اكتشافات مصادر الطاقة في "حوض المتوسط" سيدفع باتجاه تحولات استراتيجية في المنطقة، لعل أهمها عودة التحالف الوثيق بين تركيا وإسرائيل، وخسارة مصر لدورها ونفوذها في مياه المتوسط، وقد يكون باستطاعة لبنان تقليص التلاعب الخارجي بمستقبله.

إسرائيل بدأت استخراج النفط والغاز من اعماق مياه المتوسط عام 2009 في شهر آذار / مارس 2010، اصدرت "الهيئة الاميركية للمسح الجيولوجي،" التابعة لوزارة الداخلية، تقريرها حول "تقديرات مخزون موارد النفط والغاز غير المكتشفة في حوض المشرق من البحر المتوسط،" يفيد بأن حجم المخزون الممتد من اعلى السواحل السورية الى جنوب سواحل فلسطين المحتلة وغزة يقدر بنحو 122,000 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي في اعماق المياه، بل ان الحوض هو الأثرى في العالم بالغاز.

في مطلع عام 2011، اعلنت الشركة الاميركية "نوبل للطاقة" عن بدء اعمالها للتنقيب في مياه المتوسط ضمن حقل ضخم اطلق عليه "ليفياثان – 1" والذي تبلغ مساحته نحو 125 ميلا مربعا يمتد على طول شواطيء فلسطين المحتلة واللبنانية، الامر الذي دفع الكيان "الاسرائيلي" الى حث الخطى لترسيم الحدود البحرية مع قبرص اليونانية، والتعدي على السيادة المصرية في مياهها الاقليمية.

في شهر تموز/يوليو 2011، وقعت سورية وايران اتفاقية لنقل الغاز الايراني عبر العراق مفتتحة بذلك "فضاءً استراتيجيا – طاقويا،" بامكانه ضم لبنان، والتعامل مع الاسواق الاوروبية والعالمية المتعطشة للطاقة بعيدا، بل بمعزل، عن الهيمنة الاميركية.

جدير بالذكر ان لبنان وقع اتفاقية ترسيم حدوده البحرية مع قبرص عام 2007، مما اثار جدلا حول قانونيتها وجدواها ورفض البرلمان اللبناني المصادقة عليها للوقت الراهن. وليس مستهجنا ان تبرز السواحل الشرقية للمتوسط كساحة صراع جديدة واضافية في سياق ازمة الطاقة العالمية، وما تخلفه من تداعيات على مستقبل سورية ولبنان في البعد الاستراتيجي للصراع العربي الصهيوني، فضلا عن التهديد التركي بدخول الصراع على الموارد الطبيعية.

وسارع "الكيان الاسرائيلي" في 30 آذار/ مارس 2013 الى الاعلان عن بدء تدفق الغاز الطبيعي من حقل تمار الواقع في حوض المشرق (كما اطلق عليه علماء الجيولوجيا)، يتم ضخه آليا في الفترة الراهنة لتغذية احتياجات السوق المحلية. ومن المتوقع تطور انتاجه ليصبح صالحا للتصدير في غضون سنتين او ثلاثة، اذ ان مخططات "اسرائيل" بعيدة الامد تتطلع لتصدير الفائض من الانتاج الى اوروبا، عبر انابيب تمر في عمق البحر وتنتهي في ميناء جيهان التركي الذي طُورت بنيته التحتية لهذا الغرض بالذات.

يذكر ان "اسرائيل" بدأت استخراج النفط والغاز من اعماق مياه المتوسط عام 2009. وعليه، ينذر استخراج (اسرائيل) وتسويق الغاز من "حوض المشرق" بتغيير توازن القوى الجيوسياسية الراهنة، بل يزيد من تعقيداتها ويفتح آفاقا جديدة لاستمرار الصراع بين القوى المختلفة.

وفي هذا السياق ينبغي النظر الى تلهف "اسرائيل" لاعادة علاقاتها مع تركيا، مع العلم ان اعادة الاصطفاف المذكور لن يكون الاخير في هذا الصدد. كما من شأن ثروات "حوض المشرق" المكتشفة ان تسهم في تغيير التوازن النفطي في المنطقة، نظرا للوضع المتجدد لدول وكيانات كانت لفترة قريبة تفتقر للموارد النفطية، مما سيقحمها في السباق لتصدير مشتقات الهيدروكربون الى اوروبا نظرا لوضعها الجغرافي المثالي (لبنان و"اسرائيل").

كما دخلت مصر حلبة التنقيب عن النفط بالموافقة لشركة "توتال" الفرنسية عن التنقيب في منطقة مقابلة للمياه القبرصية، وهي التي تقوم باعمال التنقيب والحفر في بئر "تمار الاسرائيلي" في ذات الوقت، مما يطرح تساؤلات مشروعة حول نزاهة اعمالها في التنقيب والحفر وعوائده لكلا الطرفين. اما لبنان فقد اعلن موافقته مؤخرا لطرح عطاء للتنقيب في مياهه الاقليمية.

مخزونات هائلة في لبنان وسورية

تبلغ قيمة المخزون في الشواطئ اللبنانية حوالي 140 مليار دولار في هذا السياق ايضا، كانت العروض المغرية تنهال على سورية وقيادتها السياسية للفوز بموافقتها على تمرير خط انابيب الغاز القطري عبر اراضيها، ومن ثم تصديره لاوروبا بغية تحييد النفوذ الاقتصادي لروسيا وخفض اعتماد اوروبا عليها في مجال الطاقة. توقيت العروض المطروحة لسورية كان في النصف الثاني من العام 2010، قام بها مسؤولون اميركيون والرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي.

وحديثا، اشار وزير الخارجية الاميركية جون كيري لمحاولته اقناع الرئيس بشار الاسد "لتغيير مواقفه وتليين الوضع (القابل للانفجار) والسعي نحو الحل السياسي،" التي تتضمن موافقة سورية على عدة شروط درءا لتفجير مسمى "الربيع العربي".

أحد الشروط يتعلق بتمرير انابيب الغاز القطري و"تمرير خط انابيب ينقل المياه التركية من سد اتاتورك الى اسرائيل،" عبر اراضيها، وبالطبع فك ارتباط سورية بالمقاومة وايران وروسيا.

يذكر ان سد اتاتورك يحتجز خلفه مياه كانت تغذي نهر بردى في دمشق وغوطتها الخصبة. وعقب اعلان سورية مؤخرا عن اكتشافات مخزون النفط والغاز على طول شواطئها ومياهها الاقليمية، والتي كانت معروفة منذ عقدين من الزمن على الاقل، واكبه تصعيد غير مسبوق في عمليات التدمير المنهجي لمرافقها الحيوي تضمنت منابع ومصافي النفط. بل افصح احد الخبراء السوريين، عماد فوزي الشعيبي، ان اربعة آبار نفط من مجموع 14 حقل نفطي مكتشف يعادل انتاجها معدلات انتاج الكويت اليومي، اي 1.6 مليون برميل يوميا.

المخزون الاحتياطي الهائل في باطن الارض والسواحل اللبنانية اوجزه وزير الطاقة والمياه اللبناني، جبران باسيل، منذ بضعة اسابيع قائلا أن بإمكان احتياطيات مكمن واحد من الغاز عُثر عليها في مياه الساحل الجنوبي توفير احتياجات محطات الكهرباء اللبنانية طوال 99 سنة. دعّمه بيانات مسح جيولوجي قامت به شركة "سبيكتروم جيو" البريطانية التي افادت ان احتياطي لبنان من الغاز يضم 25,000 مليار قدم مكعب تقع في اعماق مياهه الاقليمية في الساحل الجنوبي تمتد مساحتها على ثلاثة آلاف كيلومتر مربع.

وتبلغ قيمة المخزون، إذا ما قيس بالاسعار الحالية، حوالي 140 مليار دولار، وهو رقم مرشّح للارتفاع، مع العلم بأنه يتخطى المخزون السوري بثلاث مرات.

صحيفة "التايمز" البريطانية نقلت حديثا عن خبراء في شؤون الطاقة يعربون عن اعتقادهم أن «احتياطيات الغاز» اللبناني هي أكثر بكثير من 25 تريليون قدم مكعب، و«للجميع اهتمام كبير بهذه الثروة في ذلك الموقع من العالم.»

اصطفاف واعادة تمحور الشركات المعولمة جارٍ على قدم وساق للفوز بنصيب الاسد من الثروة اللبنانية الكامنة. شركتان فرنسيتان، "جي دي اف سويس" و"توتال"، تطلبان ود "شركة ايران الوطنية لاستخراج النفط" للتعاون معا في عمليات التنقيب والاستخراج في المياه اللبنانية.

الشركة الاميركية العملاقة، "اكسون موبيل"، دفعها اغراء الثروة الى طلب التعاون مع احدى الشركات الروسية الكبرى لذات الغرض، سيما وان قاعدة بياناتها الداخلية تشير الى ان مخزون لبنان يبلغ ضعف حجم مخزون حقل "تمار" المكتشف في مياه فلسطين المحتلة.

روسيا هي المورد الاكبر للغاز الطبيعي لاوروبا دون منازع، وتحرص على ديمومة مكانتها في البعد الجيوسياسي. كما ان مصلحتها تتطلب الحد من تأثير ونفوذ تركيا في منطقة المشرق العربي. وفازت بتوقيع اتفاقية مع "اسرائيل" تخولها حقوقا حصرية لتطوير وتسييل الغاز الطبيعي، اتساقا مع طموحها لتحويل الغاز المسيل الى مادة روسية بامتياز لتصديرها للاسواق الاسيوية. مقابل ذلك، اعلنت روسيا انها على اتم الاستعداد للاستثمار في منشأة غاز مسيل عائمة في مياه المتوسط بكلفة تصل الى نحو 5 مليارات دولار، عبر شركتها العملاقة "غازبروم،" الموقعة على الاتفاقية وتنتظر الموافقة النهائية من الجانب الآخر. وبما ان المنشآت لتسييل الغاز تقع في مياه فلسطين المحتلة فانها تعتبر مصدر افضل أمناً للغاز من اي مشروع مشابه مرتبط بتركيا، من وجهة النظر الروسية.

من هذا المنظور يمكننا النظر الى تصالح تركيا و"اسرائيل،" كثمرة اولى للتداعيات الجيوسياسية في "حوض المشرق؛" كما بدأت تتجسد ايضا في نظرة "اسرائيل" نحو مصر نتيجة استكشاف هذه السلعة الثمينة. اذ برزت ازمة توريد الغاز الطبيعي "لاسرائيل" كمسألة تمس الأمن القومي منذ بضعة شعور بدأت مع تضاؤل توفر الغاز في الاسواق المحلية الى ادنى المستويات.

فمظاهرات "الربيع العربي" اطاحت بحسني مبارك الذي دأب على توفير نحو 40% من احتياجات "اسرائيل" للغاز. صعود الاخوان المسلمين للسلطة رافقه قلق من استمرار العمل بتوريد الغاز المصري، سيما وان الانبوب الناقل للغاز المصري تعرض لعدة هجمات اثرت على المحافظة على مستويات الضخ السابقة. الامر الذي ضاعف من خشية "اسرائيل" تعرضها لأزمة في موارد الطاقة، ومصير الثمن المدفوع الذي قد يذهب الى طرف معاد محتمل، كما يتردد. اكتشافات "حوض المشرق" خففت من حدة تلك المخاطر. حقول الغاز المكتشفة في المياه اللبنانية تقع ضمن مياهه الاقليمية وما يعتبره منطقته الاقتصادية حصرا، اذ تشير علامات حدود الابار المكتشفة الى امتدادها ضمن مياهه السيادية؛ الامر الذي صعد حدة التوتر العالية بالاصل مع "اسرائيل،" اذ يعتبر لبنان ان ما اطلق عليه حقل تمار هو امتداد للحقل الاصلي في المياه ا

  • فريق ماسة
  • 2013-04-14
  • 12808
  • من الأرشيف

هل تغير اكتشافات النفط والغاز في المتوسط الجغرافيا السياسية؟

اكتشافات مصادر الطاقة في "حوض المتوسط" سيدفع باتجاه تحولات استراتيجية في المنطقة، لعل أهمها عودة التحالف الوثيق بين تركيا وإسرائيل، وخسارة مصر لدورها ونفوذها في مياه المتوسط، وقد يكون باستطاعة لبنان تقليص التلاعب الخارجي بمستقبله. إسرائيل بدأت استخراج النفط والغاز من اعماق مياه المتوسط عام 2009 في شهر آذار / مارس 2010، اصدرت "الهيئة الاميركية للمسح الجيولوجي،" التابعة لوزارة الداخلية، تقريرها حول "تقديرات مخزون موارد النفط والغاز غير المكتشفة في حوض المشرق من البحر المتوسط،" يفيد بأن حجم المخزون الممتد من اعلى السواحل السورية الى جنوب سواحل فلسطين المحتلة وغزة يقدر بنحو 122,000 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي في اعماق المياه، بل ان الحوض هو الأثرى في العالم بالغاز. في مطلع عام 2011، اعلنت الشركة الاميركية "نوبل للطاقة" عن بدء اعمالها للتنقيب في مياه المتوسط ضمن حقل ضخم اطلق عليه "ليفياثان – 1" والذي تبلغ مساحته نحو 125 ميلا مربعا يمتد على طول شواطيء فلسطين المحتلة واللبنانية، الامر الذي دفع الكيان "الاسرائيلي" الى حث الخطى لترسيم الحدود البحرية مع قبرص اليونانية، والتعدي على السيادة المصرية في مياهها الاقليمية. في شهر تموز/يوليو 2011، وقعت سورية وايران اتفاقية لنقل الغاز الايراني عبر العراق مفتتحة بذلك "فضاءً استراتيجيا – طاقويا،" بامكانه ضم لبنان، والتعامل مع الاسواق الاوروبية والعالمية المتعطشة للطاقة بعيدا، بل بمعزل، عن الهيمنة الاميركية. جدير بالذكر ان لبنان وقع اتفاقية ترسيم حدوده البحرية مع قبرص عام 2007، مما اثار جدلا حول قانونيتها وجدواها ورفض البرلمان اللبناني المصادقة عليها للوقت الراهن. وليس مستهجنا ان تبرز السواحل الشرقية للمتوسط كساحة صراع جديدة واضافية في سياق ازمة الطاقة العالمية، وما تخلفه من تداعيات على مستقبل سورية ولبنان في البعد الاستراتيجي للصراع العربي الصهيوني، فضلا عن التهديد التركي بدخول الصراع على الموارد الطبيعية. وسارع "الكيان الاسرائيلي" في 30 آذار/ مارس 2013 الى الاعلان عن بدء تدفق الغاز الطبيعي من حقل تمار الواقع في حوض المشرق (كما اطلق عليه علماء الجيولوجيا)، يتم ضخه آليا في الفترة الراهنة لتغذية احتياجات السوق المحلية. ومن المتوقع تطور انتاجه ليصبح صالحا للتصدير في غضون سنتين او ثلاثة، اذ ان مخططات "اسرائيل" بعيدة الامد تتطلع لتصدير الفائض من الانتاج الى اوروبا، عبر انابيب تمر في عمق البحر وتنتهي في ميناء جيهان التركي الذي طُورت بنيته التحتية لهذا الغرض بالذات. يذكر ان "اسرائيل" بدأت استخراج النفط والغاز من اعماق مياه المتوسط عام 2009. وعليه، ينذر استخراج (اسرائيل) وتسويق الغاز من "حوض المشرق" بتغيير توازن القوى الجيوسياسية الراهنة، بل يزيد من تعقيداتها ويفتح آفاقا جديدة لاستمرار الصراع بين القوى المختلفة. وفي هذا السياق ينبغي النظر الى تلهف "اسرائيل" لاعادة علاقاتها مع تركيا، مع العلم ان اعادة الاصطفاف المذكور لن يكون الاخير في هذا الصدد. كما من شأن ثروات "حوض المشرق" المكتشفة ان تسهم في تغيير التوازن النفطي في المنطقة، نظرا للوضع المتجدد لدول وكيانات كانت لفترة قريبة تفتقر للموارد النفطية، مما سيقحمها في السباق لتصدير مشتقات الهيدروكربون الى اوروبا نظرا لوضعها الجغرافي المثالي (لبنان و"اسرائيل"). كما دخلت مصر حلبة التنقيب عن النفط بالموافقة لشركة "توتال" الفرنسية عن التنقيب في منطقة مقابلة للمياه القبرصية، وهي التي تقوم باعمال التنقيب والحفر في بئر "تمار الاسرائيلي" في ذات الوقت، مما يطرح تساؤلات مشروعة حول نزاهة اعمالها في التنقيب والحفر وعوائده لكلا الطرفين. اما لبنان فقد اعلن موافقته مؤخرا لطرح عطاء للتنقيب في مياهه الاقليمية. مخزونات هائلة في لبنان وسورية تبلغ قيمة المخزون في الشواطئ اللبنانية حوالي 140 مليار دولار في هذا السياق ايضا، كانت العروض المغرية تنهال على سورية وقيادتها السياسية للفوز بموافقتها على تمرير خط انابيب الغاز القطري عبر اراضيها، ومن ثم تصديره لاوروبا بغية تحييد النفوذ الاقتصادي لروسيا وخفض اعتماد اوروبا عليها في مجال الطاقة. توقيت العروض المطروحة لسورية كان في النصف الثاني من العام 2010، قام بها مسؤولون اميركيون والرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي. وحديثا، اشار وزير الخارجية الاميركية جون كيري لمحاولته اقناع الرئيس بشار الاسد "لتغيير مواقفه وتليين الوضع (القابل للانفجار) والسعي نحو الحل السياسي،" التي تتضمن موافقة سورية على عدة شروط درءا لتفجير مسمى "الربيع العربي". أحد الشروط يتعلق بتمرير انابيب الغاز القطري و"تمرير خط انابيب ينقل المياه التركية من سد اتاتورك الى اسرائيل،" عبر اراضيها، وبالطبع فك ارتباط سورية بالمقاومة وايران وروسيا. يذكر ان سد اتاتورك يحتجز خلفه مياه كانت تغذي نهر بردى في دمشق وغوطتها الخصبة. وعقب اعلان سورية مؤخرا عن اكتشافات مخزون النفط والغاز على طول شواطئها ومياهها الاقليمية، والتي كانت معروفة منذ عقدين من الزمن على الاقل، واكبه تصعيد غير مسبوق في عمليات التدمير المنهجي لمرافقها الحيوي تضمنت منابع ومصافي النفط. بل افصح احد الخبراء السوريين، عماد فوزي الشعيبي، ان اربعة آبار نفط من مجموع 14 حقل نفطي مكتشف يعادل انتاجها معدلات انتاج الكويت اليومي، اي 1.6 مليون برميل يوميا. المخزون الاحتياطي الهائل في باطن الارض والسواحل اللبنانية اوجزه وزير الطاقة والمياه اللبناني، جبران باسيل، منذ بضعة اسابيع قائلا أن بإمكان احتياطيات مكمن واحد من الغاز عُثر عليها في مياه الساحل الجنوبي توفير احتياجات محطات الكهرباء اللبنانية طوال 99 سنة. دعّمه بيانات مسح جيولوجي قامت به شركة "سبيكتروم جيو" البريطانية التي افادت ان احتياطي لبنان من الغاز يضم 25,000 مليار قدم مكعب تقع في اعماق مياهه الاقليمية في الساحل الجنوبي تمتد مساحتها على ثلاثة آلاف كيلومتر مربع. وتبلغ قيمة المخزون، إذا ما قيس بالاسعار الحالية، حوالي 140 مليار دولار، وهو رقم مرشّح للارتفاع، مع العلم بأنه يتخطى المخزون السوري بثلاث مرات. صحيفة "التايمز" البريطانية نقلت حديثا عن خبراء في شؤون الطاقة يعربون عن اعتقادهم أن «احتياطيات الغاز» اللبناني هي أكثر بكثير من 25 تريليون قدم مكعب، و«للجميع اهتمام كبير بهذه الثروة في ذلك الموقع من العالم.» اصطفاف واعادة تمحور الشركات المعولمة جارٍ على قدم وساق للفوز بنصيب الاسد من الثروة اللبنانية الكامنة. شركتان فرنسيتان، "جي دي اف سويس" و"توتال"، تطلبان ود "شركة ايران الوطنية لاستخراج النفط" للتعاون معا في عمليات التنقيب والاستخراج في المياه اللبنانية. الشركة الاميركية العملاقة، "اكسون موبيل"، دفعها اغراء الثروة الى طلب التعاون مع احدى الشركات الروسية الكبرى لذات الغرض، سيما وان قاعدة بياناتها الداخلية تشير الى ان مخزون لبنان يبلغ ضعف حجم مخزون حقل "تمار" المكتشف في مياه فلسطين المحتلة. روسيا هي المورد الاكبر للغاز الطبيعي لاوروبا دون منازع، وتحرص على ديمومة مكانتها في البعد الجيوسياسي. كما ان مصلحتها تتطلب الحد من تأثير ونفوذ تركيا في منطقة المشرق العربي. وفازت بتوقيع اتفاقية مع "اسرائيل" تخولها حقوقا حصرية لتطوير وتسييل الغاز الطبيعي، اتساقا مع طموحها لتحويل الغاز المسيل الى مادة روسية بامتياز لتصديرها للاسواق الاسيوية. مقابل ذلك، اعلنت روسيا انها على اتم الاستعداد للاستثمار في منشأة غاز مسيل عائمة في مياه المتوسط بكلفة تصل الى نحو 5 مليارات دولار، عبر شركتها العملاقة "غازبروم،" الموقعة على الاتفاقية وتنتظر الموافقة النهائية من الجانب الآخر. وبما ان المنشآت لتسييل الغاز تقع في مياه فلسطين المحتلة فانها تعتبر مصدر افضل أمناً للغاز من اي مشروع مشابه مرتبط بتركيا، من وجهة النظر الروسية. من هذا المنظور يمكننا النظر الى تصالح تركيا و"اسرائيل،" كثمرة اولى للتداعيات الجيوسياسية في "حوض المشرق؛" كما بدأت تتجسد ايضا في نظرة "اسرائيل" نحو مصر نتيجة استكشاف هذه السلعة الثمينة. اذ برزت ازمة توريد الغاز الطبيعي "لاسرائيل" كمسألة تمس الأمن القومي منذ بضعة شعور بدأت مع تضاؤل توفر الغاز في الاسواق المحلية الى ادنى المستويات. فمظاهرات "الربيع العربي" اطاحت بحسني مبارك الذي دأب على توفير نحو 40% من احتياجات "اسرائيل" للغاز. صعود الاخوان المسلمين للسلطة رافقه قلق من استمرار العمل بتوريد الغاز المصري، سيما وان الانبوب الناقل للغاز المصري تعرض لعدة هجمات اثرت على المحافظة على مستويات الضخ السابقة. الامر الذي ضاعف من خشية "اسرائيل" تعرضها لأزمة في موارد الطاقة، ومصير الثمن المدفوع الذي قد يذهب الى طرف معاد محتمل، كما يتردد. اكتشافات "حوض المشرق" خففت من حدة تلك المخاطر. حقول الغاز المكتشفة في المياه اللبنانية تقع ضمن مياهه الاقليمية وما يعتبره منطقته الاقتصادية حصرا، اذ تشير علامات حدود الابار المكتشفة الى امتدادها ضمن مياهه السيادية؛ الامر الذي صعد حدة التوتر العالية بالاصل مع "اسرائيل،" اذ يعتبر لبنان ان ما اطلق عليه حقل تمار هو امتداد للحقل الاصلي في المياه ا

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة