دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
بعد الزيارات التي قام بها قياديون في «حزب النور» السلفي لعدد من العواصم الأوروبية بهدف تسويق حزبهم لدى الغربيين بوصفه بديلاً لجماعة «الإخوان المسلمين»، يبدو أن الدور قد أتى على «غريمه» السلفي «حزب الوطن»، الذي يترأسه مساعد رئيس الجمهورية عماد عبد الغفور، ليفتح باباً غير رسمي للحوار مع إسرائيل.
ونسبت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» العبرية تصريحات إلى عبد الغفور خلال مؤتمر دافوس الاقتصادي في البحر الميت قبل أيام، ومفادها أن «لا مشكلة لدينا في السلام مع إسرائيل».
وفتحت تصريحات عبد الغفور أبواب الهجوم على رئيس «حزب الوطن»، الذي تأسس قبل بضعة أشهر بدعم من نائب المرشد العام لجماعة «الإخوان المسلمين» خيرت الشاطر، خصوصاً أن ما قاله عبد الغفور لا يعني التطبيع بين السلفيين والإسرائيليين فحسب، وإنما يعطي إشارة الى أن السلفيين الذين تحدثوا كثيراً عن الجهاد ضد الإسرائيليين في عهد حسني مبارك ـ مثلهم مثل الإخوان» ـ قد باتوا «يضمنون» السلام لدولة الاحتلال.
وبالرغم من أن «حزب الوطن» قد نفى أن يكون رئيسه قد أدلى بتصريحات خاصة للصحيفة الإسرائيلية، وتأكيده أن تصريحاته هذه خرجت في المنتدى الاقتصادي الشهير، إلا انه لم ينف الجزء الأخطر، وهو أن عبد الغفور أدلى بما يشير إلى أن قطاعا كبيرا من السلفيين يريدون السلام مع إسرائيل، وفي ذلك أكثر من معنى ورسالة.
عبد الغفور نفسه لم يجد مشكلة في ما قاله في دافوس، إذ قال، في تصريح مقتضب لـ«السفير»، إن «ما قلته في الأردن أنه ليس لدينا مشكلة مع تل ابيب في الوقت الحاضر، وذلك لأننا منشغلون بقضايا أخرى»، مضيفاً ان «هذا رأيي الشخصي وليس رأي الحزب أو رأي مؤسسة الرئاسة التي أعمل معها».
وقال مصدر مقرّب من عبد الغفور لـ«السفير» إن رئيس «حزب الوطن» وجد نفسه مضطراً لأن يدلي بهذا التصريح الخاص بإسرائيل، برغم عدم قناعته الشخصية به، وذلك بالنظر إلى ما تتطلبه الظروف الحالية، خاصة أن «مؤتمر دافوس» تجمع اقتصادي عالمي، ولا يليق الحديث فيه عن وجود عداء مع دول في المنطقة.
أما المتحدث باسم «حزب الوطن»، أحمد بديع فشدد، في حديث إلى «السفير»، على أن موقف الحزب هو عدم التواصل بأي شكل من الأشكال مع «الكيان الصهيوني»، مستدركا أن «الحزب لا سلطان لديه على مشاركة ممثلين عن إسرائيل في تجمعات دولية مثل دافوس، وبالتالي فإنّ الحزب لا يستطيع أن يربط بين مشاركته في مثل هذه التجمعات، وعدم وجود إسرائيليين».
وأضاف بديع «لا تفاوض ولا حوار مع الإسرائيليين لأسباب دينية وسياسية معروفة».
وبرغم هذه التبريرات، فإن تصريحات عبد الغفور أعادت التذكير بتصريحات رئيس «حزب الوطن» يسري حماد في كانون الأول العام 2011، وكان وقتها المتحدث الرسمي باسم حزب «النور»، والتي قال فيها إن «الحزب لم يتلق حتى الآن دعوة رسمية من إسرائيل للدخول معها فى حوار بشأن الأوضاع الحالية وصعود التيار الإسلامى في الانتخابات».
وأقر حماد يومها بإجراء حوار مع الصحافة الإسرائيلية، إذ أوضح «قلت لمراسل الإذاعة الإسرائيلية إنه ما دامت مصر وقعت هذه الاتفاقية (كامب ديفيد)، فإنها ملزمة بها، لكن الشعب المصري يريد تعديل بعض البنود التي يراها مجحفة في الاتفاقية».
المفارقة أن انفتاح السلفيين على إسرائيل يترافق مع تشدد في التعاطي مع «واقع قريب» و«خيال بعيد».
وفي «الواقع القريب» يتشدد السلفيون تجاه الأقباط داخل مصر، فعبد الغفور نفسه رفض وصف الزيارة التي قام بها على رأس وفد رسمي للكاتدرائية الأرثوذكسية عقب الأحداث الدامية التي شهدها محيطها في نيسان الماضي، بأنها اعتذار للكنيسة عما حدث، بل دافع عن سلوك وزارة الداخلية العنيف في حصار الكاتدرائية. أما «الخيال البعيد» فيتعلق بالشيعة الذين يدق السلفيون طبول الحرب ضدهم.
وتأتي مغازلة «حزب الوطن» للإسرائيليين مع مغازلة أخرى للغرب يقوم بها «حزب النور»، الذي قام عدد من قياداته بجولة أوروبية خلال الشهر الماضي، شملت زيارة اسبانيا وفرنسا.
وبالرغم من أن واجهة هذه الزيارات هي التواصل مع المصريين في الخارج، إلا ان هذا ليس الهدف الوحيد في ما يبدو.
وفي هذا الإطار، قال الصحافي المختص في الشؤون السلفية صلاح لبن، في حديث إلى «السفير»، إن جولات السلفيين في أوروبا تستهدف بالأساس أن يقدم «حزب النور» نفسه بديلا جيّداً لـ«لإخوان»، ليس فقط للمصريين في الخارج، وإنما أيضا لأهل القرار في هذه الدول الأوروبية.
وأشار لبن إلى أن «هذه الجولات كانت تستهدف الوصول إلى الولايات المتحدة، لولا وجود أزمة تأشيرات منعت قيادات سلفية بارزة، مثل ياسر البرهامي، من الحديث مع أهل واشنطن».
وأضاف لبن، في معرض تحليله سلوك عبد الغفور، إن «حزب الوطن يحاول بدوره أن يقدم نفسه كتيار سلفي وسطي لا يعادي الإسرائيليين على طريقة الإخوان، التي لا تضمن تواصلا مباشراً مع إسرائيل حفاظا على الصورة النمطية للإسلاميين التي يقدمون أنفسهم من خلالها على أنهم في عداء لا نهاية له مع إسرائيل، لكن هذا في الوقت نفسه سلوك يضمن أمن إسرائيل ويطمئن أميركا تجاههم».
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة