أثارت الحملة الأميركية ـ الغربية نهاية الأسبوع المنصرم حول مزاعم استخدام القوات السورية للسلاح الكيماوي، الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام حول حملة التحريض الواسعة التي لجأ إليها "المايسترو" الغربي دفعة واحدة ومن دون مقدمات أو وجود أي معطيات جدية أو حتى جديدة لهذا الملف تستدعي القيام بذلك، بعد أيام قليلة من اللقاء الذي عقد بين وزيري خارجية روسيا وأميركا سيرغي لافروف وجون كيري في بروكسل، وإعادة التأكيد على الحلّ السياسي في سورية.

ومردّ ذلك إلى التساؤلات التي طُرحت في الأروقة السياسية والدبلوماسية عما إذا كانت واشنطن وحلفاؤها يحضرون لعدوان عسكري ضد سورية أم أن المقصود من هذه الحملة أهداف أخرى، ولو أخذت أشكالاً مختلفة منها التهويل بعملية عسكرية ضد سورية على خلفية مزاعم غير صحيحة على غرار الغزو الأميركي ـ الغربي للعراق.

في المعطيات الدبلوماسية التي عاد بها زوار بعض العواصم الغربية نهاية الأسبوع أن هذه الحملة تستهدف تحقيق أكثر من مسألة بعد أن شعرت واشنطن وحلفاؤها بأن مسار سياستهم في سورية نحو الهزيمة، ولذلك يقول هؤلاء الزوار إن وراء هذه الحملة ثلاثة أهداف رئيسية:

ـ الهدف الأول: رفع معنويات العصابات المسلحة بعد الإنجازات الاستراتيجية التي استطاع الجيش السوري تحقيقها في الأسابيع الثلاثة الأخيرة في مناطق مختلفة من سورية، وبالأخص في ريف دمشق وحمص ـ المدينة وريفها وبخاصة القصير. وفي أرياف ادلب وحلب وصولاً إلى مناطق قريبة من الحدود التركية والأردنية. على الرغم من وصول أعداد كبيرة من المسلحين في الفترة الأخيرة إلى سورية عبر تركيا والأردن، وكذلك كميات كبيرة من السلاح بما في ذلك أسلحة متطورة وثقيلة.

وتشير المعلومات الدبلوماسية إلى أن واشنطن ومعها حلفاءها الغربيين أدركوا أن استمرار تحوّل الميزان العسكري على الأرض بهذه السرعة سيؤدي حكماً إلى انهيار كامل للعصابات المسلحة خاصة المجموعات التي يسميها الغرب "معتدلة" أي تلك التي لا تنضوي تحت لواء القاعدة و"جبهة النصرة"، بل إن هذه الإنجازات الميدانية أسقطت ما كانت تعدّ له واشنطن وحلفاؤها من معركة حاسمة لإسقاط دمشق أو على الأقل نقل المعركة مع النظام إلى داخل العاصمة، فمعركة دمشق التي يتحدّث عنها الغرب ومعه أدواته في "ائتلاف الدوحة" والعصابات المسلحة أصبحت من دون أفق بعد الطوق الذي فرضه الجيش السوري على الغوطة الشرقية وصولاً إلى العتيبة ودوما، وقطع طرق الإمدادات لهم عبر حمص والأردن.

ـ الهدف الثاني: محاولة تجميع العناصر المسلحة في بعض المناطق بالتزامن مع إدخال المزيد من المسلحين والسلاح، في رهان جديد على تحقيق المسلحين لإنجاز ميداني قبل قمة بوتين ـ أوباما نهاية حزيران، في وقت تمرّ حكومة رجب طيب أردوغان بمأزق كبير ليس فقط نتيجة المعارضة الداخلية الواسعة  لدعمها للمجموعات المسلحة المتطرّفة، بل إن حكومة أردوغان بدأت تشعر بالقلق على أمنها جراء دخول الجماعات المتطرفة المنتمية إلى تنظيم القاعدة إلى أراضيها تمهيداً للدخول إلى سورية، وهي لذلك لجأت أخيراً إلى القيام بعمليات مراقبة وتفتيش لإمكان وجود هذه المجموعات داخل الأراضي التركية خصوصاً أن معظم هذه المجموعات تنتمي إلى "جبهة النصرة".

ـ الهدف الثالث: محاولة ابتزاز الموقف الروسي بعد أن تمكنت موسكو من فرض تنازلات أساسية على واشنطن والغرب حيال الأزمة السورية. من خلال اعتراف هؤلاء بأن لا خيار غير الحل السياسي لهذه الأزمة، على الرغم من محاولة إطالة الأزمة سعياً إلى إيجاد توازن على الأرض بين الجيش السوري والعصابات المسلحة.

من كل ذلك يؤكد زوار بعض العواصم الغربية أن هذه الحملة الأميركية ـ الغربية من بوابة السلاح الكيماوي، تندرج في سياق المناورات التي يلجأ إليها الحلف المعادي لسورية، لخلق موازين مناقضة لها قائم على الأرض في سورية اليوم.

انطلاقاً من هذه المعطيات يشير هؤلاء الزوار إلى أن ما يعلنه الأميركي عبر تصريحات المسؤولين، مختلف عما تقوله الدبلوماسية الأميركية في الاجتماعات المغلقة وبالأخص خلال الاجتماعات مع الجانب الروسي حيث تعترف صراحة، أن الحلّ العسكري سقط مباشرة أو عبر المجموعات المسلحة على الرغم من وجود تيار داخل الخارجية الأميركية يحاول عرقلة الحل السياسي، بالتناغم مع فرنسا وقطر وتيار بندر بن سلطان وسعود الفيصل في السعودية.

لذلك يقول هؤلاء إن الغرب بات مقتنعاً باستحالة إسقاط النظام في سورية. لكن معركته الآن على آليات الحل السياسي التي يريدها مختلفة عن الرؤية الروسية خصوصاً في ما يتعلق بموقع الرئيس بشار الأسد في المرحلة المقبلة، وهذا يجعل الوضع في سورية مفتوحاً على مزيد من العنف والدمار من جانب العصابات المسلحة وداعميها في العالم.

  • فريق ماسة
  • 2013-04-29
  • 8114
  • من الأرشيف

ثلاثة أهداف من وراء الحملة الأميركية ـ الغربية حول مزاعم استخدام الكيماوي: رفع معنويات المسلّحين ومحاولة فرض موازين جديدة

أثارت الحملة الأميركية ـ الغربية نهاية الأسبوع المنصرم حول مزاعم استخدام القوات السورية للسلاح الكيماوي، الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام حول حملة التحريض الواسعة التي لجأ إليها "المايسترو" الغربي دفعة واحدة ومن دون مقدمات أو وجود أي معطيات جدية أو حتى جديدة لهذا الملف تستدعي القيام بذلك، بعد أيام قليلة من اللقاء الذي عقد بين وزيري خارجية روسيا وأميركا سيرغي لافروف وجون كيري في بروكسل، وإعادة التأكيد على الحلّ السياسي في سورية. ومردّ ذلك إلى التساؤلات التي طُرحت في الأروقة السياسية والدبلوماسية عما إذا كانت واشنطن وحلفاؤها يحضرون لعدوان عسكري ضد سورية أم أن المقصود من هذه الحملة أهداف أخرى، ولو أخذت أشكالاً مختلفة منها التهويل بعملية عسكرية ضد سورية على خلفية مزاعم غير صحيحة على غرار الغزو الأميركي ـ الغربي للعراق. في المعطيات الدبلوماسية التي عاد بها زوار بعض العواصم الغربية نهاية الأسبوع أن هذه الحملة تستهدف تحقيق أكثر من مسألة بعد أن شعرت واشنطن وحلفاؤها بأن مسار سياستهم في سورية نحو الهزيمة، ولذلك يقول هؤلاء الزوار إن وراء هذه الحملة ثلاثة أهداف رئيسية: ـ الهدف الأول: رفع معنويات العصابات المسلحة بعد الإنجازات الاستراتيجية التي استطاع الجيش السوري تحقيقها في الأسابيع الثلاثة الأخيرة في مناطق مختلفة من سورية، وبالأخص في ريف دمشق وحمص ـ المدينة وريفها وبخاصة القصير. وفي أرياف ادلب وحلب وصولاً إلى مناطق قريبة من الحدود التركية والأردنية. على الرغم من وصول أعداد كبيرة من المسلحين في الفترة الأخيرة إلى سورية عبر تركيا والأردن، وكذلك كميات كبيرة من السلاح بما في ذلك أسلحة متطورة وثقيلة. وتشير المعلومات الدبلوماسية إلى أن واشنطن ومعها حلفاءها الغربيين أدركوا أن استمرار تحوّل الميزان العسكري على الأرض بهذه السرعة سيؤدي حكماً إلى انهيار كامل للعصابات المسلحة خاصة المجموعات التي يسميها الغرب "معتدلة" أي تلك التي لا تنضوي تحت لواء القاعدة و"جبهة النصرة"، بل إن هذه الإنجازات الميدانية أسقطت ما كانت تعدّ له واشنطن وحلفاؤها من معركة حاسمة لإسقاط دمشق أو على الأقل نقل المعركة مع النظام إلى داخل العاصمة، فمعركة دمشق التي يتحدّث عنها الغرب ومعه أدواته في "ائتلاف الدوحة" والعصابات المسلحة أصبحت من دون أفق بعد الطوق الذي فرضه الجيش السوري على الغوطة الشرقية وصولاً إلى العتيبة ودوما، وقطع طرق الإمدادات لهم عبر حمص والأردن. ـ الهدف الثاني: محاولة تجميع العناصر المسلحة في بعض المناطق بالتزامن مع إدخال المزيد من المسلحين والسلاح، في رهان جديد على تحقيق المسلحين لإنجاز ميداني قبل قمة بوتين ـ أوباما نهاية حزيران، في وقت تمرّ حكومة رجب طيب أردوغان بمأزق كبير ليس فقط نتيجة المعارضة الداخلية الواسعة  لدعمها للمجموعات المسلحة المتطرّفة، بل إن حكومة أردوغان بدأت تشعر بالقلق على أمنها جراء دخول الجماعات المتطرفة المنتمية إلى تنظيم القاعدة إلى أراضيها تمهيداً للدخول إلى سورية، وهي لذلك لجأت أخيراً إلى القيام بعمليات مراقبة وتفتيش لإمكان وجود هذه المجموعات داخل الأراضي التركية خصوصاً أن معظم هذه المجموعات تنتمي إلى "جبهة النصرة". ـ الهدف الثالث: محاولة ابتزاز الموقف الروسي بعد أن تمكنت موسكو من فرض تنازلات أساسية على واشنطن والغرب حيال الأزمة السورية. من خلال اعتراف هؤلاء بأن لا خيار غير الحل السياسي لهذه الأزمة، على الرغم من محاولة إطالة الأزمة سعياً إلى إيجاد توازن على الأرض بين الجيش السوري والعصابات المسلحة. من كل ذلك يؤكد زوار بعض العواصم الغربية أن هذه الحملة الأميركية ـ الغربية من بوابة السلاح الكيماوي، تندرج في سياق المناورات التي يلجأ إليها الحلف المعادي لسورية، لخلق موازين مناقضة لها قائم على الأرض في سورية اليوم. انطلاقاً من هذه المعطيات يشير هؤلاء الزوار إلى أن ما يعلنه الأميركي عبر تصريحات المسؤولين، مختلف عما تقوله الدبلوماسية الأميركية في الاجتماعات المغلقة وبالأخص خلال الاجتماعات مع الجانب الروسي حيث تعترف صراحة، أن الحلّ العسكري سقط مباشرة أو عبر المجموعات المسلحة على الرغم من وجود تيار داخل الخارجية الأميركية يحاول عرقلة الحل السياسي، بالتناغم مع فرنسا وقطر وتيار بندر بن سلطان وسعود الفيصل في السعودية. لذلك يقول هؤلاء إن الغرب بات مقتنعاً باستحالة إسقاط النظام في سورية. لكن معركته الآن على آليات الحل السياسي التي يريدها مختلفة عن الرؤية الروسية خصوصاً في ما يتعلق بموقع الرئيس بشار الأسد في المرحلة المقبلة، وهذا يجعل الوضع في سورية مفتوحاً على مزيد من العنف والدمار من جانب العصابات المسلحة وداعميها في العالم.

المصدر : البناء/ حسن سلامة


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة