دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
تقديرات متباينة تشهدها أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، بشأن الموقف من الصراع الدائر في سورية، بين من يرى أن المصلحة الأمنية الاسرائيلية تتمثل بدعم مساعي إسقاط نظام بشار الأسد، على خلفية ان ذلك يضعف محور المقاومة وايران، وآخر يدعو الى الرهان على استمرار استنزاف طرفي الصراع، سواء الجيش النظامي، أو قوى المعارضة المسلحة.
هذا ما لفتت إليه صحيفة «معاريف»، مشيرة إلى أن أحد أجهزة الاستخبارات الاسرائيلية يدعو الى التركيز على البرنامج النووي الايراني. وانطلاقاً من هذه الرؤية، يرى هؤلاء أن إسقاط نظام الأسد سيوجه ضربة قاصمة الى محور ايران ــ سورية وحزب الله. ويؤكدون أن «انهيار نظام الأسد» سيؤدي الى إزالة التهديد الذي يشكله الجيش السوري على اسرائيل، فضلاً عن انه سيُضعف حزب الله ويُفقد إيران القدرة على الرد في حال مهاجمة إسرائيل لها.
في المقابل، يدعو جهاز استخباري آخر إلى ضرورة تحويل الأنظار أكثر نحو الحدود بين سورية وإسرائيل، وبنسبة أقل باتجاه التهديد الاستراتيجي الإيراني.
الرؤية التي ينطلق منها أنصار هذا الموقف هي أن إطاحة الأسد ستؤدي الى حصول فوضى وتفكيك السلطة المركزية، وبالتالي الى تمركز منظمات المعارضة المسلحة على الحدود مع اسرائيل وامكانية توجيه نشاطها في مرحلة معينة باتجاه تنفيذ عمليات ضد أهداف اسرائيلية.
وانطلاقاً من هذه المخاوف، يدعو هذا الجهاز الى اتاحة المجال أمام طرفي الصراع لمواصلة استنزاف بعضهما لمدة طويلة.
ويرتكز هؤلاء على أن المعركة بين الجيش السوري والمعارضة أدت الى تراجع التهديدات التي كان يُشكّلها الجيش السوري على اسرائيل، فضلاً عن أن المنظمات الاسلامية المتطرفة التي تقاتل الأسد مشغولة بالقتال مع الجيش السوري، وانه ما دامت المعارضة أيضاً مشغولة بالقتال، فإن الحدود بين اسرائيل وسورية ستبقى هادئة.
وبالرغم من ان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يتبنى أولوية مواجهة التهديد النووي الإيراني، مع ما يفترضه ذلك من مواقف وخيارات من ضمنها أن إسقاط الرئيس الأسد يساهم في إضعاف الموقف الإيراني، رأت «معاريف» أن «موقف رئيس الوزراء نتنياهو غير واضح» بسبب خشيته من تداعيات تسليح المعارضة من قبل الغرب، في اشارة الى مخاوفه من وجهة استخدام هذه الأسلحة في مرحلة لاحقة.
وأكدت «معاريف» أن هذا الأمر يدفع الى ضرورة التأكد من أن «المجموعات المسلحة» تتعاون مع الغرب في التوصل الى حل سياسي. وخلصت الصحيفة أيضاً أنه في ضوء ذلك ليس من الواضح ما إن كان نتنياهو يؤيد التدخل العسكري الذي قد يؤدي الى اندلاع حرب اقليمية على الحدود الشمالية وتحويل الأنظار عن البرنامج النووي الايراني.
في هذه الأجواء، عقد المجلس الوزاري المُصغّر أول جلسة منذ تشكيل الحكومة الجديدة، لبحث الوضع في سورية، وفي رد اسرائيل على التطورات، بعد جلسات عديدة عقدها سابقاً تناولت في معظمها، إن لم يكن في جميعها، عرض التقارير الاستخبارية بهدف تعميق معرفة الوزراء الذين يفتقدون الى التجربة والمعرفة السياسية والأمنية مثل نفتالي بينيت ويائير لابيد وغلعاد اردان.
ونقل معلق الشؤون الأمنية في صحيفة «هآرتس»، باراك رابيد، عن مسؤول رفيع قوله، إن جل ما تناولته جلسة المجلس الوزاري، تمحور حول السياسة الواجب اتباعها في مواجهة الأحداث في سوريا، والتي تراوح بين خيارين: إما بلورة سياسة جديدة، أو تأكيد السياسة التي قررتها الحكومة السابقة.
ورجّح رابيد ان يكون أحد المواضيع التي بُحثت، هو الخطوط الحمراء الاسرائيلية في ما يتعلق بنقل أسلحة كيميائية أو وسائل قتالية متطورة من سورية الى حزب الله، اضافة الى الموقف من الجماعات المختلفة في المعارضة السورية، ومسألة تسليحها، وعن اليوم التالي لسقوط حكم الأسد وأمور أخرى.
ولفت رابيد أيضاً الى ان الجلسة عُقِدت بعد بضعة أيام من التوتر الذي أعقب اسقاط الطائرة من دون طيار في مقابل شواطئ حيفا، في الوقت الذي تتناقل فيه التقارير الإعلامية الاسرائيلية توجيه التهمة الى الحرس الثوري الايراني بأنه هو من أطلقها من لبنان.
في سياق متصل، عبّر الرئيس السابق للموساد، مئير دغان، عن موقف يتقاطع فيه مع النظرة الاستخبارية التي تدعو الى المحافظة على حالة الاستنزاف في سورية، مشيراً في مؤتمر «جيروزاليم بوست» في نيويورك، الى أن سورية في ضوء ما تواجهه على الساحة الداخلية لا تشكل تهديداً أمنياً على اسرائيل.
ورأى دغان أنهم الآن «مشغولون بمشاكل داخلية»، وبالتالي لا يلوح اي تهديد فوري على اسرائيل.
إلى ذلك، قال مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى، إن هناك أدلة قاطعة على استخدام الجيش السوري أسلحة كيميائية ضد قوات المعارضة.
وأوضح المصدر، الذي نقلت وسائل إعلام إسرائيلية تصريحاته أمس وبقيت هويته مجهولة، أن الحديث ليس عن تقديرات استخبارية، بل عن أدلة، وهي معروفة لجميع وكالات الاستخبارات في العالم.
وأضاف أن خطر انتقال الأسلحة الكيميائية والتقليدية من سوريا الى حزب الله وغيره من «التنظيمات الإرهابية» لا يزال يُشكّل مصدر قلق رئيسياً بالنسبة إلى إسرائيل. ورأى المصدر أن الحرب في سورية قد تستمر سنوات نتيجة تعقيدات الوضع هناك.
ومن ناحية أخرى، نفى المصدر السياسي التقارير الصحافية التي تحدثت عن غارة جوية اسرائيلية استهدفت مقر قيادة الوحدة المسؤولة عن الأسلحة الكيميائية في دمشق.
من جهته، نفى وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، يوفال شتاينتس، أن تكون إسرائيل تدفع الولايات المتحدة إلى مهاجمة سورية، مشيراً إلى أن تل أبيب لا تربط بين الوضع السوري والقضية النووية الإيرانية. وقال، شتاينتس في كلمة خلال المؤتمر السنوي لصحيفة «جيروزالم بوست» في نيويورك: «نحن لا نقارن ولا نساوي، فهذان موضوعان مختلفان كلياً»، مشدداً في الوقت نفسه على أن إسرائيل ستفعل «كل شيء كي نمنع نقل السلاح الكيميائي إلى المنظمات الإرهابية، ولكننا لم نطلب من الولايات المتحدة العمل. هذا قرارها، وكل زعم آخر ليس صحيحاً».
المصدر :
الأخبار /علي حيدر
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة