قد يكون الأمير تميم بن حمد أول من يتولى السلطة في قطر من دون انقلاب في سلسلة من ثلاثة حكام من آل ثاني، من بينهم أبوه وجده. والقطيعة في التقليد الانقلابي العائلي القطري لدى آل ثاني هي البارز فيما كانت إشاعة تسارع تداولها في الأيام الأخيرة عن اتجاه الأمير حمد بن جاسم بن خليفة إلى التنازل عن منصبه لولي عهده الأمير تميم، وهو ثاني أنجاله، وأولهم من زوجته الثانية الشيخة موزة بنت المسند.

وقال ديبلوماسي غربي لـ«السفير» إنه من المتوقع أن تنتهي عملية الانتقال بعد عيد الفطر في الأسبوع الأول من شهر آب المقبل، مؤكداً أن الدوحة أعلمت شركاءها الفرنسيين منذ شهر شباط الماضي، بعد أزمة صحية ألمّت بالأمير، بأنه يفكر جدياً بالتنازل عن منصبه بأسرع وقت ممكن.

ومن المفترض أن تبدأ عملية نقل كاملة للسلطة آخر الشهر الحالي، بحسب صحيفة «تلغراف» البريطانية، وبعد عدة أسابيع سيُعلن رسمياً عن مرض الأمير، وتسليمه السلطة لولي العهد.

وكانت باريس أول من علم بالانقلاب الذي دبّره حمد بن جاسم على والده خليفة في العام 1995، وعملت على تقديمه إلى حلفائها. وينقل الصحافي الفرنسي جورج مالبرونو في كتابه «قطر أسرار الخزانة» أحاديث ديبلوماسي غربي مع الأمير التقاه أكثر من مرة خلال العامين الماضيين، وعبّر فيها عن رغبته بترك السلطة.

وينقل الديبلوماسي في كتاب مالبرونو أن «الأمير لم يقل ذلك علناً، ولكنه لم يخف ذلك على المقربين منه. الشيخ حمد يرغب بتسليم الشعلة إلى ولي عهده، وهو على قيد الحياة»، وهو يقول «بعد أربعة أعوام سأغادر منصبي، هذا ما أسره الأمير لصديق له في ربيع العام 2012، سأغادر لأنه لا بد من ترك المكان للشباب».

ومن الواضح أن التغيير في الدوحة لن يقتصر على الأمير وحده، والأرجح أن يخرج رئيس الوزراء وزير الخارجية حمد بن جاسم آل جبر من المشهد السياسي القطري، كأحد شروط تمرير طبيعي للسلطة بين الجيلين، ولمنع وزير الخارجية الذي يسيطر على صندوق الاستثمارات الذي يحوي 200 مليار دولار فضلاً عن شبكة واسعة من العلاقات الدولية والمحلية، من منافسة الأمير الصاعد.

وتسود علاقة مشوبة بالتوتر والمنافسة على القرار بين ولي العهد ووزير الخارجية، وبالتالي لا يمكن إتمام أي عملية انتقال للسلطة من دون إزاحته. وينقل الديبلوماسي الغربي عن الأمير القطري إحاطته بصعوبات عملية نقل السلطة ومخاطر بقاء وزير خارجيته في السلطة، فيسألّه «ولكن هل تعتقد أن حمد بن جاسم سيوافق على التخلي عن السلطة أيضاً؟». ويجيب الأمير «حمد سيفعل ما أقوله له». ثم يستطرد الديبلوماسي «لكنه يصغرك بتسعة أعوام»، فيتلقى الإجابة «سيبقى ما بقيت، ولكن سيغادر ما أن أغادر».

تجدر الإشارة إلى أنه كان ينبغي أيضاً إقناع الشيخة موزة بتنحيه عن السلطة. وقد باح الأمير قبل سنين لصديقه القديم بما يجول في خاطره، قائلاً «لو تعرف كان بودي منذ وقت طويل أن أترك منصبي ولكن الشيخة موزة تعارض ذلك، وهي تحضني على البقاء»، ويضيف «وكنت أود أن أتنازل عن 80 في المئة من صلاحياتي لتميم، ولكنها تعارض أيضاً. نحن أسرى زوجاتنا، ولكني قلت لها، أربع سنوات نعم، ولكن بعدها خلص، سأنسحب من السلطة».

وقال ديبلوماسيون عرب وغربيون في الدوحة ودول أخرى إن عملية الانتقال باتت مضمونة من دول غربية وعربية كثيرة. ونقلت وكالة «رويترز» أنهم يتوقعون أن تحدث التعديلات عبر أحد مسارين، إما أن يحل تميم محل الشيخ حمد في منصب رئيس الوزراء إلى أن يتولى منصب أمير البلاد لدى تنحي والده في نهاية الأمر، أو أن يشغل أحمد المحمود النائب الحالي لرئيس الوزراء المنصب عندما يتنحى رئيس الوزراء.

وذكر أحد المصادر أنه من المتوقع أن تبدأ عملية نقل السلطة برئيس الوزراء، الذي يتولى أيضاً منصب وزير الخارجية، ما يعني ترك المنصبين.

ونقلت «رويترز» عن ديبلوماسي مقيم في الدوحة، أن أمير قطر الشيخ حمد «يفكر منذ فترة في هذه المسألة. الطريق مهد بوضوح على مدى العام المنصرم لنقل السلطة إلى تميم».

وتوقع الديبلوماسيون أن يكون الدافع وراء هذا التغيير هو الرغبة في نقل سلس للسلطة إلى جيل أصغر سناً. وهذه الخطوة غير معتادة نسبياً في دول الخليج إذ انه من المعتاد أن يظل الزعماء في مناصبهم حتى وفاتهم.

وترى وكالات الأنباء الغربية أن هذا التغيير قد يؤدي إلى عدم وضوح رؤية في السياسة الخارجية لقطر، وهي التي قامت بدور كبير في دعم عملية حلف الأطلسي في ليبيا، كما جيّرت قناة «الجزيرة» ومليارات الدولارات لدعم الجناح الإسلامي، ولا سيما جماعة «الإخوان المسلمين»، في قلب ثورات تونس ومصر وليبيا، فضلاً عن دورها في تسليح المعارضة في سوريا.

ومن غير الواضح ما إذا كان التغيير في المناصب سيؤدي إلى مراجعة عميقة للهجوم القطري الواسع على سورية، على اعتبار أن ولي العهد، هو المشرف منذ أكثر من عام على ملف التسلح، كما أنه يعد قريباً جداً من تيار المتشددين.

ويبلغ ولي العهد المتدين الـ31 من العمر، وقد بدأ صعوده في ظل أبيه منذ أن نجحت والدته موزة في إبعاد البكر مشعل، من زوجته الأولى، من ولاية العهد. وأنهى الشيخ تميم قبل ثلاثة أعوام وضع يده على مفاتيح السلطة، مع تعيين مقربين منه نائبين لرئاسة الوزراء. وتبلورت سلطته أكثر مع إمساكه بملفي الدفاع والتسلح، ونيابة قيادة القوات المسلحة.

  • فريق ماسة
  • 2013-06-10
  • 11858
  • من الأرشيف

أمير قطر يتنحّى في آب؟

قد يكون الأمير تميم بن حمد أول من يتولى السلطة في قطر من دون انقلاب في سلسلة من ثلاثة حكام من آل ثاني، من بينهم أبوه وجده. والقطيعة في التقليد الانقلابي العائلي القطري لدى آل ثاني هي البارز فيما كانت إشاعة تسارع تداولها في الأيام الأخيرة عن اتجاه الأمير حمد بن جاسم بن خليفة إلى التنازل عن منصبه لولي عهده الأمير تميم، وهو ثاني أنجاله، وأولهم من زوجته الثانية الشيخة موزة بنت المسند. وقال ديبلوماسي غربي لـ«السفير» إنه من المتوقع أن تنتهي عملية الانتقال بعد عيد الفطر في الأسبوع الأول من شهر آب المقبل، مؤكداً أن الدوحة أعلمت شركاءها الفرنسيين منذ شهر شباط الماضي، بعد أزمة صحية ألمّت بالأمير، بأنه يفكر جدياً بالتنازل عن منصبه بأسرع وقت ممكن. ومن المفترض أن تبدأ عملية نقل كاملة للسلطة آخر الشهر الحالي، بحسب صحيفة «تلغراف» البريطانية، وبعد عدة أسابيع سيُعلن رسمياً عن مرض الأمير، وتسليمه السلطة لولي العهد. وكانت باريس أول من علم بالانقلاب الذي دبّره حمد بن جاسم على والده خليفة في العام 1995، وعملت على تقديمه إلى حلفائها. وينقل الصحافي الفرنسي جورج مالبرونو في كتابه «قطر أسرار الخزانة» أحاديث ديبلوماسي غربي مع الأمير التقاه أكثر من مرة خلال العامين الماضيين، وعبّر فيها عن رغبته بترك السلطة. وينقل الديبلوماسي في كتاب مالبرونو أن «الأمير لم يقل ذلك علناً، ولكنه لم يخف ذلك على المقربين منه. الشيخ حمد يرغب بتسليم الشعلة إلى ولي عهده، وهو على قيد الحياة»، وهو يقول «بعد أربعة أعوام سأغادر منصبي، هذا ما أسره الأمير لصديق له في ربيع العام 2012، سأغادر لأنه لا بد من ترك المكان للشباب». ومن الواضح أن التغيير في الدوحة لن يقتصر على الأمير وحده، والأرجح أن يخرج رئيس الوزراء وزير الخارجية حمد بن جاسم آل جبر من المشهد السياسي القطري، كأحد شروط تمرير طبيعي للسلطة بين الجيلين، ولمنع وزير الخارجية الذي يسيطر على صندوق الاستثمارات الذي يحوي 200 مليار دولار فضلاً عن شبكة واسعة من العلاقات الدولية والمحلية، من منافسة الأمير الصاعد. وتسود علاقة مشوبة بالتوتر والمنافسة على القرار بين ولي العهد ووزير الخارجية، وبالتالي لا يمكن إتمام أي عملية انتقال للسلطة من دون إزاحته. وينقل الديبلوماسي الغربي عن الأمير القطري إحاطته بصعوبات عملية نقل السلطة ومخاطر بقاء وزير خارجيته في السلطة، فيسألّه «ولكن هل تعتقد أن حمد بن جاسم سيوافق على التخلي عن السلطة أيضاً؟». ويجيب الأمير «حمد سيفعل ما أقوله له». ثم يستطرد الديبلوماسي «لكنه يصغرك بتسعة أعوام»، فيتلقى الإجابة «سيبقى ما بقيت، ولكن سيغادر ما أن أغادر». تجدر الإشارة إلى أنه كان ينبغي أيضاً إقناع الشيخة موزة بتنحيه عن السلطة. وقد باح الأمير قبل سنين لصديقه القديم بما يجول في خاطره، قائلاً «لو تعرف كان بودي منذ وقت طويل أن أترك منصبي ولكن الشيخة موزة تعارض ذلك، وهي تحضني على البقاء»، ويضيف «وكنت أود أن أتنازل عن 80 في المئة من صلاحياتي لتميم، ولكنها تعارض أيضاً. نحن أسرى زوجاتنا، ولكني قلت لها، أربع سنوات نعم، ولكن بعدها خلص، سأنسحب من السلطة». وقال ديبلوماسيون عرب وغربيون في الدوحة ودول أخرى إن عملية الانتقال باتت مضمونة من دول غربية وعربية كثيرة. ونقلت وكالة «رويترز» أنهم يتوقعون أن تحدث التعديلات عبر أحد مسارين، إما أن يحل تميم محل الشيخ حمد في منصب رئيس الوزراء إلى أن يتولى منصب أمير البلاد لدى تنحي والده في نهاية الأمر، أو أن يشغل أحمد المحمود النائب الحالي لرئيس الوزراء المنصب عندما يتنحى رئيس الوزراء. وذكر أحد المصادر أنه من المتوقع أن تبدأ عملية نقل السلطة برئيس الوزراء، الذي يتولى أيضاً منصب وزير الخارجية، ما يعني ترك المنصبين. ونقلت «رويترز» عن ديبلوماسي مقيم في الدوحة، أن أمير قطر الشيخ حمد «يفكر منذ فترة في هذه المسألة. الطريق مهد بوضوح على مدى العام المنصرم لنقل السلطة إلى تميم». وتوقع الديبلوماسيون أن يكون الدافع وراء هذا التغيير هو الرغبة في نقل سلس للسلطة إلى جيل أصغر سناً. وهذه الخطوة غير معتادة نسبياً في دول الخليج إذ انه من المعتاد أن يظل الزعماء في مناصبهم حتى وفاتهم. وترى وكالات الأنباء الغربية أن هذا التغيير قد يؤدي إلى عدم وضوح رؤية في السياسة الخارجية لقطر، وهي التي قامت بدور كبير في دعم عملية حلف الأطلسي في ليبيا، كما جيّرت قناة «الجزيرة» ومليارات الدولارات لدعم الجناح الإسلامي، ولا سيما جماعة «الإخوان المسلمين»، في قلب ثورات تونس ومصر وليبيا، فضلاً عن دورها في تسليح المعارضة في سوريا. ومن غير الواضح ما إذا كان التغيير في المناصب سيؤدي إلى مراجعة عميقة للهجوم القطري الواسع على سورية، على اعتبار أن ولي العهد، هو المشرف منذ أكثر من عام على ملف التسلح، كما أنه يعد قريباً جداً من تيار المتشددين. ويبلغ ولي العهد المتدين الـ31 من العمر، وقد بدأ صعوده في ظل أبيه منذ أن نجحت والدته موزة في إبعاد البكر مشعل، من زوجته الأولى، من ولاية العهد. وأنهى الشيخ تميم قبل ثلاثة أعوام وضع يده على مفاتيح السلطة، مع تعيين مقربين منه نائبين لرئاسة الوزراء. وتبلورت سلطته أكثر مع إمساكه بملفي الدفاع والتسلح، ونيابة قيادة القوات المسلحة.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة