عشية مرور اسبوع على بدء عملية “حزب الله” العسكرية في بلدة القصير السورية فجر الاحد الماضي، تجري عمليات تدقيق في “الصندوق الاسود” لهذا التطور غير المسبوق الذي جعل “حزب الله”، وهو يحتفل اليوم بالذكرى الـ 13 لتحرير جنوب لبنان، يقوم بتدشين جبهة جديدة في الشرق وداخل سورية.

وارتفعت على مدى اسبوع صاخب من المواقف السياسية والتقارير الميدانية، أسئلة كبيرة انفجرت دفعة واحدة، على وقع المعارك الطاحنة التي يخوضها الحزب في القصير، ومع عشرات النعوش التي تشقّ طريقها إلى البلدات اللبنانية، وتحمل شباناً أُعدوا لمقاتلة اسرائيل فسقطوا في سورية.

ماذا سيقول الامين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله، الذي يطل اليوم، عن الاسباب الموجبة لمعركة القصير، وعن وقائعها وكلفتها السياسية والبشرية؟ وماذا سيقول لـ”البيئة الحاضنة” للحزب وللعائلات التي شيّعت شبابها؟ وايّ مستقبل سيرسمه لدور الحزب في سورية وفي لبنان وفي المواجهة مع اسرائيل؟

قبل ساعات من إطلالة نصرالله، التي ربما تكون مفصلية في الرد على كل تلك الاسئلة، كشف قيادي كبير في “حزب الله” لـ”الراي” الكويتية عن بعض تلك الاسباب التي دفعت الحزب للذهاب الى القصير والقتال فيها، فقال: “المعركة في القصير، وعلى عكس ما يظنّه البعض، غير مكلفة مهما ارتفعت كلفتها او سقط شهداء، فنحن هناك نخوض هجوماً دفاعياً عن مناطقنا في لبنان”.

وقدّم هذا القيادي العراق نموذجاً في معرض شرحه لأبعاد القتال في القصير، فأشار الى انه “يسقط في العراق يومياً ما بين 20 الى 100 قتيل في تفجيرات التكفيريين، بواسطة السيارات المفخخة او الانتحاريين الذين يستهدفون "الشيعة" في شكل عام منذ العام 2005″، لافتاً الى “سقوط عشرات الآلاف من "الشيعة" نتيجة السياسة التي انتهجها تنظيم القاعدة، وهو دمّر مقام الامامين العسكريين في سامراء، وهاجم قوافل زوار الامام الحسين في كربلاء، وزوار الكاظمية في بغداد، إضافة الى أمكنة اخرى”.

وتحدث القيادي عن ان “جبهة النصرة اعلنت انها ستقاتل “حزب الله” في لبنان عندما تنتهي من معركتها في سورية ضد نظام الرئيس بشار الاسد، وتالياً فإن قادة الحزب اعتبروا ان المعركة مفروضة عليهم وآتية لا محالة وتستهدف “حزب الله” وبيئته من التكفيريين الموجودين في العالم العربي وعلى حدود لبنان وفي داخله”، موضحاً ان “هذا الامر عزّز الاقتناع لدى قادة حزب الله بضرورة الدفاع عن أنفسهم ومعتقداتهم خصوصاً بعد نبش قبور الصحابة وتدمير مقامات مقدسة، بدءاً من سامراء وصولاً الى سوريا، وهو اقتناع البيئة الحاضنة للحزب التي لولاها لما بقي الحزب”.

ولم يتردد القيادي في “حزب الله” في القول “ان القتال في سورية دفاعاً عن الوجود والمقدسات لا يوازي القتال ضد اسرائيل فقط بل يضاهيه ايضاً. وليس ادلّ على ذلك من ان العائلات التي تستقبل جثامين شبانها الغالية، تبارك استشهادهم دفاعاً عن مقدساتها ومعتقداتها”.

ورأى ان “القتال الاستباقي في القصير لا يعني انه بعد انتهاء المعركة هناك سينتفي خطر السيارات المفخخة والانتحاريين الذين قد يستهدفون الساحة الحاضنة لـ”حزب الله”، لكن وطأتها ستكون اقلّ، علماً ان الحزب لا يألو جهداً في حماية مناطقه على مدار الساعة وليلاً ونهاراً، تفادياً لتحقيق التكفيريين نواياهم والحد منها، والتي ستكون نتائجها مؤلمة وقاسية”، لافتاً الى ان “هذا الخطر هو واحد من الاسباب الرئيسية التي دفعت الحزب الى المشاركة في معركة القصير، اضافة الى دفاعه عن خط الممانعة، الذي يمثل اساس وجود “حزب الله”، ولأنه اذا إنهار هذا الخط فإن الضربة ستكون قاسية لبيئة الحزب برمّتها، وهو الامر الذي اقتنع به شباب الحزب في مختلف المناطق من البقاع الى الجنوب”.

وكشف هذا القيادي عن ان “معركة القصير لن تكون الاولى ولا الاخيرة، وقيادة “حزب الله” مدركة لذلك وكذلك بيئته. فمعركة القصير ستنتهي عاجلاً ام آجلاً، ومن غير المستبعد ان تكون هناك معارك اخرى تليها وتتبعها”.

وشرح القيادي مجريات معركة القصير وملابسات مراحلها الاولى وأسباب كلفتها المرتفعة، فقال: “كانت بلدة القصير تُعتبر منطقة نقاهة للمسلحين الذين يخدمون في حمص وريفه وفي ريف القصير ايضاً”، مشيراً الى ان “المسلحين اقاموا تحصينات تحت الارض على شكل بلدة تشبه مترو أنفاق باريس، وهي محصنة جداً ويصعب على اي جيش نظامي إخضاعها”، لافتاً الى ان “الاعداد الفعلية لمقاتلي المعارضة كانت تراوح بين 4500 و5000 شخص، لكن وبعد تطهير ريف القصير لجأت اعداد اضافية الى البلدة فبلغوا نحو 7000 مقاتل”.

واوضح القيادي “انه في ضوء هذه الوقائع وبعد دراستها والتقارير الاستخباراتية التي جرى فحصها، تبيّن وبحسب المفهوم العسكري أن البلدة منطقة محصنة في كل معنى الكلمة… كانت هناك معرفة بوجود تفخيخات تُعدّ بالمئات في الازقة وداخل البيوت حتى المدنية. هذا الامر استلزم، استناداً الى علم الحزب، دخول ثلاث سرايا للتطهير مقابل كل سرية محصنة في الأنفاق وخلف التفخيخات والمحمية بالقنّاصة من على جوانبها”.

واشار هذا القيادي الى “ان قيادة “حزب الله” في القصير أدخلت نحو 2000 مقاتل في المعركة، مما يعتبر في فن العسكر اشبه بعملية انتحارية لأن عدد المهاجمين يفترض ان يكون أضعاف أضعاف عدد المدافعين… الا ان الاعتماد كان على قوات النخبة في الحزب والتي تعمل على قاعدة ان الفرد يقاتل كمجموعة والمجموعة تقاتل كفرد، وهي الروحية التي حكمت بدء الهجوم على القصير، ومما ساعد في شحذ الهمم أكثر كانت عمليات الذبح وقطع الرؤوس التي بثتها المواقع الالكترونية للتكفيريين. فبدل ان تبث الرعب في قلوب المهاجمين فإنها زادتهم تصميماً واندفاعاً، وهو الاندفاع الذي كان احد اسباب سقوط عدد كبير من الشهداء في الساعات الاولى، رغم ان هذا الاندفاع اوصل في الوقت عينه القوات المهاجمة الى وسط القصير”.

ولفت القيادي الى ان “لا سقف معيّناً لعدد الشهداء لأن العمليات العسكرية لن تنتهي الا بالسيطرة على القصير… هذا ما طالبت به عوائل الشهداء وعوائل المقاتلين الموجودين في القصير من قيادة الحزب ومن السيد نصرالله نفسه”.

  • فريق ماسة
  • 2013-05-24
  • 11118
  • من الأرشيف

قيادي كبير في “حزب الله” لـ ”الراي”: القصير بلدة أنفاق كـ”مترو باريس”

عشية مرور اسبوع على بدء عملية “حزب الله” العسكرية في بلدة القصير السورية فجر الاحد الماضي، تجري عمليات تدقيق في “الصندوق الاسود” لهذا التطور غير المسبوق الذي جعل “حزب الله”، وهو يحتفل اليوم بالذكرى الـ 13 لتحرير جنوب لبنان، يقوم بتدشين جبهة جديدة في الشرق وداخل سورية. وارتفعت على مدى اسبوع صاخب من المواقف السياسية والتقارير الميدانية، أسئلة كبيرة انفجرت دفعة واحدة، على وقع المعارك الطاحنة التي يخوضها الحزب في القصير، ومع عشرات النعوش التي تشقّ طريقها إلى البلدات اللبنانية، وتحمل شباناً أُعدوا لمقاتلة اسرائيل فسقطوا في سورية. ماذا سيقول الامين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله، الذي يطل اليوم، عن الاسباب الموجبة لمعركة القصير، وعن وقائعها وكلفتها السياسية والبشرية؟ وماذا سيقول لـ”البيئة الحاضنة” للحزب وللعائلات التي شيّعت شبابها؟ وايّ مستقبل سيرسمه لدور الحزب في سورية وفي لبنان وفي المواجهة مع اسرائيل؟ قبل ساعات من إطلالة نصرالله، التي ربما تكون مفصلية في الرد على كل تلك الاسئلة، كشف قيادي كبير في “حزب الله” لـ”الراي” الكويتية عن بعض تلك الاسباب التي دفعت الحزب للذهاب الى القصير والقتال فيها، فقال: “المعركة في القصير، وعلى عكس ما يظنّه البعض، غير مكلفة مهما ارتفعت كلفتها او سقط شهداء، فنحن هناك نخوض هجوماً دفاعياً عن مناطقنا في لبنان”. وقدّم هذا القيادي العراق نموذجاً في معرض شرحه لأبعاد القتال في القصير، فأشار الى انه “يسقط في العراق يومياً ما بين 20 الى 100 قتيل في تفجيرات التكفيريين، بواسطة السيارات المفخخة او الانتحاريين الذين يستهدفون "الشيعة" في شكل عام منذ العام 2005″، لافتاً الى “سقوط عشرات الآلاف من "الشيعة" نتيجة السياسة التي انتهجها تنظيم القاعدة، وهو دمّر مقام الامامين العسكريين في سامراء، وهاجم قوافل زوار الامام الحسين في كربلاء، وزوار الكاظمية في بغداد، إضافة الى أمكنة اخرى”. وتحدث القيادي عن ان “جبهة النصرة اعلنت انها ستقاتل “حزب الله” في لبنان عندما تنتهي من معركتها في سورية ضد نظام الرئيس بشار الاسد، وتالياً فإن قادة الحزب اعتبروا ان المعركة مفروضة عليهم وآتية لا محالة وتستهدف “حزب الله” وبيئته من التكفيريين الموجودين في العالم العربي وعلى حدود لبنان وفي داخله”، موضحاً ان “هذا الامر عزّز الاقتناع لدى قادة حزب الله بضرورة الدفاع عن أنفسهم ومعتقداتهم خصوصاً بعد نبش قبور الصحابة وتدمير مقامات مقدسة، بدءاً من سامراء وصولاً الى سوريا، وهو اقتناع البيئة الحاضنة للحزب التي لولاها لما بقي الحزب”. ولم يتردد القيادي في “حزب الله” في القول “ان القتال في سورية دفاعاً عن الوجود والمقدسات لا يوازي القتال ضد اسرائيل فقط بل يضاهيه ايضاً. وليس ادلّ على ذلك من ان العائلات التي تستقبل جثامين شبانها الغالية، تبارك استشهادهم دفاعاً عن مقدساتها ومعتقداتها”. ورأى ان “القتال الاستباقي في القصير لا يعني انه بعد انتهاء المعركة هناك سينتفي خطر السيارات المفخخة والانتحاريين الذين قد يستهدفون الساحة الحاضنة لـ”حزب الله”، لكن وطأتها ستكون اقلّ، علماً ان الحزب لا يألو جهداً في حماية مناطقه على مدار الساعة وليلاً ونهاراً، تفادياً لتحقيق التكفيريين نواياهم والحد منها، والتي ستكون نتائجها مؤلمة وقاسية”، لافتاً الى ان “هذا الخطر هو واحد من الاسباب الرئيسية التي دفعت الحزب الى المشاركة في معركة القصير، اضافة الى دفاعه عن خط الممانعة، الذي يمثل اساس وجود “حزب الله”، ولأنه اذا إنهار هذا الخط فإن الضربة ستكون قاسية لبيئة الحزب برمّتها، وهو الامر الذي اقتنع به شباب الحزب في مختلف المناطق من البقاع الى الجنوب”. وكشف هذا القيادي عن ان “معركة القصير لن تكون الاولى ولا الاخيرة، وقيادة “حزب الله” مدركة لذلك وكذلك بيئته. فمعركة القصير ستنتهي عاجلاً ام آجلاً، ومن غير المستبعد ان تكون هناك معارك اخرى تليها وتتبعها”. وشرح القيادي مجريات معركة القصير وملابسات مراحلها الاولى وأسباب كلفتها المرتفعة، فقال: “كانت بلدة القصير تُعتبر منطقة نقاهة للمسلحين الذين يخدمون في حمص وريفه وفي ريف القصير ايضاً”، مشيراً الى ان “المسلحين اقاموا تحصينات تحت الارض على شكل بلدة تشبه مترو أنفاق باريس، وهي محصنة جداً ويصعب على اي جيش نظامي إخضاعها”، لافتاً الى ان “الاعداد الفعلية لمقاتلي المعارضة كانت تراوح بين 4500 و5000 شخص، لكن وبعد تطهير ريف القصير لجأت اعداد اضافية الى البلدة فبلغوا نحو 7000 مقاتل”. واوضح القيادي “انه في ضوء هذه الوقائع وبعد دراستها والتقارير الاستخباراتية التي جرى فحصها، تبيّن وبحسب المفهوم العسكري أن البلدة منطقة محصنة في كل معنى الكلمة… كانت هناك معرفة بوجود تفخيخات تُعدّ بالمئات في الازقة وداخل البيوت حتى المدنية. هذا الامر استلزم، استناداً الى علم الحزب، دخول ثلاث سرايا للتطهير مقابل كل سرية محصنة في الأنفاق وخلف التفخيخات والمحمية بالقنّاصة من على جوانبها”. واشار هذا القيادي الى “ان قيادة “حزب الله” في القصير أدخلت نحو 2000 مقاتل في المعركة، مما يعتبر في فن العسكر اشبه بعملية انتحارية لأن عدد المهاجمين يفترض ان يكون أضعاف أضعاف عدد المدافعين… الا ان الاعتماد كان على قوات النخبة في الحزب والتي تعمل على قاعدة ان الفرد يقاتل كمجموعة والمجموعة تقاتل كفرد، وهي الروحية التي حكمت بدء الهجوم على القصير، ومما ساعد في شحذ الهمم أكثر كانت عمليات الذبح وقطع الرؤوس التي بثتها المواقع الالكترونية للتكفيريين. فبدل ان تبث الرعب في قلوب المهاجمين فإنها زادتهم تصميماً واندفاعاً، وهو الاندفاع الذي كان احد اسباب سقوط عدد كبير من الشهداء في الساعات الاولى، رغم ان هذا الاندفاع اوصل في الوقت عينه القوات المهاجمة الى وسط القصير”. ولفت القيادي الى ان “لا سقف معيّناً لعدد الشهداء لأن العمليات العسكرية لن تنتهي الا بالسيطرة على القصير… هذا ما طالبت به عوائل الشهداء وعوائل المقاتلين الموجودين في القصير من قيادة الحزب ومن السيد نصرالله نفسه”.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة