قلت ذات يوم على صفحات هذا الموقع قصة قصيرة (رجل .. امرأة و بقرة) حاولت فيها أن أمثّل الواقع الحالي لسورية مع العرب تمثيلاً يوقظ الأذهان فتبحث عن الحقائق و تذكر العرب بأن أولى كلمات الوحي كانت (اقرأ) .. فلماذا يتوقف العرب عند (ما أنا بقارئ)؟

في تلك القصة و باختصار رجل أراد أن يحلب بقرته المعتادة على زوجته لا عليه والتي لم تستسغه فلم تهدأ فعمد إلى ربط أرجلها بأعمدة الإسطبل و حين ضربته بذيلها وضع كرسيه خلفها .. وقف عليه .. شد الذيل لأعلى يريد ربطه بسقف الإسطبل فسقط سرواله ودخلت زوجته .. و سمعت كل الأمم أن رجلاً في الشرق كان ينكح بقرة .. وتناقلت أجيال القصة وراء أجيال .. و الجميع يشتم الرجل و يسفهه و يتحدث عن قلة إيمانه و حيوانيته .. لكن .. لكن لا الرجل فعلها و لا زوجته صدقته فقد رأته بعينيها في وضع لا يقبل الشك ولا يحتمل حسن النية بالنسبة لها ..

العبرة يا سادتي من هذه القصة هي أن حسن النية إن كان مقروناً بتصرفات تبدو في ظاهرها وبحكم أعمى مخالفة لها سيكون صعب التفسير السليم و صعب التقييم السليم و صعب أن ينظر إليه من منظار سليم .. و أنه لا بد في كثير من الأحيان من التفسير و عدم تسخيف الاتهامات لأن الكلام حين تتناقله الأجيال بلا وعي يتحول إلى حقيقة راسخة بنظر تلك الأجيال و من لسان الى لسان يتعاظم في ظل غياب العقل .. السمة الأبرز لعرب اليوم ..

أقول ما سبق لأني صدمت في نقاش مع أحد الأخوة المصريين حول ما سماه التحالف السوري الإسرائيلي الأمريكي والذي وصل به إلى خلاصة مهينة مذلة تقول بأن اتفاقية سلام سورية إسرائيلية موجودة فعلاً .. انتهى النقاش بأن أقنعته بخطأ كلامه بالوثائق و الأدلة .. لكن لم تنتهي المعاناة .. فبعده نقاش مع عربي آخر و آخر و آخر ثم مع سوري و تلك كانت المصيبة ..

الملاحظة الأساسية التي خرجت بها من كل تلك النقاشات العنيفة كانت أن الخصم عاطفي في مسنده يفتقر إلى الدفاع المنطقي العقلاني و يتهاوى عند أول رد منطقي موثق .. مندفعاً بعاطفة مشحونة عبر سنين من الجهل و التجهيل الفكري .. و الشحن الديني العاطفي الأعمى .. و النقطة الأبرز التي يمكن الوصول إليها كانت قول الشاعر :

فإن كنت لا تدرى فتلك مصيبة*** وإن كنت تدرى فالمصيبة أعظم

تعتقد فئة من النقّاد أن مؤيدي النظام السوري سواء داخل سورية أو خارجها هم عبارة عن قطعان من الماشية تسير على عماها خلف نظام يصفونه بأنه متخاذل أو حليف لإسرائيل و للولايات المتحدة الأمريكية مستندين إلى كلام مكرّر دائماً عن سكون الأحوال في الجولان منذ أربعين سنة لا بل يذهب بعضهم إلى حد اتهام القيادة السورية بأنها (باعت) الجولان حسب توصيفهم المعتوه ، المشوّه البعيد كل البعد عن الواقع الحقيقي على الأرض و الذي و بكل أسف يبتعد عنه غالبية المحللين لأسباب عديدة تتعلق من جهة أولى بنقص المعلومات .. و من جهة ثانية بنقص الهمم .. أما أقواها فيتعلق باعتبار بعض المحللين الموالين أن الأمر واضح ليس بحاجة لتوضيح .. وفي هذا تسخيف للقضية أنتج على مر سنوات أجيالاً متروكة لتثقيف مغالط عاطفي من جانب الخصم تسبب في توليد نواة التكفير لدى كثيرين و في توجيهها (وهو الأخطر) في الاتجاه الخاطئ ..

و لعلّ السرّ الأبرز لتكرار هذا الكلام في جميع المناسبات التي يتم فيها نقد النظام في سورية و إعلان (الجهاد) عليه و على الجيش العربي السوري يكمن في ضعف الردّ السوري الموالي على مثل هذه الادّعاءات الباطلة و الذي يبدو جلياً في مداخلات بعض السوريين الاعلامية في الاستدويوهات أو في المقابلات الشارعية .. فبعضهم يكتفي بالقول أن هذا الكلام غير صحيح و البعض الآخر يقول لا معلومات لدي !!! .. فأي عارٍ هو هذا؟؟؟

اليوم سننهي هذا الجدل نهائياً و سنضع النقاط على الحروف .. سنصفع كل من سولت له نفسه التطاول على الجيش العربي السوري كي يرى الحقيقة و سنزود كل من تضعف نفسه أمام الشاشات بالوقائع حتى يتحصن بها و يدافع عن موقفه الحق .. ببسالة .. و .. منطق ..

فإن كنت لا تدرى فتلك مصيبة : الخيانات السورية !!

إلى كل الذين لا يجدون الإجابات على اتهامات الخصوم السياسيين فيما يخص النضال السوري المجيد ضد الصهيونية نقدم لكم بعض المعلومات التاريخية التي نتحدى أي شخص أن ينقدها و التي عليها نبني دفاعنا الحق في وجه الباطل ..

أولاً : حرب تشرين التحريرية

سيقول البعض نعرف و نعرف .. حسنا تعرف لكن (فذكّر) فالبعض لا يعرف .. البعض لا يعرف أن الملك حسين ملك الأردن طار على متن حوامة عسكرية من عمّان إلى تل أبيب ليجتمع برئيسة الوزراء الإسرائيلية في أيلول / سبتمبر من عام 1973 ليخبرها أن الجيش العربي السوري يجري تدريبات مريبة يحضر من خلالها لحرب على (إسرائيل) و أنه يحشد قواته على جبهة الجولان .. البعض لا يعرف أن غولدا مائير رئيسة الوزراء الصهيونية سخرت من الملك حسين يومها .. البعض لا يعرف أن الملك حسين اعترف بلسانه بالأمر ..

البعض يا سادتي لا يعرف أن القوات المسلحة المصرية و السورية شنت حرب السادس من تشرين الأول / أكتوبر 1973 في توقيت واحد هو الساعة الثانية من ظهر العاشر من رمضان موقعة الاحتلال الإسرائيلي في ارتباك لم يخرج منه الا وقد كانت القوات المصرية قد اخترقت خط بارليف و توغلت بعمق 20 كيلومتراً في سيناء المحتلة في الوقت الذي كانت فيه القوات السورية قد وصلت إلى مشارف بحيرة طبرية على الحدود مع فلسطين المحتلة بعد أن دمرت خط الون (هل تعرفون خط الون الذي كان يمتد 70 كيلومترا على طول جبهة الجولان؟ أم أن التاريخ لا يذكر سوى خط بارليف؟) .

البعض يا سادتي لا يعرف أن الحكومة الإسرائيلية اجتمعت في ثامن يوم للحرب و أقرت أولوية جبهة الجولان و أبرقت للولايات المتحدة الأمريكية تطلب جسراً جويا للدعم تحضيراً لهجوم مضاد لاحتلال دمشق .. و البعض لا يعرف أن الجيش الأمريكي قام بإنزال دبابات لصالح إسرائيل خلف خطوط الجيش العربي السوري في وسط القنيطرة لتبدأ من هناك معركة أخرى كادت أن تتكفل بخسارة سورية للحرب لولا بسالة الفرقتين الآليتين السوريتين السابعة والتاسعة على محور سعسع وصمود الفرقة الآلية السورية الخامسة عند الرفيد .. نعم البعض لا يعرف أن الجيش السوري حارب الجيشين الإسرائيلي و الأمريكي معاً .. في الجولان ..

البعض يا سادتي لا يعرف أن الحرب على الجبهة المصرية دامت فقط 17 يوماً وانتهت بقبول مصر لقرار مجلس الأمن رقم 338 في 22 أكتوبر بوقف إطلاق النار الأمر الذي شكل الصدمة الأولى للسوريين الذين رفضوا وقف الحرب و استمروا بها 220 يوماً أخرى منها ثمانون يوماً حرب استنزاف لكسر الموقف الأمريكي الإسرائيلي تجاه الوضع في الجولان .. كانت سورية طيلتها وحيدة جريحة من خيانة السادات الأولى مواجهة لجيش إسرائيلي و جسر جوي أمريكي .. 17 يوماً على الجبهة المصرية مقابل 237 يوماً على جبهة الجولان يا من نسيتم (اقرأ) ..

البعض يا سادتي لا يعرف أن الجيش العربي السوري كان يحضر لهجوم شامل لتخفيف الضغط على الجبهة المصرية (و هو أمر تعرفه القيادة المصرية جيداً) حين انسحبت مصر من الحرب .. و البعض يا سادتي لا يعرف أن الجيش العربي السوري تمكن بحرب الاستنزاف من تحرير مدينة القنيطرة التي حررها في بداية الحرب لتعود القوات الأمريكية الإسرائيلية وتحتلها بعد وصول الجسر الجوي الأمريكي .. و كيف لهذا البعض أن يعرف أن أعظم عملية إنزال جوي على ارتفاع شاهق في التاريخ نفذتها القوات الخاصة السورية في حرب تشرين / اكتوبر المجيدة على مرصد جبل الشيخ و التي أسفرت عن تحريره و منع لواء جولاني و كتائب النخبة الإسرائيلية من الاستيلاء عليه لفترة طويلة و قتل الجنود الإسرائيليين في اشتباكات بالسلاح الأبيض و أسر عدد منهم و تحطيم أسطورة لواء جولاني الإسرائيلي لأول مرة في الصراع العربي الإسرائيلي .. ؟؟!! .. كيف له أن يعرف؟؟

هل يعرف البعض ان الطائرات الإسرائيلية سقطت فوق دمشق في معركة صيد الذباب التي نفذتها الدفاعات الجوية السورية؟ و أن أطفال دمشق تسلّوا باللعب بحطامها؟

المهم .. تم إقرار اتفاقية فصل القوات بتاريخ 31/5/1974 و انتهاء الحرب على الجبهة السورية باتفاقية هدنة لا باتفاقية سلام .. و تم رفع العلم العربي السوري على مدينة القنيطرة المحررة .. و تخرج علينا بعض الكلاب النابحة يقولون أن الجيش العربي السوري خائن .. و أن القيادة السورية عميلة .. فلنتابع .. إخراسهم ..

ثانياً : لبنان

شكل لبنان على مدى عقود خاصرة ضعيفة لسورية كانت تسمح بخطر عظيم يتهدد العمق السوري عبر أي محاولة إسرائيلية للالتفاف على دمشق مروراً بمحور الجنوب ـ البقاع اللبناني .. و أدركت إسرائيل أنها بحاجة إلى نصر سريع تعيد فيه الروح المعنوية لجنودها المهزومين في حرب تشرين / اكتوبر فبدأت الحكاية في لبنان ..

البعض لا يعرف يا سادتي أن أحد خيانات الجيش العربي السوري و النظام السوري كانت الدخول إلى لبنان عام 1977 على رأس قوات ردع عربية لإنهاء الحرب الأهلية التي دارت رحاها منذ عام 1975 و التي أحرقت لبنان .. و إن إسرائيل حين أدركت أن الجيش العربي السوري سينجح في مهمته بدأت اجتياحها للبنان في 14/3/1978 و أقامت حزاما أمنيا لحماية شمال فلسطين المحتلة (كما ادعت) مستغلة عدم صدور أي رد فعل عربي .. و أسست ميليشيا سعد حداد العميلة (انقر هنا لتفاصيل أوفى عن ميلشيا لحد الأولى و الثانية أو ما دعي جيش لبنان الجنوبي العميل) الذي أوكلته مهمة السيطرة على المناطق التي تحتلها ..

ملاحظة : البعض لا يعرف أن تنظيم الإخوان المسلمين بدأ عملياته الإرهابية في الداخل السوري بالتزامن مع تصدي الجيش العربي السوري للجيش الإسرائيلي في لبنان و للقوات اللبنانية المتحالفة مع إسرائيل ضد الفلسطينيين في الفترة بين عامي 1979 و 1981 و استمرت حتى عام 1986 .. فلكم أن تتخيلوا على كم جبهة كانت تحارب سورية في ظل حرب الخليج الأولى كذلك والتي كانت تلهب المنطقة ..

البعض لا يعرف أن رئيس القوات اللبنانية بشير الجميل اجتمع مع أرييل شارون قبل الاجتياح الإسرائيلي للبنان و انه بتاريخ 6/6/1982 بدأ الاجتياح الإسرائيلي الثاني و الذي أسفر عن احتلال بيروت وتسليم الإسرائيليين رئاسة لبنان إلى بشير الجميل الذي تم اغتياله قبل ان تتم عملية تسليم المنصب ..

البعض لا يعرف أنه بتاريخ العاشر و الحادي عشر من حزيران/يونيو عام 1982 وقعت خيانة سورية أخرى في معركة تاريخية بين الجيشين العربي السوري و الإسرائيلي اسمها معركة السلطان يعقوب نجح فيها الجيش العربي السوري بتدمير 160 دبابة إسرائيلية و أسر عدد من الجنود الإسرائيليين و الدبابات الإسرائيلية الجديدة طراز ميركافا التي تعرض إحداها في بانوراما دمشق .. و البعض لا يعرف أنه على اثر المعركة أرسلت الولايات المتحدة الأمريكية مبعوثها فيليب حبيب إلى دمشق لطلب وقف إطلاق النار..

البعض لا يعرف أن خيانة سورية أخرى أيضاً حصلت بنجاح السوريين مع حلفائهم بالتقدمي الاشتراكي و الفلسطينيين بإسقاط اتفاق 17 أيار 1983 بين الرئيس اللبناني أمين الجميل و الولايات المتحدة الأمريكية و إسرائيل والذي تم اعتباره اتفاقية سلام بين لبنان و إسرائيل ..

و البعض لا يعرف أن الدفاعات الجوية السورية أسقطت طائرة أمريكية عام 1984 و قتلت الطيار و أسرت مساعده.

البعض لا يعرف أن الجيش العربي السوري دخل بيروت محرراً في عام 1985 الأمر الذي يعتبره البعض أيضاً خيانة لا بل احتلالاً (و هذا التوصيف قبلناه حين صدر من خصم شريف ـ ميشيل عون ـ و لا نقبله حين يصدر من مدّعٍ للنضال أعرابي وقح خسيس) .. و عمل طول ست سنوات على إخماد الحرب الأهلية اللبنانية التي اندلعت مجدداً عقب انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي والتي أعادت حرق لبنان و التي لم تنته إلا بدخول الجيش العربي السوري للقصر الرئاسي في بيروت و إعلان مرحلة جديدة بتاريخ لبنان .. مبنية على اتفاق الطائف الذي (و رغم كل مساوئه) تم فيه جمع الأخوة الأعداء على طاولة واحدة و إعلان انتهاء الحرب الأهلية ..

البعض لا يعرف أن خسائر الجيش العربي السوري طيلة سنوات دفاعه عن لبنان و استقلال لبنان و وحدة لبنان بلغت 14500 شهيداً كل هؤلاء قتلى في نظر الحاقدين لا يستحقون الأخذ بالاعتبار في الصراع السوري الإسرائيلي .. فهل تعرف؟؟

ثالثاً ـ مرحلة الخليج :

في عام 1990 أعلن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين الحرب على الكويت متهماً إياها بسرقة نفطه .. الأمر الذي شكل صدمة تاريخية لكل المنطقة .. فأياً كان الخلاف بين العراق و الكويت و أياً كانت الزاوية التي سننظر منها إلى الأحقية فيما حدث إلا أن ذاك الهجوم مقترناً بخيانات عربية و بالجملة في الخليج أوجد المنصة الرئيسية للقوات الأمريكية في الخليج .. و في عام 1991 بدأت عمليات عاصفة الصحراء بالحرب على العراق .. و البعض لا يعرف أن العراق شرق سورية و إن حدودهما المشتركة أطول حدود لسورية مع دول الجوار و البعض الذي لا يعرف يتخيل أن مثل هذا الوضع لن يؤثر على سورية التي واجهت الأمريكيين و الإسرائيليين منذ عام 1973 و حتى منتصف الثمانينات .. و البعض الأكثر غرابة لا يعرف ان تواجد القوات الأمريكية في الخليج أصبح يحول دون أي تصرف فردي لدولة عربية واحدة وهو القادر على إمداد إسرائيل بما يجعل أي حرب تنتهي في ميزانها .. بخسارة العرب ..

فرضت التحولات الجديدة نفسها بقوة على الساحة العربية .. و قبلت سورية حضور مؤتمر مدريد للسلام عام 1991 إلى جانب العرب ممثلة بوزير خارجيتها السيد فاروق الشرع .. في المؤتمر وقعت خيانة تاريخية سورية أخرى أمام أعين العالم كله .. فالشرع حضر ليخرج ورقة من جيبه هي مذكرة جلب دولية بحق اسحق شامير بتهمة ارتكابه مجازر حرب .. الوثيقة التي جعلت الإسرائيليين يبكون يومها .. فقد كانت ضربة تاريخية من المخابرات السورية .. لكل جهود الموساد الإسرائيلي في تبييض صفحة شامير و أعوانه أمام المحاكم الدولية .. و الأجمل أنها بثت على كل شاشات العالم ..

وإن كنت تدرى فالمصيبة أعظم

البعض يا سادتي لا يعترف أن سورية طوال الفترة الممتدة من عام 1990 و حتى 2005 كان شغلها الشاغل هو إنشاء جبهة مقاومة في لبنان تجعل العدو الصهيوني مشغولاً على أكثر من جبهة فهو لا يستطيع إخلاء جبهة الجولان لتوقعات الحرب من جهة و أصبح لديه عدو لدود في لبنان يتم تدريبه سورياً و تزويده باعتراف سيد المقاومة حسن نصر الله بصواريخ ومعدات سورية .. كل ذلك في حساب البعض خيانة و لا يعتبر نضالاً ضد إسرائيل .. بينما يعتبرون اتفاقية العار الأولى (كامب ديفيد بين مصر و اسرائيل 1978) و الثانية (وادي عربة 1994بين الاردن واسرائيل) نضالاً .. و أيّ نضال يا أمة العهر؟؟؟

البعض لا يعترف أن الصواريخ التي تتساقط على المدن الإسرائيلية من غزة و من لبنان صواريخ سورية إيرانية بأيدي فلسطينية تم تدريبها في سورية و ايران .. فتلك خيانة كيف له أن يعترف بها؟

البعض لا يعترف انه عام 1998 وقف الجيشان العربي السوري و التركي في مواجهة بعضهما بعد اتهامات تركية لسورية بدعم حزب العمال الكردستاني وكادت حرب طاحنة أن تدور رحاها لولا تدخل أصدقاء الطرفين وتهديد العقيد الشهيد القذافي بانهاء الاستثمارات و المصالح التركية في ليبيا و تحويلها الى يونانية (هل عرفتم الآن سر الحقد التركي على الشهيد؟) ..

هل انسحبت اسرائيل عام 2000 من جنوب لبنان باتفاقية سلام مذلة؟ أم تحت ضربات المقاومين الأبطال من حلفاء سورية الأشاوس الوطنيين في لبنان؟ .. وهل انتصار المقاومة الاسلامية في حرب تموز يوليو 2006 على الجيش الاسرائيلي في حرب 33 يوم كان بدموع السنيورة (رئيس الحكومة اللبنانية الابن المدلل للسعودية و المعادي لسورية و المقاومة اللبنانية) أم بدماء المقاومين الشهداء و الجرحى المجاهدين الذين ما ضلوا الطريق و لا حادوا عن بوصلة الجهاد الحق؟

الغزو الامريكي للعراق 2003 وقعت فيه أكبر الخيانات السورية في التاريخ فقد وقفت سورية بين العرب في المنطقة وحيدة ترفض الغزو الامريكي و الحرب على العراق و ترفض السماح للقوات الغربية الغازية باستخدام مجالاتها الجوية أو البرية أو البحرية و فتحت ابوابها لاستقبال مليون ونصف مليون لاجئ عراقي سكنوا ديار السوريين ولم تنبث بحرف شكوى او تذمر .. بينما يصل جعير (عواء) بعض الدول المجاورة الى السماء السابعة لاستقبال بضعة آلاف من النازحين السوريين اليوم ..

نعم تلك كانت خيانات النظام في سورية .. وتلك كانت خيانات الجيش العربي السوري الباسل .. و البعض الذي لا يعرف أن القواعد الامريكية موجودة في السعودية و قطر و الاردن و تركيا لا في سورية .. و البعض الذي لا يعرف ان سورية على قائمة الارهاب الامريكي لا مصر و لا السعودية و لا الاردن .. و البعض الذي لا يعرف ان امير قطر هو من زار تل أبيب و أن أنور السادات هو من وقع اتفاقية كامب ديفيد و ان الملك حسين هو من حاول اخبار الاسرائيليين بان السوريين والمصريين سيشنون الحرب لتحرير اراضيهم و انه هو نفسه من وقع اتفاقية وادي عربة .. البعض الذي لا يعرف كل ذاك سيبقى يضل طريق الجهاد و يضيع بوصلة النضال و يرى في دمشق القدس المحتلة .. و يكفّر كل من خالفه الرأي .. و ينسى (اقرأ) و يحفظ (ما أنا بقارئ) ..

بتلخيص بسيط .. مع وجود القواعد الامريكية في الخليج والتي تدوس شرف العرب كل يوم .. ومع تحول اسرائيل الى دولة نووية .. ومع خيانات العرب ليل نهار باتفاقيات السلام العلنية و السرية .. ومع الصراعات الداخلية المستمرة بين القوى الوطنية الفلسطنينة .. ستبقى جبهة الجولان ساكنة مؤقتاً .. ونقول مؤقتاً لأن مفاتيح الأمور تتغير بين ليلة و ضحاها .. ولكن .. نعم تلك كانت خيانات النظام السوري و خيانات الجيش العربي السوري .. و ربما لو ان سورية انسحبت من حرب اكتوبر قبل مصر لأصبحت ام الدنيا في عيون البعض الذي لا يعرف .. ولو انها تقاسمت لبنان مع اسرائيل لأصبحت سيدة الكون .. ولو أنها سمحت للقوات الامريكية بغزو العراق عبر اراضيها لأصبح الاسد سيد العالم كله و لدرس الامريكيون قبل الاعراب سيرته الذاتية .. و لرفعت صوره في شوارع الرياض و الدوحة و عمان و غيرها من بلدان حكومات العار و الذل و الخنوع .. لكن الأكيد .. أن سورية في كل خياناتها السابقة كانت لا تخون الا ذلك البعض الذي لا يعرف و ذلك البعض الذي يعرف و لا يعترف .. .. و لتبقى جبهة الجولان ساكنة حتى يستيقظ العرب .. فأبشروا .. فالعرب ان ناموا لن يستيقظوا .. أما السوريين .. فلن يتركوا وسيلة .. رغماً عن قول الشاعر :

كيف الوصال مع الجولان إن كان .. نفط الخليج كسيفٍ يذبح العربي؟

الاسكندر طوسي

18/9/2012

  • فريق ماسة
  • 2013-05-21
  • 13187
  • من الأرشيف

الخيانات السورية : أربعون عاما على سكون الجولان !!

قلت ذات يوم على صفحات هذا الموقع قصة قصيرة (رجل .. امرأة و بقرة) حاولت فيها أن أمثّل الواقع الحالي لسورية مع العرب تمثيلاً يوقظ الأذهان فتبحث عن الحقائق و تذكر العرب بأن أولى كلمات الوحي كانت (اقرأ) .. فلماذا يتوقف العرب عند (ما أنا بقارئ)؟ في تلك القصة و باختصار رجل أراد أن يحلب بقرته المعتادة على زوجته لا عليه والتي لم تستسغه فلم تهدأ فعمد إلى ربط أرجلها بأعمدة الإسطبل و حين ضربته بذيلها وضع كرسيه خلفها .. وقف عليه .. شد الذيل لأعلى يريد ربطه بسقف الإسطبل فسقط سرواله ودخلت زوجته .. و سمعت كل الأمم أن رجلاً في الشرق كان ينكح بقرة .. وتناقلت أجيال القصة وراء أجيال .. و الجميع يشتم الرجل و يسفهه و يتحدث عن قلة إيمانه و حيوانيته .. لكن .. لكن لا الرجل فعلها و لا زوجته صدقته فقد رأته بعينيها في وضع لا يقبل الشك ولا يحتمل حسن النية بالنسبة لها .. العبرة يا سادتي من هذه القصة هي أن حسن النية إن كان مقروناً بتصرفات تبدو في ظاهرها وبحكم أعمى مخالفة لها سيكون صعب التفسير السليم و صعب التقييم السليم و صعب أن ينظر إليه من منظار سليم .. و أنه لا بد في كثير من الأحيان من التفسير و عدم تسخيف الاتهامات لأن الكلام حين تتناقله الأجيال بلا وعي يتحول إلى حقيقة راسخة بنظر تلك الأجيال و من لسان الى لسان يتعاظم في ظل غياب العقل .. السمة الأبرز لعرب اليوم .. أقول ما سبق لأني صدمت في نقاش مع أحد الأخوة المصريين حول ما سماه التحالف السوري الإسرائيلي الأمريكي والذي وصل به إلى خلاصة مهينة مذلة تقول بأن اتفاقية سلام سورية إسرائيلية موجودة فعلاً .. انتهى النقاش بأن أقنعته بخطأ كلامه بالوثائق و الأدلة .. لكن لم تنتهي المعاناة .. فبعده نقاش مع عربي آخر و آخر و آخر ثم مع سوري و تلك كانت المصيبة .. الملاحظة الأساسية التي خرجت بها من كل تلك النقاشات العنيفة كانت أن الخصم عاطفي في مسنده يفتقر إلى الدفاع المنطقي العقلاني و يتهاوى عند أول رد منطقي موثق .. مندفعاً بعاطفة مشحونة عبر سنين من الجهل و التجهيل الفكري .. و الشحن الديني العاطفي الأعمى .. و النقطة الأبرز التي يمكن الوصول إليها كانت قول الشاعر : فإن كنت لا تدرى فتلك مصيبة*** وإن كنت تدرى فالمصيبة أعظم تعتقد فئة من النقّاد أن مؤيدي النظام السوري سواء داخل سورية أو خارجها هم عبارة عن قطعان من الماشية تسير على عماها خلف نظام يصفونه بأنه متخاذل أو حليف لإسرائيل و للولايات المتحدة الأمريكية مستندين إلى كلام مكرّر دائماً عن سكون الأحوال في الجولان منذ أربعين سنة لا بل يذهب بعضهم إلى حد اتهام القيادة السورية بأنها (باعت) الجولان حسب توصيفهم المعتوه ، المشوّه البعيد كل البعد عن الواقع الحقيقي على الأرض و الذي و بكل أسف يبتعد عنه غالبية المحللين لأسباب عديدة تتعلق من جهة أولى بنقص المعلومات .. و من جهة ثانية بنقص الهمم .. أما أقواها فيتعلق باعتبار بعض المحللين الموالين أن الأمر واضح ليس بحاجة لتوضيح .. وفي هذا تسخيف للقضية أنتج على مر سنوات أجيالاً متروكة لتثقيف مغالط عاطفي من جانب الخصم تسبب في توليد نواة التكفير لدى كثيرين و في توجيهها (وهو الأخطر) في الاتجاه الخاطئ .. و لعلّ السرّ الأبرز لتكرار هذا الكلام في جميع المناسبات التي يتم فيها نقد النظام في سورية و إعلان (الجهاد) عليه و على الجيش العربي السوري يكمن في ضعف الردّ السوري الموالي على مثل هذه الادّعاءات الباطلة و الذي يبدو جلياً في مداخلات بعض السوريين الاعلامية في الاستدويوهات أو في المقابلات الشارعية .. فبعضهم يكتفي بالقول أن هذا الكلام غير صحيح و البعض الآخر يقول لا معلومات لدي !!! .. فأي عارٍ هو هذا؟؟؟ اليوم سننهي هذا الجدل نهائياً و سنضع النقاط على الحروف .. سنصفع كل من سولت له نفسه التطاول على الجيش العربي السوري كي يرى الحقيقة و سنزود كل من تضعف نفسه أمام الشاشات بالوقائع حتى يتحصن بها و يدافع عن موقفه الحق .. ببسالة .. و .. منطق .. فإن كنت لا تدرى فتلك مصيبة : الخيانات السورية !! إلى كل الذين لا يجدون الإجابات على اتهامات الخصوم السياسيين فيما يخص النضال السوري المجيد ضد الصهيونية نقدم لكم بعض المعلومات التاريخية التي نتحدى أي شخص أن ينقدها و التي عليها نبني دفاعنا الحق في وجه الباطل .. أولاً : حرب تشرين التحريرية سيقول البعض نعرف و نعرف .. حسنا تعرف لكن (فذكّر) فالبعض لا يعرف .. البعض لا يعرف أن الملك حسين ملك الأردن طار على متن حوامة عسكرية من عمّان إلى تل أبيب ليجتمع برئيسة الوزراء الإسرائيلية في أيلول / سبتمبر من عام 1973 ليخبرها أن الجيش العربي السوري يجري تدريبات مريبة يحضر من خلالها لحرب على (إسرائيل) و أنه يحشد قواته على جبهة الجولان .. البعض لا يعرف أن غولدا مائير رئيسة الوزراء الصهيونية سخرت من الملك حسين يومها .. البعض لا يعرف أن الملك حسين اعترف بلسانه بالأمر .. البعض يا سادتي لا يعرف أن القوات المسلحة المصرية و السورية شنت حرب السادس من تشرين الأول / أكتوبر 1973 في توقيت واحد هو الساعة الثانية من ظهر العاشر من رمضان موقعة الاحتلال الإسرائيلي في ارتباك لم يخرج منه الا وقد كانت القوات المصرية قد اخترقت خط بارليف و توغلت بعمق 20 كيلومتراً في سيناء المحتلة في الوقت الذي كانت فيه القوات السورية قد وصلت إلى مشارف بحيرة طبرية على الحدود مع فلسطين المحتلة بعد أن دمرت خط الون (هل تعرفون خط الون الذي كان يمتد 70 كيلومترا على طول جبهة الجولان؟ أم أن التاريخ لا يذكر سوى خط بارليف؟) . البعض يا سادتي لا يعرف أن الحكومة الإسرائيلية اجتمعت في ثامن يوم للحرب و أقرت أولوية جبهة الجولان و أبرقت للولايات المتحدة الأمريكية تطلب جسراً جويا للدعم تحضيراً لهجوم مضاد لاحتلال دمشق .. و البعض لا يعرف أن الجيش الأمريكي قام بإنزال دبابات لصالح إسرائيل خلف خطوط الجيش العربي السوري في وسط القنيطرة لتبدأ من هناك معركة أخرى كادت أن تتكفل بخسارة سورية للحرب لولا بسالة الفرقتين الآليتين السوريتين السابعة والتاسعة على محور سعسع وصمود الفرقة الآلية السورية الخامسة عند الرفيد .. نعم البعض لا يعرف أن الجيش السوري حارب الجيشين الإسرائيلي و الأمريكي معاً .. في الجولان .. البعض يا سادتي لا يعرف أن الحرب على الجبهة المصرية دامت فقط 17 يوماً وانتهت بقبول مصر لقرار مجلس الأمن رقم 338 في 22 أكتوبر بوقف إطلاق النار الأمر الذي شكل الصدمة الأولى للسوريين الذين رفضوا وقف الحرب و استمروا بها 220 يوماً أخرى منها ثمانون يوماً حرب استنزاف لكسر الموقف الأمريكي الإسرائيلي تجاه الوضع في الجولان .. كانت سورية طيلتها وحيدة جريحة من خيانة السادات الأولى مواجهة لجيش إسرائيلي و جسر جوي أمريكي .. 17 يوماً على الجبهة المصرية مقابل 237 يوماً على جبهة الجولان يا من نسيتم (اقرأ) .. البعض يا سادتي لا يعرف أن الجيش العربي السوري كان يحضر لهجوم شامل لتخفيف الضغط على الجبهة المصرية (و هو أمر تعرفه القيادة المصرية جيداً) حين انسحبت مصر من الحرب .. و البعض يا سادتي لا يعرف أن الجيش العربي السوري تمكن بحرب الاستنزاف من تحرير مدينة القنيطرة التي حررها في بداية الحرب لتعود القوات الأمريكية الإسرائيلية وتحتلها بعد وصول الجسر الجوي الأمريكي .. و كيف لهذا البعض أن يعرف أن أعظم عملية إنزال جوي على ارتفاع شاهق في التاريخ نفذتها القوات الخاصة السورية في حرب تشرين / اكتوبر المجيدة على مرصد جبل الشيخ و التي أسفرت عن تحريره و منع لواء جولاني و كتائب النخبة الإسرائيلية من الاستيلاء عليه لفترة طويلة و قتل الجنود الإسرائيليين في اشتباكات بالسلاح الأبيض و أسر عدد منهم و تحطيم أسطورة لواء جولاني الإسرائيلي لأول مرة في الصراع العربي الإسرائيلي .. ؟؟!! .. كيف له أن يعرف؟؟ هل يعرف البعض ان الطائرات الإسرائيلية سقطت فوق دمشق في معركة صيد الذباب التي نفذتها الدفاعات الجوية السورية؟ و أن أطفال دمشق تسلّوا باللعب بحطامها؟ المهم .. تم إقرار اتفاقية فصل القوات بتاريخ 31/5/1974 و انتهاء الحرب على الجبهة السورية باتفاقية هدنة لا باتفاقية سلام .. و تم رفع العلم العربي السوري على مدينة القنيطرة المحررة .. و تخرج علينا بعض الكلاب النابحة يقولون أن الجيش العربي السوري خائن .. و أن القيادة السورية عميلة .. فلنتابع .. إخراسهم .. ثانياً : لبنان شكل لبنان على مدى عقود خاصرة ضعيفة لسورية كانت تسمح بخطر عظيم يتهدد العمق السوري عبر أي محاولة إسرائيلية للالتفاف على دمشق مروراً بمحور الجنوب ـ البقاع اللبناني .. و أدركت إسرائيل أنها بحاجة إلى نصر سريع تعيد فيه الروح المعنوية لجنودها المهزومين في حرب تشرين / اكتوبر فبدأت الحكاية في لبنان .. البعض لا يعرف يا سادتي أن أحد خيانات الجيش العربي السوري و النظام السوري كانت الدخول إلى لبنان عام 1977 على رأس قوات ردع عربية لإنهاء الحرب الأهلية التي دارت رحاها منذ عام 1975 و التي أحرقت لبنان .. و إن إسرائيل حين أدركت أن الجيش العربي السوري سينجح في مهمته بدأت اجتياحها للبنان في 14/3/1978 و أقامت حزاما أمنيا لحماية شمال فلسطين المحتلة (كما ادعت) مستغلة عدم صدور أي رد فعل عربي .. و أسست ميليشيا سعد حداد العميلة (انقر هنا لتفاصيل أوفى عن ميلشيا لحد الأولى و الثانية أو ما دعي جيش لبنان الجنوبي العميل) الذي أوكلته مهمة السيطرة على المناطق التي تحتلها .. ملاحظة : البعض لا يعرف أن تنظيم الإخوان المسلمين بدأ عملياته الإرهابية في الداخل السوري بالتزامن مع تصدي الجيش العربي السوري للجيش الإسرائيلي في لبنان و للقوات اللبنانية المتحالفة مع إسرائيل ضد الفلسطينيين في الفترة بين عامي 1979 و 1981 و استمرت حتى عام 1986 .. فلكم أن تتخيلوا على كم جبهة كانت تحارب سورية في ظل حرب الخليج الأولى كذلك والتي كانت تلهب المنطقة .. البعض لا يعرف أن رئيس القوات اللبنانية بشير الجميل اجتمع مع أرييل شارون قبل الاجتياح الإسرائيلي للبنان و انه بتاريخ 6/6/1982 بدأ الاجتياح الإسرائيلي الثاني و الذي أسفر عن احتلال بيروت وتسليم الإسرائيليين رئاسة لبنان إلى بشير الجميل الذي تم اغتياله قبل ان تتم عملية تسليم المنصب .. البعض لا يعرف أنه بتاريخ العاشر و الحادي عشر من حزيران/يونيو عام 1982 وقعت خيانة سورية أخرى في معركة تاريخية بين الجيشين العربي السوري و الإسرائيلي اسمها معركة السلطان يعقوب نجح فيها الجيش العربي السوري بتدمير 160 دبابة إسرائيلية و أسر عدد من الجنود الإسرائيليين و الدبابات الإسرائيلية الجديدة طراز ميركافا التي تعرض إحداها في بانوراما دمشق .. و البعض لا يعرف أنه على اثر المعركة أرسلت الولايات المتحدة الأمريكية مبعوثها فيليب حبيب إلى دمشق لطلب وقف إطلاق النار.. البعض لا يعرف أن خيانة سورية أخرى أيضاً حصلت بنجاح السوريين مع حلفائهم بالتقدمي الاشتراكي و الفلسطينيين بإسقاط اتفاق 17 أيار 1983 بين الرئيس اللبناني أمين الجميل و الولايات المتحدة الأمريكية و إسرائيل والذي تم اعتباره اتفاقية سلام بين لبنان و إسرائيل .. و البعض لا يعرف أن الدفاعات الجوية السورية أسقطت طائرة أمريكية عام 1984 و قتلت الطيار و أسرت مساعده. البعض لا يعرف أن الجيش العربي السوري دخل بيروت محرراً في عام 1985 الأمر الذي يعتبره البعض أيضاً خيانة لا بل احتلالاً (و هذا التوصيف قبلناه حين صدر من خصم شريف ـ ميشيل عون ـ و لا نقبله حين يصدر من مدّعٍ للنضال أعرابي وقح خسيس) .. و عمل طول ست سنوات على إخماد الحرب الأهلية اللبنانية التي اندلعت مجدداً عقب انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي والتي أعادت حرق لبنان و التي لم تنته إلا بدخول الجيش العربي السوري للقصر الرئاسي في بيروت و إعلان مرحلة جديدة بتاريخ لبنان .. مبنية على اتفاق الطائف الذي (و رغم كل مساوئه) تم فيه جمع الأخوة الأعداء على طاولة واحدة و إعلان انتهاء الحرب الأهلية .. البعض لا يعرف أن خسائر الجيش العربي السوري طيلة سنوات دفاعه عن لبنان و استقلال لبنان و وحدة لبنان بلغت 14500 شهيداً كل هؤلاء قتلى في نظر الحاقدين لا يستحقون الأخذ بالاعتبار في الصراع السوري الإسرائيلي .. فهل تعرف؟؟ ثالثاً ـ مرحلة الخليج : في عام 1990 أعلن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين الحرب على الكويت متهماً إياها بسرقة نفطه .. الأمر الذي شكل صدمة تاريخية لكل المنطقة .. فأياً كان الخلاف بين العراق و الكويت و أياً كانت الزاوية التي سننظر منها إلى الأحقية فيما حدث إلا أن ذاك الهجوم مقترناً بخيانات عربية و بالجملة في الخليج أوجد المنصة الرئيسية للقوات الأمريكية في الخليج .. و في عام 1991 بدأت عمليات عاصفة الصحراء بالحرب على العراق .. و البعض لا يعرف أن العراق شرق سورية و إن حدودهما المشتركة أطول حدود لسورية مع دول الجوار و البعض الذي لا يعرف يتخيل أن مثل هذا الوضع لن يؤثر على سورية التي واجهت الأمريكيين و الإسرائيليين منذ عام 1973 و حتى منتصف الثمانينات .. و البعض الأكثر غرابة لا يعرف ان تواجد القوات الأمريكية في الخليج أصبح يحول دون أي تصرف فردي لدولة عربية واحدة وهو القادر على إمداد إسرائيل بما يجعل أي حرب تنتهي في ميزانها .. بخسارة العرب .. فرضت التحولات الجديدة نفسها بقوة على الساحة العربية .. و قبلت سورية حضور مؤتمر مدريد للسلام عام 1991 إلى جانب العرب ممثلة بوزير خارجيتها السيد فاروق الشرع .. في المؤتمر وقعت خيانة تاريخية سورية أخرى أمام أعين العالم كله .. فالشرع حضر ليخرج ورقة من جيبه هي مذكرة جلب دولية بحق اسحق شامير بتهمة ارتكابه مجازر حرب .. الوثيقة التي جعلت الإسرائيليين يبكون يومها .. فقد كانت ضربة تاريخية من المخابرات السورية .. لكل جهود الموساد الإسرائيلي في تبييض صفحة شامير و أعوانه أمام المحاكم الدولية .. و الأجمل أنها بثت على كل شاشات العالم .. وإن كنت تدرى فالمصيبة أعظم البعض يا سادتي لا يعترف أن سورية طوال الفترة الممتدة من عام 1990 و حتى 2005 كان شغلها الشاغل هو إنشاء جبهة مقاومة في لبنان تجعل العدو الصهيوني مشغولاً على أكثر من جبهة فهو لا يستطيع إخلاء جبهة الجولان لتوقعات الحرب من جهة و أصبح لديه عدو لدود في لبنان يتم تدريبه سورياً و تزويده باعتراف سيد المقاومة حسن نصر الله بصواريخ ومعدات سورية .. كل ذلك في حساب البعض خيانة و لا يعتبر نضالاً ضد إسرائيل .. بينما يعتبرون اتفاقية العار الأولى (كامب ديفيد بين مصر و اسرائيل 1978) و الثانية (وادي عربة 1994بين الاردن واسرائيل) نضالاً .. و أيّ نضال يا أمة العهر؟؟؟ البعض لا يعترف أن الصواريخ التي تتساقط على المدن الإسرائيلية من غزة و من لبنان صواريخ سورية إيرانية بأيدي فلسطينية تم تدريبها في سورية و ايران .. فتلك خيانة كيف له أن يعترف بها؟ البعض لا يعترف انه عام 1998 وقف الجيشان العربي السوري و التركي في مواجهة بعضهما بعد اتهامات تركية لسورية بدعم حزب العمال الكردستاني وكادت حرب طاحنة أن تدور رحاها لولا تدخل أصدقاء الطرفين وتهديد العقيد الشهيد القذافي بانهاء الاستثمارات و المصالح التركية في ليبيا و تحويلها الى يونانية (هل عرفتم الآن سر الحقد التركي على الشهيد؟) .. هل انسحبت اسرائيل عام 2000 من جنوب لبنان باتفاقية سلام مذلة؟ أم تحت ضربات المقاومين الأبطال من حلفاء سورية الأشاوس الوطنيين في لبنان؟ .. وهل انتصار المقاومة الاسلامية في حرب تموز يوليو 2006 على الجيش الاسرائيلي في حرب 33 يوم كان بدموع السنيورة (رئيس الحكومة اللبنانية الابن المدلل للسعودية و المعادي لسورية و المقاومة اللبنانية) أم بدماء المقاومين الشهداء و الجرحى المجاهدين الذين ما ضلوا الطريق و لا حادوا عن بوصلة الجهاد الحق؟ الغزو الامريكي للعراق 2003 وقعت فيه أكبر الخيانات السورية في التاريخ فقد وقفت سورية بين العرب في المنطقة وحيدة ترفض الغزو الامريكي و الحرب على العراق و ترفض السماح للقوات الغربية الغازية باستخدام مجالاتها الجوية أو البرية أو البحرية و فتحت ابوابها لاستقبال مليون ونصف مليون لاجئ عراقي سكنوا ديار السوريين ولم تنبث بحرف شكوى او تذمر .. بينما يصل جعير (عواء) بعض الدول المجاورة الى السماء السابعة لاستقبال بضعة آلاف من النازحين السوريين اليوم .. نعم تلك كانت خيانات النظام في سورية .. وتلك كانت خيانات الجيش العربي السوري الباسل .. و البعض الذي لا يعرف أن القواعد الامريكية موجودة في السعودية و قطر و الاردن و تركيا لا في سورية .. و البعض الذي لا يعرف ان سورية على قائمة الارهاب الامريكي لا مصر و لا السعودية و لا الاردن .. و البعض الذي لا يعرف ان امير قطر هو من زار تل أبيب و أن أنور السادات هو من وقع اتفاقية كامب ديفيد و ان الملك حسين هو من حاول اخبار الاسرائيليين بان السوريين والمصريين سيشنون الحرب لتحرير اراضيهم و انه هو نفسه من وقع اتفاقية وادي عربة .. البعض الذي لا يعرف كل ذاك سيبقى يضل طريق الجهاد و يضيع بوصلة النضال و يرى في دمشق القدس المحتلة .. و يكفّر كل من خالفه الرأي .. و ينسى (اقرأ) و يحفظ (ما أنا بقارئ) .. بتلخيص بسيط .. مع وجود القواعد الامريكية في الخليج والتي تدوس شرف العرب كل يوم .. ومع تحول اسرائيل الى دولة نووية .. ومع خيانات العرب ليل نهار باتفاقيات السلام العلنية و السرية .. ومع الصراعات الداخلية المستمرة بين القوى الوطنية الفلسطنينة .. ستبقى جبهة الجولان ساكنة مؤقتاً .. ونقول مؤقتاً لأن مفاتيح الأمور تتغير بين ليلة و ضحاها .. ولكن .. نعم تلك كانت خيانات النظام السوري و خيانات الجيش العربي السوري .. و ربما لو ان سورية انسحبت من حرب اكتوبر قبل مصر لأصبحت ام الدنيا في عيون البعض الذي لا يعرف .. ولو انها تقاسمت لبنان مع اسرائيل لأصبحت سيدة الكون .. ولو أنها سمحت للقوات الامريكية بغزو العراق عبر اراضيها لأصبح الاسد سيد العالم كله و لدرس الامريكيون قبل الاعراب سيرته الذاتية .. و لرفعت صوره في شوارع الرياض و الدوحة و عمان و غيرها من بلدان حكومات العار و الذل و الخنوع .. لكن الأكيد .. أن سورية في كل خياناتها السابقة كانت لا تخون الا ذلك البعض الذي لا يعرف و ذلك البعض الذي يعرف و لا يعترف .. .. و لتبقى جبهة الجولان ساكنة حتى يستيقظ العرب .. فأبشروا .. فالعرب ان ناموا لن يستيقظوا .. أما السوريين .. فلن يتركوا وسيلة .. رغماً عن قول الشاعر : كيف الوصال مع الجولان إن كان .. نفط الخليج كسيفٍ يذبح العربي؟ الاسكندر طوسي 18/9/2012

المصدر : مركز عرين للمعلومات/ الاسكندر طوسي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة