ما بدا واضحاً منذ بداية الازمة السورية الى الان وما مرت به من تعقيدات وتشعبات أنه بات من الصعب جدا ايجاد طريق سالك لحل سياسي من دون أن يثبت أحد أطراف الصراع – إن كان من جهة الدولة السورية..

 وما تمثله من ضمانة لبقاء الوطن كما نعرفه أم من جهة المسلحين المدعومين خارجيا لاقامة ما يشبه (الخلافة الاسلامية) بحسب اعتقادهم على الاقل – سيطرته وتقدمه بشكل كبير وواسع ميدانيا بحيث يكون الطرف الاخر منهكاً وغير قادر على النهوض وإعادة السيطرة من جديد على أرض المعركة.

روسياً وأميركياً الصراع المستمر على سورية لا يفيد الا اذا ترافق بمكاسب للطرفين والتي لم يُحصد منها شيء يذكر حتى الآن، لذلك فإنّ الحل السياسي فرض وواجب على الطرفين ولكن متى؟

يبدو أن طرفي الصراع (أميركا – روسيا) الذين كانا مجهولين أو مغيبين في نظر البعض مع بداية الازمة ربما لاسباب بسيطة وهي لضعف الرؤيا أو (الهبل) السياسي والاستراتيجي، أو لاسباب واقعية وهي التحالف المباشر للاطراف المتصارعة على الارض السورية مع الدولتين الكبيرتين، فالدعم الاميركي (للثوار) لم يكن خافيا على أحد منذ بداية التحركات (المشبوهة) إن كان سياسيا أم عسكريا خجولا في البداية ولم يأخذ وقتا طويلا حتى تحول إلى وقح مباشر (في خدمة الحرية و الديمقراطية) أما روسياً، فموسكو تشكل حليفا تاريخيا لسورية ولم تتوانَ لحظة عن دعم هذا الحليف الاستراتيجي بالنسبة لها رغم صغره (سورية).

و لكن ما بدأ يظهر بوضوح اكثر خاصة بعد انجلاء الغبار الكثيف الذي سببته التصريحات المتبادلة بين القوى العظمى ومدة الازمة الطويلة التي تمر بها سورية والوقت الذي ترك لكثير من المراقبين التمعن ومراقبة تطور الاحداث، شبه تواطؤ روسي – أميركي لإنهاك سورية وإضعافها لانه ليس من مصلحة أيّ منهما إنهاء صراع ما بشكل كامل لأن ذلك يؤثر سلباً على سيطرتهما وإمساكهما بزمام الامور في منطقة ما، فليس من مصلحة أميركا أن تسيطر المجموعات المتطرّفة على الساحة السورية بشكل كامل وهذا ما ظهر واضحاً خاصةً بعد اعلان جبهة النصرة مبايعتها للقاعدة علناً ما قد يؤدي الى دحض مزاعم أميركا حول محاربتها اللتطرف ودعمها الشعب السوري من أجل الحصول على حريته ونظامه الديمقراطي، وقد كانت تفجيرات بوسطن محركا فعالا للراي العام الاميركي وذكرته بخطورة الارهاب وانتقاله، وقد كانت تحذيرات الرئيس الاسد في مقابلته الاخيرة خير دليل على ذلك.

من جهة أخرى شكلت الازمة السورية بوابة لروسيا لاستعادة دورها ومكانتها كلاعب دولي مؤثر في العالم وفتحت لها أبواباً جديدة لفرض رأيها وتوجهاتها من خلال استغلال هذه الازمة كان آخرها زيارة الرئيس المصري محمد مرسي إلى موسكو منذ يومين ودعوته إلى حلف استراتيجي، رغم الحلف التاريخي المصري – الاميركي، كل ذلك يدفع موسكو إلى استمرار دعم الرئيس الاسد والدولة السورية ويدفع أميركا إلى استمرار دعم المجموعات المسلحة التي تحارب الدولة في سورية ولكن بحدود، فلا يجوز لاحد الاطراف الانتصار على الاخر وفرض شروطه من موقع القوة لأن ذلك يعرقل حلّاً سياسياً يصب في مصلحة واشنطن وموسكو واقتسام الارباح.

لذلك يرى بعض المتابعين للشأن السوري أن تقدم الجيش الاستراتيجي الذي حققه في الاسبوعين الماضيين كان ضربة قوية للاطراف الدولية كلها وبأن القيادة السورية قد أخذت المبادرة منفردة من دون التشاور مع الروس لذلك كان لابد من إعادة التوازن الى ساحة القتال فكان ما يسمى (مؤتمر أصدقاء سورية) مفتاح لإعادة هذا التوازن من خلال الاعلان الاميركي عن تقديم مساعدات (غير قاتلة) بقيمة 123 مليون دولار (للمعارضة السورية) من دروع و عربات مصفحة..الخ .

وقد أعقب المؤتمر اتصال هاتفي بين جون كيري وسيرغي لافروف من دون صدور تعليق الى الان عن نتائج المؤتمر وما صدر عنه من قبل موسكو واللافت تقديم معاذ الخطيب استقالته للمرة الثانية في انتظار التراجع عنها كما حدث سابقا لان موعده لم يحن بعد بحسب محللين.

وقد رأى البعض أن تحرك القيادة السورية منفردة من دون التشاور مع حلفائها أمر غير واقعي وتحليل غير منطقي في المدى المنظور لكن أكدوا أن الجيش السوري وسيطرته على عدد كبير من المناطق الحساسة والاستراتيجية وتقدمه السريع قد سرّع من موعد الاتفاق على حل سياسي واختصر الكثير من الوقت والضحايا ولم يبق على الافرقاء الدوليين الا تحديد التاريخ ولكن بشروط سورية.

  • فريق ماسة
  • 2013-04-21
  • 8827
  • من الأرشيف

لا روسي ولا أميركي .. الحلّ سوري وبس

ما بدا واضحاً منذ بداية الازمة السورية الى الان وما مرت به من تعقيدات وتشعبات أنه بات من الصعب جدا ايجاد طريق سالك لحل سياسي من دون أن يثبت أحد أطراف الصراع – إن كان من جهة الدولة السورية..  وما تمثله من ضمانة لبقاء الوطن كما نعرفه أم من جهة المسلحين المدعومين خارجيا لاقامة ما يشبه (الخلافة الاسلامية) بحسب اعتقادهم على الاقل – سيطرته وتقدمه بشكل كبير وواسع ميدانيا بحيث يكون الطرف الاخر منهكاً وغير قادر على النهوض وإعادة السيطرة من جديد على أرض المعركة. روسياً وأميركياً الصراع المستمر على سورية لا يفيد الا اذا ترافق بمكاسب للطرفين والتي لم يُحصد منها شيء يذكر حتى الآن، لذلك فإنّ الحل السياسي فرض وواجب على الطرفين ولكن متى؟ يبدو أن طرفي الصراع (أميركا – روسيا) الذين كانا مجهولين أو مغيبين في نظر البعض مع بداية الازمة ربما لاسباب بسيطة وهي لضعف الرؤيا أو (الهبل) السياسي والاستراتيجي، أو لاسباب واقعية وهي التحالف المباشر للاطراف المتصارعة على الارض السورية مع الدولتين الكبيرتين، فالدعم الاميركي (للثوار) لم يكن خافيا على أحد منذ بداية التحركات (المشبوهة) إن كان سياسيا أم عسكريا خجولا في البداية ولم يأخذ وقتا طويلا حتى تحول إلى وقح مباشر (في خدمة الحرية و الديمقراطية) أما روسياً، فموسكو تشكل حليفا تاريخيا لسورية ولم تتوانَ لحظة عن دعم هذا الحليف الاستراتيجي بالنسبة لها رغم صغره (سورية). و لكن ما بدأ يظهر بوضوح اكثر خاصة بعد انجلاء الغبار الكثيف الذي سببته التصريحات المتبادلة بين القوى العظمى ومدة الازمة الطويلة التي تمر بها سورية والوقت الذي ترك لكثير من المراقبين التمعن ومراقبة تطور الاحداث، شبه تواطؤ روسي – أميركي لإنهاك سورية وإضعافها لانه ليس من مصلحة أيّ منهما إنهاء صراع ما بشكل كامل لأن ذلك يؤثر سلباً على سيطرتهما وإمساكهما بزمام الامور في منطقة ما، فليس من مصلحة أميركا أن تسيطر المجموعات المتطرّفة على الساحة السورية بشكل كامل وهذا ما ظهر واضحاً خاصةً بعد اعلان جبهة النصرة مبايعتها للقاعدة علناً ما قد يؤدي الى دحض مزاعم أميركا حول محاربتها اللتطرف ودعمها الشعب السوري من أجل الحصول على حريته ونظامه الديمقراطي، وقد كانت تفجيرات بوسطن محركا فعالا للراي العام الاميركي وذكرته بخطورة الارهاب وانتقاله، وقد كانت تحذيرات الرئيس الاسد في مقابلته الاخيرة خير دليل على ذلك. من جهة أخرى شكلت الازمة السورية بوابة لروسيا لاستعادة دورها ومكانتها كلاعب دولي مؤثر في العالم وفتحت لها أبواباً جديدة لفرض رأيها وتوجهاتها من خلال استغلال هذه الازمة كان آخرها زيارة الرئيس المصري محمد مرسي إلى موسكو منذ يومين ودعوته إلى حلف استراتيجي، رغم الحلف التاريخي المصري – الاميركي، كل ذلك يدفع موسكو إلى استمرار دعم الرئيس الاسد والدولة السورية ويدفع أميركا إلى استمرار دعم المجموعات المسلحة التي تحارب الدولة في سورية ولكن بحدود، فلا يجوز لاحد الاطراف الانتصار على الاخر وفرض شروطه من موقع القوة لأن ذلك يعرقل حلّاً سياسياً يصب في مصلحة واشنطن وموسكو واقتسام الارباح. لذلك يرى بعض المتابعين للشأن السوري أن تقدم الجيش الاستراتيجي الذي حققه في الاسبوعين الماضيين كان ضربة قوية للاطراف الدولية كلها وبأن القيادة السورية قد أخذت المبادرة منفردة من دون التشاور مع الروس لذلك كان لابد من إعادة التوازن الى ساحة القتال فكان ما يسمى (مؤتمر أصدقاء سورية) مفتاح لإعادة هذا التوازن من خلال الاعلان الاميركي عن تقديم مساعدات (غير قاتلة) بقيمة 123 مليون دولار (للمعارضة السورية) من دروع و عربات مصفحة..الخ . وقد أعقب المؤتمر اتصال هاتفي بين جون كيري وسيرغي لافروف من دون صدور تعليق الى الان عن نتائج المؤتمر وما صدر عنه من قبل موسكو واللافت تقديم معاذ الخطيب استقالته للمرة الثانية في انتظار التراجع عنها كما حدث سابقا لان موعده لم يحن بعد بحسب محللين. وقد رأى البعض أن تحرك القيادة السورية منفردة من دون التشاور مع حلفائها أمر غير واقعي وتحليل غير منطقي في المدى المنظور لكن أكدوا أن الجيش السوري وسيطرته على عدد كبير من المناطق الحساسة والاستراتيجية وتقدمه السريع قد سرّع من موعد الاتفاق على حل سياسي واختصر الكثير من الوقت والضحايا ولم يبق على الافرقاء الدوليين الا تحديد التاريخ ولكن بشروط سورية.

المصدر : أحمد عبود\ البناء


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة