عامان ونصف واردوغان يتشدق ويناظر على شاشات التلفزة العربية والغربية ولا عنترة بن شداد مطالباً رؤساء وزعماء عرب بالرضوخ إلى تحقيق مطالب شعوبهم بالحرية والديمقراطية والانصياع لأوامرهم، لكنّ الأرنب التركي (اردوغان) لم يتوقع يوماً من الأيام بأنه سيواجه شعبه بالطريقة التي يواجهها اليوم،لا تونس ولا مصر ولا ليبيا، اكتظت ساحاتها بالأعداد التي اكتظت بها ساحات تركيا بأغلبية مدنها خاصة اسطنبول وأنقرة، هزة قوية في وجه سلطة حزب العدالة والتنمية سيكون لها نتائجها بشكل أو بآخر، لكن الأرنب التركي ما أن بدأت الحشود تتوافد إلى الساحات حتى خرج يهدد ويتوعد شعبه بالويل والثبور وعظائم الأمور في حال لم يعودوا إلى بيوتهم وأنه لن يرضخ لمطالبهم وأن المشروع التجاري ( غيزي بارك ) ماضٍ شاء من شاء وأبى من أبى، إذاً ليست تركيا دولة ديمقراطية وعلمانية كما يدعيّ اردوغان، أين التشدق والمناظرات التي كان يلقيها على شاشات التلفزة ؟ السؤال الذي يُطرح الآن هل الشعب التركي خرج معبراً عن سخطه وغضبه من حكومة أردوغان بسبب المشروع التجاري ( غيزي بارك ) في حديقة تكسيم ؟ هل ما رفع من لافتات في ساحة تكسيم كتب عليها عبارة "الشعب التركي لن يركع لك" مصوراً فيها أردوغان كسلطان عثماني من أجل التراجع عن المشروع ؟ أم هناك أسباب أخرى ...؟ وهل سنشهد بداية صيف الغضب في تركيا ؟؟؟؟ من يعتقد بأن مئات الألوف من الشعب التركي ومن مختلف الشرائح والأحزاب والتيارات السياسية والمجتمعات المدنية انتفضت في شوارع وساحات أغلبية المدن التركية لأجل مشروع غيزي بارك فقط فهو أمي في السياسة والاقتصاد والاجتماع، لكن أن يحصل ولأول مرة منذ عشر سنوات مظاهرات تعم مدن تركيا هذا مؤشر على أن هناك تحولات تحت السطح تنبع من داخل المجتمع التركي وكانت تنتظر لحظة مناسبة للمكان المناسب (القشة التي قسمت ظهر البعير)، وليست مجرد زوبعة في فنجان كما يقول البعض وإنما تركيا متجهة نحو مسار طويل في تغيير التوازنات داخل المجتمع التركي كما علاقاتها مع الخارج ، إذاً الاحتجاج ليس على المركز التجاري فقط وإنما في واقع الأمر هذا احتجاج بالعمق (سياسي –ايديولوجي – اجتماعي) كامل على ما قامت به الحكومة التركية منذ السنتين أو الثلاث سنوات الأخيرة باتجاه تغيير النظام التعليمي ونظام السلوك الاجتماعي إلى نظام أكثر تديناً وتطرفاً بهدف إنشاء جيل متدين وليس جيل علماني، وهذا سبب جوهري يخيف المجتمع التركي، إضافة إلى الخطاب المتكرر باسم السلطان سليم ما أثار حفيظة الملايين من الشعب التركي خاصة الذين تعرضوا للكثير من المجازر على يده، و سيطرة حزب العدالة والتنمية على أغلبية وسائل الإعلام التركية وقد بدا ذلك واضحاً خلال تجاهلها لما يحدث في ساحة تكسيم خاصة الإخبارية منها، مصادرة حرية المواطن حيث مارس أشد أنواع القمع لحرية الصحافة حيث اعتقل 70 صحفياً ، لذلك اتهمته منظمة مراسلون بلا حدود مصرحةً بأن تركيا تعتبر(السجن الأكبر في العالم للصحافة) وهذا سبب آخر لمشاركة الصحفيين والممثلين في الاحتجاجات، والأهم من كل ذلك أخونة الدولة التي يقودها أردوغان والتي بدأت تنعكس على الداخل. حالة الاحتقان الشعبي في ساحات مدن تركيا ليست ضد ممارسات اردوغان في الداخل فقط، وإنما ضد نهج سياسته الخارجية لما يتبعه من استفزاز مذهبي وتمييز إثني وعرقي، وحشر أنفه بأمور الشعوب المشرقية وتدخله في الشؤون الإقليمية والدولية (إيران وحزب الها) كأداة ذليلة بخدمة الأطلسية والأمريكية والإسرائيلية. القضية الأبرز التي جعلت الأتراك يستاؤون من اردوغان تدخله في الشؤون الداخلية السورية والطريقة التي تعاطى بها معها من خلال مساندة الإرهابيين وجعل الأراضي التركية ممراً آمناً لهؤلاء وأسلحتهم. وأن تركيا دخلت في المأزق من خلال البوابة السورية ولا بد أن تدفع ثمن سياساتها الاستفزازية للنظام السوري ولشعبه، مع أن الرئيس السوري كما شبهه بعض المحللين الأتراك بأنه تعامل مع تركيا كجواز جغرافي فتح قلبه وصدره وكل إمكانياته للمجتمع التركي الذي بدا واضحاً في النتاج الاقتصادي والاجتماعي في السنوات الأخيرة. إن تراجع اردوغان أو لم يتراجع فقد وقع في الفخ الذي نصبه لبعض الرؤساء والزعماء العرب، كما ثبت بأن لا صوت يعلو فوق صوت الجماهير وعلى هذا الأساس كان الرئيس بشار الأسد عندما يريد أن يوجه خطاباً يوجهه للشعوب لأنها هي في النهاية التي تحكم، وما حصل ويحصل مع الشعب التركي يؤكد ذلك، تركيا بعد المظاهرات ليست كتركيا ما قبل المظاهرات، ولا بد أن يكون لها نتائج سلبية على موقعها السياسي، وما نراه في المشهد التركي من احتجاجات وعصيان مدني هذه الأيام والقادمات منها تنذر برحيل اردوغان (السلطان سليم).

  • فريق ماسة
  • 2013-06-04
  • 7514
  • من الأرشيف

الشعب التركي يصطاد الأرنب اردوغان ....مها جميل الباشا

عامان ونصف واردوغان يتشدق ويناظر على شاشات التلفزة العربية والغربية ولا عنترة بن شداد مطالباً رؤساء وزعماء عرب بالرضوخ إلى تحقيق مطالب شعوبهم بالحرية والديمقراطية والانصياع لأوامرهم، لكنّ الأرنب التركي (اردوغان) لم يتوقع يوماً من الأيام بأنه سيواجه شعبه بالطريقة التي يواجهها اليوم،لا تونس ولا مصر ولا ليبيا، اكتظت ساحاتها بالأعداد التي اكتظت بها ساحات تركيا بأغلبية مدنها خاصة اسطنبول وأنقرة، هزة قوية في وجه سلطة حزب العدالة والتنمية سيكون لها نتائجها بشكل أو بآخر، لكن الأرنب التركي ما أن بدأت الحشود تتوافد إلى الساحات حتى خرج يهدد ويتوعد شعبه بالويل والثبور وعظائم الأمور في حال لم يعودوا إلى بيوتهم وأنه لن يرضخ لمطالبهم وأن المشروع التجاري ( غيزي بارك ) ماضٍ شاء من شاء وأبى من أبى، إذاً ليست تركيا دولة ديمقراطية وعلمانية كما يدعيّ اردوغان، أين التشدق والمناظرات التي كان يلقيها على شاشات التلفزة ؟ السؤال الذي يُطرح الآن هل الشعب التركي خرج معبراً عن سخطه وغضبه من حكومة أردوغان بسبب المشروع التجاري ( غيزي بارك ) في حديقة تكسيم ؟ هل ما رفع من لافتات في ساحة تكسيم كتب عليها عبارة "الشعب التركي لن يركع لك" مصوراً فيها أردوغان كسلطان عثماني من أجل التراجع عن المشروع ؟ أم هناك أسباب أخرى ...؟ وهل سنشهد بداية صيف الغضب في تركيا ؟؟؟؟ من يعتقد بأن مئات الألوف من الشعب التركي ومن مختلف الشرائح والأحزاب والتيارات السياسية والمجتمعات المدنية انتفضت في شوارع وساحات أغلبية المدن التركية لأجل مشروع غيزي بارك فقط فهو أمي في السياسة والاقتصاد والاجتماع، لكن أن يحصل ولأول مرة منذ عشر سنوات مظاهرات تعم مدن تركيا هذا مؤشر على أن هناك تحولات تحت السطح تنبع من داخل المجتمع التركي وكانت تنتظر لحظة مناسبة للمكان المناسب (القشة التي قسمت ظهر البعير)، وليست مجرد زوبعة في فنجان كما يقول البعض وإنما تركيا متجهة نحو مسار طويل في تغيير التوازنات داخل المجتمع التركي كما علاقاتها مع الخارج ، إذاً الاحتجاج ليس على المركز التجاري فقط وإنما في واقع الأمر هذا احتجاج بالعمق (سياسي –ايديولوجي – اجتماعي) كامل على ما قامت به الحكومة التركية منذ السنتين أو الثلاث سنوات الأخيرة باتجاه تغيير النظام التعليمي ونظام السلوك الاجتماعي إلى نظام أكثر تديناً وتطرفاً بهدف إنشاء جيل متدين وليس جيل علماني، وهذا سبب جوهري يخيف المجتمع التركي، إضافة إلى الخطاب المتكرر باسم السلطان سليم ما أثار حفيظة الملايين من الشعب التركي خاصة الذين تعرضوا للكثير من المجازر على يده، و سيطرة حزب العدالة والتنمية على أغلبية وسائل الإعلام التركية وقد بدا ذلك واضحاً خلال تجاهلها لما يحدث في ساحة تكسيم خاصة الإخبارية منها، مصادرة حرية المواطن حيث مارس أشد أنواع القمع لحرية الصحافة حيث اعتقل 70 صحفياً ، لذلك اتهمته منظمة مراسلون بلا حدود مصرحةً بأن تركيا تعتبر(السجن الأكبر في العالم للصحافة) وهذا سبب آخر لمشاركة الصحفيين والممثلين في الاحتجاجات، والأهم من كل ذلك أخونة الدولة التي يقودها أردوغان والتي بدأت تنعكس على الداخل. حالة الاحتقان الشعبي في ساحات مدن تركيا ليست ضد ممارسات اردوغان في الداخل فقط، وإنما ضد نهج سياسته الخارجية لما يتبعه من استفزاز مذهبي وتمييز إثني وعرقي، وحشر أنفه بأمور الشعوب المشرقية وتدخله في الشؤون الإقليمية والدولية (إيران وحزب الها) كأداة ذليلة بخدمة الأطلسية والأمريكية والإسرائيلية. القضية الأبرز التي جعلت الأتراك يستاؤون من اردوغان تدخله في الشؤون الداخلية السورية والطريقة التي تعاطى بها معها من خلال مساندة الإرهابيين وجعل الأراضي التركية ممراً آمناً لهؤلاء وأسلحتهم. وأن تركيا دخلت في المأزق من خلال البوابة السورية ولا بد أن تدفع ثمن سياساتها الاستفزازية للنظام السوري ولشعبه، مع أن الرئيس السوري كما شبهه بعض المحللين الأتراك بأنه تعامل مع تركيا كجواز جغرافي فتح قلبه وصدره وكل إمكانياته للمجتمع التركي الذي بدا واضحاً في النتاج الاقتصادي والاجتماعي في السنوات الأخيرة. إن تراجع اردوغان أو لم يتراجع فقد وقع في الفخ الذي نصبه لبعض الرؤساء والزعماء العرب، كما ثبت بأن لا صوت يعلو فوق صوت الجماهير وعلى هذا الأساس كان الرئيس بشار الأسد عندما يريد أن يوجه خطاباً يوجهه للشعوب لأنها هي في النهاية التي تحكم، وما حصل ويحصل مع الشعب التركي يؤكد ذلك، تركيا بعد المظاهرات ليست كتركيا ما قبل المظاهرات، ولا بد أن يكون لها نتائج سلبية على موقعها السياسي، وما نراه في المشهد التركي من احتجاجات وعصيان مدني هذه الأيام والقادمات منها تنذر برحيل اردوغان (السلطان سليم).

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة