ليس لدي أدنى فكرة عما إذا كانت السفيرة الأميركية هنا في بيروت "مورا كونيلي" أو وزير خارجية بلادها "جون كيري" قد سمعا يوماً ما الأداء الكلاسيكي للمغنية "مارلين ديتريش" في تشرين الأول/ أوكتوبر من العام 1965 في أغنيتها "أين ذهبت الزهور كلّها".

ولكن بحلول الذكرى الثلاثين لتفجير السفارة الأميركية في بيروت، وجدت نفسي، لأسباب خاصة، بالقرب من موقع السفارة القديم المطلّ على شاطئ البحر، ومررت بجانب الجامعة الأميركية في بيروت للقاء أحد الأصدقاء في مقهى "ستاربكس". وعندما دخلت، ربما للمرة الخامسة فقط، إلى ذلك المقهى لأنني لا أشرب القهوة عادة ولأسباب أخرى سياسية، لاحظت أحد الأشخاص يعزف موسيقى "ديتريش" الكلاسيكية.

وبعد أن كنت قرأت للتو تقارير في وسائل إعلام لبنانية حول تعليقات السفيرة الأميركية ووزير الخارجية على حادثة السفارة الاميركية في بيروت قبل ثلاثة عقود، خدّرني صوت "مارلين" العميق في قولها "متى سيعتبرون؟".

وكان "كيري" قد انتقد حزب الله في وسائل الإعلام اللبنانية قائلاً: "في الذكرى الثلاثين لتفجير السفارة الأميركية في بيروت، تحتفل الولايات المتحدة بمرور ثلاثين عاماً على التعاون الوثيق مع الشعب اللبناني الذي يدلّ على أن أعداء الديمقراطية قد فشلوا خصوصاً على صعيد علاقة الشعب مع الشعب، ما يدلّ ايضا على أن هدف الإرهابيين لم يتحقق".ومن جهتها قالت "مورا كونيلي" إن التفجير قد فتح صفحة جديدة في تاريخ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. وأضافت ان التفجير علّم الأميركيين أنَّ "النوايا الحسنة لم تكن كافية لحمايتنا من أولئك الذين قد يستخدمون الإرهاب لتحقيق أهدافهم في الشرق الأوسط".

وما تحاشى المسؤولان ذكره هو هوية مرتكبي هذه الأفعال الإرهابية في لبنان ، ومنها حادثة ثكنة مشاة البحرية الأميركية والسفارة عام 1984.

أما بالنسبة لحزب الله ، الذي لم يكن منظمة مشكّلة جاهزة للإعلان عن نفسها قبل العام 1985، فقد خلص عميل وكالة الإستخبارات المركزية (سي.آي.إيه) "روبرت بير" وفريقه المكلّف التحقيق في حادثة تفجير السفارة إلى أنه ما من أدلّة كافية لتؤكد نظرية أن حزب الله مسؤول عن التفجير. ومن الميليشيات التي كانت تزيد على ثلاثين في لبنان خلال الثمانينيات، لم تتبنَ العمل وقتها إلا حركة الجهاد الإسلامي.

ولم تنفِ واشنطن أبداً أنه كان لدى السفارة الأميركية في ذلك الوقت أكبر عدد من عملاء وكالة الإستخبارات المركزية يعملون في السفارة , ويؤدون وظائف القيادة والتحكم في القاعدة البحرية الأميركية جنوب بيروت، وهو في الواقع أكثر من أي عدد لهم في العواصم الأخرى باستثناء موسكو.  وعندما أصبحت السفارة الأميركية مقرّاً للقيادة بموجب اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية عام 1961، خسرت السفارة وضعية الحماية.

وبرغم مزاعم إدارة الرئيس ريغان آنذاك، وتأكيد السفيرة "كونيلي" هذا الأسبوع, فان القوات الأميركية لم تكن "وحدة حفظ سلام حيادية" كما رُوِّج لها. بل كانت تتمثّل بمقاتلين أعداء يقاتلون ويقتلون على جبهة واحدة من الحرب الأهلية. وعندما قتلت قذائف بارجة "نيو جيرسي" مئات الأشخاص ومعظمهم من الشيعة والدروز، كانت تلك الحقيقة واضحة. وليس مفاجئاً أن يذكر الجنرال "كولن باول"، الذي كان في ذلك الوقت مساعداً لـ "كاسبار وينبرغر"، في مذكراته أنه "عندما بدأت القذائف تتساقط على الشيعة، ظنوا أن "الحكم" الأميركي قد انتشر على جميع الجهات".

ومن الأمثلة على ذلك ما حدث في كانون الأول/ ديسمبر عام 1983 عندما قصفت بارجة "نيو جيرسي" قذائف من ثلاث قاذفات (406 ميلليمتر) بمعدّل ثلاث قذائف في الدقيقة الواحدة، وكلّ منها موجهة لمواقع داخل بيروت. وكانت هذه أول قذائف أُطلقت في العالم منذ أن أطلقت البارجة نفسها مثل هذه القذائف على فييتنام عام 1969.

وبحسب صحفيين كانوا في بيروت في ذلك الحين، فقد بدأ قصف تلك البارجة عند الساعة الواحدة وخمس وعشرين دقيقة ظهراً , وتوقفت عند الساعة الحادية عشرة ليلاً، وقد تبعتها قاذفات أميركية مقاتلة تم سماعها تحلّق فوق بيروت بحثاً عن أهداف.

 

وفي 19 أيلول/ سبتمبر عام 1983، بدأت بارجة "نيو جيرسي" وغيرها من السفن الحربية الأميركية قصف المواقع الدرزية والسورية والفلسطينية في جبل الشوف خارج بيروت. وكانت البارجة قد تصدّرت العملية بقذائفها الثقيلة. أما في 8 شباط/ فبراير فقد أطلقت البارجة نفسها حوالى 300 قذيفة على المناطق الدرزية والشيعية في التلال المطلّة على بيروت. ومعظم القذائف الضخمة تساقطت كالمطر على سهل البقاع شرقي بيروت , وكان ذلك أعنف قصف ساحلي منذ الحرب الكورية.

وكان انعدام الدقة في قذائف بارجة "نيو جيرسي" بمثابة فضيحة في الأوساط الأميركية , وكانت دائما محطّ تساؤل. وقد ورد في تحقيق بقيادة كولونيل البحرية "دون برايس" حول فاعلية القذئف المطلقة من بارجة "نيو جيرسي" على لبنان أن الكثير من القذائف قد ضلّ عن هدفه بمعدّل حوالى 9 أمتار، وبالتالي قد تكون هذه القذائف قد قتلت المدنيين عن غير قصد. وحتى السجلات والجلسات المسموعة للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ حول هذه المسألة ليست أكثر وضوحاً. والوزير "كيري" والسفيرة "كونيلي" يعرفان ذلك. أما "تيم ماكنولتي" وهو مراسل صحيفة "شيكاغو ترايبيون" التي كان مقرها في لبنان في ذلك الحين، فكتب أن "الجميع أحب بارجة "نيو جيرسي" إلى أن أطلقت قذائفها. وعندما أطلقتها كان من الواضح أنها لم تستطع ضرب أي مكان". ولكن كما يعرف اللبنانيون، فهي استطاعت قصف أشياء كثيرة أولها المدنيين الأبرياء وممتلكاتهم والبنية التحتية في لبنان.

وكما يعرف الوزير "كيري" جيّداً من حياة سياسية قاربت ثلاثة عقود في مجلس الشيوخ الأميركي وأربع سنوات (من 2009 وحتى 2013) كرئيس للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، فإن ما قامت به البارجة يعتبر إرهاباً , وقد قال ذلك عدد من الخبراء في مكتنب البنتاغون للقانون الدولي.

أما أنا فقد عشت أكثر من عام في قرية الشويفات في الشوف، وهي مكان جميل يقبع فوق بقايا ثكنات مشاة البحرية الأميركية، ومطار بيروت والبحر الأبيض المتوسط حيث وقفت البارجة الحربية الأميركية وغيرها من السفن الحربية الأميركية التابعة للأسطول السادس عندما أتت "لحماية لبنان".

والجيران ما زالوا يتذكرون ما يسمّيه البعض هنا "أيام الإرهاب من بارجة "نيو جيرسي" الحربية الأميركية" وقصفها القذائف المختلفة والثقيلة. والواضح للعيان في الشويفات وعشرات الاماكن الأخرى هو بقايا المنازل والمباني التي لم يتم إصلاحها بعد من الدمار الذي سبّبه القصف. كما ان هناك بعض القذائف غير المنفجرة ما تزال موجودة في الأرض.

ويتساءل المرء ما إذا كان كجزء من "صداقة دائمة خاصة بين الولايات المتحدة ولبنان على مستوى المواطنين أنفسهم" يقتضي أن يطلب الرئيس من البنتاغون نزع فتيل هذه القنابل غير المنفجرة وإزالتها؟ وإذا كان الأمر كذلك فعليه أن يميّز إدارته عن محتلّي فلسطين الذين ولأكثر من ثلاثة عقود استهدفوا أجزاءً عدّة من لبنان بمعدات أميركية وأسلحة دفع ثمنها المواطنون الأميركيون على شكل ضرائب، بالتحديد ملايين القنابل العنقودية المصنوعة في الولايات المتحدة التي قُصفت على لبنان خلال عدوان 33 يوماً الإسرائيلي عام 2006.

إنه حتماً لمناسب أن نكرّم ضحايا العام 1983 جراء تفجير السفارة الأميركية، ولكنه ليس أقلّ اهمية  أن نعظّم المآسي اللبنانية الأخرى خلال تلك الفترة. وفي ختام حديثها هذا الأسبوع أشارت "كونيلي" إلى أنه وبحسب رأيها، فإن "تفجير السفارة الأميركية علمنا مخاطر التدخل في هذه المنطقة".

ولكن هل تعلّموا فعلاً؟

وإذ نتأمل في "الوجود الحيادي لحفظ السلام" الذي تخطط له واشنطن للتواجد في سورية، فإننا نشكّ في أنهم تعلّموا.

ولكن هل سنعتبر في يوم من الأيام؟

 

  • فريق ماسة
  • 2013-05-04
  • 7293
  • من الأرشيف

متى سنعتبر؟

ليس لدي أدنى فكرة عما إذا كانت السفيرة الأميركية هنا في بيروت "مورا كونيلي" أو وزير خارجية بلادها "جون كيري" قد سمعا يوماً ما الأداء الكلاسيكي للمغنية "مارلين ديتريش" في تشرين الأول/ أوكتوبر من العام 1965 في أغنيتها "أين ذهبت الزهور كلّها". ولكن بحلول الذكرى الثلاثين لتفجير السفارة الأميركية في بيروت، وجدت نفسي، لأسباب خاصة، بالقرب من موقع السفارة القديم المطلّ على شاطئ البحر، ومررت بجانب الجامعة الأميركية في بيروت للقاء أحد الأصدقاء في مقهى "ستاربكس". وعندما دخلت، ربما للمرة الخامسة فقط، إلى ذلك المقهى لأنني لا أشرب القهوة عادة ولأسباب أخرى سياسية، لاحظت أحد الأشخاص يعزف موسيقى "ديتريش" الكلاسيكية. وبعد أن كنت قرأت للتو تقارير في وسائل إعلام لبنانية حول تعليقات السفيرة الأميركية ووزير الخارجية على حادثة السفارة الاميركية في بيروت قبل ثلاثة عقود، خدّرني صوت "مارلين" العميق في قولها "متى سيعتبرون؟". وكان "كيري" قد انتقد حزب الله في وسائل الإعلام اللبنانية قائلاً: "في الذكرى الثلاثين لتفجير السفارة الأميركية في بيروت، تحتفل الولايات المتحدة بمرور ثلاثين عاماً على التعاون الوثيق مع الشعب اللبناني الذي يدلّ على أن أعداء الديمقراطية قد فشلوا خصوصاً على صعيد علاقة الشعب مع الشعب، ما يدلّ ايضا على أن هدف الإرهابيين لم يتحقق".ومن جهتها قالت "مورا كونيلي" إن التفجير قد فتح صفحة جديدة في تاريخ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. وأضافت ان التفجير علّم الأميركيين أنَّ "النوايا الحسنة لم تكن كافية لحمايتنا من أولئك الذين قد يستخدمون الإرهاب لتحقيق أهدافهم في الشرق الأوسط". وما تحاشى المسؤولان ذكره هو هوية مرتكبي هذه الأفعال الإرهابية في لبنان ، ومنها حادثة ثكنة مشاة البحرية الأميركية والسفارة عام 1984. أما بالنسبة لحزب الله ، الذي لم يكن منظمة مشكّلة جاهزة للإعلان عن نفسها قبل العام 1985، فقد خلص عميل وكالة الإستخبارات المركزية (سي.آي.إيه) "روبرت بير" وفريقه المكلّف التحقيق في حادثة تفجير السفارة إلى أنه ما من أدلّة كافية لتؤكد نظرية أن حزب الله مسؤول عن التفجير. ومن الميليشيات التي كانت تزيد على ثلاثين في لبنان خلال الثمانينيات، لم تتبنَ العمل وقتها إلا حركة الجهاد الإسلامي. ولم تنفِ واشنطن أبداً أنه كان لدى السفارة الأميركية في ذلك الوقت أكبر عدد من عملاء وكالة الإستخبارات المركزية يعملون في السفارة , ويؤدون وظائف القيادة والتحكم في القاعدة البحرية الأميركية جنوب بيروت، وهو في الواقع أكثر من أي عدد لهم في العواصم الأخرى باستثناء موسكو.  وعندما أصبحت السفارة الأميركية مقرّاً للقيادة بموجب اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية عام 1961، خسرت السفارة وضعية الحماية. وبرغم مزاعم إدارة الرئيس ريغان آنذاك، وتأكيد السفيرة "كونيلي" هذا الأسبوع, فان القوات الأميركية لم تكن "وحدة حفظ سلام حيادية" كما رُوِّج لها. بل كانت تتمثّل بمقاتلين أعداء يقاتلون ويقتلون على جبهة واحدة من الحرب الأهلية. وعندما قتلت قذائف بارجة "نيو جيرسي" مئات الأشخاص ومعظمهم من الشيعة والدروز، كانت تلك الحقيقة واضحة. وليس مفاجئاً أن يذكر الجنرال "كولن باول"، الذي كان في ذلك الوقت مساعداً لـ "كاسبار وينبرغر"، في مذكراته أنه "عندما بدأت القذائف تتساقط على الشيعة، ظنوا أن "الحكم" الأميركي قد انتشر على جميع الجهات". ومن الأمثلة على ذلك ما حدث في كانون الأول/ ديسمبر عام 1983 عندما قصفت بارجة "نيو جيرسي" قذائف من ثلاث قاذفات (406 ميلليمتر) بمعدّل ثلاث قذائف في الدقيقة الواحدة، وكلّ منها موجهة لمواقع داخل بيروت. وكانت هذه أول قذائف أُطلقت في العالم منذ أن أطلقت البارجة نفسها مثل هذه القذائف على فييتنام عام 1969. وبحسب صحفيين كانوا في بيروت في ذلك الحين، فقد بدأ قصف تلك البارجة عند الساعة الواحدة وخمس وعشرين دقيقة ظهراً , وتوقفت عند الساعة الحادية عشرة ليلاً، وقد تبعتها قاذفات أميركية مقاتلة تم سماعها تحلّق فوق بيروت بحثاً عن أهداف.   وفي 19 أيلول/ سبتمبر عام 1983، بدأت بارجة "نيو جيرسي" وغيرها من السفن الحربية الأميركية قصف المواقع الدرزية والسورية والفلسطينية في جبل الشوف خارج بيروت. وكانت البارجة قد تصدّرت العملية بقذائفها الثقيلة. أما في 8 شباط/ فبراير فقد أطلقت البارجة نفسها حوالى 300 قذيفة على المناطق الدرزية والشيعية في التلال المطلّة على بيروت. ومعظم القذائف الضخمة تساقطت كالمطر على سهل البقاع شرقي بيروت , وكان ذلك أعنف قصف ساحلي منذ الحرب الكورية. وكان انعدام الدقة في قذائف بارجة "نيو جيرسي" بمثابة فضيحة في الأوساط الأميركية , وكانت دائما محطّ تساؤل. وقد ورد في تحقيق بقيادة كولونيل البحرية "دون برايس" حول فاعلية القذئف المطلقة من بارجة "نيو جيرسي" على لبنان أن الكثير من القذائف قد ضلّ عن هدفه بمعدّل حوالى 9 أمتار، وبالتالي قد تكون هذه القذائف قد قتلت المدنيين عن غير قصد. وحتى السجلات والجلسات المسموعة للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ حول هذه المسألة ليست أكثر وضوحاً. والوزير "كيري" والسفيرة "كونيلي" يعرفان ذلك. أما "تيم ماكنولتي" وهو مراسل صحيفة "شيكاغو ترايبيون" التي كان مقرها في لبنان في ذلك الحين، فكتب أن "الجميع أحب بارجة "نيو جيرسي" إلى أن أطلقت قذائفها. وعندما أطلقتها كان من الواضح أنها لم تستطع ضرب أي مكان". ولكن كما يعرف اللبنانيون، فهي استطاعت قصف أشياء كثيرة أولها المدنيين الأبرياء وممتلكاتهم والبنية التحتية في لبنان. وكما يعرف الوزير "كيري" جيّداً من حياة سياسية قاربت ثلاثة عقود في مجلس الشيوخ الأميركي وأربع سنوات (من 2009 وحتى 2013) كرئيس للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، فإن ما قامت به البارجة يعتبر إرهاباً , وقد قال ذلك عدد من الخبراء في مكتنب البنتاغون للقانون الدولي. أما أنا فقد عشت أكثر من عام في قرية الشويفات في الشوف، وهي مكان جميل يقبع فوق بقايا ثكنات مشاة البحرية الأميركية، ومطار بيروت والبحر الأبيض المتوسط حيث وقفت البارجة الحربية الأميركية وغيرها من السفن الحربية الأميركية التابعة للأسطول السادس عندما أتت "لحماية لبنان". والجيران ما زالوا يتذكرون ما يسمّيه البعض هنا "أيام الإرهاب من بارجة "نيو جيرسي" الحربية الأميركية" وقصفها القذائف المختلفة والثقيلة. والواضح للعيان في الشويفات وعشرات الاماكن الأخرى هو بقايا المنازل والمباني التي لم يتم إصلاحها بعد من الدمار الذي سبّبه القصف. كما ان هناك بعض القذائف غير المنفجرة ما تزال موجودة في الأرض. ويتساءل المرء ما إذا كان كجزء من "صداقة دائمة خاصة بين الولايات المتحدة ولبنان على مستوى المواطنين أنفسهم" يقتضي أن يطلب الرئيس من البنتاغون نزع فتيل هذه القنابل غير المنفجرة وإزالتها؟ وإذا كان الأمر كذلك فعليه أن يميّز إدارته عن محتلّي فلسطين الذين ولأكثر من ثلاثة عقود استهدفوا أجزاءً عدّة من لبنان بمعدات أميركية وأسلحة دفع ثمنها المواطنون الأميركيون على شكل ضرائب، بالتحديد ملايين القنابل العنقودية المصنوعة في الولايات المتحدة التي قُصفت على لبنان خلال عدوان 33 يوماً الإسرائيلي عام 2006. إنه حتماً لمناسب أن نكرّم ضحايا العام 1983 جراء تفجير السفارة الأميركية، ولكنه ليس أقلّ اهمية  أن نعظّم المآسي اللبنانية الأخرى خلال تلك الفترة. وفي ختام حديثها هذا الأسبوع أشارت "كونيلي" إلى أنه وبحسب رأيها، فإن "تفجير السفارة الأميركية علمنا مخاطر التدخل في هذه المنطقة". ولكن هل تعلّموا فعلاً؟ وإذ نتأمل في "الوجود الحيادي لحفظ السلام" الذي تخطط له واشنطن للتواجد في سورية، فإننا نشكّ في أنهم تعلّموا. ولكن هل سنعتبر في يوم من الأيام؟  

المصدر : : د. فرنكلين لامب


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة