دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
اعلن سيرغي لافروف وزير خارجية روسيا الاتحادية ان مصالح الشعب السوري تتطلب الوقف الفوري للعنف بدون اية شروط مسبقة. جاء ذلك في الحديث الذي أدلى به الى قناة " الميادين" الفضائية بموسكو في 13أيار عام 2013 ..
والذي تناول فيه حصيلة اللقاء مع نظيره الامريكي جون كيري حيث نوقشت سبل معالجة الازمة السورية بمراعاة مصالح الشعب السوري واحتمال عقد مؤتمر دولي لهذا الغرض ووجوب تفعيل تسوية القضية الفلسطينية. ونورد أدناه النص الكامل للحديث:
س: السيد الوزير، طاب يومكم! نتقدم لكم بالشكر سلفا لتخصيص جزء من وقتكم للاجابة عن أسئلتنا. وأود أن أبدأ لقاءنا من آخر اتصالاتكم الدولية، وبالدرجة الأولى من لقائكم في موسكو مع وزير خارجية الولايات المتحدة. وبعد ذلك أو في اليوم التالي صرح السيد كيري بأنه لا مكانَ للأسد في الحكومة الإنتقالية. وكذلك كانت هناك تصريحات بأن البيت الأبيض لم يتخذ الى هذه اللحظة القرار النهائي بخصوص تسليح المعارضة، وينتظر نتائج التحقيقات حول استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل النظام السوري. ونحن على علم بالاتفاق الذي تم التوصل اليه في موسكو بين حضرتكم وبين السيد كيري. ومع ذلك نريد أن نعرف لماذا وبعد مغادرة كيري موسكو سمعنا تصريحات مختلفة تماما، ولا تتلائم مع ما تم الاتفاق عليه؟ ج: سأبدأ من أنه جرت مباحثات جيدة خلال زيارة جون كيري الى موسكو. وقد عقد لقاء مطول مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتم خلاله التطرق الى موضوع سورية وعدد آخر من القضايا الدولية الى جانب مناقشة القضايا الثنائية. خلال الحديث حول سورية تقدم جون كيري بتحليل قريب جدا مما نتحدث نحن به، ومع الأخذ بالحسبان التهديدات الناجمة عن الابقاء على الوضع الراهن وتشجيع المعارضة المتشددة للاستيلاء على السلطة وحل الأزمة بالطريقة العسكرية. وكذلك أيد كيري ما نقوله عن ضرورة وقف نزيف الدم وبَدء الحوار السياسي وَفقا لما ينص عليه بيان جنيف الصادر في الثلاثين من يونيو/حزيران من العام الماضي، والذي تم توقيعه من قبل جميع اللاعبين الخارجيين الأساسيين المؤثرين في الوضع في سورية بشكل أو بآخر. جون كيري أبدى رأيه بالموافقة على الدعوة إلى عقد لقاء دولي آخر بمشاركة الأطراف المتنازعة وذلك لحثهم على التحرك باتجاه التسوية السياسية عبر تشكيل هيئة قيادية انتقالية على أساس اتفاق مشترك بين الحكومة وكل المجموعات المعارضة، وهذا الإتفاق بدوره يجب أن يضمنَ أمنَ وحقوقَ الشرائح الاجتماعية والدينية والطائفية في سورية كافةً وبدون استثناء. نحن ندعو الى عقد مثل هذا المنتدى، ودعَوْنا إلى عقده منذ فترة طويلة جدا . فقد اقترحنا في أَغُسطُس/آبَ من العام الماضي عقدَ مؤتمر جنيف -2. لكن شركاءنا الغربيين والعرب والاتراك الذين شاركوا في جلسات مؤتمر جنيف -1 أعلنوا عن عدم جاهزيتهم لمثل هذا المؤتمر الآن. من جهة أخرى بادر زملاؤنا الامريكيون والبريطانيون والفرنسيون والاوروبيون بشكل عام، بادروا إلى المساهمة بتوحيد المعارضة على أرضية بناءة لتحضير الحوار. ثم تم تشكيل الائتلاف ولكنه للأسف يعتمد على قاعدة مناوئة للنظام ويسعى للإطاحة به وهدم كل مؤسسات الدولة السورية. وأيضا لم يساعد على تسوية الأزمة قرارُ الجامعة العربية الذي ينص على أن الائتلاف الوطني يعتبر الممثلَ الوحيد للشعب السوري وأنه يجب ان يشغل مقعد سورية في الجامعة. ولكنْ هنا يبرز فورا السؤال "ما هو مصير المجموعات الأخرى للمعارضة؟"، حيث أن الإئتلاف الوطني ليس القوةَ الوحيدة للمعارضة، فهناك جزء من المعارضة الخارجية غير ممثَّل في الإئتلاف وكذلك المعارضة الداخلية التي لم تغادر سورية أبدا وتدعو إلى الإصلاحات من داخل سورية. وعلى هذه الخلفية فإننا رحبنا بموافقة الامريكيين التي أعرب عنها جون كيري على فكرة عقد مؤتمر بدون شروط مسبقة. وأيد الرئيس الروسي ما طرحه كيري وأوعز إليَّ بصياغة مقترحاتنا المشتركة وتحدثنا عنها في المؤتمر الصحفي مع نظيري. وكان بيننا اتفاق مع جون كيري على أن نقوم بحثّ الحكومة السورية للموافقة على الإقتراحات التي وضعناها وكذلك سوف نتعامل مع عدد من الدول التي من المهم مشاركتها في هذا المؤتمر. ومن جهته سوف يواصل الجانب الإمريكي جهوده الهادفة الى توحيد المعارضة على قاعدة مساندة هذا التوجه. هذه الجهود مستمرة وأنا سمعت تصريحات كيري الذي أدلى بها في روما والتصريحات التي ادلى بها زملاؤنا الآخرون. ولكنني أنطلق من صعوبة اقناع المعارضة. وخلافا للحكومة السورية التي أدلت بتصريحات ايجابية ردا على المبادرة الروسية الامريكية فإن المعارضة لم تُدلِ بتصريح مماثل بل كان تصريحهم غامضا حينما قالوا إنهم من حيث المبدأ يمكن أن يرحبوا بأيِ مبادرات هادفة الى وقف العنف ولكنه يجب على الأسد أن يرحل قبل كل شيء. وبمعنىً آخرَ كرروا نفس الشروط التي تتسبب بالمأزِق في الأزمة السورية على مدار الأشهر العديدة الماضية. ولذلك نحن نواصل عملنا واتصالاتنا مع العديد من شركائنا. حيث جرى قبل أيام لقاء بين الرئيس فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء البريطاني كاميرون. وخلال اللقاء تم الإعلان عن مساندة المبادرة الروسية الامريكية. وفي الأيام القريبة المقبلة أي في التاسعَ عشر والعشرين من الشهر الجاري سيجري لقاء آخر لقُوى المعارضة السورية في اسطنبول وهي القُوى التي تنحاز إلى الإئتلاف . ومباشرة بعد هذا اللقاء سينعقد لقاء آخر للمعارضة الداخلية في مدريد حيث تنظم هيئة التنسيق الوطنية لقاءً للمعارضة الوطنية البناءة. ولذا فلننتظر ما هي التوجهات التي سوف تتمخض عن هذه الفعاليات. ونحن بدورنا نعتقد أنه يجب التخلي عن الشروط المسْبقة وليس لأن هناك من يعجبنا أو من لا يعجبنا وإنما فقط لأنه يجب أن نكون واقعيين. أما الواقعية الى جانب الإهتمام بمصالح الشعب السوري فتتطلب الوقف الفوري للعنف بدون أي شروط مسْبقة لأن أيَ شروط مسبقة سوف تطيل دوامة العنف.
س: انتم ذكرتم في حديثكم مباحثات الرئيس بويتن مع رئيس الوزراء البريطاني كاميرون في مدينة سوتشي. بعد هذا اللقاء كانت هناك تصريحات من بعض المسؤولين الروس حول تباين في الآراء بما يخص جدول أعمال ما يسمى بمؤتمر جنيف -2 والمشاركين والصلاحيات، وهذا التباين يمكن أن يؤديَ الى فشل المؤتمر. هل بامكانكم أن توضحوا لنا ما هي الخلافات؟ وماذا تعني "شرعية" ممثلي المعارضة لكي يستطيعوا التمسك بالتزاماتهم فيما بعد؟
ج: هناك عدة مشاكل لأن المبادرة الروسية الامريكية ما كان يمكن ان تشمل كل التفاصيل وهذا لم يكن هدفا لنا، فهدفنا هو تفعيل رفض الوضع الحالي غير المقبول والإنتقال الى التحضير للحوار. وهذا يتطلب عمل الكثير. وعلى سبيل المثال من المهم مبدئيا أن تكون هناك رؤية موحدة في صفوف المعارضة السورية بألوانها كافةً وبين المتفاوضين عنها. ومن المهم أيضا وجود فريق التفاوض من قبل الحكومة السورية. وانا قبل يومٍ من زيارة كيري الى موسكو اتصلت بزميلي وليد المعلم وزير الخارجية السوري ومرة أخرى سألته "هل اللجنة المشكلة لاجراء الحوار وإطلاق الإصلاحات برئاسة رئيس الحكومة السورية تملِـك الصلاحيات المطلوبة لاجراء الحوار مع المعارضة؟" وأجابني بأنها نعم تملك هذه الصلاحيات. والآن ننتظر حتى نتأكد من سرعة وفعالية تعامل الطرف الآخر مع المعارضة. نعم نحن أيضا نتعامل مع المعارضة ولكن نريد أن نرى كيف ستستطيع الجهات المؤثرة في المعارضة السورية أن تقنعها بضرورة تشكيل وفد تفاوضي يمثل جميع ألوان المعارضة ويجب أن تكون لهذا الوفد كلُ الصلاحيات المطلوبة. هذه واحدة من المسائل التي لم تلق حلا حتى هذه اللحظة. والمسألة الأخرى كما أشرتم متعلقة بالأتفاق حول المشاركين في هذا المؤتمر. ونحن ننطلق من أن كل الأطراف التي شاركت في لقاء جنيف في الثلاثين من يونيو/حَزِيرانَ من العام الماضي يجب دعوتها، بالاضافة الى اللاعبَين الاساسيين اللذين لم يشاركا في العام الماضي في جنيف، وهما ايران والسُعودية. وسنكون سعداءَ برؤية الأردن وكذلك لبنانُ ودول الجوار السوري. لا يجوز تلبية للأفضلية الجيوسياسية استثناء ايرانَ من هذه العملية حيث أنها لاعب خارجي مهم جدا. وحول هذا الموضوع لم نصل الى اتفاق بعد. وهناك عند بعض زملائنا الغربيين رغبة ظهرت خلال المحادثات مع ديفيد كاميرون في سوتشي بتضييق دائرة المشاركين الخارجيين للبَدء بالعملية من قبل مجموعة ليست بكبيرة من الدول وذلك لاستباق حسم المسائل المتعلقة بتحديد فرق الحوار وجدول الأعمال وربما حتى نتائج المحادثات. وبعد ذلك ووَفقا لهذا الطرح سيتم نقل هذه المقترحات الى الحكومة السورية والمعارضة وبعد ذلك سيمارس الضغط على طرفي النزاع لتطبيق هذا المخطط الذي تم وضعه بدون مشاركة السوريين. نحن من جانبنا نفضل توجها آخر. في الدرجة الأولى لا نريد أن تُتخذ هذه القرارات ضمن دائرة ضيقة وإنما بمشاركة دول المنطقة وهذا ما شدد عليه الرئيس فلاديمير بوتين في لقاء سوتشي. وأعيد التأكيد بأن هذا هو موقفنا ونفضل ألا يقوم اللاعبون الخارجيون باتخاذ القرارات عوضا عن السوريين وأنما أن يحثوا الحكومة والمجموعات المعارضة كافةً على البَدء بالحوار، وهنا يكمن التناقض. لا نعتقد أن من الصوابِ أن ينشغل اللاعبون الخارجيون بالهندسة السياسية والإجتماعية ويقوموا برسم مخططات للسوريين. السوريون بامكانهم الإتفاق بأنفسهم وهذا الأمر ليس بالسهل وسيأخذ وقتا طويلا. ولكنه في هذه الحالة فقط يمكن التوصل الى اتفاق ثابت.
س: معالي الوزير بالأمس أكد ممثلو هيئة التنسيق الوطنية التي غالبا ما تزور موسكو خلال لقائهم معكم حصولهم على دعوة من السفير الروسي في باريس بعد اتصاله بهم. هل بإمكانكم أن تحددوا تقريبا دائرة المشاركين ومن الذي يمكن استثناؤه؟
ج: لا أود أن أستثنيَ أحدا عدا الذين لا يعتبرون معارضين بل إرهابيون مثل جبهة النُصرة وهي تنظيم معروف حيث أدرجها الأمريكيون ضمن قائمة المنظمات الإرهابية. ويصرح قادتها علنا بأنهم يتلقَوْن أوامرهم من القاعدة. وكذلك هناك عدة مجموعات إرهابية أخرى من الطبيعي أنه لا مجال لمشاركتها. لان الحديث يدور حول المعارضة السياسية وحتى المسلحة ولكن مع الأخذ بالإعتبار أنه لا مكان للإرهابيين حول طاولة المفاوضات.
س: أنتم ذكرتم ايران كلاعب اقليمي مهم وأساسي. وحسب ما أفهم، فإن الشركاء الغربيين لا يرغبون برؤية ايران في المؤتمر. لذلك اريد ان اسألكم ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه ايران في تسوية الأزمة السورية وكيف تنظرون الى مشاركة منظمة لها وزنها وقوتها مثل حزب الله في اللعبة؟
ج: بالنسبة لايران، يمكنها ان تلعب نفس الدور الذي يجب ان تلعبه ايُ دولة من اللاعبين الخارجيين بالتأثير السياسي المباشر في أطراف النزاع السوري. وهذا أمر واضح. أكدت ايران أكثر من مرة تضامنها مع الحكومة السورية، ويقوم القادة الايرانيون بشكل مستمر ومنتظم بزيارة دمشق. وأشدد على أن المواقف الجيوسياسية المنحازة يجب ألا تعرقل مشاركة ايران بما في ذلك بعملية التحضير للمؤتمر. أما فيما يخص حزب الله فهو ليس " عنصرا مستوردا" وانما هو ناتج تطور الحياة السياسية اللبنانية. وحسب معرفتي ليس لدى الحزب أية أهداف خارج الساحة اللبنانية. نعم في الوقت الحالي يتحدث حزب الله بصراحة عن مجموعات تابعة له تقاتل في سورية ولكن لهدف وحيد وهو حماية المقدسات الشيعية. وأن ما يجري من تخريب للمقدسات في سورية أصبح أمرا واضحا. أمسِ قرأت عن هدم كنيسة أرثوذكسية بما في ذلك إيقونةٌ لقديس له منزلة عند الأرثوذكس وكذلك عند المسلمين. وهؤلاء الأشخاص الذين يقومون بمثل هذه الأعمال يجب أن يتم إيقافهم ومنعهم من المشاركة في اية عملية سياسية متعلقة بمستقبل سورية.
س: قبل عدة أيام وقع انفجار ضخم في بلدة تركية بالقرب من الحدود مع سورية. والسلطات التركية اتهمت المخابرات السورية وتوجهت الى الناتو. ومن الواضح انهم يمهدون الطريق للتدخل الغربي في سورية. ما هو رأيكم حول هذا الموضوع؟
ج: تقدمنا بالتعازي الحارة الى تركيا قيادة وشعبا. ولقد لقي العشرات مصرعهم وسقط عدد كبير من الجرحى. أي عمل ارهابي يجب ان يُدان بشدة. ونحن في مجلس الأمن الدولي اتخذنا منذ فترة طويلة موقفا موحدا من ضرورة الإدانة الصارمة وبصوت واحد لأي عمل إرهابي. لكن ما جرى خلال عام من أعمال إرهابية داخل سورية لم يلق إدانة من قبل بعض شركائنا الغربيين وهذا أمر مؤسف ومخجل. لذلك يجب ادانة اي نشاط ارهابي ويجب ألا تستخدم ازدواجية المعايير، وعلينا ان نعزز جبهة موحدة لمواجهة الإرهاب. وتحدث الرئيس بوتين عن هذا الموضوع بالتفصيل خلال مكالمته الهاتفية مع الرئيس أوباما بعد العمل الإرهابي الذي وقع خلال الماراثون في بوسطن. وفي ما يخص العمل الارهابي الذي وقع بالقرب من الحدود السورية التركية فأعتقد أنه علينا انتظار نتائج التحقيق، ولا سيما أن السلطات التركية أعلنت عن القاء القبض على عدد من المشتبه بهم. والآن من السابق لأوانه توجيه أصابع الاتهام الى اية جهة وبخاصةٍ في مرحلة التحقيقات الأولية.
س: هناك أنباء تفيد بأن روسيا ستستمر في تنفيذ العقود المبرمة سابقا مع سورية لتزويدها بأنظمة الدفاع الجوي. الآن اسرائيل، التي أغارت قبل فترة قصيرة على سورية، تبدي قلقها، وتصرح بأن الحديث يدور حول صواريخ "إس-300". هل هذا صحيح؟
ج: مرة أخرى أشدد على أنه لا وجودَ لأي عقود جديدة وإنما هذه كلها عقود قديمة مرتبطةٌ بموضوع الدفاع الجوي ونحن سننفذها. لقد نفذنا جزءا منها ونقوم بانجاز ما تبقى من العقود. يجب ألا يقلق أحد بهذا الصدد الا إذا كان يفكر ويخطط للاعتداء على دولة ذات سيادة. لإن وسائل الدفاع الجوي هي دفاعية بحتة وحتى بتسميتها هي أنظمة للتصدي للغارات الجوية. ونحن هنا لا نخالف أيَ قوانين ولا نريد أن نخسر سمعتنا كمُصدّر موثوق به.
س: حين شُنت هذه الغارة على سورية، أدلت الخارجية الروسية بتصريح جاء فيه ان موسكو تحلل وتحقق في هذا الحادث وستقوم بالاستنتاجات المناسبة. اعتبر البعض تصريحكم هذا في وارسو بأنه نوع من الرد على تلك الأحداث المرتبطة بالغارة الجوية. هل يمكن قراءة هذا التصريح على مثل هذا النحو، أي أنكم ستقدمون المساعدات لسورية من أجل تعزيز منظوماتها للدفاع الجوي لكي لا تتعرض سورية لمثل هذه الغارات؟ ج: يتم تصدير منظومات الدفاع الجوي مبدئيا لغرض حماية البلد الذي يشتريها من الغارات الجوية. وتم إبرام هذه العقود قبل فترة طويلة من بدء هذه الغارات على سورية في العام الماضي والآن. وحين قلنا إننا نريد أن نتاكد من جميع ملابسات هذه القضية وقد كنا في الحقيقة متفهمين لأشياءَ عديدة ولا أريد أن أتعمق في التفاصيل، فإننا أردنا ان نتفهم ما هي الاهداف التي شُنت بسببها الغارات بالتحديد وبتقديرنا تتبع هذه الأهداف لعمل النظام العسكري وهو النظام الدفاعي للدولة السورية ولا اريد أن أتحدث عن تفاصيل الأمر.
س: هناك رأي لدى العديد من المحللين بأن روسيا تدعم النظام السوري وستعزز هذا الدعم وبخاصة في الفترة الأخيرة بعدما بدأ الجيش السوري بإحراز نجاحات معينة في ساحة المعركة. كيف تقرأون ذلك؟
ج: قلنا مرات عديدة إننا ننطلق من موقفنا الصريح والصادق والمعروف جيدا للجميع ليس من أجل المحافظة على النظام او المحافظة على شخص ما رئيسا لهذا النظام او في داخله، بل و من اجل الشعب السوري حتى تنتهيَ معاناته ومن اجل وقف انتهاكات القانون الدولي من قبل أي طرف كان، ومن أجل ان لا تكتنف الشكوك المبادئ الاساسية لميثاق الامم المتحدة مثل احترام السيادة الوطنية ووحدة الاراضي واستقلال الدولة وعدم التدخل في شؤونها الداخلية. ونحن نعتقد ان أيَ طرق اخرى موجهة لإجراء تغييرات ما في هذه المنطقة او في منطقة اخرى لن تثمر عن استقرار ثابت. وعلى سبيل المثال انظروا إلى ما يحدث في البلدان التي اجتاحتها موجة "الربيع العربي" حيث يبقى الوضع بعيدا جدا عن الاستقرار رغم أننا نبذل كل ما في وسعنا لدعم العمليات الإصلاحية هناك دعما سياسيا ومعنويا وإنسانيا، غير أن هذه العمليات مؤلمة جدا بسبب طبيعة الطرق التي كانت تتحقق من خلالها. س: قلتم إن روسيا تسترشد بسيادة القانون والقانون الدولي وغيرِ ذلك. ولكن لدى روسيا مصالحها الخاصة بما فيها الجيوسياسية والإقتصادية. هل يمكن أن تصفوا لنا إطار مصالح روسيا في سورية وفي المنطقة كلها؟ ج: مصالحنا في سورية لا تختلف عن مصالحنا في المنطقة... نريد أن تكون هذه المنطقة مستقرة. ونريد أن تكون هناك إمكانيةٌ للتجارة المتبادلة المنفعة وامكانيةُ الإستثمار المربح في ظل الإستقرار السياسي والإقتصادي والإجتماعي والمساعدة في تنمية إقتصاد دول المنطقة، وكذلك المساعدةُ في نشاط الشركات الروسية. كما نهتم بحل القضايا الأكثرِ سخونة بالتعاون مع دول المنطقة. تلك القضايا التي تشكل أهمية عالمية بما فيها النزاع الإسرائيلي الفلسطيني والبرنامج النَووي الإيراني. كما تجدر الإشارة إلى مهمة إقامة منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، وذلك ما تم الإتفاق عليه منذ فترة طويلة. ومنذ ثلاثة أعوام تم الإتفاق على عقد مؤتمر دولي خاص بهذه القضية في عام 2012. ولكن هذا الأمر لم يتم تحقيقه للأسف، ولا ذنبَ لنا في ذلك. وما زلنا متأكدين من ضرورة مشاركة جميع دول المنطقة في أعمال هذا المؤتمر، ونبذل الجهود لتحقيق هذه المهمة بصفتنا أحد رعاته الثلاثة إلى جانب الأمريكيين والبريطانيين. كما يشارك الأمين العام للأمم المتحدة في هذه العملية. هذه هي القضايا التي نهتم بها، وهي الإقتصاد وتسوية النزاعات والحوار السياسي الذي نقدره عاليا، والذي يتطور جيدا بيننا. وفي مطلَع العام الحالي عقد اللقاء الوزاري الأول بين روسيا وجامعة الدول العربية، وجاء إلينا وزراء خارجية العراق ومِصرَ ولبنان. وبالإضافة إلى ذلك هناك تقاليدُ قديمة لعلاقاتنا الإنسانية والدينية. ويُقلقنا كثيرا مصيرُ المسيحيين وقبل كل شيء مصيرُ الأرثوذكس منهم في المنطقة، وفي سورية نفسِها، حيث على امتداد قرون عاش المسيحيون جنبا إلى جنب مع أقليات أخرى وإلى جانب الأكثرية الإسلامية بما فيها" الشيعة والعلويون والدروز والأكراد"... ويعتبر الإستقرار أمرا مهما من هذه الناحية أيضا. لا نريد أن تتحول هذه المنطقة إلى مِنطقة دولٍ قومية وطائفية. وفي القرن الحادي والعشرين هذا الأمر غريب للغاية. وهذا ما نسترشد به عندما ندافع عن مبادئ القانون الدولي في ظل العمليات التي تجري في المنطقة.
س: منذ أكثر من عام تحدثتم في إحدى المقابلات عن مدى خطورة النزاعات القومية والطائفية. وقد انتقدت دولٌ في الشرق بما فيها دول الخليج أقوالك. هل تعتقد أن هذا الخطر لا يزال قائما؟ وبشكل ملموس بسبب الوضع في سورية. أم ان لديك إحساسا بإمكانية إجتياز هذه المرحلة السوداء والوضعِ القابل للإنفجار في المنطقة؟
ج: لدي أمل في إمكانية التغلب على هذا الأمر. ولكن حدة التناقضات الطائفية ما زالت موجودة. أنا غير موافق على الإنتقادات الموجهة إلى أقوالي. ويبدو أن هدف هذا الإنتقاد كان إخفاء قلق أولئك الذين انتقدوا، هذا أمر مفهوم. ولكن لا يمكن إخفاء هذه المشكلة تحت البساط بصورة مصطنعة. المشكلة موجودة والكل يرَوْنها. وأنا أشرت إلى حالات إلحاق الأضرار بالمقدسات الدينية، وليس المسيحية منها فقط. والتناقضات داخل الإسلام حادة جدا. وهذا يقلقنا كثيرا لأننا مهتمون بأن يتطور العالم الإسلامي بصورة منسجمة كما جاء في بيان عمّان الصادر عن لقاء علماءِ الدين من المذاهب الإسلامية المختلفة في عام2005. وللأسف تتعرض المبادئ الواردة في هذا البيان لاختبار قاسٍ حاليا.
س: معالي الوزير... لحد الآن لا يدرك أحد إدراكا كاملا أن روسيا تتخذ موقفا ثابتا وهي دولة عظمى وقوية، وتدافع عن مصالحها الخاصة وعن القانون الدولي بشكل عام. ولذلك هناك من يبحث عن مكائـدَ ومؤامراتٍ وراء الكواليس. على سبيل المثال أن روسيا ستقدم تنازلاتٍ في سورية أو في إيران أو في مكان آخر أو أنها ستساعد في أفغانستان. وبالمقابل سوف يقدم الغرب وقبل كل شيء الولاياتُ المتحدة تنازلاتٍ في منظومة الدرع الصاروخية أو في قضايا أخرى خاصة بالمجال السوفيتي السابق. كيف ترد على ذلك؟
ج: هذا أمر غيرُ جِـدي. أظن أن من ينشر مثل هذه الإفتراضات ينسج الواقع من قصص الخيال. ويعرف الجميع أن موقفنا من القضايا المبدئية الكثيرة لا يتذبذب وَفق تقلبات الوضع. ولكن هذا لا يعني أن هذا الموقف هو إنذار، ونحن ندافع عن أسس النظام العالمي المعاصر أي مبادئ ميثاق الأمم المتحدة والوثائق الأخرى القائمة على القانون الدولي، ونصر على تنفيذها. ولن نقبل بمحاولات تحريف مضمون الإتفاقات التي تم التوصل إليها وبخاصةٍ الإتفاقات المثبتة قانونيا. ولكننا في هذا الإطار مستعدون للبحث بصورة بناءة ومرنة عن الحلول الوسط المتبادلة. وقبل كل شيء الحلول الوسط المقبولة لأطراف النزاع المعني.
س: والسؤال الاخير... عندما نناقش موضوع الشرق الاوسط، لا يمكن ان نترك القضية الرئيسيةَ في هذا المجال، وهي القضية الفلسطينية. من المنطقي أن نفترض أنه من دونِ حلِ هذه القضية، من الصعب حلُ القضايا الاخرى. كيف ترَوْن؟ هل توجد هناك آفاق منظورة لحل هذه القضية؟ وما هي؟
ج: أنا أتفق تماما معكم فيما يتعلق باهمية القضية الفلسطينية. كنت اتكلم منذ سنوات عديدة وما زلت مقتنعا بان عدم حل القضية الفلسطينية هو العامل الوحيد الذي يسمح بتجنيد المتطرفين في صفوف مختلِف البِنَى. ومع الاسف يستمر ذلك لان هذا المأزِقَ، الذي يستغل على مدى اعوام طويلة لتربية الشباب بروح التمرد والتشدد إزاء الذين يبحثون عن حلول سياسية من خلال وصفهم كسياسيين يعتمدون على أسلوب الحوار.. وهذا الحوار وصل الى طريق مسدود. ويستمر السياسيون بمحاولات اقناع دول الجوار باستئناف مفاوضات ما. ويقول المتطرفون: "أليس من الافضل العمل مثلَ رجال حقيقيين؟ اي أن نستخدم القوة"؟. مثل هذا التوجه خطير جدا. ولا تزال هذه العملية مستمرة. ونشهد انتشار التطرف ومظاهر الارهاب بعيدا عن اطار هذا الاقليم، كما هو الأمر في منطقة الساحل والصحراء، التي تسودها هذه التهديدات، الامر الذي يعود كثيرا الى عدم تسوية القضية الفلسطينية. نعمل منذ وقت طويل وباصرار على جذب الاهتمام لشركائنا بأن الرباعية خاملة في نشاطاتها لدرجة غير مقبولة. في الحقيقة هذه الرباعية لا تعمل ونشاطاتها مشلولة. عدة مرات عندما كان أعضاء الرباعية قادرون على مستوى الوزراء لروسيا والولايات المتحدة والمفوضية الاوربية والامانة العامة للامم المتحدة وحتى توصلوا الى نقطة مشتركة مثل ما حدث ذلك اثناء اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة في سبتمبر أيلولَ من العام الماضي ولكننا عجَزنا عن اللقاء بسبب ان شركاءَنا الامريكيين لم يكونوا مستعدين لذلك. بداية تذرعوا بالانتخابات المقبلة وثم بعد انتهاء الانتخابات الامريكية تذرعوا بالانتخابات الاسرائيلية. والان اردنا تنظيم اجتماع للرباعية في لندن على هامش جلسات وزراء خارجية مجموعة الثماني فلم يتسنَ لنا ذلك ايضا. وذلك يقلقنا لان الانتقادات الموجهة إلى الرباعية واقعية تماما. وفي نفس الوقت لا نريد ان نتعرض لمثل هذه الانتقادات من دون سبب لاننا نسعى فعلا لإحياء هذه العملية التفاوضية. ولاجراء ذلك يجب توفر ظروف معينة. نعتقد انه في هذه المرحلة لا يكفي عقد الرباعية فقط والنقاش حول صيغ ومصطلحات ستقدم فيما بعد الى الجانبين الاسرائيلي و الفلسطيني للدراسة. إننا متأكدون من ضرورة استخدام امكانيات الجامعة العربية في هذا النشاط، وبخاصة لأن الجامعة العربية تُولي اهتماما زائدا بالشؤون السورية بينما القضية الفلسطينية اصبحت موضوعا ثانويا. واخيرا يبدو أن الوضع بدأ بالتغير. زار ممثلو الجامعة العربية واشنطن حيث اوضحوا للإدارة الامريكية مواقفهم من التطبيق المرن لمبادرة السلام العربية . ولم نتعرف بعد على هذه الافكار ولكننا نعتقد أن المبادرة العربية لن تتعرض لاعادة النظر. في الحقيقة هذه الوثيقة مهمة جدا ولا سيما أنها تفتح الطريق الى السلام المستقر بين العرب واسرائيل والى السلام الوطيد والتطور المستقر في الشرق الاوسط. ودعونا لا ننسى ان هذه المبادرة وجدت دعما ليس من البلدان العربية فقط بل ومن قبل البلدان الاسلامية كلها في اطار منظمة التعاون الاسلامي. اذن اعتقد انه ينبغي التعامل مع هذه الوثيقة بعناية لانها وثيقة اساسية سوية مع قرارات مجلس الامن المخصصة للقضية الفلسطينية. وبالمناسبة فإن المبادرة العربية السلمية وقاعدة منظمة التحرير الفلسطسنية هما عبارة عن اساس لتوحيد فتح وحماس.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة