لم يُخفِ وزير الدفاع الأميركي الجديد تشاك هايغل قبل وصوله إلى مطار اللدّ، مفتتحاً جولته في المنطقة، هدف صفقة السلاح الجديدة مع إسرائيل، قائلاً إنها «رسالة واضحة لإيران». وتتسم زيارة هايغل لإسرائيل وتصريحاته فيها بأهمية كبيرة، نظراً للعداء الذي أبداه قادة اللوبي الصهيوني الأميركي والعراقيل التي وضعوها ضد تعيينه. ولذلك عدا الأسلحة المتطوّرة والمميزة، التي وعد بمنحها لإسرائيل، كان أول ما فعله التودّد لإسرائيل بافتتاحه جولته بزيارة متحف المحرقة النازية في القدس.

وفي حديثه مع المراسلين في طائرته، وفر هايغل الغطاء السياسي للدولة العبرية لفعل ما تريد بقوله «إذا شعرت إسرائيل بأن عليها الدفاع عن نفسها فإنها ستتخذ القرار المطلوب»، لكنه استدرك موضحاً أن هناك خلافات بين إدارته وإسرائيل بشأن الضربة العسكرية لإيران. وأكدت وزارة الدفاع الأميركية أن زيارة هايغل لإسرائيل هي استمرار لزيارة الرئيس باراك أوباما لها الشهر الماضي. ولم تخف المصادر الأميركية أن هدف الزيارة هو مناقشة الشأن النووي الإيراني، والوضع المتغير في سوريا.

ومعروف أن هايغل يبدأ بزيارته تل أبيب جولة في المنطقة يمرّ خلالها بالأردن والسعودية ومصر ودولة الإمارات العربية. وبرغم الإشارات إلى أنه سيبحث في هذه الدول مسائل سياسية إقليمية، إلا أن صفقات السلاح هي العنصر المركزي فيها. وبالإضافة إلى صفقة السلاح المتطورة لإسرائيل، سيبرم هايغل صفقة طائرات «إف 16» وملحقاتها مع كل من الإمارات العربية والسعودية.

وتتسم صفقة السلاح الأميركية الجديدة لإسرائيل بأهمية خاصة نظراً للظروف التي تتم فيها من ناحية، ولطبيعة الأسلحة التي تحتويها من ناحية ثانية. فإسرائيل، وفق معلقيها العسكريين، تدخل «عام الحسم» في الشأن الإيراني، والذي يعني ضربة عسكرية أم لا، منفردة أم لا. وليس مستبعداً أن يكون ما يعني إسرائيل في هذا الكلام هو منطق «امسكوني»، ومن بعدها سلة المساعدات الإرضائية الأميركية التي تطمئن الدولة العبرية إلى صلابة الدعم الأميركي لها. ولهذا فإن أساس زيارة هايغل، هو رزمة المساعدات الأميركية الخاصة.

وكانت «نيويورك تايمز» قد نشرت أن هايغل يحمل معه لإسرائيل عرضاً بمنحها أسلحة متطورة «تشتريها» بأموال المساعدات الأميركية. وأشير إلى أن من بين الأسلحة الجديدة طائرات «V-22»، وهي طائرات شحن ضخمة، لكنها تقلع وتهبط كالمروحيات، وهي بالغة الضرورة لقوات الكوماندوس التي تعمل في أماكن بعيدة. كذلك تحوي القائمة طائرات تزويد بالوقود في الجو من طراز «KC-135» الضرورية أيضاً لعمليات بعيدة المدى. وهناك أيضاً رادار متطور للطائرات من طراز «EASA»، فضلاً عن أسلحة لم يكشف عنها.

وبالإضافة إلى ذلك كله، هناك أنواع متطورة من القذائف والذخائر المعدة لمواجهة أنواع متطورة من الأسلحة، التي زودتها روسيا لدول عربية من بينها سوريا.

وهناك قناعة بأن أميركا التي تعاني حالياً من أزمة اقتصادية بحاجة إلى زيادة إنتاجها ومبيعاتها من السلاح لتحريك عجلة اقتصادها. بل أن هناك خبراء اقتصاديين دعوا أوباما إلى التخلي عن سياسة تجنب الحروب، واعتبار النزاعات الحربية وسيلة لترميم الوضع الاقتصادي. ومعروف أن صناعة الأسلحة - التي كثيراً ما كانت قاطرة اقتصادية - تخلق فرص عمل كثيرة، الأمر الذي يخفف من الأزمة القائمة. ومن الواضح أن محاولة إغراق إسرائيل بأسلحة متطورة يحقق أغراضاً عدة في الوقت ذاته. فمن ناحية يزيد «تفوق إسرائيل النوعي»، وارتباط إسرائيل بأميركا، كما يطمئنها إلى وجود ضامن لها يحول دون ارتجالها أي خطوات عسكرية ضارة. ومن ناحية أخرى، يضمن منح السلاح لإسرائيل إسكات اللوبي الصهيوني عن معارضة صفقات الأسلحة الجديدة مع الدول العربية الخليجية، والتي عدا أثمانها البالغة سبعة مليارات دولار توجّه رسالة قوية لإيران.

ولهذا السبب كتب المعلق العسكري لصحيفة «يديعوت» أليكس فيشمان أن توقيع هايغل ووزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون على صفقة السلاح الجديدة بقيمة ثلاثة مليارات دولار هو الفصل الختامي لمفاوضات مستمرة منذ أربعة شهور. وألمح إلى أن الصفقة نوع من التعويض على الصفقات الأميركية مع الدول الخليجية، وعلى قرار نشر بطاريات باتريوت أميركية في الأردن. وأشار إلى اعتراض إسرائيل على الصفقات مع الدول العربية، ولكن الأميركيين أوضحوا أن دوافعها ليست سياسية فقط وإنما اقتصادية أيضاً.

 

  • فريق ماسة
  • 2013-04-21
  • 10712
  • من الأرشيف

هايغل يسترضي إسرائيل: صفقة السلاح رسالة لإيران

لم يُخفِ وزير الدفاع الأميركي الجديد تشاك هايغل قبل وصوله إلى مطار اللدّ، مفتتحاً جولته في المنطقة، هدف صفقة السلاح الجديدة مع إسرائيل، قائلاً إنها «رسالة واضحة لإيران». وتتسم زيارة هايغل لإسرائيل وتصريحاته فيها بأهمية كبيرة، نظراً للعداء الذي أبداه قادة اللوبي الصهيوني الأميركي والعراقيل التي وضعوها ضد تعيينه. ولذلك عدا الأسلحة المتطوّرة والمميزة، التي وعد بمنحها لإسرائيل، كان أول ما فعله التودّد لإسرائيل بافتتاحه جولته بزيارة متحف المحرقة النازية في القدس. وفي حديثه مع المراسلين في طائرته، وفر هايغل الغطاء السياسي للدولة العبرية لفعل ما تريد بقوله «إذا شعرت إسرائيل بأن عليها الدفاع عن نفسها فإنها ستتخذ القرار المطلوب»، لكنه استدرك موضحاً أن هناك خلافات بين إدارته وإسرائيل بشأن الضربة العسكرية لإيران. وأكدت وزارة الدفاع الأميركية أن زيارة هايغل لإسرائيل هي استمرار لزيارة الرئيس باراك أوباما لها الشهر الماضي. ولم تخف المصادر الأميركية أن هدف الزيارة هو مناقشة الشأن النووي الإيراني، والوضع المتغير في سوريا. ومعروف أن هايغل يبدأ بزيارته تل أبيب جولة في المنطقة يمرّ خلالها بالأردن والسعودية ومصر ودولة الإمارات العربية. وبرغم الإشارات إلى أنه سيبحث في هذه الدول مسائل سياسية إقليمية، إلا أن صفقات السلاح هي العنصر المركزي فيها. وبالإضافة إلى صفقة السلاح المتطورة لإسرائيل، سيبرم هايغل صفقة طائرات «إف 16» وملحقاتها مع كل من الإمارات العربية والسعودية. وتتسم صفقة السلاح الأميركية الجديدة لإسرائيل بأهمية خاصة نظراً للظروف التي تتم فيها من ناحية، ولطبيعة الأسلحة التي تحتويها من ناحية ثانية. فإسرائيل، وفق معلقيها العسكريين، تدخل «عام الحسم» في الشأن الإيراني، والذي يعني ضربة عسكرية أم لا، منفردة أم لا. وليس مستبعداً أن يكون ما يعني إسرائيل في هذا الكلام هو منطق «امسكوني»، ومن بعدها سلة المساعدات الإرضائية الأميركية التي تطمئن الدولة العبرية إلى صلابة الدعم الأميركي لها. ولهذا فإن أساس زيارة هايغل، هو رزمة المساعدات الأميركية الخاصة. وكانت «نيويورك تايمز» قد نشرت أن هايغل يحمل معه لإسرائيل عرضاً بمنحها أسلحة متطورة «تشتريها» بأموال المساعدات الأميركية. وأشير إلى أن من بين الأسلحة الجديدة طائرات «V-22»، وهي طائرات شحن ضخمة، لكنها تقلع وتهبط كالمروحيات، وهي بالغة الضرورة لقوات الكوماندوس التي تعمل في أماكن بعيدة. كذلك تحوي القائمة طائرات تزويد بالوقود في الجو من طراز «KC-135» الضرورية أيضاً لعمليات بعيدة المدى. وهناك أيضاً رادار متطور للطائرات من طراز «EASA»، فضلاً عن أسلحة لم يكشف عنها. وبالإضافة إلى ذلك كله، هناك أنواع متطورة من القذائف والذخائر المعدة لمواجهة أنواع متطورة من الأسلحة، التي زودتها روسيا لدول عربية من بينها سوريا. وهناك قناعة بأن أميركا التي تعاني حالياً من أزمة اقتصادية بحاجة إلى زيادة إنتاجها ومبيعاتها من السلاح لتحريك عجلة اقتصادها. بل أن هناك خبراء اقتصاديين دعوا أوباما إلى التخلي عن سياسة تجنب الحروب، واعتبار النزاعات الحربية وسيلة لترميم الوضع الاقتصادي. ومعروف أن صناعة الأسلحة - التي كثيراً ما كانت قاطرة اقتصادية - تخلق فرص عمل كثيرة، الأمر الذي يخفف من الأزمة القائمة. ومن الواضح أن محاولة إغراق إسرائيل بأسلحة متطورة يحقق أغراضاً عدة في الوقت ذاته. فمن ناحية يزيد «تفوق إسرائيل النوعي»، وارتباط إسرائيل بأميركا، كما يطمئنها إلى وجود ضامن لها يحول دون ارتجالها أي خطوات عسكرية ضارة. ومن ناحية أخرى، يضمن منح السلاح لإسرائيل إسكات اللوبي الصهيوني عن معارضة صفقات الأسلحة الجديدة مع الدول العربية الخليجية، والتي عدا أثمانها البالغة سبعة مليارات دولار توجّه رسالة قوية لإيران. ولهذا السبب كتب المعلق العسكري لصحيفة «يديعوت» أليكس فيشمان أن توقيع هايغل ووزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون على صفقة السلاح الجديدة بقيمة ثلاثة مليارات دولار هو الفصل الختامي لمفاوضات مستمرة منذ أربعة شهور. وألمح إلى أن الصفقة نوع من التعويض على الصفقات الأميركية مع الدول الخليجية، وعلى قرار نشر بطاريات باتريوت أميركية في الأردن. وأشار إلى اعتراض إسرائيل على الصفقات مع الدول العربية، ولكن الأميركيين أوضحوا أن دوافعها ليست سياسية فقط وإنما اقتصادية أيضاً.  

المصدر : حلمي موسى


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة