يواجه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو التحدي بعد الآخر من جانب وزرائه في كل ما يتعلق بالعملية السياسية مع الفلسطينيين. وقبل أن تخمد أصداء تصريحات نائب وزير الدفاع داني دانون حول عدم توفر غالبية في الحكومة الإسرائيلية لمبدأ حلّ الدولتين، خرج زعيم «البيت اليهودي» وزير الاقتصاد نفتالي بينت ليعلن أن الناس تبذل الجهد في موضوع عديم الجدوى مثل حل الدولتين.

وتشكل هذه التصريحات ضربة لنتنياهو الساعي لإظهار اعتدال لفظي في مواجهة المساعي الأميركية لاستئناف المفاوضات. وكان نتنياهو قد أشار قبل أيام إلى المبادرة العربية على اعتبارها أمراً تمكن مناقشته، ولكن وزير دفاعه موشي يعلون سارع إلى التأكيد بأن هذه المبادرة ليست سوى أحبولة إعلامية عربية لإرباك إسرائيل.

وتشهد هذه الأقوال على انعدام التوافق داخل حكومة نتنياهو بشأن الخط السياسي الواجب انتهاجه إزاء الفلسطينيين. فبينت يعرض وجهة نظر اليمين الأقصى في الحكومة إلى جانب عدد من وزراء الليكود. ونتنياهو يعرض فكرة الدولة الفلسطينية المنزوعة السلاح الخالية تقريباً من علائم الدولة، والخاضعة كلياً لإسرائيل. وإلى جانب هؤلاء هناك حزب «هناك مستقبل» الذي فيه أعضاء يحملون آراء اليمين والوسط واليسار.

وأمام مؤتمر إعلامي لمجلس المستوطنات، قال بينت حول حلّ الدولتين إنه «لم يسبق أبداً في تاريخ إسرائيل أن انشغل كثير من الناس إلى هذا الحد وبكل هذه الطاقة في موضوع عديم الجدوى. وينبغي لنا أن ننتقل لننشغل بمواضيع راهنة ونترك هذه الفكرة خلفنا». وأكد أن الجمود السياسي واستمرار النزاع يجب أن تعامله إسرائيل على أنه أشبه بـ«شظية في المؤخرة» يمكن التعامل معها. وقال «عندي صديق لديه شظية في مؤخرته، وقالوا له إن بالوسع إزالتها عبر عملية جراحية، لكنه سيظل مُقعَداً. لذلك قرر مواصلة التعايش معها. هناك أوضاع يسبب فيها التطلع للكمال، ضرراً أكثر من الفائدة».

وأضاف إن «لدينا اليوم 400 ألف إسرائيلي يسكنون في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) وأيضاً 250 ألفاً في القدس الشرقية. ويعيش أكثر من عشرة في المئة من الإسرائيليين خلف ما يعرف بالخط الأخضر. إن محاولة إنشاء دولة فلسطينية داخل بلادنا ولّت». واعتبر بينت أن عملية المفاوضات مع الفلسطينيين بلغت نهايتها وطريقاً مسدوداً، وأنه على إسرائيل أن «تبني وتبني وتبني. فأموال الكافيار المقدم في حفلات الكوكتيل المتصلة بموضوع الدولة الفلسطينية لو استثمرت في إنشاء الطرق لبدت الأوضاع بشكل مختلف».

وشدّد بينت على أن السلام ينبغي أن يُصنع بين الناس، مؤكداً أنه «لم تكن هنا أبداً أي دولة فلسطينية. ينبغي تغيير العقلية والقول إننا هنا لأن هذا وطننا. ينبغي لنا أن ننتقل نحو التصرف من الآن فصاعداً، ونترك هذه الفكرة وراءنا».

وعلق بينت على تصريحات عضو الكنيست من «هناك مستقبل» عوفر شيلح الأسبوع الماضي، والتي قال فيها إن «الاحتلال يفسد المجتمع الإسرائيلي، والجيش الإسرائيلي والعدالة الإسرائيلية والإعلام الإسرائيلي والوعي الإسرائيلي واللغة الإسرائيلية». واعتبر بينت أن «من يتجرأون على القول إن الاحتلال مفسد وكل يوم ينشغلون بالاحتلال، الاحتلال، الاحتلال، فأي احتلال هذا؟ كيف يمكن أن تكون محتلاً لبيتك؟ هذا بيتنا».

ويتناقض هذا الموقف مع ما أشار إليه نتنياهو حتى في مستهلّ جلسة حكومته هذا الأسبوع حول استمرار التزام إسرائيل بحل الدولتين. وجاء هذا التأكيد رداً على تصريحات دانون، التي قال فيها إن «نتنياهو يدعو إلى مباحثات السلام مع الفلسطينيين لأن إسرائيل لن تتوصل أبداً إلى اتفاق». وفي حينه، أثارت تصريحات دانون غضب مسؤولة ملف المفاوضات في الحكومة وزيرة العدل تسيبي ليفني، التي ألمحت إلى احتمال انسحابها من حكومة لا تحثّ عملية السلام مع الفلسطينيين.

وأثارت تصريحات بينت ردود فعل من جهات إسرائيلية في الائتلاف وخارجه. وقد أعلن وزير العلوم والتكنولوجيا يعقوب بيري (هناك مستقبل) أن تصريحات من هذا النوع تخرّب مساعي السلام. وقال «إنها تضرّ بالعلاقات الحساسة ومحاولات بناء الجسور الاقتصادية وخطوات بناء الثقة بين إسرائيل والفلسطينيين. وإنشاء دولة فلسطينية هو مصلحة إسرائيلية وجودية. وحلّ الدولتين هو الحل الوحيد الذي سيمنع إنشاء دولة ثنائية القومية، وهي نهاية الصهيونية».

كذلك، حمل عضو الكنيست إيتان كابل من حزب العمل على بينت، معتبراً أن تصريحاته هذه «مجرد طرف خيط رفيع لآرائه، التي تندرج جيداً في مشهد الحكومة إلى جانب الدانونيين (داني دانون) والحوتبوليين (تسيبي حوتبولي من الليكود). ويجدر أن يكفّ حصان الأخ عن الركض نحو دولة ثنائية القومية. وعلى لبيد (رئيس حزب هناك مستقبل يائير لبيد) أن يقرر إن كان هو إلى جانب بينت أم إلى جانب الطرف السويّ».

  • فريق ماسة
  • 2013-06-17
  • 7489
  • من الأرشيف

مزايدات حكومية إسرائيلية على رفض التسوية

يواجه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو التحدي بعد الآخر من جانب وزرائه في كل ما يتعلق بالعملية السياسية مع الفلسطينيين. وقبل أن تخمد أصداء تصريحات نائب وزير الدفاع داني دانون حول عدم توفر غالبية في الحكومة الإسرائيلية لمبدأ حلّ الدولتين، خرج زعيم «البيت اليهودي» وزير الاقتصاد نفتالي بينت ليعلن أن الناس تبذل الجهد في موضوع عديم الجدوى مثل حل الدولتين. وتشكل هذه التصريحات ضربة لنتنياهو الساعي لإظهار اعتدال لفظي في مواجهة المساعي الأميركية لاستئناف المفاوضات. وكان نتنياهو قد أشار قبل أيام إلى المبادرة العربية على اعتبارها أمراً تمكن مناقشته، ولكن وزير دفاعه موشي يعلون سارع إلى التأكيد بأن هذه المبادرة ليست سوى أحبولة إعلامية عربية لإرباك إسرائيل. وتشهد هذه الأقوال على انعدام التوافق داخل حكومة نتنياهو بشأن الخط السياسي الواجب انتهاجه إزاء الفلسطينيين. فبينت يعرض وجهة نظر اليمين الأقصى في الحكومة إلى جانب عدد من وزراء الليكود. ونتنياهو يعرض فكرة الدولة الفلسطينية المنزوعة السلاح الخالية تقريباً من علائم الدولة، والخاضعة كلياً لإسرائيل. وإلى جانب هؤلاء هناك حزب «هناك مستقبل» الذي فيه أعضاء يحملون آراء اليمين والوسط واليسار. وأمام مؤتمر إعلامي لمجلس المستوطنات، قال بينت حول حلّ الدولتين إنه «لم يسبق أبداً في تاريخ إسرائيل أن انشغل كثير من الناس إلى هذا الحد وبكل هذه الطاقة في موضوع عديم الجدوى. وينبغي لنا أن ننتقل لننشغل بمواضيع راهنة ونترك هذه الفكرة خلفنا». وأكد أن الجمود السياسي واستمرار النزاع يجب أن تعامله إسرائيل على أنه أشبه بـ«شظية في المؤخرة» يمكن التعامل معها. وقال «عندي صديق لديه شظية في مؤخرته، وقالوا له إن بالوسع إزالتها عبر عملية جراحية، لكنه سيظل مُقعَداً. لذلك قرر مواصلة التعايش معها. هناك أوضاع يسبب فيها التطلع للكمال، ضرراً أكثر من الفائدة». وأضاف إن «لدينا اليوم 400 ألف إسرائيلي يسكنون في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) وأيضاً 250 ألفاً في القدس الشرقية. ويعيش أكثر من عشرة في المئة من الإسرائيليين خلف ما يعرف بالخط الأخضر. إن محاولة إنشاء دولة فلسطينية داخل بلادنا ولّت». واعتبر بينت أن عملية المفاوضات مع الفلسطينيين بلغت نهايتها وطريقاً مسدوداً، وأنه على إسرائيل أن «تبني وتبني وتبني. فأموال الكافيار المقدم في حفلات الكوكتيل المتصلة بموضوع الدولة الفلسطينية لو استثمرت في إنشاء الطرق لبدت الأوضاع بشكل مختلف». وشدّد بينت على أن السلام ينبغي أن يُصنع بين الناس، مؤكداً أنه «لم تكن هنا أبداً أي دولة فلسطينية. ينبغي تغيير العقلية والقول إننا هنا لأن هذا وطننا. ينبغي لنا أن ننتقل نحو التصرف من الآن فصاعداً، ونترك هذه الفكرة وراءنا». وعلق بينت على تصريحات عضو الكنيست من «هناك مستقبل» عوفر شيلح الأسبوع الماضي، والتي قال فيها إن «الاحتلال يفسد المجتمع الإسرائيلي، والجيش الإسرائيلي والعدالة الإسرائيلية والإعلام الإسرائيلي والوعي الإسرائيلي واللغة الإسرائيلية». واعتبر بينت أن «من يتجرأون على القول إن الاحتلال مفسد وكل يوم ينشغلون بالاحتلال، الاحتلال، الاحتلال، فأي احتلال هذا؟ كيف يمكن أن تكون محتلاً لبيتك؟ هذا بيتنا». ويتناقض هذا الموقف مع ما أشار إليه نتنياهو حتى في مستهلّ جلسة حكومته هذا الأسبوع حول استمرار التزام إسرائيل بحل الدولتين. وجاء هذا التأكيد رداً على تصريحات دانون، التي قال فيها إن «نتنياهو يدعو إلى مباحثات السلام مع الفلسطينيين لأن إسرائيل لن تتوصل أبداً إلى اتفاق». وفي حينه، أثارت تصريحات دانون غضب مسؤولة ملف المفاوضات في الحكومة وزيرة العدل تسيبي ليفني، التي ألمحت إلى احتمال انسحابها من حكومة لا تحثّ عملية السلام مع الفلسطينيين. وأثارت تصريحات بينت ردود فعل من جهات إسرائيلية في الائتلاف وخارجه. وقد أعلن وزير العلوم والتكنولوجيا يعقوب بيري (هناك مستقبل) أن تصريحات من هذا النوع تخرّب مساعي السلام. وقال «إنها تضرّ بالعلاقات الحساسة ومحاولات بناء الجسور الاقتصادية وخطوات بناء الثقة بين إسرائيل والفلسطينيين. وإنشاء دولة فلسطينية هو مصلحة إسرائيلية وجودية. وحلّ الدولتين هو الحل الوحيد الذي سيمنع إنشاء دولة ثنائية القومية، وهي نهاية الصهيونية». كذلك، حمل عضو الكنيست إيتان كابل من حزب العمل على بينت، معتبراً أن تصريحاته هذه «مجرد طرف خيط رفيع لآرائه، التي تندرج جيداً في مشهد الحكومة إلى جانب الدانونيين (داني دانون) والحوتبوليين (تسيبي حوتبولي من الليكود). ويجدر أن يكفّ حصان الأخ عن الركض نحو دولة ثنائية القومية. وعلى لبيد (رئيس حزب هناك مستقبل يائير لبيد) أن يقرر إن كان هو إلى جانب بينت أم إلى جانب الطرف السويّ».

المصدر : السفير/ حلمي موسى


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة