«سوف نجفّف مستنقع الإرهاب». هكذا وعد رئيس حكومة بريطانيا ديفيد كاميرون تعقيباً على الجريمة التي نفذّها البريطاني مايكل أديبولاجو وشريكه في أحد الجنود البريطانيين في ضاحية وولِتش لندن قبل أيام. دهس أديبولاجو الجندي مستعملاً سيارته ثم انهال عليه ضرباً بالساطور وهو يصرخ «ألله أكبر» حتى قطّع الجندي «لي رغبي» إرباً وشوّه جثته إلى حدّ أن السلطات اضطرت إلى اللجوء إلى ملفات عيادة الأسنان الخاصة بالجندي المقتول للتأكد من هويته وركز الإعلام البريطاني في تغطيته للخبر على رد أصل المعتدي ذو البشرة السمراء المولود في بريطانيا إلى موطن والده نيجيريا كلما سنحت الفرصة فالمهاجر في بلاد الرجل الأبيض ينتمي إلى بلاد الهجرة بالنسبة إلى الأعلام هناك فقط في حال نجاحه وتفوقه ويعيده الإعلام إلى أصله النيجيري أوالجامايكي مثلاً حين يقوم بأي عمل قد يأتي بالعار على البلاد تماما مثلما تصرّف الإعلام الكندي أيام العدّاء المشهور جونسون الذي نال الميدالية الذهبية لسباق ركض المئة متر في أواخر الثمانينات إذ اعتبره الإعلام الكندي آنذاك حامي شرف البلاد ورافع رأسها بين الأمم حتى أن تبين بعد فترة أنه كان يمارس رياضته تحت تأثير المنشطات فأرجعته كندا إلى أصله وأضحى العدّاء المشهور معروفاً بـ«العداء الجامايكي» في كندا بشحطة قلم بين ليلة وضحاها! و أديبولاجو سهّل هذه المهمة على الإعلام البريطاني عندما صرخ في وجه القاضي البريطاني الأسبوع الفائت خلال جلسة المحاكمة طالباً إليه مناداته باسم «أبو حمزة» بدلاً من إسمه الحقيقي مضيفاً بذلك نكهة خارجية على جريمته من دون أن يكلّف الإعلام البريطاني نفسه أي عناء.

«أبو حمزة» لم لا خاصة أن جريمة أديبولاجو تتماهى بشكل مذهل مع جرائم إرهابيي الغرب في سورية بالدموية وهتافات التكبير التي ترافقها وسلاح الساطور المفضل لدى الإرهابيين و لم يبق سوى إسم الفاعل مختلفا فعالج أديبولاجو هذا التفصيل وتعودنا على أسماء «الأبوات» الجدد بين إرهابيي مرتزقة الدول الغربية على أرض سورية وبينهم أبو حمزة وأبو قتادة و غيرهما. ولست مفتياً في شأن الجهاد والنصرة وسواها من مفاهيم الألفية الأولى لهذا الكوكب. لكن يبدو أن «أبو حمزة البريطاني أمير وولِتش وريفها» حول بريطانيا بعمله هذا إلى أرض جهاد حقيقية. ولا أحسد أمن المعتقلات السورية اليوم على مهمتهم بعدما أضحى معظم «ثوار» سورية أسرى في سجون الجيش السوري والآتي أعظم لهؤلاء فماذا لو أتى دور «أبي قتادة» ما «للفلقة» فعلى حارس السجن أن يحقق مع مئات «الأبي قتادة» للعثور على الشخص المطلوب.

تزامن وعد كاميرون بتجفيف مستنقع الإرهاب مع انتصار وزير دفاعه وليم هيغ المعنوي على الأقل في إقناع دول المجموعة الأوروبية في تعليق قرار حظر تصدير السلاح إلى «أبو حمزات» سورية. ويعجز العقل على التوفيق بين وعد كاميرون وانتصار هيغ. رئيس الوزراء يعد بالقضاء على الإرهاب ووزير دفاعه يرفع الأنخاب مع شريكه الفرنسي أحتفالاً بقرار السماح بتصدير السلاح إلى الإرهابيين الذين يعد كاميرون بالقضاء عليهم. وقد يكون وليم هيغ متحدرا من سلالة جون هيغ صانع الويسكي المشهور فبين انتصار هيغ ووعد كاميرون مستنقع من الكحول يغرق فيه الشعب البريطاني وهو مستنقع في حاجة ماسّة إلى التجفيف قبل أن يتمكن الناخب هناك من تكوين رأي علمي ناقد بمسؤولية الذين احترفوا «بيع الكلام» للناخب وضمروا له ولشعوب العالم أسوأ النيات للحفاظ على مصالح الطبقة البورجوازية.

وفي سياق الكلام على الطبقة البورجوازية وقع نظري حديثاً على واجهة محل تجاري عريق في لندن متخصص في صناعة بنادق صيد طيور معروفة باسم «الجفت» في العامية وما برح أصحاب هذا المحل يحتفظون بآثار شظايا القنابل الجوية الألمانية على جدرانه الداخلية وفي واجهته إبان الحرب العالمية الثانية محمية بأطر بلاستيكية كدليل على قدم المحل وعراقته أثار الديكور والاسم المشهور فضولي فدخلت المحلّ متفرجا و«اصطادني» أحد الباعة المخضرمين وشرح لي بإسهاب عن رياضة الصيد العريقة في بريطانيا وأن غزارة الطيور تقتضي أن يقتني الصياد بندقيتين بدلا من بندقية واحدة لتفادي مشاكل السخونة الزائدة في السبطانة. وفي نهاية محاضرته التسويقية سألني البائع إن كنت مستعداً للنزول إلى غرفة القياس لتصميم بندقيتين لي سعر الواحدة منهما مئة وعشرة آلاف ليرة إنكليزية فاعتذرت متذرعاً بوضعي كسائح والفرق بين ضاحية ماي فير المشهورة حيث تعرض هذه الأسلحة العريقة والباهظة الثمن وضاحية وولِتش حيث نفذ «ابو حمزة البريطاني» جريمته هو الفرق عينه بين الطبقة المخملية المسيطرة والطبقة الفقيرة المعدمة المهمشة الغارقة في مستنقع البيرة ووحول التطرّف الديني مثلما هو الفرق بين جفت المئة ألف ليرة إنكليزية وساطور «أبي حمزة».

بين جفت المئة ألف جنيه وساطور «أبو حمزة» هناك الجفت التركي الرخيص فإن كانت بريطانيا دولة راعية للإرهاب في سورية التي يكتظ فيها حملة السواطير فتركيا هي الدولة «المصنّعة» للإرهاب وهي «تجمِّع» الفرق الإرهابية من كل بلاد «قطعة» وترسلهم إلينا إمارات. لكن من حسن حظ الشعب التركي أن ديكتاتوره مرر في البرلمان حديثاً قانونا يقيّد بيع الكحول وتقديمه على الطريقة «الإخونجية» في تركيا ما أنقذ الأتراك الليبراليين من مستنقع الكحول الذي يغرق فيه الشعب البريطاني فنزلوا في لحظة وعي إلى الشارع وثاروا على أردوغان الصغير الذي نُقل عنه أنّه صرح لديكتاتور الأردن من الحجم نفسه يوماً بأن الديمقراطية التي هدم سورية باسمها هي بمثابة أوتوبيس عمومي يركبه أردوغان ويستطيع النزول منه ساعة يشاء ليمارس ديكتاتوريته «الناعمة» و هنا لا بد من لحظة تأمل واعتذار من الشعب الأرمني باسم كل صياد في بلادنا اشترى قطعة سلاح تركية وكل مواطن ابتاع أيّا من البضائع التركية فنحن الذين عشنا في فترة ما بعد زوال الحكم العثماني ظننا أن الأرمن يبالغون ولو قليلا في محاربة هذا العثماني الجزار وأن قضية مقاطعة تركيا لا تعنينا مباشرة. وخدعنا العثماني حديثاً في مهزلة سفينة مرمرة المتجهة إلى غزّة والمسرحية الزائفة حول عدائه الجديد لحليفه الصهيوني القديم. وقبل ذلك أرسل العثمانيون جنوداً للمشاركة في القوات الدولية في جنوب لبنان واعترضت الأحزاب الأرمنية و لم نبالِ باعتراضها ولم نؤيد مسعاها. ويبدو أن فصل كتب التاريخ حول شهداء أيار وجمال باشا الجزار لم يفعل فعله في عقولنا النامية وآنذاك وقد يكون للطائفية السياسة تأثير في ذلك ولم ندرس في الكتب نفسها شيئاً عن اغتصاب العثمانيين للواء الاسكندورن فلتخصص وزارة التربية في لبنان من الآن فصاعداً فصولاً في كتب التاريخ تشرح للتلاميذ فيها خطر العثمانيين على العالم كدولة استعمارية وتروي قصة مجازرهم في حق الأرمن والكلدان واغتصابهم أرضنا علّنا نتعظ من الآن فصاعداً.

ترددت في الابتهاج والشماتة عند بدء التظاهرات في تركيا هذا الأسبوع فنحن بطبعنا إنفعاليون ونميل إلى المبالغة في رد الفعل حيال أي حادث صغير حولنا لكني اليوم وبعدما دخلت التظاهرات وأعمال الشغب إعتراضاً على نظام «ديكتاتور إخوان» في تركيا أسبوعها الثاني بقوة متجددة ورغم اقتناعي بأن أردوغان قد يربح انتخابات جديدة بأكثرية ضئيلة بت مقتنعاً بأن فئة الشعب التركي الليبرالية سوف تستمر في التحرك والتظاهر والاعتراض وفقاً للنموذج المصري وأن حلم إمبراطورية أردوغان العثمانية الجديدة تلاشى أمام عينيه وباتت أثرا بعد عين وأضحى هو ووزير خارجيته أوغلو غرابين ينعقان على أنقاض «إمبراطوريتهما» وهما يرددان أغنية ربيع الخولي الخالدة «يا أهل الهوى لا تلومونا جين نصيد الحبايب قبل ما نصيدن صادونا».

بشّرناكم بالنصر فأتانا جارفاً من القصير إلى ريف حلب وغوطة دمشق لكن لم يتسن لنا التبشير بانهيار العثماني إبان هذه الحملة على سورية لانشغالنا في حالنا وهذا الانهيار أفضل هدية لنا.

  • فريق ماسة
  • 2013-06-18
  • 10335
  • من الأرشيف

«أبو حمزة» السكران

«سوف نجفّف مستنقع الإرهاب». هكذا وعد رئيس حكومة بريطانيا ديفيد كاميرون تعقيباً على الجريمة التي نفذّها البريطاني مايكل أديبولاجو وشريكه في أحد الجنود البريطانيين في ضاحية وولِتش لندن قبل أيام. دهس أديبولاجو الجندي مستعملاً سيارته ثم انهال عليه ضرباً بالساطور وهو يصرخ «ألله أكبر» حتى قطّع الجندي «لي رغبي» إرباً وشوّه جثته إلى حدّ أن السلطات اضطرت إلى اللجوء إلى ملفات عيادة الأسنان الخاصة بالجندي المقتول للتأكد من هويته وركز الإعلام البريطاني في تغطيته للخبر على رد أصل المعتدي ذو البشرة السمراء المولود في بريطانيا إلى موطن والده نيجيريا كلما سنحت الفرصة فالمهاجر في بلاد الرجل الأبيض ينتمي إلى بلاد الهجرة بالنسبة إلى الأعلام هناك فقط في حال نجاحه وتفوقه ويعيده الإعلام إلى أصله النيجيري أوالجامايكي مثلاً حين يقوم بأي عمل قد يأتي بالعار على البلاد تماما مثلما تصرّف الإعلام الكندي أيام العدّاء المشهور جونسون الذي نال الميدالية الذهبية لسباق ركض المئة متر في أواخر الثمانينات إذ اعتبره الإعلام الكندي آنذاك حامي شرف البلاد ورافع رأسها بين الأمم حتى أن تبين بعد فترة أنه كان يمارس رياضته تحت تأثير المنشطات فأرجعته كندا إلى أصله وأضحى العدّاء المشهور معروفاً بـ«العداء الجامايكي» في كندا بشحطة قلم بين ليلة وضحاها! و أديبولاجو سهّل هذه المهمة على الإعلام البريطاني عندما صرخ في وجه القاضي البريطاني الأسبوع الفائت خلال جلسة المحاكمة طالباً إليه مناداته باسم «أبو حمزة» بدلاً من إسمه الحقيقي مضيفاً بذلك نكهة خارجية على جريمته من دون أن يكلّف الإعلام البريطاني نفسه أي عناء. «أبو حمزة» لم لا خاصة أن جريمة أديبولاجو تتماهى بشكل مذهل مع جرائم إرهابيي الغرب في سورية بالدموية وهتافات التكبير التي ترافقها وسلاح الساطور المفضل لدى الإرهابيين و لم يبق سوى إسم الفاعل مختلفا فعالج أديبولاجو هذا التفصيل وتعودنا على أسماء «الأبوات» الجدد بين إرهابيي مرتزقة الدول الغربية على أرض سورية وبينهم أبو حمزة وأبو قتادة و غيرهما. ولست مفتياً في شأن الجهاد والنصرة وسواها من مفاهيم الألفية الأولى لهذا الكوكب. لكن يبدو أن «أبو حمزة البريطاني أمير وولِتش وريفها» حول بريطانيا بعمله هذا إلى أرض جهاد حقيقية. ولا أحسد أمن المعتقلات السورية اليوم على مهمتهم بعدما أضحى معظم «ثوار» سورية أسرى في سجون الجيش السوري والآتي أعظم لهؤلاء فماذا لو أتى دور «أبي قتادة» ما «للفلقة» فعلى حارس السجن أن يحقق مع مئات «الأبي قتادة» للعثور على الشخص المطلوب. تزامن وعد كاميرون بتجفيف مستنقع الإرهاب مع انتصار وزير دفاعه وليم هيغ المعنوي على الأقل في إقناع دول المجموعة الأوروبية في تعليق قرار حظر تصدير السلاح إلى «أبو حمزات» سورية. ويعجز العقل على التوفيق بين وعد كاميرون وانتصار هيغ. رئيس الوزراء يعد بالقضاء على الإرهاب ووزير دفاعه يرفع الأنخاب مع شريكه الفرنسي أحتفالاً بقرار السماح بتصدير السلاح إلى الإرهابيين الذين يعد كاميرون بالقضاء عليهم. وقد يكون وليم هيغ متحدرا من سلالة جون هيغ صانع الويسكي المشهور فبين انتصار هيغ ووعد كاميرون مستنقع من الكحول يغرق فيه الشعب البريطاني وهو مستنقع في حاجة ماسّة إلى التجفيف قبل أن يتمكن الناخب هناك من تكوين رأي علمي ناقد بمسؤولية الذين احترفوا «بيع الكلام» للناخب وضمروا له ولشعوب العالم أسوأ النيات للحفاظ على مصالح الطبقة البورجوازية. وفي سياق الكلام على الطبقة البورجوازية وقع نظري حديثاً على واجهة محل تجاري عريق في لندن متخصص في صناعة بنادق صيد طيور معروفة باسم «الجفت» في العامية وما برح أصحاب هذا المحل يحتفظون بآثار شظايا القنابل الجوية الألمانية على جدرانه الداخلية وفي واجهته إبان الحرب العالمية الثانية محمية بأطر بلاستيكية كدليل على قدم المحل وعراقته أثار الديكور والاسم المشهور فضولي فدخلت المحلّ متفرجا و«اصطادني» أحد الباعة المخضرمين وشرح لي بإسهاب عن رياضة الصيد العريقة في بريطانيا وأن غزارة الطيور تقتضي أن يقتني الصياد بندقيتين بدلا من بندقية واحدة لتفادي مشاكل السخونة الزائدة في السبطانة. وفي نهاية محاضرته التسويقية سألني البائع إن كنت مستعداً للنزول إلى غرفة القياس لتصميم بندقيتين لي سعر الواحدة منهما مئة وعشرة آلاف ليرة إنكليزية فاعتذرت متذرعاً بوضعي كسائح والفرق بين ضاحية ماي فير المشهورة حيث تعرض هذه الأسلحة العريقة والباهظة الثمن وضاحية وولِتش حيث نفذ «ابو حمزة البريطاني» جريمته هو الفرق عينه بين الطبقة المخملية المسيطرة والطبقة الفقيرة المعدمة المهمشة الغارقة في مستنقع البيرة ووحول التطرّف الديني مثلما هو الفرق بين جفت المئة ألف ليرة إنكليزية وساطور «أبي حمزة». بين جفت المئة ألف جنيه وساطور «أبو حمزة» هناك الجفت التركي الرخيص فإن كانت بريطانيا دولة راعية للإرهاب في سورية التي يكتظ فيها حملة السواطير فتركيا هي الدولة «المصنّعة» للإرهاب وهي «تجمِّع» الفرق الإرهابية من كل بلاد «قطعة» وترسلهم إلينا إمارات. لكن من حسن حظ الشعب التركي أن ديكتاتوره مرر في البرلمان حديثاً قانونا يقيّد بيع الكحول وتقديمه على الطريقة «الإخونجية» في تركيا ما أنقذ الأتراك الليبراليين من مستنقع الكحول الذي يغرق فيه الشعب البريطاني فنزلوا في لحظة وعي إلى الشارع وثاروا على أردوغان الصغير الذي نُقل عنه أنّه صرح لديكتاتور الأردن من الحجم نفسه يوماً بأن الديمقراطية التي هدم سورية باسمها هي بمثابة أوتوبيس عمومي يركبه أردوغان ويستطيع النزول منه ساعة يشاء ليمارس ديكتاتوريته «الناعمة» و هنا لا بد من لحظة تأمل واعتذار من الشعب الأرمني باسم كل صياد في بلادنا اشترى قطعة سلاح تركية وكل مواطن ابتاع أيّا من البضائع التركية فنحن الذين عشنا في فترة ما بعد زوال الحكم العثماني ظننا أن الأرمن يبالغون ولو قليلا في محاربة هذا العثماني الجزار وأن قضية مقاطعة تركيا لا تعنينا مباشرة. وخدعنا العثماني حديثاً في مهزلة سفينة مرمرة المتجهة إلى غزّة والمسرحية الزائفة حول عدائه الجديد لحليفه الصهيوني القديم. وقبل ذلك أرسل العثمانيون جنوداً للمشاركة في القوات الدولية في جنوب لبنان واعترضت الأحزاب الأرمنية و لم نبالِ باعتراضها ولم نؤيد مسعاها. ويبدو أن فصل كتب التاريخ حول شهداء أيار وجمال باشا الجزار لم يفعل فعله في عقولنا النامية وآنذاك وقد يكون للطائفية السياسة تأثير في ذلك ولم ندرس في الكتب نفسها شيئاً عن اغتصاب العثمانيين للواء الاسكندورن فلتخصص وزارة التربية في لبنان من الآن فصاعداً فصولاً في كتب التاريخ تشرح للتلاميذ فيها خطر العثمانيين على العالم كدولة استعمارية وتروي قصة مجازرهم في حق الأرمن والكلدان واغتصابهم أرضنا علّنا نتعظ من الآن فصاعداً. ترددت في الابتهاج والشماتة عند بدء التظاهرات في تركيا هذا الأسبوع فنحن بطبعنا إنفعاليون ونميل إلى المبالغة في رد الفعل حيال أي حادث صغير حولنا لكني اليوم وبعدما دخلت التظاهرات وأعمال الشغب إعتراضاً على نظام «ديكتاتور إخوان» في تركيا أسبوعها الثاني بقوة متجددة ورغم اقتناعي بأن أردوغان قد يربح انتخابات جديدة بأكثرية ضئيلة بت مقتنعاً بأن فئة الشعب التركي الليبرالية سوف تستمر في التحرك والتظاهر والاعتراض وفقاً للنموذج المصري وأن حلم إمبراطورية أردوغان العثمانية الجديدة تلاشى أمام عينيه وباتت أثرا بعد عين وأضحى هو ووزير خارجيته أوغلو غرابين ينعقان على أنقاض «إمبراطوريتهما» وهما يرددان أغنية ربيع الخولي الخالدة «يا أهل الهوى لا تلومونا جين نصيد الحبايب قبل ما نصيدن صادونا». بشّرناكم بالنصر فأتانا جارفاً من القصير إلى ريف حلب وغوطة دمشق لكن لم يتسن لنا التبشير بانهيار العثماني إبان هذه الحملة على سورية لانشغالنا في حالنا وهذا الانهيار أفضل هدية لنا.

المصدر : البناء/ جورج كرم


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة