شهدت تونس، خلال اليومين الماضيين، تطوراً ميدانياً خطيراً، تمثل في تصاعد وتيرة المواجهات بين القوات المسلحة والمجموعات الجهادية على أكثر من جبهة، وكان أشدّها ضراوة في منطقة جبل الشعانبي في ولاية القصرين على مقربة من الحدود التونسية ـ الجزائرية، حيث استخدمت عناصر جهادية، يعتقد أنها تابعة لتنظيم «القاعدة»، ألغاماً مضادة للأفراد لمنع تقدّم قوات الأمن، في سابقة مثيرة للقلق إذا ما تم ربطها بالمعلومات الرسمية عن إقامة معسكرات تدريب للمجموعات المتشددة مجهزة ببنية تحتية عسكرية.

ويبدو ان هذه العمليات هي الاخطر منذ احداث سليمان التي تبعد اربعين كيلومتراً عن تونس العاصمة، عندما قاتلت القوات التونسية في نهاية العام 2006 وبداية العام 2007 حوالى ثلاثين مقاتلا اسلامياً من التونسيين والجزائريين.

ولليوم الثالث على التوالي واصلت القوات المسلحة التونسية، امس، عمليات التمشيط والمطاردة، لتطهير المنطقة من مجموعات جهادية مسلحة تقيم معسكرات في أماكن متعددة، وخصوصاً في جبل الشعانبي في محافظة القصرين (وسط غرب)، ومحافظة الكاف (الشمال الغربي).

وشهدت منطقة جبل الشعانبي اشتباكات متواصلة بين قوات الامن وعناصر مجموعة جهادية مسلحة أسفرت عن إصابة عدد من مساعدي الحرس الوطني والجيش الوطني بإصابات خطيرة، احدهم بترت ساقه جراء انفجار ألغام أرضية زرعها المسلحون في المنطقة التي يتحصنون بها.

يشار الى انها المرة الاولى التي تستعمل ألغام ارضية ضد قوات الامن في تونس.

وعلى اثر ذلك، أعلن الجيش التونسي تحويل جبل الشعانبي الى منطقة عسكرية مغلقة، حيث تتولى الوحدات المختصة مهمة تمشيط المنطقة وفكّ الالغام والتفتيش عن بقية عناصر المجموعة المسلحة .

وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية محمد علي العروي إن «هناك مجموعتين، واحدة في جبل الشعانبي وتضم 15 مقاتلاً، والثانية تضم عشرين مقاتلاً في ولاية الكاف قرب الحدود الجزائرية»، مضيفاً «ليست هناك مواجهات (وجهاً لوجه) بل نقوم بعملية تمشيط بالرصاص».

من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع العقيد مختار بن ناصر «لا اعلم ما هو عددهم لكن منطقة الشعانبي واسعة ونحن بصدد محاولة مطاردتهم، وفي الوقت الراهن لم نعتقل أيا منهم».

ويتعين على أجهزة الأمن السيطرة على منطقة وعرة المسالك تبلغ مساحتها نحو مئة كيلومتر مربع، من بينها ستون كيلومتراً مربعاً من الغابات.

وافاد احد افراد الامن الذي بترت ساقه اثناء المواجهات، في تصريح لاذاعة «موزاييك إف إم»، بأنّ المسلحين منظمون ومدربون جيداً، حيث أسسوا في جبل الشعانبي «ما يشبه القرية الصغيرة».

وفي هذا الاطار كشفت جهات امنية وعسكرية انها عثرت على «خزانات للماء تحت الأرض ومخازن للسلاح والذخيرة والغذاء، ومتفجرات وألغام وقنابل يدوية وخرائط ووثائق فيها بيانات حول كيفية صنع الالغام الارضية»، بالإضافة إلى «هواتف خلوية فيها ارقام هواتف من خارج تونس»، ما يؤّكد أن المسلحين كانوا بصدد تحويل المنطقة الى ساحة للتدريب العسكري، وتكوين كتائب مقاتلة تابعة لتنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي».

يذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تحاول مجموعات جهادية مسلحة اقامة معسكرات تدريب في تونس، ففي 21 كانون الاول العام 2012 اعلن رئيس الوزراء الحالي علي العريض، وكان وقتها وزيراً للداخلية، أن مجموعة أطلقت على نفسها اسم «كتيبة عقبة بن نافع» (تابعة لتنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي»)، سعت لاقامة «معسكر» في جبال القصرين القريبة من الحدود الجزائرية.

وقال العريض حينها ان غالبية عناصر المجموعة من ولاية القصرين، وانه «يشرف على تدريبهم ثلاثة جزائريين لهم علاقة مع امير تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي عبد المصعب عبد الودود».

وفي العاشر من كانون الاول الماضي 2012 قتلت المجموعة الجهادية المسلحة عنصرا في جهاز الحرس الوطني في قرية درناية في معتمدية فريانة الجبلية في ولاية القصرين. وانتقلت المجموعة اثر ذلك لتتحصن في جبل الشعانبي بحسب ما أعلنت السلطات.

من جانب آخر، أقر العرّيض بوجود نقص في بعض التجهيزات لكنه وعد بتدارك الامر.

واشتكى عناصر أمن من عدم توفير المعدات اللازمة لحمايتهم خلال عملهم في أماكن خطرة، مثل كاشفات الالغام التي لا تتوفر إلا عند الجيش، والمروحيات لنقل الجرحى سريعا الى المستشفيات.

وتظاهر ما بين 300 الى 400 من عناصر الأمن، صباح أمس، أمام الجمعية الوطنية التأسيسية مطالبين بوسائل افضل. ورددوا هتافات من بينها «اصح ايها المواطن... الارهاب غمر البلاد».
  • فريق ماسة
  • 2013-05-02
  • 4473
  • من الأرشيف

تونس: معركة ضد «الجهاديين»

شهدت تونس، خلال اليومين الماضيين، تطوراً ميدانياً خطيراً، تمثل في تصاعد وتيرة المواجهات بين القوات المسلحة والمجموعات الجهادية على أكثر من جبهة، وكان أشدّها ضراوة في منطقة جبل الشعانبي في ولاية القصرين على مقربة من الحدود التونسية ـ الجزائرية، حيث استخدمت عناصر جهادية، يعتقد أنها تابعة لتنظيم «القاعدة»، ألغاماً مضادة للأفراد لمنع تقدّم قوات الأمن، في سابقة مثيرة للقلق إذا ما تم ربطها بالمعلومات الرسمية عن إقامة معسكرات تدريب للمجموعات المتشددة مجهزة ببنية تحتية عسكرية. ويبدو ان هذه العمليات هي الاخطر منذ احداث سليمان التي تبعد اربعين كيلومتراً عن تونس العاصمة، عندما قاتلت القوات التونسية في نهاية العام 2006 وبداية العام 2007 حوالى ثلاثين مقاتلا اسلامياً من التونسيين والجزائريين. ولليوم الثالث على التوالي واصلت القوات المسلحة التونسية، امس، عمليات التمشيط والمطاردة، لتطهير المنطقة من مجموعات جهادية مسلحة تقيم معسكرات في أماكن متعددة، وخصوصاً في جبل الشعانبي في محافظة القصرين (وسط غرب)، ومحافظة الكاف (الشمال الغربي). وشهدت منطقة جبل الشعانبي اشتباكات متواصلة بين قوات الامن وعناصر مجموعة جهادية مسلحة أسفرت عن إصابة عدد من مساعدي الحرس الوطني والجيش الوطني بإصابات خطيرة، احدهم بترت ساقه جراء انفجار ألغام أرضية زرعها المسلحون في المنطقة التي يتحصنون بها. يشار الى انها المرة الاولى التي تستعمل ألغام ارضية ضد قوات الامن في تونس. وعلى اثر ذلك، أعلن الجيش التونسي تحويل جبل الشعانبي الى منطقة عسكرية مغلقة، حيث تتولى الوحدات المختصة مهمة تمشيط المنطقة وفكّ الالغام والتفتيش عن بقية عناصر المجموعة المسلحة . وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية محمد علي العروي إن «هناك مجموعتين، واحدة في جبل الشعانبي وتضم 15 مقاتلاً، والثانية تضم عشرين مقاتلاً في ولاية الكاف قرب الحدود الجزائرية»، مضيفاً «ليست هناك مواجهات (وجهاً لوجه) بل نقوم بعملية تمشيط بالرصاص». من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع العقيد مختار بن ناصر «لا اعلم ما هو عددهم لكن منطقة الشعانبي واسعة ونحن بصدد محاولة مطاردتهم، وفي الوقت الراهن لم نعتقل أيا منهم». ويتعين على أجهزة الأمن السيطرة على منطقة وعرة المسالك تبلغ مساحتها نحو مئة كيلومتر مربع، من بينها ستون كيلومتراً مربعاً من الغابات. وافاد احد افراد الامن الذي بترت ساقه اثناء المواجهات، في تصريح لاذاعة «موزاييك إف إم»، بأنّ المسلحين منظمون ومدربون جيداً، حيث أسسوا في جبل الشعانبي «ما يشبه القرية الصغيرة». وفي هذا الاطار كشفت جهات امنية وعسكرية انها عثرت على «خزانات للماء تحت الأرض ومخازن للسلاح والذخيرة والغذاء، ومتفجرات وألغام وقنابل يدوية وخرائط ووثائق فيها بيانات حول كيفية صنع الالغام الارضية»، بالإضافة إلى «هواتف خلوية فيها ارقام هواتف من خارج تونس»، ما يؤّكد أن المسلحين كانوا بصدد تحويل المنطقة الى ساحة للتدريب العسكري، وتكوين كتائب مقاتلة تابعة لتنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي». يذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تحاول مجموعات جهادية مسلحة اقامة معسكرات تدريب في تونس، ففي 21 كانون الاول العام 2012 اعلن رئيس الوزراء الحالي علي العريض، وكان وقتها وزيراً للداخلية، أن مجموعة أطلقت على نفسها اسم «كتيبة عقبة بن نافع» (تابعة لتنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي»)، سعت لاقامة «معسكر» في جبال القصرين القريبة من الحدود الجزائرية. وقال العريض حينها ان غالبية عناصر المجموعة من ولاية القصرين، وانه «يشرف على تدريبهم ثلاثة جزائريين لهم علاقة مع امير تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي عبد المصعب عبد الودود». وفي العاشر من كانون الاول الماضي 2012 قتلت المجموعة الجهادية المسلحة عنصرا في جهاز الحرس الوطني في قرية درناية في معتمدية فريانة الجبلية في ولاية القصرين. وانتقلت المجموعة اثر ذلك لتتحصن في جبل الشعانبي بحسب ما أعلنت السلطات. من جانب آخر، أقر العرّيض بوجود نقص في بعض التجهيزات لكنه وعد بتدارك الامر. واشتكى عناصر أمن من عدم توفير المعدات اللازمة لحمايتهم خلال عملهم في أماكن خطرة، مثل كاشفات الالغام التي لا تتوفر إلا عند الجيش، والمروحيات لنقل الجرحى سريعا الى المستشفيات. وتظاهر ما بين 300 الى 400 من عناصر الأمن، صباح أمس، أمام الجمعية الوطنية التأسيسية مطالبين بوسائل افضل. ورددوا هتافات من بينها «اصح ايها المواطن... الارهاب غمر البلاد».

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة