دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
كشفت الحكومة التركية أنها جاهزة للانتقال في تعاملها مع ازمة الحراك الشعبي إلى مرحلة جديدة في حال لم تتوقف بشكل نهائي، إذ توعدت، أمس، بنشر الجيش لمساعدة الشرطة على وقف التظاهرات المستمرة منذ حوالي ثلاثة أسابيع، وإن كانت تشهد وتيرة أقل خلال الأيام الأخيرة. وجاء الإعلان فيما تواصل الشرطة إطلاق الغاز المسيّل للدموع والمياه على المتظاهرين في اسطنبول والعاصمة أنقرة، واستمرار الدول الغربية بتوجيه الانتقادات للحكومة التركية.
وقال نائب رئيس الوزراء بولنت ارينتش في حديث متلفز: «أولا الشرطي ليس بائعا متجولا بل انه عنصر في قوات الأمن، وان الشرطة ستستخدم كل الوسائل المتاحة قانونا» لإنهاء الاحتجاجات، مضيفاً ان «أحدا لا يمكنه أن يشكو من الشرطة». وأكد انه «إذا لم يكن ذلك كافيا، يمكننا حتى استخدام القوات المسلحة التركية في المدن».
من ناحية أخرى، بدأت اثنتان من أبرز نقابات العمل في تركيا إضرابا عاما احتجاجا على العنف الذي مارسته الشرطة ضد المتظاهرين. وبينما لم يتضح عدد عمال القطاع العام الذين استجابوا لدعوة نقاباتهم للإضراب، لم تبرز مؤشرات على حدوث تعطل كبير في العمل في أنحاء تركيا.
وفي هذا السياق، جمعت مسيرتا «الاتحاد النقابي للعمال الثوريين» (ديسك)، و«الاتحاد النقابي لموظفي القطاع العام» (كيسك)، بدعم من نقابات المهندسين والأطباء، نحو ألفي شخص في شمال وجنوب ساحة تقسيم، فيما تمكن الاتحادان من جمع عشرات آلاف المتظاهرين خلال التعبئة الأخيرة في الخامس من الشهر الحالي.
وسار المتظاهرون هاتفين «حكومة، استقالة» و«ليست سوى البداية، المعركة مستمرة» و«على حزب العدالة والتنمية أن يحاسب». وتوقفت المسيرتان على مسافة غير قريبة من ساحة تقسيم، حيث قامت مجموعات كبيرة من عناصر الشرطة بقطع الطرق المؤدية إليها متسلحة بخراطيم المياه. ثم تفرق المتظاهرون من دون حوادث.
في المقابل، فإنّ مواجهات اندلعت بعد التظاهرة النقابية بين شرطة مكافحة الشغب ومجموعة من نحو ثلاثمئة شاب في حي سيلسي القريب من ساحة تقسيم في اسطنبول، حيث استخدمت الشرطة الغاز المسيّل للدموع وخراطيم المياه لتفريق الشبان.
وفي العاصمة أنقرة، تظاهر مئات الأشخاص من دون أي مواجهات مع قوات الأمن. كما نظمت مسيرات احتجاجية في عدد من المناطق التركية، وكان أبرزها في مدن قونيا وتشوروم وأيدن ومرسين.
بموازاة ذلك، هدّد وزير الداخلية التركي معمر غولر بقمع أي تظاهرة، معتبرا أنّ الدعوة إلى الإضراب العام «غير قانونية». وقال إنّ «هناك إرادة في دفع الناس للنزول إلى الشارع من خلال أعمال غير قانونية مثل وقف العمل والإضراب»، مؤكدا أن قوات الأمن «لن تسمح بذلك». وأضاف انه «من المستحيل تفهم الإصرار على مواصلة التظاهرات».
بدوره، كشف مسؤول في نقابة المحامين في اسطنبول أن الشرطة التركية اعتقلت 441 شخصا في الاشتباكات التي دارت في اسطنبول يوم الأحد الماضي بين الشرطة والمتظاهرين، فيما ذكر مسؤول آخر في نقابة المحامين في أنقرة أن 56 شخصا اعتقلوا في العاصمة. وحتى الآن، قتل سبعة أشخاص وأصيب نحو 7500 آخرين وفقاً لـ«نقابة الأطباء» التركية.
في غضون ذلك، كان لافتاً ما أظهره استطلاع للرأي نشرت نتائجه صحيفة «توديز زمان» التركية أن غالبية الأتراك يعارضون مشروع تطوير حديقة جيزي في اسطنبول، كما ينددون بما يعتبرونه تصرفا «استبداديا» من جانب الحكومة.
وأكد الاستطلاع، الذي أجراه «معهد متروبول»، أن نسبة 62,9 في المئة من الأشخاص المستطلعين يرغبون في الحفاظ على الحديقة كمساحة خضراء، في حين تدعم نسبة 23,3 في المئة من هؤلاء إعادة ترميم ثكنة عثمانية مكان هذه الحديقة بإمكانها استقبال مراكز تجارية وثقافية.
في المقابل، اعتبرت نسبة 49,9 في المئة من الأشخاص المستطلعين أن الحكومة أصبحت «أكثر استبدادا»، فيما اعتبرت نسبة 54,4 في المئة أن الحكومة تتدخل بشكل اكبر في نمط حياة المواطنين.
وبموازاة التطورات الداخلية في تركيا، زادت دول غربية من انتقادها للسلطات التركية. واعتبرت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل أنّ قمع الشرطة في تركيا للمتظاهرين «قاس جدا». وقالت في حديث متلفز إنّ «هناك مشاهد مخيفة يمكن أن نرى فيها انه تم التصرف بقسوة كبيرة». وأوضحت أنّ «ما يحصل حاليا في تركيا لا يتماشى في نظري مع مفهومنا لحرية التظاهر والتعبير عن الآراء».
وإزاء الانتقادات الأوروبية وتحديداً تلك التي وجهها البرلمان الأوروبي الأسبوع الماضي، أوضح رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في كلمة ألقاها ضمن فعاليات اجتماع «الهيئة الاستشارية لمواطني المهجر» أن «البرلمان الأوروبي لا يمتلك أي حق بالتعامل مع الأحداث (التي جرت في تركيا) وفق ازدواجية في المعايير، وعليه أن يكون صادقاً في تعامله، كما أنه غير مخول باتخاذ قرارات بحق تركيا»، مضيفاً أنّ «تركيا عاشت ربيعها العام 2002».
عربياً، أكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أنّ «ما يحصل في تركيا اليوم هو نتيجة الغضب على كثرة التدخلات في شؤون الآخرين»، مضيفاً خلال كلمة له أن الشعب التركي «انتفض» رفضا «لكثرة التدخلات في شؤون الآخرين» وأنه خرج احتجاجا على منهج أن «تنصب نفسك بديلا عني وتفكر نيابة عني وتخطط لي».
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة