤول دون "المثالثة"، وكذلك دون وصول شخصية مارونية قوية الى رئاسة الجمهورية، لأن ذلك وحده يضمن بقاء الرئاسة الثالثة قوية داخل معادلة الطائف.

ويرى المصدر أن هذه الثابتة السعودية تتحكم في علاقتها بأي شخصية مارونية لبنانية، بمن فيهم رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي تنطبق عليه صفة رئيس قوي. وينسحب ذلك على رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون. ومن هنا لا صحة لما يشاع همساً في كواليس 14 آذار عن أن التقارب بين الرياض وعون له هدف عند الأخير وهو الحصول على قبول عربي ودولي لترشحه إلى رئاسة الجمهورية، وأن الرياض قد تلعب على هذا الوتر إذا رأت أنه يصلح لمقايضته بفك العلاقة بين التيار الوطني الحر وحزب الله.

ويلفت المصدر الى أن لقاء القاهرة جرى قبيل معركة القصير التي حفلت أجندة الانفتاح السعودي على لبنان بعدها بهجوم محموم على حزب الله، كاستتباع لموقفها التصعيدي المستمر ضد النظام السوري. ومن هنا، ليس مستبعداً أن يكون السفير السعودي في لبنان علي عواض العسيري مكلفاً، كتجسيد لهذه اللحظة الخليجية المحمومة ضد الحزب، بتنفيذ عملية "إنزال سياسية" وراء خطوط الحزب في محاولة لضربه من الخلف وخنقه سياسياً بواسطة الوسادة العونية.

ولا تخفي السعودية، في هذا المجال، تبنّيها فكرة حصار حزب الله سياسياً على المستوى الداخلي، والتي يطرحها حلفاؤها اللبنانيون علناً، وذلك تحت عنوان عدم قبول مشاركته في الحكومة، كنوع من عقابه لاشتراكه في القتال في سوريا.

وفكرة عزل حزب الله سياسياً داخل لبنان، وتحديداً من خلال سحب الغطاء العوني منه، موجودة على المستوى الدولي منذ سنوات، ويعود الفضل في صوغها الى مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق جيفري فيلتمان. وكان عرضها للمرة الاولى خلال اجتماع له مع قوى 14 آذار في بيروت بعد إسقاط حكومة سعد الحريري. أحد الوزراء الذين حضروا اللقاء ينقل عن فيلتمان قوله للحاضرين: "أنتم تطلبون من أميركا أن تساعدكم للعودة الى الحكم، علماً بأنني زرت معظم حلفائكم في دول الخليج قبل أن تهبط طائرتي في لبنان، ولم يفاتحني أحد بهذا الموضوع. فالجميع، مثل واشنطن، يفضلون إبقاء لبنان في هذه المرحلة في ثلاجة الانتظار، وإعطاء الأولوية لما يحدث في سوريا، خصوصاً أنكم لو كنتم في السلطة فلن تضيفوا على ما يصنعه (رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب) ميقاتي اليوم أي جديد". واستدرك فيلتمان: "لكن توجد مهمة أساسية ووحيدة لكم، يجب أن تضعوها في رأس اهتمامكم، وهي محاصرة حزب الله سياسياً داخل المعادلة اللبنانية. يجب سحب بساط تحالفاته الداخلية كلها منه، حتى تحالفه مع الجنرال عون، بل يجب أن تكون الأولوية لتحالفه مع عون. وإذا قرر الاخير المجيء الى 14 آذار، يجب أن تتلقّفوا رغبته هذه".

آنذاك، يقول الوزير عينه، زاغت عيون الحاضرين مستغربين طلب فيلتمان من أقطاب 14 آذار أن يكافئوا عون الذي عمل ضد أميركا، بينما "نحن الذين اختبأنا في الفنادق هرباً من اغتيالات حزب الله وسوريا، يقول لنا ليس لدى واشنطن أو لدى حلفائنا الخليجيين أي شيء نعطيه لكم سوى أن نوصيكم بالانتظار"...

ولمناسبة إحياء "مبدأ فيلتمان" على يد العسيري، فإن الرياض، كما يؤكد مصدر مقرّب منها، "تدرك أن محاولة جر عون إلى شرك الانفكاك عن الحزب ليست سهلة، بل تكاد تكون مستحيلة. وكل ما يأمله الواقعيون السعوديون هو أن تستطيع الرياض، عبر فتح خط اتصال مع عون، تحقيق هدف واحد، وهو جعل الحزب يشعر بأن السعودية تستطيع إيذاءه، وبالتالي عليه أن يتحسّب لغضبها حينما يخطط لقراراته". فالرياض، من خلال تجربتها مع الحزب، استنتجت أنها لا تملك ضده أوراق ضغط ولو بالحد البسيط أو النسبي، ما سمح له بأن يتعامل معها كأنها غير موجودة. وتكرر صدى هذا الانطباع في السعودية أخيراً عندما هددته بعقوبات اقتصادية، لكن الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله أدار ظهره لذه التهديدات قائلاً: "إذا وجدتم لنا شيئاً عندكم خذوه".

ويميل المصدر عينه إلى الاعتقاد بأن العسيري، من خلال الانفتاح على عون، يمارس عملية "وخز إبر" في منطقة يعتبرها حساسة في جسد حزب الله، والهدف منها إشعاره بوجود المملكة، وأن عليه مراعاة خطوطها الحمر. ولكن داخل الأروقة السعودية، يتم مرة أخرى سماع أصوات "الواقعيين" الذين يؤكدون منذ الآن أن "النتائج المحتملة لمحاولة العسيري ستكون مخيبة لآمال الرياض". ويقول هؤلاء "إن الحزب أعدّ حسابات تكيّفه مع مرحلة ما بعد الأسد، ولن ترتعد فرائصه إذا هددناه بأننا سنأخذه إلى مرحلة ما بعد تحالفه مع عون، علماً بأنه حتى هذه اللحظة لا يعرض الأخير علينا إلا فكرة واحدة، وهي إيمانه بأن للمسيحيين العرب دوراً مهماً في هذه المرحلة، وهو تشكيل جسر تواصل لنزع الفتنة المذهبية السنية ــ الشيعيّة".

  • فريق ماسة
  • 2013-07-02
  • 6914
  • من الأرشيف

الاخبار: السعودية تتبنى فكرة عزل حزب الله وذلك عبر سحب البساط العوني

ذكرت "الاخبار" انه "عقد في القاهرة، أخيراً، ما يشبه لقاء تقدير موقف، ضم ثلة من أصدقاء السعودية الموثوقين في لبنان، وأحد مستشاري ولي العهد السعودي سلمان بن عبد العزيز. قوّم المجتمعون الوضع اللبناني ووسائل تطبيق أهداف الرياض فيه. وأبرز ما تسرب عن اللقاء، بحسب مصادر مواكبة له، أنه ليست للرياض، في هذه المرحلة، سياسة محددة في لبنان. فأولويتها لا تزال سوريا، وتتركز على إسقاط الرئيس بشار الاسد. وأن الهدف من الانفتاح السعودي الاخير على لبنان يتمثل في أن الرياض تريد أن يستعيد حلفاؤها اللبنانيون "حقوقهم السياسية" التي انتقصت منذ إقصاء حزب الله حكومة الرئيس سعد الحريري. وهذه الرغبة هي التي وقفت وراء هندسة استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي". ويقول المصدر عينه إن هناك هدفاً آخر استجد على نقاشات اللقاء، وهو "التحري عن طريقة هادئة وفاعلة لإيقاف بثّ تجريبي لفضائية سعودية معارضة من لبنان، تحظى بدعم إيران وحزب الله". غير أن الجديد الذي كشفه النقاش هو وجود هدف استراتيجي لدى السعودية يتعلق بمعادلة الحكم في لبنان، وهو الحؤول دون "المثالثة"، وكذلك دون وصول شخصية مارونية قوية الى رئاسة الجمهورية، لأن ذلك وحده يضمن بقاء الرئاسة الثالثة قوية داخل معادلة الطائف. ويرى المصدر أن هذه الثابتة السعودية تتحكم في علاقتها بأي شخصية مارونية لبنانية، بمن فيهم رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي تنطبق عليه صفة رئيس قوي. وينسحب ذلك على رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون. ومن هنا لا صحة لما يشاع همساً في كواليس 14 آذار عن أن التقارب بين الرياض وعون له هدف عند الأخير وهو الحصول على قبول عربي ودولي لترشحه إلى رئاسة الجمهورية، وأن الرياض قد تلعب على هذا الوتر إذا رأت أنه يصلح لمقايضته بفك العلاقة بين التيار الوطني الحر وحزب الله. ويلفت المصدر الى أن لقاء القاهرة جرى قبيل معركة القصير التي حفلت أجندة الانفتاح السعودي على لبنان بعدها بهجوم محموم على حزب الله، كاستتباع لموقفها التصعيدي المستمر ضد النظام السوري. ومن هنا، ليس مستبعداً أن يكون السفير السعودي في لبنان علي عواض العسيري مكلفاً، كتجسيد لهذه اللحظة الخليجية المحمومة ضد الحزب، بتنفيذ عملية "إنزال سياسية" وراء خطوط الحزب في محاولة لضربه من الخلف وخنقه سياسياً بواسطة الوسادة العونية. ولا تخفي السعودية، في هذا المجال، تبنّيها فكرة حصار حزب الله سياسياً على المستوى الداخلي، والتي يطرحها حلفاؤها اللبنانيون علناً، وذلك تحت عنوان عدم قبول مشاركته في الحكومة، كنوع من عقابه لاشتراكه في القتال في سوريا. وفكرة عزل حزب الله سياسياً داخل لبنان، وتحديداً من خلال سحب الغطاء العوني منه، موجودة على المستوى الدولي منذ سنوات، ويعود الفضل في صوغها الى مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق جيفري فيلتمان. وكان عرضها للمرة الاولى خلال اجتماع له مع قوى 14 آذار في بيروت بعد إسقاط حكومة سعد الحريري. أحد الوزراء الذين حضروا اللقاء ينقل عن فيلتمان قوله للحاضرين: "أنتم تطلبون من أميركا أن تساعدكم للعودة الى الحكم، علماً بأنني زرت معظم حلفائكم في دول الخليج قبل أن تهبط طائرتي في لبنان، ولم يفاتحني أحد بهذا الموضوع. فالجميع، مثل واشنطن، يفضلون إبقاء لبنان في هذه المرحلة في ثلاجة الانتظار، وإعطاء الأولوية لما يحدث في سوريا، خصوصاً أنكم لو كنتم في السلطة فلن تضيفوا على ما يصنعه (رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب) ميقاتي اليوم أي جديد". واستدرك فيلتمان: "لكن توجد مهمة أساسية ووحيدة لكم، يجب أن تضعوها في رأس اهتمامكم، وهي محاصرة حزب الله سياسياً داخل المعادلة اللبنانية. يجب سحب بساط تحالفاته الداخلية كلها منه، حتى تحالفه مع الجنرال عون، بل يجب أن تكون الأولوية لتحالفه مع عون. وإذا قرر الاخير المجيء الى 14 آذار، يجب أن تتلقّفوا رغبته هذه". آنذاك، يقول الوزير عينه، زاغت عيون الحاضرين مستغربين طلب فيلتمان من أقطاب 14 آذار أن يكافئوا عون الذي عمل ضد أميركا، بينما "نحن الذين اختبأنا في الفنادق هرباً من اغتيالات حزب الله وسوريا، يقول لنا ليس لدى واشنطن أو لدى حلفائنا الخليجيين أي شيء نعطيه لكم سوى أن نوصيكم بالانتظار"... ولمناسبة إحياء "مبدأ فيلتمان" على يد العسيري، فإن الرياض، كما يؤكد مصدر مقرّب منها، "تدرك أن محاولة جر عون إلى شرك الانفكاك عن الحزب ليست سهلة، بل تكاد تكون مستحيلة. وكل ما يأمله الواقعيون السعوديون هو أن تستطيع الرياض، عبر فتح خط اتصال مع عون، تحقيق هدف واحد، وهو جعل الحزب يشعر بأن السعودية تستطيع إيذاءه، وبالتالي عليه أن يتحسّب لغضبها حينما يخطط لقراراته". فالرياض، من خلال تجربتها مع الحزب، استنتجت أنها لا تملك ضده أوراق ضغط ولو بالحد البسيط أو النسبي، ما سمح له بأن يتعامل معها كأنها غير موجودة. وتكرر صدى هذا الانطباع في السعودية أخيراً عندما هددته بعقوبات اقتصادية، لكن الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله أدار ظهره لذه التهديدات قائلاً: "إذا وجدتم لنا شيئاً عندكم خذوه". ويميل المصدر عينه إلى الاعتقاد بأن العسيري، من خلال الانفتاح على عون، يمارس عملية "وخز إبر" في منطقة يعتبرها حساسة في جسد حزب الله، والهدف منها إشعاره بوجود المملكة، وأن عليه مراعاة خطوطها الحمر. ولكن داخل الأروقة السعودية، يتم مرة أخرى سماع أصوات "الواقعيين" الذين يؤكدون منذ الآن أن "النتائج المحتملة لمحاولة العسيري ستكون مخيبة لآمال الرياض". ويقول هؤلاء "إن الحزب أعدّ حسابات تكيّفه مع مرحلة ما بعد الأسد، ولن ترتعد فرائصه إذا هددناه بأننا سنأخذه إلى مرحلة ما بعد تحالفه مع عون، علماً بأنه حتى هذه اللحظة لا يعرض الأخير علينا إلا فكرة واحدة، وهي إيمانه بأن للمسيحيين العرب دوراً مهماً في هذه المرحلة، وهو تشكيل جسر تواصل لنزع الفتنة المذهبية السنية ــ الشيعيّة".

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة